تركيا من الكمالية الي المكيافيلية

وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء

رمز الخبر: ۳۳۴
تأريخ النشر:  ۱۲:۲۶  - الجُمُعَة  ۱۵  ‫فبرایر‬  ۲۰۱۳ 
بسبب رفض تركيا التفاوض بين المعارضة و الحكومة السورية .
من الناحية التاريخية تختزن تركيا في ذاکرتها التاريخية - الامبراطورية العثمانية الكبري- التي كانت تفرض سيطرتها علي منطقة جغرافية كبيرة من العالم من آسيا الصغري و الشرق الأوسط و قسم من الشمال افريقيا و جنوب اوروبا وحتي القوقاز. لكن بعد الإنحطاط التدريجي لهذه الامبراطورية و هزيمتها في الحرب العالمية الاولي، انهارت هذه الإمبراطورية و تبدلت الي جمهورية تركيا الحالية التي أسسها كمال أتاتورك . 
 وقد انتهج اتاتورك خلال فترة حكمه سياسة قومية و طبق العلمانية في سياسته و أظهر العداء لعلماء الدين و دعا الي السفور و إزالة الحجاب وأجبر الناس علي ارتداء الملابس  والازياء الغربية ، كما بادر بتغيير الخط العربي و الحروف العربية إلي الخط اللاتيني و الكتابة بالحروف اللاتينية . و يعتبر قانون منع الحجاب في الجامعات الذي كان نافذ المفعول  حتي السنوات  الأخيرة واحد من مئات  القوانين المتبقية من تراث حكومة اتاتورك.
و تأسيسا علي ذلك بادرت تركيا القيام بأول تغيير و استدارة في سياستها و دينها و تبدلت من امبراطورية تدّعي تطبيق احكام الدين في تركيا الي بلد يناهض الدين و يحاربه.......أما ما هي الأسباب التي كانت وراء إنحطاط هذه الامبراطورية والأسباب  التي  أدت إلي انهيارها و زوالها فهذا موضوع لا يسع المجال لذكره هنا. و إنما نكتفي هنا بالقاء نظرة عابرة علي الخلفية السياسية لهذا البلد و التغييرات  التي  حدثت فيه سابقا في هذا المجال .
رغم الاجواءالمناهضة للدين التي كانت تسود الاجواء في تركيا كان تأسيس (حزب الرفاه ) علي يد نجم الذين اربكان في عام 1987 والأهم من ذلك  ترشّح  هذا الشخص لمنصب رئيس وزراء تركيا  يبشر بعودة النظلم السياسي في هذا البلد إلي خلفيته الثقافية والسياسية  و الدينية، و ازداد هذا الأمل عند ما توصل حزب العدالة و التنمية  وشخص أردوغان بالذات الي دفة الحكم و ما اطلقه  من شعارات و ما أبدي من ردود  فعل ازاء الجرائم التي يرتكبها الكيان الصهيوني الغاصب، بيد أنه  مع الأسف لم تمض مدة حتي تبدلت القوة السياسية في تركيا – هذه المرة - من الأربكانية إلي المكيافيلية . و هذا الأمر خلق تحديات  جديدة ليس للشعب التركي فحسب و إنما للمنطقة و العالم الاسلامي بأسره.
و نظرا للشعارات و الهتافات التي كانت تنادي بها الحكومة التركية الجديدة في البداية و بعض  ردود الفعل التيِ ابدتها في البداية عملها كان هناك امل بأن تساهم تركيا في تعزير جبهة العالم الاسلامي امام الغرب و الكيان الاسرائيلي  اللقيط  وان تنتهي بالمرة والي الابد  قصة تشريد ومآسي الشعب الفلسطيني المظلوم  .و ان تتشكل حكومه فلسطينية  و ان  تصبح المقاومة اقوي من ذي قبل . الا ان السلوك السياسي العام والخاص لحكومة حزب العدالة والتنمية برهن علي ان الشعارات التي طرحها هذا الحزب  في الانتخابات وردود الفعل التي كان يبديها امام الاسرائيل و فلسطين ما هي الا تظاهر مكيافيلي...ووفقا للنظرية المكيافيلية ان الهدف من العمل السياسي هو الوصول الي السلطة دون ان يكون هناك اي رادع اخلاقي يمنعهم من تحقيق مآربهم  وبالتالي يعتبرون استخدام اي وسيله لتحقيق اهدافهم امر مباح.
