السفير علي: الجيش السوري سيرد على مصادر النيران

وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء

رمز الخبر: ۱۷۶۱
تأريخ النشر:  ۱۰:۱۷  - الخميس  ۱۱  ‫أبریل‬  ۲۰۱۳ 
وكالة (نادي المراسلين ) العالمية للأنباء :
يؤكد السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي أن الجيش السوري "لا يمكن إلا أنّ يردّ على مصادر النيران" المنطلقة من الحدود اللّبنانية.
 وفقا لما اوردته وكالة (نادي المراسلين ) العالمية للأنباء و ذكّر بأن "أمن هذه الحدود هو مسؤولية الجميع"، وأن "هناك تراخ، وتمييع، وضعف، وفساد وتواطؤ أحيانا، وهو ما أسهم في تدفّق السلاح والمسلّحين".

 أما دور لبنان في الأزمة السورية فيراه علي " شراكة مؤلمة وبالغة القسوة في سفك الدم السوري"... ويرى السفير علي أن "سوريا قادرة على إنتاج الحلّ السّياسي الذّي يشبه شعب سوريا ويحقق مصالح هذا الشّعب، وليس كما يريد ساسة البيت الأبيض، وكلّ البيوت السّوداء في أنقرة وعواصم الخليج، وفي البلدان المتربّصة بهذه المنطقة". ويلفت الى أن "كل هذه الجراح تعطي سوريا والمقاومة مناعة أكبر، وتدريبا أكبر، وإسرائيل تتحسّب لذلك، وتخشى ذلك، ونحن والنصر على موعد بإذن الله".

كأنّك نقلت حارة شامية إلى قلب جبل لبنان، في أحضان السفارة السورية، تستقبلك القهوة الشامية، والأثاث الشامي، والكرم الشامي. عندها لن تقوى على مغالبة حنين دفين يسكنك إلى مرقد السيدة زينب وشوارع دمشق وياسمينها الفوّاح... في "شام" السفارة المصغّر، كان لقاء "العهد "بالسفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي . وقد تناولت المقابلة رؤية السفير علي لتطوّرات الأزمة السورية،ولمسار العلاقة بين لبنان وسورية على خلفية الحوادث الحدودية المتواصلة .

حول ضبط السّلاح في عين زحلتا، ومعضلة الحدود اللبنانية – السورية

يؤكد السفير علي أنّ على لبنان التعاطي بمسؤولية كبيرة و"يجب عليه ان يتنبّه إليها وهو بتقديري يتنبّه، وما قام به الجيش اللّبناني من ضبط لعملية تهريب السّلاح والمسلحين في عين زحلتا مؤشّر إيجابي نرجو أنّ يكبر وأنّ يتّسع". يعتبر علي أن ما قام به الجيش "يشكّل ضمانةً لأمن لبنان، وما دام لبنان موحداً، وآمناً، ومستقراً، وقوياً، ففي هذا قوّة أكيدة لسوريا، بل لكلّ خطّ الكرامة في المنطقة ككلّ".
 

يرفض السفير علي الفتنة ويثق بأنّ "الغالبية الكبيرة من الشّعب اللّبناني رافضة للفتنة التّي يخطّط لها الأميركي والغربي والإسرائيلي، وتخطّط لها قوىً تطمع في ثروات المنطقة، وسوريا، ولبنان في المقدّمة. وهذا طمع لا يمكن تحقيقه إلاّ في وجود تفكّك وضعف وانهيارات، لذلك يجب أن نقرأ الخطر بعناوينه المباشرة وبمراميه الخفيّة".

يقرّ السفير علي بأن توصيف ما يجري على الحدود اللبنانية - السورية صعب، ومعقد، وذلك "بالنظر إلى الروابط المتداخلة، والعميقة، والأخوية، والتاريخية، والجذور المشتركة. ولكن هذا لا يعفي بأن هنالك مسؤولية لم يقم بها الجميع، بما فيها الأجهزة الرسمية بالحدّ الذي تفرضه هذه الحرب وهذه المؤامرة على سوريا من منظور المصلحة اللبنانية قبل المصلحة السورية" .


