"الغارديان": الطفرة الاقتصادية "الصغيرة" لغزة انتهت بإسقاط حكم مرسي

وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء

رمز الخبر: ۴۳۶۱
تأريخ النشر:  ۰۷:۰۲  - الأَحَد  ۲۷  ‫أبریل‬  ۲۰۱۴ 
وكالة (نادي المراسلين) العالمية للأنباء :
قالت صحيفة "الغارديان" البريطانية في تقرير لها نشرته أمس، إن إسقاط حكم الإخوان المسلمين في مصر أضر كثيرا بقطاع غزة وتركه وحيدا في عزلته القاتلة.
وفقا لما اوردته وكالة (نادي المراسلين) العالمية للأنباء أورد مراسلها في غزة مثالا على ذلك بالحديث عن محل للخردوات لصاحبه "سليم صلوحة"، الذي يتابع فيه صعود وهبوط تجارته في مواجهة الأحداث الخارجة عن إرادته.

فقد مرت على متجره في مدينة غزة أوقات جيدة عندما كان محمد مرسي والإخوان على رأس السلطة في مصر. لكن اليوم، يقول التقرير، تكدس القماش الذي جاء به "صلوحة" عبر شبكة أنفاق التهريب في رفح في محله. فقد كان لسكان غزة من المال لشراء بضاعته أيام الطفرة الاقتصادية الصغيرة. لكن كل ذلك انتهى في يوليو الماضي عندما أطيح بالرئيس المصري المنتخب محمد مرسي في انقلاب عسكري، واعتبر النظام الجديد الإخوان منظمة "إرهابية".

اتهمت مصر حماس، شقيقة الإخوان التي تسيطر على غزة، بالتورط في الأزمة الأمنية في شمال سيناء وأغلقت، في إثر هذا، أنفاق التهريب.

الآن "صلوحة" طلب السلع نفسها، ولكن يتم جلبها من خلال معبر إسرائيلي، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار بنسبة 30٪، وخسر نصف زبائنه.

"إنه حصار مزدوج"، يقول "صلوحة"، مشيرا إلى السياسة الإسرائيلية القديمة للحد من تدفق البضائع إلى غزة منذ سيطرة حماس على القطاع في عام 2007، ويضيف بمرارة: "إسرائيل والمصريون يتنافسان على خنقنا".

 قصة محل "صلوحة"، وقد بدأ نشاطه التجاري في العام 1962، تقدم صورة مصغرة عما حدث لغزة وحماس منذ الإطاحة بمرسي.

وهذا ما يفسر، أيضا، لماذا تبدو حماس بعد سبع سنوات من حكمها لغزة وخلافها مع منافستها حركة فتح في الضفة الغربية، جادَة هذه المرة لتجاوز الانقسامات وتحقيق المصالحة.

يقضي الاتفاق –الغامض في تفاصيله- بتشكيل حكومة وحدة وطنية تكنوقراطية إلى حد كبير بعد خمسة أسابيع من المشاورات. وستشهد تحركات لجلب حماس والجهاد الإسلامي تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية واحتمال إجراء انتخابات بحلول نهاية العام الجاري.

ورغم الشكوك الكبيرة جدا الواردة في ذلك، وليس أقلها حقيقة أن الفصائل قد جربت هذا الطريق من قبل ولكن دون جدوى، فإن الواقع هو أن الأحداث الإقليمية منذ الربيع العربي تركت حماس معزولة مع تورط مؤيديها السابقين في الحرب، مثل سوريا، وأبعد منها، مثل إيران، وغلق الأبواب على الحركة الإسلامية كما حصل في مصر.

وكانت العواقب اقتصادية وسياسية على حد سواء. فالضرائب التي كانت تفرضها حكومة حماس على تجارة الأنفاق تسدد رواتب 47 ألف من العاملين بشكل مباشر مع الحركة. لكن في الأشهر الأخيرة لم تتلق سوى نصف الأجر.

و إذا كانت الأزمة الاقتصادية في غزة هذه المرة تختلف عن سابقاتها، فذلك لأنه رغم أن البضائع كانت في الماضي باهظة الثمن ويصعب الحصول عليها، لكن كان لدى السكان المال في بداية الحصار عام 2007، أما هذه المرة فلا مال لديهم.

ويقول "عمر شعبان"، الخبير الاقتصادي في أحد مراكز، عن إغلاق الأنفاق: "لقد كان مصدرا كبيرا للدخل بالنسبة لحماس، وكانوا يعتقدون أنه سيستمر إلى الأبد، وكانت صدمة عميقة جدا لأنها لم تتوقع أنه يمكن أن تُغلق".

"ما هو مدمر، أنها لا تستطيع دفع رواتب أولئك الذين يعملون بشكل مباشر معها، والتي تضم جزءا كبيرا من المؤسسة الأمنية وعلى رأسها كتائب القسام [الجناح العسكري لحماس] والأمن الداخلي".