و في هذا الاطار نلاحظ ان تركيا تابعت سياستها القومية حتي في افغانستان  و لم تمتنع من التسريع في تطبيق المشاريع الاستعمارية ، كما لاحظنا انه رغم تمشدقها بدعم الشعب الفلسطيني المظلوم والتظاهر بالعداء للكيان الصهيوني الغاصب، الا انهم انتهجوا سياسة ابادة و تحطيم احد اكبر محاور حركة المقاومة  الفلسطينية (سوريا ) حيث اصبحت تركيا قاعدة عسكرية مباشره للكيان الصهيوني و وصلت الي مرحله المواجهة المباشره للكيان الصهيوني و وصلت الي مرحلة المواجهة المباشرة ضد سوريا من خلال التآمر مع الدكتاتوريين العرب والخوض في دائرة اللعبة المزدوجة  للاستعمار الغربي. و يعتقد الخبراء السياسيون بان الغرب  قد فقد قاعدته الاستراتيجية في المنطقة بعد انهيار نظام حسني مبارك الذي كان يمثل الساعد الايمن للسياسة الاميركية في الشرق الاوسط  و كان حليف استراتيجي لاسرائيل،  خاصة عندما لم يتحقق ما كان يتوقعه الغرب في العراق بعد سقوط نظام صدام حسين  و اضطروا في النهايه الي الخروج من العراق ... من هنا كان لابد ان يجدوا بديلا  له  . علي هذا الاساس  بادر الغرب بتحفيز تركيا للدخول في لعبته  والسناريو الذي تم اعداده في هذا المجال و ذلك من خلال اعلانه الاستعداد لضم تركيا الي الاتحاد الاوروبي  و دعم تركيا عسكريا  لتصبح القوي الاولي في المنطقة و جمع البلدان الاخري التابعة للغرب حول محور انقرة.طبعا هذه الامور آثارت مطامع تركيا و جعلها تدخل في اللعبة التي حدد الغرب قواعدها.و بما ان هذا البلد كان يطمح ايضا في اعاده امجاد الامبراطورية العثمانية الغابرة بشكل جديد فقد دخل في صفقة كبيرة باهظة كان فيها الي جانب الارباح خسائر و اضرار ايضا، يعني كان الي جانب ما تستلمه تركيا من ارباح ان تسدد نفقات و تكاليف ايضا. وفي الحقيقة ان تحطيم محورالمقاومة كان من جمله ما يربحه الغرب الذي القي هذه الفكرة في ادمغة الاتراك بان العقبة الوحيدة التي تقف في طريق تحقق قوة الاتراك و اعادة امجادهم هي الدول الداعمة للمقاومة و خاصة سوريا، لذا ينبغي  ازالة هذه العقبة  من خلال التعاون الشامل بين تركيا و الغرب و بعض البلدان العربية المعروفة بتبعيتها للغرب و اميركا.
و من هذا المنطق تم خلال فتره قصيرة التخطيط للمؤامرة ضد سوريا ،وتم تنفيذ هذه المؤامرة من خلال جمع الارهابييين الدوليين في تركيا و تقديم الدعم المالي و السلاح لهم من قبل البلدان العربية و الغربية . و كانت تركيا تحاول من خلال هذه المؤامرة ان تحقق اوهامها في اعاده امجاد الامبراطورية العثمانية  و الوصول الي ماوعدها الغرب به ، الا ان الغرب  كان ولا يزال يفكر في دعم اسرائيل و حمايتها و تطبيق مخطط الشرق الاوسط الكبير و هو الشرق الاوسط  الذي يكون خال من المقاومة و من البلدان التي تدعمها . من هنا قام هؤلاء باشعال فتيل الحرب الشاملة ضد سوريا عبر المقاتلين الارهابيين  الذين جمعوهم  من انحاء قارة اسيا و افريقيا حيث  لم يتوقف هؤلاء  خلال  السنتين الماضيتين عن اراقة الدماء و ابادة الحرث والنسل في سوريا لحظة واحدة . و بما ان الجيش السوري  تمكن حتي  الان من مجابهة و دحر هؤلاء المرتزقة  وتمکن من تحطيم مشاريعهم السياسية و العسكرية و جعل الارهابيين يلجأون الي المفاوضة، الا ان تركيا- وفقا لسياستها التي ذكرناها- عارضت بشدةَ موضوع التفاوض بين الارهابيين و الحكومة السورية .
وفقا للتصريحات الاخيرة لاحمد داود اوغلو – وزير خارجية تركيا – في مدينه ميونيخ الالمانية ادعي هذا الشخص  بان ( حوار الحكومة السورية مع المعارضين سوف لا يؤدي الي  حل الازمة السورية ) ، هذا في حين ان الحوار بين الحكومة السورية والمعارضة لم يبدا بعد ، و يبدو ان تركيا قد شعرت بانها اصبحت لاعبا خاسرا في اللعبة التي نظمها الغرب  ضد سوريا ، و لهذا تؤكد و باصرار علي استمرار القتال  واراقة الدماء في سوريا. ونظرا للخلفية التاريخية لتركيا حيث بادرت من قبل الاستدارة  الباغتة من الامبراطورية العثمانية الي العلمانية  فقد اختارت هذه المرة السياسة المكيافيلية للعوده الي قوتها السابقة .من هنا نراها تلجأفي هذا المجال الي استخدام مختلف الحيل والالاعيب ، وما ادعانها في دعم الشعب الفلسطيني و انتهاج سياسة ضرب وتحطيم البلدان الداعمة لفلسطين الا اسلوب من اساليب هذه السياسة المكيافيلية. 
 

رأیکم