«استفتاء في كركوك»: بغداد تستوعب وأنقرة تهدد!

وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء

رمز الخبر: ۱۰۷۵۸
تأريخ النشر:  ۱۷:۴۹  - الأربعاء  ۰۵  ‫أبریل‬  ۲۰۱۷ 
بخطاب ذي سقف عالٍ، وتحدٍّ لإرادة الحكومة المركزية، تندفع السليمانية إلى مواجهة مع بغداد. الأزمة المستجدة بين الطرفين تنحو باتجاه المزيد من التعقيد، بعد رفع أنصار «حزب الاتحاد الكردستاني»، وبأمرٍ مباشر من جلال الطالباني، العلم الكردي فوق المباني الحكومية في محافظة كركوك، في الأيام الماضية. وزاد من حدّة التوتر، تصريحات ومواقف محافظ كركوك نجم الدين كريم، في اليومين الماضيين، الذي أكّد بقاء علم الإقليم مرفوعاً في محافطة كركوك، رافضاً الامتثال لقرار مجلس النواب بمنع رفع العلم الكردي.
  طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء-   تشي تصريحات كريم، بوصفه عضواً في المكتب السياسي لـ«الاتحاد الكردستاني» بأنَّ مرجعيته السياسية تسعى إلى المواجهة المباشرة مع بغداد. وفيما تسعى بغداد إلى احتواء التصعيد الشمالي، إلا أنَّ رئيس مجلس محافظة كركوك ريبوار الطالباني، وبتنسيق يُقال إنه مع الطالباني، حاول أمس فرض أمر واقع على الحكومة المركزية، وذلك عبر الدعوة في مجلس المحافظة إلى تصويت على «قرار إجراء استفتاء شعبي لتقرير مصير المدينة»، محصّلاً إجماعاً كردياً، في وقتٍ قاطعت فيه المكوّنات التركمانية والعربية الجلسة، ما دفعه إلى التهديد بـ«الإقالة طبقاً للقانون».

ولم ينتهِ الأمر بالطالباني بالدعوة إلى إجراء استفتاء شعبي، بل بمطالبة بغداد برصد موازنة خاصة لاستفتاء كركوك، متخذاً من المادة 140 من الدستور العراقي سلاحاً يواجه به حكومة بغداد التي ترفض طرحاً كهذا.

«النفط يجمعنا»

في كردستان اليوم، وبين السليمانية وأربيل، هناك ما يجمع خصوم الأمس، فيما تشي المعلومات بأنَّ سبب اجتماعهما الرئيسي هو تقاسم إيرادات نفط كركوك، وتشير معلومات أخرى إلى أنَّ الطرفين قد أبرما صفقةً تتعلّق باقتسام نفط المحافظة.

أما المستبعدون، أي القوى الكردية الأخرى، فتقف حائرةً أمام الشارع الكردي لضبابية موقفها، أولاً؛ وتخوفها أن تكون «فقاعة الاستفتاء» حقيقةً هذه المرّة، ثانياً. وتعرب مصادر تلك القوى الكردية عن أسفها لما جرى أمس في مجلس محافظة كركوك، متمنيةً «لو شارك الجميع في هذا الاجتماع». وفيما تتمسّك المصادر «بالحق في انضمام كركوك إلى الإقليم»، فإنها ترفض «سياسة التهميش» التي يتبعها أنصار البرزاني والطالباني، مشيرة في الوقت نفسه إلى أنّ «قرار الانفصال بالمجمل، ليس بيد هذين القائدين... بل بيد القوى الدولية والإقليمية».

وهناك خشية واضحة، يبديها أكثر من طرفٍ كردي، من أن يكون هناك صراعٌ على النفط، في تكرار لسيناريو الصراع بين حزبي الرجلين على واردات الجمارك في منتصف تسعينيات القرن الماضي.

في المنظور القريب، لا يمكن بغداد بقيادتها الحالية، أن تدخل في صراع مباشر مع الاكراد بل إن سياسة الاحتواء والتفهّم هي التي تنتهجها لحل الأزمة. فالتركيز يقع على مجريات معارك الموصل، واقتراب الحسم لا يعني بالنسبة إلى العبادي وفريقه السماح للقوى الكردية بـ«سرقة كركوك»، واستغلال الظرف الإقليمي والمحلّي القائمين. وبناءً عليه، القوى الكردية «مطمئنة إلى أنَّ (رئيس الوزراء حيدر) العبادي لن يكون كسلفه نوري المالكي حجر عثرةٍ أمام اقتطاع كركوك، لكنه لن يقدّمها هديةً أيضاً، بل سينحو إلى التفاهم والتفاوض معهم»، كما تقول أطراف كردية. ويقود هذا المعطى، إلى اطمئنان آخر بأن أي اقتتال كردي ــ عربي مستبعد في الوقت الحالي، وما زال الوقت مبكراً للحديث عنه، لكن السؤال، هل سيكون هناك اقتتال كردي ــ كردي؟ في المبدأ لا مانع من ذلك، خصوصاً أن «صلحة» البرزاني ــ الطالباني ما هي إلا آنية، وليست «مصالحة حقيقية»، ما يعني أن أي خلاف على تقسام الحصص يعني تصعيداً نحو الاقتتال.

وينقل مصدر استخباري عراقي رفيع أنّ «حزب العمال الكردستاني بدأ التحضير لعمليات عسكرية في مناطق حزام كركوك، بهدف السيطرة عليها، في ظل وجود مؤشراتٍ تؤكد ذلك». ويضع المصدر هدف العمليات في سياق ردّ «العمّال الكردستاني على استهدافه في جبل سنجار من قبل قوات البيشمركة، غير أن التقويم الميداني لا يوحي إمكانية التنفيذ حالياً، خصوصاً أن المهاجم سيأخذ بالاعتبار الواقع السياسي السائد، ومدى إمكانية تنفيذ هكذا مخطط». مصدر آخر لا ينفي حدوث عمليات كهذه في حزام كركوك قريباً، لكنه يرى أن العنصر التركي هو منفذها، كي يستفيد من الاقتتال الكردي ــ الكردي، ونقله إلى منطقة كركوك، الأمر الذي يشتّت تركيز تلك المكوّنات عن مشروع الانضمام إلى الإقليم، ضارباً بذلك «عصفورين بحجرٍ واحد».

في بغداد، يراقب عددٌ من السياسيين ما يجري في الشمال، بوصفه «فقاعة»، آملين أن ينفّذ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، تهديداته للبرزاني والطالباني التي أطلقها أمس. وقال أردوغان: «ليعلم أصحاب هذا العلم بأنهم يمارسون الانفصال... أقول لحكومة كردستان العراق: عودوا عن هذا الخطأ بلا تأخير». وأضاف: «أزيلوا هذه الأعلام، وواصلوا طريقكم تحت علم العراق الوطني وحده، وإلا، فعذراً ستجبرون على العودة عنه». ويصف عدد من سياسيي بغداد أن ما يجري في الشمال «لا يرقى إلى محمل الجد»، إذ إنها «ليست سوى شدّ عصبٍ كردي وتعزيز الاصطفافات»، خصوصاً أن جميع القوى بدأت بترتيب أوراقها لمرحلة «ما بعد داعش».

نور أيوب / الأخبار
الكلمات الرئيسة
رأیکم