ذاكرة حية لتشبث الفلسطينيين بأرضهم بأرضهم - احمد المصري

وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء

رمز الخبر: ۱۵۳۸
تأريخ النشر:  ۰۹:۳۹  - الثلاثاء  ۰۲  ‫أبریل‬  ۲۰۱۳ 
يوم الأرض :
إنه يوم الأرض الخالد، يوم أن ضحى الفلسطينيون بأرواحهم من أجل أرضهم والوقوف في وجه الاحتلال الذي ما فتئ ينتزع من أرضهم ما يشاء، ويقضم مساحتها لصالح مشاريعه الاستيطانية لإحلال المهاجرين اليهود القادمين من كافة أصقاع الأرض ومن دون حساب في أي جهة كانت في أي مكان.


هبت الجماهير في 30 من آذار عام 1976، دفاعاً عن أرضهم، بعد أن صادرت السلطات الإسرائيلية آلاف الدّونمات من الأراضي ذات الملكيّة الخاصّة أو المشاع في نطاق حدود مناطق السكان الفلسطينيين، ولاسيما في منطقة مدينة الجليل (عرابة)، شمال فلسطين المحتلة، فأعلنت الإضراب الشامل.

تحدت الجماهير الفلسطينية ولأول مرة بعد احتلال فلسطين عام 1948 السّلطات الإسرائيليّة، وكان الردّ الإسرائيلي عسكريا شديدا، إذ دخلت قوات معززة من الجيش الإسرائيلي مدعومة بالدبابات والمجنزرات إلى القرى، الفلسطينية لوقف الاحتجاج الفلسطيني على مصادرة الأرض وقضمها.

ساحة حرب

وتصادمت الجماهير الغاضبة والمحتجة مع قوات جيش الاحتلال، وحدثت اشتباكات دامية حولت المدن والقرى الفلسطينية إلى ساحة حرب حقيقية، فكانت حصيلة الاشتباكات استشهاد 6 أشخاص 4 منهم قتلوا برصاص الجيش الإسرائيلي واثنان برصاص شرطته المعززة بالأسلحة المختلفة.

ما ميز يوم الأرض هو خروج الجماهير لوحدها إلى الشوارع دونما تخطيط، وتصادمت مع المؤسسة الرسمية، حيث بلغ وعي الخطر الداهم على الأرض أوجهه في يوم الأرض، وقد اقتربت الجماهير العربية في الثلاثين من آذار إلى إطار العصيان المدني الجماعي.

ورغم عدم وجود أي مخططات لاشتعال غضب الجماهير، إلا أن إرهاصاتها كانت واضحة المعالم لدى الحكومة الإسرائيلية، وخاصة بعد صدور وثيقة متصرف لواء الشمال في وزارة داخلية الاحتلال كاقتراح لتهويد الجليل واتخاذ إجراءات سياسية إزاء معاملة "الأقلية العربية في (إسرائيل).

حاولت السلطات الإسرائيلية منع حدوث الإضراب وكسره عن طريق التهديد بالقمع والعقاب الجماعي، ولم تحاول الالتفات إلى الموضوع بجدية أكثر، بل سعت إلى إفشال الإضراب لما يحمل من دلالات تتعلق بسلوك الأقلية العربية كأقلية قومية حيال قضية وطنية ومدنية من الدرجة الأولى، ألا وهي قضية الأرض.

إجراءات انتقامية

عقدت حكومة الاحتلال الإسرائيلي إزاء ذلك، اجتماعا استمر أربع ساعات تقرر فيه تعزيز قواتها في القرى والمدن العربية للرد على الإضراب والمظاهرات، وقامت قيادة الهستدروت بتحذير العمال وتهديدهم باتخاذ إجراءات انتقامية ضدهم، وقرر أرباب العمل باجتماع لهم في حيفا طرد العمال العرب إذا ما شاركوا في الإضراب العام في يوم الأرض، فيما بعث المدير العام "لوزارة المعارف" تهديدا إلى المدارس العربية لمنعها من المشاركة في الإضراب.

طالبت الجماهير الفلسطينية بوقف حمام الدم واستهداف الفلسطينيين، وإقامة السلطات الإسرائيلية لجنة للتحقيق في استهداف مواطنين عُزَّل يحملون الجنسية الإسرائيلية إلا أن مطالبهم قوبلت بالرفض التام بادعاء "أن الجيش واجه قوى معادية".

يعتبر يوم الأرض حدثًا مهمًا في تاريخ الفلسطينيين داخل الخط الأخضر، فللمرة الأولى منذ النكبة تنتفض هذه الجماهير ضد القرارات المجحفة وتحاول إلغاءها بواسطة النضال الشعبي مستمدين القوة من وحدتهم وكان له أثر كبير على علاقتهم بالسلطة وتأثير عظيم على وعيهم السياسي.

ويحيي الفلسطينيون ذكرى يوم الأرض أينما تواجدوا، ويعتبرونه رمزا من رمز الصمود الفلسطيني، ويشكل لديهم معلمًا بارزًا في التاريخ النضالي لهم، باعتباره اليوم الذي أعلنوا فيه تمسكهم بأرض آبائهم وأجدادهم، وتشبثهم بهويتهم الوطنية والقومية وحقهم في الدفاع عن وجودهم.

ويوم الأرض، وما جرى فيه من التحام بطولي بين الشعب الفلسطيني داخل الأرض المحتلة عام 48، لم تنته فصوله، ولا يزال الفلسطيني يناضل في معركة الأرض ، حيث ما زالت مصادرة الأرض مستمرة، وما زالت قضية الأرض أكثر القضايا التي تمتزج فيها الأبعاد المدنية والوطنية.

رأیکم