الأسـد : نقـابل الوفـاء بالوفـاء - نبيل هيثم

وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء

رمز الخبر: ۴۴۸
تأريخ النشر:  ۱۷:۴۰  - الأربعاء  ۲۰  ‫فبرایر‬  ۲۰۱۳ 
ان من يلتقي الرئيس السوري بشار الأسد في هذه الأيام، يشعر من خلال حديثه مع زواره اللبنانيين أنه أكثر قناعة من أي وقت مضى بأنّ «الحرب العالمية» التي تشن على سوريا منذ ثلاثة وعشرين شهرا «قد سقطت».


ولعل مبعث الاطمئنان السوري «ليس فقط فشل محاولات استهداف الجيش السوري ولا الإنجازات التي يحققها ولا استمرار إمساكه بزمام المبادرة، ولا الحاضنة الشعبية التي يشكل «الجيش الشعبي الوطني» إحدى أبرز دعائمها، بل هو واقع الإحباط المخيم على الآخرين الذين يحاولون التعويض بتصعيد الحملات الإعلامية واختلاق الانتصارات الوهمية وتحديد مواعيد جديدة لسقوط النظام (آخر موعد هو حزيران المقبل)، في وقت لم يعد خافيا فيه تراجع الموقف الأميركي، وكذلك الإرباك العربي والتركي، فضلا عن أن المجموعات المسلحة نفسها قد فقدت زمام المبادرة».

يسمع زوار الأسد الكلام الآتي: «أين كنا وأين أصبحنا، ونحن على يقين بأن الغد لنا. قوتنا لا نأخذها أو نستمدها أو نطلبها أو نستجديها من أحد. سوريا تمتلك إرادة الانتصار على المؤامرة. ونحن وإن كنا متيقنين من حتمية انتصارنا، ومطمئنين لما يتحقق سياسيا وعسكريا، فإن ذلك لا يعني أن كل الأمور قد انتهت، فلا يزال أمامنا شغل كبير في السياسة، كما في مواجهة المجموعات الإرهابية والتكفيرية».

يتطرق الأسد الى المجال الإصلاحي، ويقول: «هنا الخطأ موجود ويجب أن يصحح. هناك مخطئون ومفسدون، انما هؤلاء ليسوا «الجميع» بل في المقابل، هناك كفاءات وشرفاء ومخلصون وهم الأساس ويشكلون الغالبية الساحقة من السوريين. هل يستطيع أحد أن يفسر كيف أن الجسم الديبلوماسي السوري ظل على مدى سنتين متماسكا على صعيد الكرة الأرضية كلها برغم الإغراءات التي تعرض لها السفراء والقناصل والموظفون من مختلف الدرجات. لقد عرضت ملايين الدولارات عليهم ورفضوها وارتضوا بالقليل وهذا أكبر دليل على الوطنية السورية الحقيقية».

عندما يسأل زوار دمشق عن حظوظ التسوية السياسية، يأتي الجواب أن الآخرين «يركضون نحو مسميات مثل «تسوية» تؤمن لهم شيئا من حفظ ماء الوجه. بالنسبة الى سوريا، لا تسمي العملية السياسية بأنها «تسوية»، هناك حوار ينبغي أن يحصل، وسوريا تمد يدها لكل المكونات السورية الحريصة على سوريا وشعبها ووحدتها واستعادة كل عناصر قوتها».

واذا كانت الأزمة تشكل الشغل الشاغل للقيادة السورية، فإن فلسطين ما زالت هي البوصلة. هنا يقول الأسد: «فلسطين قضيتنا، وستبقى كذلك، وليتخلّ عنها من يريد من العرب أو حتى من أهل فلسطين. سوريا ستبقى ثابتة على موقفها وفي موقعها، وهي لم تكارم أحدا بموقفها هذا بل كانت تتصرف انطلاقا من موقف مبدئي ولو أنه كلفها الكثير الكثير وهي ما زالت متمسكة بخياراتها».

ويلمس زوار دمشق أن لبنان يحتل موقعا متقدما في «أجندة» القيادة السورية، ويخرج هؤلاء بانطباعات يمكن سرد أبرزها على الشكل الآتي:

اولا، ان سوريا ما كانت تتمنى يوماً أن تطعن في خاصرتها اللبنانية، ومن قبل من كانوا يوماً يضربون بسيفها ويتظللون بها، وحجم الوجع المعنوي الذي تعانيه سوريا من الخاصرة اللبنانية، يكاد يفوق حجم الوجع والأذية الذي يصل اليها من البوابة التركية.

ثانيا، ان زيارة البطريرك الماروني بشارة الراعي الى سوريا تركت أثرا طيبا كبيرا لدى الأسد. خاصة أنها خاطبت الوجدان السوري في أحلك المراحل وأصعبها، وبالتالي استحقت هذه المبادرة الصادرة عن «البطريرك الشجاع الذي يشكل عنصر توازن وطنيا في لبنان»، قدراً عالياً من التقدير السوري.

ثالثا، ان ما يدفع الى الأسف، هو ان اندلاع الأزمة في سوريا، «أتاح للدولة السورية الجريحة أن تعرف من هو الصديق ومن هو العدو، سواء في لبنان أو غير لبنان، مثلما كشف لنا أن من كانوا مستفيدين من سوريا في لبنان طيلة السنوات الماضية هم أسوأ أعدائها الآن. وفي المقابل، تبين لنا أن هناك فئات اخرى لم تستفد من سوريا في الماضي، ومع ذلك أثبتت خلال هذه الأزمة انها الأكثر حرصا على سوريا ودماء السوريين».

رابعا، ان سوريا تقابل الوفاء بالوفاء، وتقدر عاليا كل من التفت اليها، من لبنان، بموقف تضامني مع محنتها.

خامسا، ان سوريا لم تفاجأ بالكثير من التحوّلات التي شابت الكثير من «المواقع» والشخصيات اللبنانية. وفي المقابل، تتفهم ظروف كل حلفائها وأصدقائها في لبنان، «كما ان دوافع من آثر التزام الصمت واضحة ومعلومة بالنسبة إلينا، إلا أننا لا نريد أن نحرج أي طرف لبناني لا بموقف ولا بأي عمل آخر. حقنا على هؤلاء أن يقفوا في الموقع الصح لا أكثر ولا أقل».
  

رأیکم