 السفير السوري علي عبد الكريم علي

يضيف علي "من هذا المنظور أرى أن هنالك تقصير، وتساهل، وتراخي، وتمييع للعناوين، والمواقف، كثر استخدموها، وبعضهم اختبأ وراء عناوين كالحلفاء، والأصدقاء، والمتعاونين، والوطنيين". علي يعتبر أن "الفساد تسلل إلى كلّ البنى" على الحدود السورية - اللبنانية، "ولم تكن سوريا بمنجى منه". وهو "ما يوجب مراجعة نقدية عميقة في الداخل السوري". لكن علي عاتب على لبنان، إذ كانت له "شراكة مؤلمة في سفك الدم السوري، كانت شراكة بالغة القسوة، وانعكاساتها السلبية على لبنان لا أراها قليلة". علي يحمّل مسؤولية ضبط الحدود "بالدرجة الأولى للسلطات الرسمية، والمجلس النيابي، والأجهزة الأمنية".

يرى علي أن "التساهل في ردع الإرتكاب في البداية، يقود إلى تفشّي الفلتان الأمني، والبيئات الحاضنة للقوى المتطرفة، وإلى نفاذ الأجهزة الإستخبارية الخطرة من كلّ دول العالم تحت مسمّيات إنسانية وإغاثية و"مناصرة للديمقراطية".


يشدّد السفير علي على أن تدفّق المسلّحين والمتطرّفين والتكفيريين "الذين وجدوا ممرات وتسهيلات مختلفة"، أصبحوا "خطرا على أمن لبنان وسوريا معا". تدفّق هؤلاء يصب في " رصيد القوّة للعدو الصهيوني" برأي علي. هنا يستشهد بما يجري على الحدود السورية مع فلسطين المحتلّة. إذ ترعى "إسرائيل هذه القوى المتطرّفة، وتوفّر لها العناية الطبية لها في المشافي الإسرائيلية".

هذا في ظلّ " تعاون وغضّ نظر القوّات الدّولية"، إلى جانب "الترهيب الأميركي و نفوذ بعض القوى". هنا يحذّر علي من احتمال "نفاذ المتطرفين والمسلحين من الجولان إلى مزارع شبعا" .

يؤكد علي أن تسلل هذه القوى الإستخبارية أمر خطير "يستهدف أوّل ما يستهدف بنية القوّة في سوريا وفي لبنان". بنية القوة هنا يراها علي "بنية رفض تمرير المشاريع الأميركية والصهيونية، رفض التفريط بحقّ السيادة السورية، ورفض التفريط بحقّ المقاومة في لبنان، ورفض التفريط بالحقّ الفلسطيني الذّي بقي عنوانا رئيسيا لسوريا عبر عقود طويلة". فسوريا "لم تساوم، ولم تفرّط لا في احتلال العراق، ولا بشبر واحد من الأرض السّورية".

التّساهل في ضبط الحدود اللبنانية - السورية "يضعف بنية المناعة، وبنية المقاومة"، بحسب علي. وهو يرى الأمور مترابطة. ولا يمكن الإستخفاف بـ"تساهل الدّولة، والتّطاول خلافا للدستور اللّبناني، وللإتفاقات الموقّعة بين البلدين". فـ"هذا التّطاول أصاب الدّولة السّورية، ورموز ورئيس الدّولة، وكلّ العلاقة الأخوية بين البلدين، تحت غطاء مراعاة الضّغوط الدّولية" طبعا، السفير علي لا يرى ذلك "نأيا بالنفس، فالنأي بالنفس يمنع هذه الأمور".

يصرّح علي أن لبنان تخوّف "من ضغوط أميركية، وخليجية". إذ تعرّض لبنان للترهيب الأميركي، ولترغيب رأسمال الخليجي. أما التمادي في العدوان على سوريا، فيراه السفير علي "تماديا في العدوان على لبنان"، لأنه لا يرى "إلا تكاملاً في مصلحة وأمن البلدين، وفي أمن البلدين".
 