من الناحية السياسية أيضا، نفوذ حماس قد تضاءل بشكل كبير. إذ يدرك أعضاء الحركة أن شعبية الحركة قد انخفضت إلى النصف في غزة منذ أن فازت في الانتخابات الفلسطينية عام 2006، رغم أنه ربما لا تزال تتمتع بتأييد ثلث السكان، وهذا بقطع النظر عما تشير إليه استطلاعات الرأي من نسبة أقل من ذلك بكثير.

وراء الكواليس، تلقت حماس ضربة مقلقة أخرى لهيبتها ونفوذها. فرغم النهج المتشدد لحكام مصر الجدد تجاهها وإغلاق الأنفاق، فإنها لا تزال تحتفظ بخط ساخن مع جهاز الاستخبارات العسكرية في القاهرة، والتي كانت تعتمد تاريخيا على حماس للتوسط مع فصائل أخرى مثل الجهاد الإسلامي في أوقات الأزمات.

ولكن عندما أطلقت حركة الجهاد الإسلامي 70 صاروخا على إسرائيل الشهر الماضي، اعترف كل من المسؤولين والمحللين في غزة، أن حماس فقدت هذه الميزة، باتصال مصر مباشرة مع  الجهاد الإسلامي لطلب وقف إطلاق الصواريخ.

رسميا، أكدت مصر أن سياساتها (المتشددة)، بما في ذلك تدمير الأنفاق الحدودية، موجهة لحماية الأمن القومي ووقف تدفق الأسلحة والإمدادات إلى المسلحين سيناء، ولم تُصمم للضغط على حماس داخل قطاع غزة .

ولكن في السر، يروي كبار المسؤولين العسكريين المصريين قصة مختلفة: "هدفنا الرئيسي"، كما صرح أحدهم لصحيفة "الغارديان" هو "تأمين حدودنا ومصالح أمننا القومي والقضاء على أي نوع من التهريب، ولكن أيضا من الآثار الجانبية، أننا بحاجة إلى أن تحكم السلطة الفلسطينية في قطاع غزة (وليس حماس)، إذ إن رؤية السلطة الفلسطينية تسيطر على قطاع غزة هو من صميم عملنا ومصالحنا، أن يكون طرف معين نتعامل معه ... ليس لدينا علاقة مع حماس، ونحن نراهم كمنظمة إرهابية متحالفة مع جماعة الإخوان المسلمين".

وفقا لمسؤول عسكري مصري آخر، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، ليست مشكلة مصر إذا أثرت إغلاق الأنفاق في حماس، وأضاف: "حماس لن تكون سعيدة لأنها تحصل على الكثير من المال من الأنفاق (1.2 مليار دولار) في السنة ولكنها ليست مشكلتنا ... فهل ينبغي لنا أن نتركهم يفعلون ذلك؟ فهذا أمر غير قانوني".

وأضاف: "اللعنة عليهم، نحن نفضل أي حكومة أخرى، فهذا واحد من أهدافنا. فإذا كان لدينا حكومة غير مواتية في بلد مجاور، فإنه بطبيعة الحال نريد تغيير النظام [هناك] ".

ويقول التقرير إن بعض المنتجات لا تزال تصل إلى غزة من مصر، ومنها الاسمنت، وذلك لأن للجيش المصري مصلحة مالية في تسويقه. كما لا تزال المشاريع الخارجية الأخرى، والمرتبطة بمصلحة العسكر، تمضي قدما.

وعلى المستوى السياسي، ففي الوقت الذي يرغب فيه النظام الحالي في مصر إسقاط حماس لاعتبارات محلية إلى حد كبير، فإنه يدرك أيضا أن معاقبة غزة بشكل جماعي قد لا يحظى بشعبية.

ويقول الكاتب إن أمرا واحدا يتفق عليه العديد من المراقبين، سواء داخل غزة أو خارجها، هو أن حماس تأمل في أن المصالحة مع فتح تفضي إلى تخفيف مصر من قيودها على معبر رفح، والذي يُفتح حاليا لبضعة أيام فقط في الشهر.

هناك سبب آخر، وفقا للتقرير، وربما أكثر من مجرد المصلحة الذاتية، يدفع قيادة حماس للعودة إلى محادثات مع منافسيهم في الضفة الغربية، ذكرته الصحافية في "هآرتس"، أميرة هاس، في مقال نشر مؤخرا، جاء فيه: "ويتوقع العديد من المراقبين الفلسطينيين أن انهيار السلطة الفلسطينية -على افتراض أن إسرائيل تتمسك بسياستها في إضعافها- من شأنه أن يساعد على تعزيز موقف حماس وحكومتها.

وأضافت المعلقة، وفقا للتقرير: "إذا شاركت حماس في منظمة التحرير الفلسطينية سوف تصبح قوة رئيسية في داخلها، وإذا لم تنضم، سوف يُنظر إليها بوصفها الممثل الحقيقي والشرعي للفلسطينيين، وهذه الشكوك المتبادلة حول دوافع الطرف الآخر يمكن أن تنتهي بتخريب المصالحة مرة أخرى ..".

رأیکم