كيف سيقارب البابا الجديد قضايا العالم العربي ولبنان؟- دنيز عطالله حداد

وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء

رمز الخبر: ۱۱۴۳
تأريخ النشر:  ۰۸:۲۹  - الاثنين  ۱۸  ‫مارس‬  ۲۰۱۳ 
أنه «البابا فرنسوا»، فقط، بحسب ما اعلن المتحدث باسم الفاتيكان الاب فيديريكو لومباردي. ليس فرنسوا الاول، كما احد ملوك فرنسا السابقين، ولا صفة تلي اسمه. قد يدعى لاحقا فرنسوا الاول اذا اراد احد البابوات المقبلين ان يحذو حذوه ويطلق على نفسه اسم فرنسوا الثاني. لكن حتى ذلك اليوم فان البابا فرنسوا سيشغل الكرسي الرسولي ويشغل معه العالم.

قبل عامين، في مثل التاريخ نفسه تقريبا، وتحديدا كما الامس، في 15 آذار 2011، تصدر حدث كنسي محلي الاهتمام: انتخب المطران بشارة الراعي بطريركا على كرسي انطاكية وسائر المشرق للموارنة.

ربيع الكنيسة وتداول السلطة فيها، الذي صادف في الحالتين استثناء، عبر استقالة السلف، بابا وبطريركا، تقاطع لعامين مع ربيع الطبيعة، لكنه تزامن ايضا مع «ربيع» موعود ومرتجى في العالم العربي.

قبل عامين ايضا، وفي 15 آذار، كانت عدوى «الثورات» العربية تنتقل الى الجارة الاقرب سوريا وتؤشر الى فتح الباب أمام رياح تغيير لا أحد يقدّر آفاقها وحدودها.

قبل عامين، وبعد يوم واحد على انتخابه، خرج البطريرك الراعي للقول «سأزور سوريا وانقل هواجسنا». من يومها، انكسر شيء ما في علاقة البطريرك الراعي بكثير من ابناء رعيته المسيحيين وغيرهم من اللبنانيين، والى اليوم لم يتم ترميمه، على الرغم من المجاملات اللبنانية المعهودة.

ترى ماذا سيقول البابا المنتخب عن الشرق واوجاعه وثوراته؟ اي انطباع اول سيتركه عند المنتظرين منه رأيا او موقفا؟ هل سيعطي اهتماما خاصا للعلاقات الاسلامية المسيحية؟ اين يقع العالم العربي والمسيحيون فيه من اهتماماته؟ هل سيتاح له ايلاؤهم الاولوية التي يتمنون وسط ضغط الملفات الكنسية المتشعبة والمتنوعة؟

بعيدا عن «الانا» اللبنانية المضخمة، التي يتمحور حولها العالم واهتماماته، تلك «الانا» العارفة بكل شيء، والتي استفاضت في اليومين الماضيين في التحليل والاجتهاد وبناء المواقف استنادا الى تصريح او اثنين للبابا الجديد، فان مصدرا كنسيا موزونا يؤكد «ان لا احد يمكنه في لبنان ان يدعي معرفة وطيدة بالبابا المنتخب وطريقة تفكيره واسلوب عمله. فكما قال هو نفسه «يأتي من آخر اصقاع الدنيا»، ونحن كما ملايين الناس في العالم نكتشفه مما يروي مواطنوه ومعاصروه وبعض منشوراته، كما مما يتناقله عارفوه في الاوساط الكنسية».

يضيف المصدر اما في ما خص الشان العربي، «فان الكنيسة لها مواقف ثابتة لن يغير فيها البابا الجديد، انما سيضيف اسلوبه وعباراته الى هذه المواقف. لذا سينحاز البابا الى السلام في هذه المنطقة والى حقوق شعوبها بالعيش متجاورين، متضامنين، محترمين لخصوصية بعضهم البعض. وسيكون حكما منحازا الى جانب حقوق الشعوب، كل الشعوب، بالحرية والديموقراطية واحترام كرامة الانسان». ويؤكد المصدر أن هذه الثوابت الكنسية لن يحيد عنها البابا فرنسوا وان كان سيستخدم مفرداته الخاصة لذلك. ونرجو الا يترجمها ابناء هذه المنطقة وفق اهوائهم وحساباتهم ووجهة نظرهم في قراءة الامور».

ومع ذلك يجتهد خبير مواكب لاخبار الكنيسة واحوالها في قراءة السيرة الشخصية والسلوك الاولي للبابا الجديد. يتوقف بشكل خاص عند اختيار الاسم الذي توقف عنده معظم المتابعين ليشير الى ان «اختياره اسم فرنسيس الاسيزي اعلان صريح وواضح الى انحيازه للاكثر فقرا والاكثر تهميشا من الناس. وفي هذا رسالة الى الداخل الكنسي قبل ان يكون موجها الى سائر العالم. والعارف في سيرة فرنسيس الاسيزي يدرك انه بعد ان كان مخطئا سمع يوما صوت المسيح يدعوه الى بناء كنيسته الآيلة الى الخراب. انصرف فرنسيس لسنوات في صرف اموال ابيه وثروته لبناء كل الكنائس في منطقته، قبل ان يكتشف لاحقا ان الدعوة كانت لبناء كنيسة البشر وليس كنيسة الحجر. بهذا المعنى، ومن هذه الزاوية، يجب فهم كل مواقف البابا الجديد».

يشير المصدر نفسه الى أن رسائل البابا الجديد واهتماماته «ستكون منصبة بالدرجة الاولى على ترميم كنيسته في كل العالم، ومن بينها كنيسة الشرق المجسدة بالمسيحيين الصامدين على خطوط الشهادة والتبشير في هذه البقعة من الارض. فالشهادة والبشارة هما ايضا في اساس فكر البابا اليسوعي. ولهما ما يستند عليه ايضا في اختيار الاسيزي مثالا وقدوة. فالاسيزي حاور السلطان الكامل الايوبي في الدين ويقال انه حاول اقناعه بـ«المسيحية دين محبة وسلام». كما ان فرنسيس الاسيزي كان اول من ادخل العلاقات بين المسلمين والمسيحيين من ضمن قانون الرهبنة الفرنسيسكانية التي اسسها داعيا الى العيش معا وتقبل المسلمين كما هم وتجنب الشجارات الحادة والاحكام المسبقة والادانة».

ويختم الخبير مؤكدا «على الارجح يعرف البابا الجديد كل تفاصيل حياة فرنسيس الاسيزي ولذا اختاره شفيعا وقدوة. ويمكننا ان نراهن على هذا الجزء من دون شك. اما ما تبقى، فالايام كفيلة ببلورة مسيرة البابا فرنسيس الارجنتيني».

 

رأیکم