يسامح علي "حتّى من أخطأ معنا ومع سوريا"، ويراه "شقيقاً وأخاً"، ويريد أن "يعود إلى رشده لأنّ الخطر الآتي لن يستثني أحداً".
 
الرّد على النيران اللبنانية المصدر
 
يؤكّد السفير علي أن "العلاقة بين سوريا ولبنان، تنظر لها سوريا بعناية خاصّة، وبحرص، ولكن هذا لا يعني أن سوريا لا تشخّص هذا الخطر، وهذه المؤامرة، وهذه الحرب، وخلفياتها، والشّركاء الخارجيين فيها، وأدواتها في سوريا أو في لبنان". لذا يعتبر علي أن "الإعتداءات المتكرّرة على القرى الحدودية، وعلى البنية التّحتية في الدّاخل السّوري لا يمكن السكوت عنها". لذا لا يمكن لسوريا "إلا أنّ تردّ على مصادر النيران".

علي يشدّد على أن سوريا "تقدّر وتراعي كثيرا المواطنين اللّبنانيين والسّوريين على طرفي الحدود"، وهؤلاء " يستغلّ وجودهم المسلّحون والمتطرّفون التّكفيريّون الذّين يحاولون الإحتماء بقرىً أو بمواقع ليطلقوا منها النيران، وليمارسوا الإعتداءات". هذا الأمر "نبّهت إليه سوريا، وما تزال تنبّه" كما يقول السفير علي.
 
الحوار السوري- السوري ولقاء أوباما-بوتين المرتقب
 
لدى سؤال السفير علي عن التسوية والتفاهم في سوريا، وعلاقة ذلك بلقاء أوباما – بوتين المرتقب، يجيب علي بحزم: "نحن نراهن على صمود سوريا، وانتصار سوريا، وشعب سوريا وجيش سوريا".
 
يؤكّد علي أن صمود سوريا "يفقد المراهنين، والذين وقفوا حائلا دون الحوار السوري-السوري، كل وسائل قوتهم في الداخل السوري". وعند انتهاء الأزمة "سيعقد الحوار بين أبناء سوريا بكلّ أطيافها، وبكلّ قواها، وبكلّ مفكّريها، وبكلّ أحزابها وسياسيّها.


الحوار الذي دعا إليه الرئيس الأسد في إطلالته الأخيرة هو الذّي يوجد القواسم المشتركة بين السوريين ، برأي علي. إذ قدّمت الحكومة "برنامجا متكاملا"، يشكّل "قاسما مشتركا بين كلّ السوريين" يضيف علي. ويؤكّد علي أن الحكومة "رحّبت بمشاركة كلّ السوريين، ليدركوا، ويحددوا ما ينفع بلدهم، وما يضره، وبالتالي يكون الخلاص بيد السوريين". فيحدّد السوريون مفاتيح الحلول ويقررونها "وضمنها شكل الحكم، والحاكم، وممثلي الشعب في البرلمان، وفي الحكومة".

"هنا تكمن مصلحة سوريا"، وليس الحوار "استجابة لإملاءات يريدها الآخرون، ومقاسات يفصّلها من يريد إضعاف سوريا، وتحطيم سوريا، وتمزيق سوريا يشدّد علي. بثقة الحريص على الوطن، يؤكّد على أن "سوريا ستبقى موحدة". فسوريا هي مهد حضارات جابت العالم، لذا ستتمكّن من إعادة بناء نفسها. فسوريا قادرة على "إنتاج الحلّ السّياسي الذّي يشبه شعب سوريا، ويحقق مصالح هذا الشّعب، وليس كما يريد ساسة البيت الأبيض، وكلّ البيوت السّوداء في أنقرة وعواصم الخليج".

