«هيهات منا الذلة» شعار مسيرة «حزب الله» في کل محرم

وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء

رمز الخبر: ۳۲۹۴
تأريخ النشر:  ۲۲:۵۷  - الأربعاء  ۲۰  ‫نوفمبر‬  ۲۰۱۳ 
وكالة (نادي المراسلين) العالمية للأنباء :
إنها السادسة والنصف صباحاً، موعد إنطلاقنا المقرر نحو قلب الضاحية الجنوبية، لتغطية مراسم اليوم العاشر من المحرم التي تقام سنوياً في بيروت. الأوتوسترادات المؤدية الى الضاحية مغلقة عند المداخل، وحواجز القوى الأمنية والجيش اللبناني تحيط بالضاحية عند كل مدخل.
مظهرنا الذي يدل على هويتنا الصحفية لم يشفع لنا، من تفتيش دقيق طالنا وحقائبنا، من بعدها عبرنا إلى الضاحية. لم نكن نتوقع هذا الحشد في الشوارع في تلك الساعة المبكرة، والتي إخترناها أصلاً لتفادي زحمة الحشود المتوقعة، سرنا بين الحشود نبحث عن بائع قهوة نبدأ بفنجان من عنده، نهارنا الطويل، طاولات بلاستيكية توزعت على جانبي الطريق، وضع عليها الماء وبعض المأكولات التي توزع في هذه المناسبة، وكأنه سوق شعبي، لكن الكل يدعوك بإسم «أبا عبدالله الحسين»، لا طلباً للتجارة او المال، فلا أسعار لتلك البضائع المعروضة عليك بحب، سوى كلمة يطلبها الجميع اليوم "الله يآجرك".

وتيرة سيرنا السريعة لم تمنع تأخرنا نسبياً عن الوصول الى المكان المخصص للصحفيين «مجمع الكاظم»، فعلى الرغم من سرعتنا كان للتفتيش الدقيق دور في أن تضيع جهودنا للوصول باكراً وإنهاء الإجراءات الخاصة بالصحفيين خلال تغطية المراسم. رجال الإنضباط منتشرون على إمتداد الشوارع، أمتار قليلة تفصل بينهم، يتفحصون بأعينهم المارّين ثم يقتربون لتفتيش أي شخص أثار بعضا من الريبة او الشك في نفوسهم، تفتيش دقيق أيضا خضعنا له أكثر من مرة، خلال سيرنا حتى وصلنا الى المكان المرجو، حيث يتسلم الصحفيون بطاقاتهم وينطلقون بسيارات تابعة لحزب الله إلى داخل الشوارع التي تقام فيها الفعاليات العاشورائية والتي سدت مداخلها بشاحنات مملوءة بالرمال لمزيد من الحماية.

وصلنا الى محيط مجمع سيد الشهداء، هنا الكل منسجم مع ما يتلى في مجلس العزاء المقام داخل المجمع، الشوارع تغص بالحشود التي إفترشت الأرض جالسة تستمع لتلاوة المصرع الحسيني، الأكف على الأوجه والدموع تنهمر من أعين معظم المشاركين، أما من لم يساعده انحباس الدمعة في عينه ليظهر حزنه، فكانت قسمات وجهه والإتشاح بالسواد كافياً ليعبر عن مزيج من الحزن والثورة تغلي في داخله.

أمام حشود المشاركين في مجلس العزاء، جلست فرق "اللطم" تفترش الأرض، كان المشاركون فيها ينتظرون انتهاء المجلس لانطلاق المسيرة نحو ملعب الراية. انقسموا الى موكبين، "القاسم والعباس" ميزتهم كوفية يضعونها على الرؤوس اختلف لونها، صفراء وخضراء، لكن تراص الصفوف وتناسقها كان جامعاً بينهم، كانوا يجلسون وتمتد مع النظر الرؤوس الملونة المتراصفة مشكلة لوحة تميز حضورهم.

الى الأمام مجدداً تقدمنا ووصلنا الى أول المسيرة حيث الفرق الكشفية، تتأهب لتسير بالجموع نحو ملعب الراية، فرق من كافة الأعمار، تتقدمهم الفرقة الموسيقية، ثم حملة صور القيادات الراحل منها والحاضر، إضافة الى صور المراجع الدينية والشهداء، يليهم حملة الأعلام التي تنوعت بين العلم اللبناني والفلسطيني، ثم أعلام حزب الله ورايات الحسين.

ما هي إلا دقائق والكل ينهض، تراصت الصفوف، وارتفت الأيادي ثم صدحت الحناجر.. "لبيك يا حسين"، انتهت قراءة المصرع الحسيني، وانطلقت المسيرة نحو مكان التجمع في ملعب الراية، وارتفت اصوات المنشدين ليرتفع معها صوت اللطم على الصدور كقرع الطبول، وبين هذه وتلك، شعارات دينية – سياسية تطلق في الفضاء لتصل الى كل معني بها، "الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، هيهات منا الذلة".

جابت المسيرة شوارع الضاحية، وسارت خلفها جموع المشاركين، من مختلف أطياف المجتمع، رجال ونساء وأطفال، أطباء ومحامين، مهندسين ورجال دين، حتى رجال السياسة كانوا هناك، ساروا كلهم سوية في تلك الشوارع، التي اكتظت بسكانها على جوانبها يستقبلون مسيرة العاشر، ثم إنضووا في صفوف المشاركين، غير آبهين بتهديدات، تفجيرات، وضع أمني متوتر، حتى أحاديثهم لم تتطرق إلى هذه الأمور، الكل ينتظر الوصول الى «مجمع القائم»، ملعب الراية، ليتمم مراسم تلبية النداء الحسيني، وليثبتوا للعالم كله، أنهم أنصار إمام مر في التاريخ و ترك خلفه عبارة «شعاراً» لكل القادمين من بعده، "هيهات منا الذلة".
رأیکم