تكتيك معركة الجرود.. “سيطرة دون نار”

وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء

رمز الخبر: ۱۳۵۳۸
تأريخ النشر:  ۲۳:۴۷  - الثلاثاء  ۱۸  ‫یولیو‬  ۲۰۱۷ 
بعد انقضاء الأجلين، بدأت جبهة النصرة في جرود عرسال الشرقيّة وجرود القلمون الشماليّة الغربيّة تتلقّى ضرباتٍ “تحت الحزام” من حزب الله الذي بات على أتمِّ الجهوزيّة منتظراً كلمة السرِّ التي ستَرِدهُ على الأجهزة اللّاسكليّة للشروعِ بالمعركة، ومع دخول المفاوضات ساعات حسم المصير، تُصبح الضربات وكأنها “شدّ أوزار التفاوض على عنقِ الجبهة” المُنقسمة على نفسها في الآراء، وهذا ما يمكن معاينته لاسلكيّاً.

طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء- لا صحّة للأحاديث عن انتهاء مُهلة التفاوض بين مسلّحي الجبهة وحزب الله عبر وسيط، فالتفاوض بهذا الملفّ غير محصورٍ بمدّةٍ أو مَدى زمنيين، تقول مصادر معنية لـ”ليبانون ديبايت”، بل إنّه “مفتوح حتّى ولو فتحت المعركة!”.

شابت الجولة الثالثة الحاليّة تحليلات وأقاويل عدّة، مترافقة مع إعلان تفاصيل وتواريخ إيذاناً ببدءِ المعركة، كلّها بإجماع المعنيين والمراقبين تشوبها زيادات تشوّه الغرض وتفتقد إلى الدقّة في كثيرٍ من الأماكن، فلا تواريخ محددة أو ثابتة للعملية، وليس هناك من معلوماتٍ تخرج عن ألسنةِ قادةٍ ميدانيين عسكريين.. تؤكّد مصادر رسميّة في الإعلام الحربيّ التابع لحزب الله لـ”ليبانون ديبابت”، أنّ هناك “أداء واستناد ووقائع ميدانيّة تحكم هذا الظرف من حيث اختيار توقيته الصالح”. من هنا تفسّر الجهات المتابعة إبقاء الوحدات على أتمّ الجهوزية، كون إعلان أمر الهجوم قد يصدر بشكلٍ مُفاجئ مرتبط بهبوط سهم التفاوض أو ارتفاعه.

لا تُخفي تلك الجهات أنّ المُقاومة قسّمت قاطع الجرود الشماليّة الغربيّة من القلمون إلى مربّعات عملٍ مفروزة لوحداتٍ عسكريّة خاصّة منقّحة بكتائب عملٍ خاصّة من الجيش السوري، وهي تُرابض في محاورها استعداداً، لكنّها تقول في الوقت عينه إنّها قد تتقدّم للسيطرة على الجرود دون إطلاق رصاصة واحدة! كيف ذلك؟ لا تبلغ من الجواب أكثر من المطلوب: “سيُثمِر الضغط عن انسحابٍ عسكريٍّ كامل لمجموعات جبهة النصرة عاجلاً أم آجلاً، عندها تتقدّم الوحدات للسيطرة”.

ظروف هذا السيناريو وإن تحقّق، فلن تتمّ بيومٍ أو ليلة، بل ضمن سياقٍ، يراه هؤلاء أنّه بات قريباً ومحكوم بالأيّام الماضية، إذ إنّ هناك اتّجاهاتٌ ووقائع معيّنة ترد أو تتغيّر أو تتحوّل بسرعةٍ، ويمكن لهذه السرعة أن تُؤدّي إلى مخرجٍ مُتضامن في النسب.

لا يمكن انطلاقاً من تلك الوقائع سوى الربط بين ما يجري اليوم في الجرود اللّبنانيّة والسوريّة، وما جرى بالأمس القريب في منطقة وادي بردى، التي تحضّر حزب الله لتطهيرها عسكريّاً، وفي ساعةٍ لم يحسبها المُتابعون، تغيّرت العوامل ووافق المسلحون على الخروج، وتحوّلت القوّات من الهجوم -أي قوّات هجوميّة- إلى قوّات مُشاةٍ دخلت تلك المناطق وخرجت منها بعد أن أمّنت الطريق للتثبيت.. السيناريو هذا مشابه اليوم إلى حدٍّ كبير.

أمور جبهة النصرة ليست على ما يُرام وهي تحت الضغط. هذا ما تكشفه التسجيلات والمناقلات الجارية على الأجهزة اللاسلكية. هناك بنسبةٍ كبيرةٍ، اختلافٌ واضح في التوجّهات حول آلية الخروج، وسط همس أنّ جزءاً منهم قد يبقى وينضمّ لـ"داعش"، وهذا، قد يُنهي الجدل فيه استغلال الوقت والضغط وشدّة المُفاوضين الذين يطرحون الممرات الآمنة، وقد يحتاج استيلاد هذا المخرج إلى قوّةٍ يعبّر عنها من خلال إجراء عمليّةٍ جراحيّة، محدودة واستباقيّة، تُعجّل الشفاء وتوصل إلى المأمول، وهو الخيار المُرتفع حالياً.

وقد استدرك المسلّحون الشدّة والعزم بالنسبة لحزب الله على تحقيق ما هو مُعلن، وأيقنوا أن ما يجري الحديث عنه ليس لعبة إعلام أو فقاعات في الهواء على الرغم من “البهارات” التي يحب البعض تطعيم اجوائه منها، بل جوّ يؤكّده خطاب “المُهلة الأخيرة” للأمين العام للحزب السيّد حسن نصرالله الذي وجّه ما هو أشبه بخطابِ الموعظةِ الأخيرة قبل الوفاة استدراكاً لهم من مصيرٍ هو آتٍ لا محالة.

وبحسب ترجيحاتٍ، تقبض النصرة على نحو 70 كلم مربع من الجرود المرتبطة بين لبنان وسوريا وتتركّز في اعلى الجزء الشماليّ الغربيّ من منطقة القلمون السوريّة والشرقيّ من عرسال، وأحد أهمّ قواعد العمل هو الجزء المتقدّم من جرود فليطة المُتداخلة مع جرود قارة السورية التي يستحوذ عليها "داعش" ويمتدّ شرقاً نحو جرود عرسال السفلى.

واستدراكاً أيضا، هناك نقاشٌ مُرتَفِعٌ داخل النصرة بين تيّارين، واحد يفضّل الخروج دون قتال وسنده اتّساع رُقعَة سيطرة حزب الله وإدخال أنماط جديدة من الأسلحة، ونجاح حزب الله في عملية فرزٍ عسكريٍّ ميدانيّ؛ أثمرت قراءات تحقّقت بالاستفادة من مدّة وجوده في البقعة، وبالتالي تستخلص أن قتاله في ظلّ الظروف الموجودة والإمكانيّات الضئيلة لدى النصرة والتي لم تعد كما السابق، أشبه بالانتحار، وتيّار ثانٍ ينادي بالقتال مُستنداً على عوامل جغرافيّة تكون ضاغطة على أيّ جهةٍ مُهاجمة ويمكن في حال الصمود أن تُعيق تقدّم حزب الله، لكنّها وفي الوقت نفسه تُريد مراكمة الوقت عساها تُعزّز أوراق تفاوضها، ما يدلّ على أنّ الطرفين يريدان الخروج لكنّ الظروف متشابكة.

المصدر : الحدث نيوز

رأیکم