يبشّرنا السفير علي بأن "سوريا إلى خلاص بإذن الله"، ويرجو أن "يتكامل الأمن السوري-اللبناني لما فيه مصلحة المنطقة. يرى علي أن "كلّ هذه الجراح تعطي سوريا والمقاومة مناعة أكبر وتدريبا أكبر، وإسرائيل تتحسّب لذلك، وتخشى ذلك، ونحن والنصر على موعد بإذن الله".

الأزمة السورية والمطامع الغربية
 
"حروب تشنّ على سوريا، وليست حرباً" برأي السفير علي. و"الآن الحرب الأكبر تشنّ على سوريا باعتبارها القلب، وواسطة العقد، ومركز التّأثير". يعتبر السفير علي أن "الغرب تقوده القيم المقلوبة، المناقضة للقيم الحقّة"، تقوده "الأطماع والإحتكارات، والسعي لـ"الدّفاع عن النّفوذ، خاصّة بعد أنّ تضعضع كثيرا، إلى درجة الإنذار بالتّهاوي والسّقوط، بعد انتصار 2006 وبعد صمود غزّةفي الـ 2008 وفي الـ 2012 وبعد اندحار الإحتلال الأميركي عن العراق. يشدّد السفير علي على أن الغرب يتعاما مع الحرب "باعتبارها الورقة الإنقاذية، وأراها مرتدّة عليهم، كما ارتدّت الحروب السّابقة".
 
مطامع الغرب تقف وراء "هذا الرّهان المستميت على تمزيق سوريا، وإضعاف سوريا، وبالتّالي الإجهاز على كلّ مشروع المقاومة في المنطقة". أما الهدف من ذلك، بحسب علي فهو "انفراد إسرائيل بموقع القوّة، في بحر متقاتل بعضه مع بعض بناء على خلافات إثنية، ودينية، ومذهبية، وعرقيّة، ومصالحيّة". في وجه هذا المخطط "صمدت سوريا أكثر من عامين" يؤكّد السفير علي. ويرى علي كلّ هذا "من عناصر إحباط هذا المشروع، وبالتّالي التّسوية، والبحث عن حلول سياسيّة، هو ما سترغم عليه هذه الدّول المعتدية، وعلى رأسها الولايات المتّحدة".

المعركة القادمة في دمشق...

عندما تسال السفير السوري علي عبد الكريم علي عن معركة دمشق، سيقاطعك ليؤكّد أنها "عزف متكرّر على رهان سبق أنّ ثبت خسرانه". وهو يعتقد أن الغرب الآن "في حالة تجرّع الكأس المرّة، لأن سوريا هي التّي تبادر إلى ملاحقة الإرهابيين، رغم استقدام أعداد غير قليلة منهم عبر الحدود التّركية، والأردنية واللّبنانية". هنا يشير علي إلى أن بعض الإرهابيين يتسرّبون عبر الحدود العراقية.

لا ينس علي التأكيد على أن "هذا الأمر لا تباركه حكومات الدول المذكورة، ولكن هنالك قوى تدعم ذلك، وهناك تواطؤ يستغل في أكثر من مكان". يؤكّد السفير علي أن "الآن الإرهابيين والأميركيين، والقطريين، والأتراك، هم المذعورون لأن هذا الرّهان الذّي حاولوا أن يحشدوا له تهيئة إعلامية، وقلب حقائق كبير"، "يحصدون منه الخسران"، وهذا الخسران "لن يتمكنوا من نكرانه طويلا". علي يؤكّد أن القتال الدائر نتائجه "لا تخدم كلّ هذه السيناريوهات، التّي حاولوا الرّهان عليها كثيراً".

وبمسحة من الأمل يختم السفير السوري قائلا "إن غدا لناظره قريب، والغدّ سيحمل خسرانا، وإحباطا لهم، وتعويضا لسوريا ولكلّ الغيورين على سوريا"، فـ"أصاب سوريا من تهديم لبنيتها الحضارية والعمرانية مؤلم" لكلّ البشرية...

رأیکم