قطر.. المليارات لا الثورات-هيفاء زعيتر عن "لو كورييه انترناسيونال"

وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء

رمز الخبر: ۲۰۱۷
تأريخ النشر:  ۱۵:۳۹  - الجُمُعَة  ۱۰  ‫مایو‬  ۲۰۱۳ 
وكالة (نادي المراسلين) العالمية للأنباء :
ينحصر همّ أمير قطر اليوم في ضمان ازدهار وأمن مملكته الصغيرة. لذلك، هو جاهز لكل شيء. تحتل الإمارة العالقة بين إيران والسعودية المرتبة الثالثة في إنتاج الغاز الطبيعي في العالم.
ويشكل الغاز 70 في المئة من موارد قطر التي، بفضل استثماره، تصبح مداخيل حوالي 250 ألف قطري من بين أكثر النسب ارتفاعاً لنصيب الفرد من الدخل في العالم.

كيف يمكن لبلد ضئيل الحجم وفاحش الثراء في آن كقطر أن يحمي نفسه من جارين خطرهما قائم، ويقنعهما بملازمة مكانيهما؟ الجواب بسيط، كل شيء بثمنه. لقد وافقت قطر على زرع قاعدتين عسكريتين أميركيتين على أراضيها. وبحسب وثائق «ويكيليكس»، فإن الدوحة تدفع حتى 60 في المئة من قيمة تشغيلهما.

ولكن إن كانت الدبابات والقنابل قادرة على كبح محاولات الاعتداء العسكري، فإنها تقف عاجزة أمام مناخ اجتماعي مندلع منذ عشرات السنوات. 65 في المئة من شعوب الشرق الأوسط هم دون الـ29 عاماً. هؤلاء الشبان المحبطون والغاضبون يشكلون خطراً لا يمكن لأي جيش إيقافه.

معدل الاستثمارات القطرية في قطاع الاتصالات التونسي ليس سوى مثال على المكاسب التي جنتها قطر من علاقاتها مع الإسلاميين. وزير الخارجية التونسي السابق رفيق عبد السلام كان مسؤولاً عن الأبحاث والدراسات في مركز «الجزيرة» في الدوحة.

اما بالنسبة لرئيس المجلس الوطني الليبي مصطفى عبد الجليل، فإن نجاح الثورة الليبية كان في جزء كبير منه بفضل جهود قطر. الأخيرة أنفقت ما يصل إلى ملياري دولار في ليبيا.

هكذا، يصبح لدى قطر 10 مليارات دولار من الاستثمارات يتعيّن عليها حمايتها. شركة «بروة» العقارية القطرية استثمرت وحدها في مشروع بملياري دولار، ليس بعيداً عن طرابس العاصمة. وفيما لا يزال أزيز الرصاص يسمع في السماء الليبية، وقعت قطر على حزمة من الاتفاقات بقيمة ثمانية مليارات دولار مع «المجلس الوطني الانتقالي». وتحسباً لعدم سير الأمور كما يجب مع الأخير، عمدت قطر إلى تمويل خصومه. كذلك وإن كانت هذه المليارات تشكل مبلغاً كبيراً إلى حد ما، إلا ان لدى ليبيا المزيد لتعطيه، فإعادة بناء البلاد تكلف 700 مليار دولار.

إن كان الحال كذلك، لماذا تنشد قطر الانخراط في سوريا حيث المصالح والاستثمارات محدودة بشكل كبير؟ هنا يكفي إلقاء نظرة سريعة على الخريطة للتأكد بأن الإمارة حبيسة مساحة صغيرة في الخليج، وبأن السعودية تمنعها من بناء خط أنابيب طويل يسمح لها بالوصول إلى المناطق البعيدة.

لا يوجد منفذ أمام قطر سوى أوروبا. اكتشاف حقول نفطية جديدة ليست بعيدة عن إسرائيل ولبنان وقبرص وسوريا يفتح آفاقاً جديدة للالتفاف على العوائق السعودية وتأمين مصدر جديد للموارد. خط الأنابيب جاهز في تركيا، في وقت يبقى هناك عائق واحد في الطريق: بشار الأسد.

القطريون كما الأتراك يتمنون رحيل الأسد، بالقدر نفسه الذي ينشدون فيه وصول «الإخوان المسلمين» إلى الحكم. المعركة ستمتد لشهور طوية، ولكن قطر تظهر التزاماً على المدى الطويل. السر يكمن في الاستحواذ على عقود بناء عملاقة وحقول غاز. على الأسد الرحيل. فلا اعتبارات شخصية هنا. المطلوب فقط ضمان سلام ورفاهية القطريين.

 
رأیکم