ايران على ضفاف المتوسط - محمد صادق الحسيني

وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء

رمز الخبر: ۱۸۲۱
تأريخ النشر:  ۲۱:۴۶  - الاثنين  ۱۵  ‫أبریل‬  ۲۰۱۳ 
يقول وزير الخارجية الروسي ‘سيرغي لافروف’ للصحافيين: وزراء خارجية مجموعة ‘الثمانية الكبار’ تمكنوا خلال اجتماعهم في لندن من التوصل الى الاتفاق بشأن أهم القضايا الدولية بينها الملفات، السورية والايرانية والكورية! .
لا احد يعرف البتة على ماذا اتفقت الدول الثمانية الكبار بالضبط تجاه سوريا وايران على الاقل لكن ما نعرفه بالضبط من مطبخ صناعة القرار الايراني بشأن هذين الملفين قد تلخصه التصريحات التالية:

يقول مساعد وزير الخارجية الايراني حسين امير عبداللهيان كما ورد في اخر تصريح له عن سوريا: العمليات الارهابية لم تحقق نتائج والاوضاع الميدانية في سوريا تتجه بتسارع كبير بحيث سيرى العالم قريبا هزيمة القوى الخارجية والارهابيين في هذا البلد المهم في محور المقاومة!.


في هذه الاثناء يقول العميد مسعود جزائري من مقر اركان القوات المسلحة الايرانية المشتركة:
اننا سنتصدى لأطماع امريكا أينما اقتضى الأمر، ولا نساوم أحدا على الحق!


على صعيد آخر فقد قال آية الله سعيدي ممثل الامام السيد علي الخامنئي في قوات حرس الثورة الاسلامية كلاما من نوع جديد ولافت :
ان حدودنا لم تعد عند منطقة ‘ شلمجة ‘ ( في اشارة الى نقطة الحدود الايرانية العراقية الشهيرة ايام الحرب) بل انها باتت عند امريكا وعلى ضفاف المتوسط علينا الدفاع عن الاسلام المحمدي الاصيل في وجه الاسلام الامريكي المدعوم من واشنطن!


وهي عبارة تحمل وجها افتراضيا من جهة لكنها تحمل عمقا جيوسياسيا جديا وبالغ الخطورة من جهة اخرى بمعنى انه في حال اندلعت الحرب ضدنا هذه المرة فنحن لن نكتفي بالقتال عن حدود بلادنا الجغرافية التقليدية فحسب بل وعن كيان الاسلام الذي يتعرض لاشرس هجمة في تاريخ المنطقة منذ قرون عديدة كما يتم التداول في معظم مراكز العصف الفكري التابعة لمحور المقاومة !

هذا الكلام يأتي متقاطعا ايضا مع كلام السفير الايراني في بيروت من ان بلاده لن تقف متفرجة او مكتوفة الايدي اذا ما تعرضت سوريا ومحور المقاومة للاذى !


كل هذا الكلام والامريكيون مصابون بالدهشة والحيرة تجاه ما ينبغي فعله مع طهران وتجاه الوضع في سوريا، كما يؤكد متابعون لمحادثات ومفاوضات متعددة الاطراف والمستويات تجري في معظمها بعيدا عن الانظار، اذ لم يعد امامهم خيارات كثيرة بعد ان جربوا كل شيء تقريبا بما فيها محاولات الاغتيال والتصفية الجسدية لكبار زعماء البلدين، ناهيك عن استخدام كل وسائل الحرب الجاسوسية والاستخبارية !


مع ذلك ثمة من يقول إن ثمة بصيص امل لا يزال متاحا في النصف الثاني من العام 2113 م اي بعد محادثات بوتين اوباما من جهة وبعد استحقاق الانتخابات الرئاسية الايرانية من جهة اخرى المقررة، كما لقاء القمة الآنف الذكر في حزيران (يونيو) المقبل!


وسواء اتجهت الامور نحو تسويات متعددة المستويات انطلاقا من لقاء القمة الامريكي الروسي كما يأمل الكثيرون او اتجهت الامور الى مزيد من التعقيد والتصعيد كما يرى آخرون فان القدر المتيقن لدى الايرانيين على الاقل هو ان بلادهم تجاوزت ‘عقدة’ حرمة التفاوض المباشر مع الامريكيين او ‘عقدة’ الحرب الشاملة على الامبرياليين والصهاينة!


فالمعلومات المؤكدة والمتواترة لدى المتابعين لما يدور في كواليس مطبخ صناعة القرار الايراني تؤكد امرين ثابتين الا وهما :
على الديبلوماسيين الاستعداد الكامل لاجراء اي محادثات مع الامريكي في حال حصل ‘التكافؤ المطلوب واستيفاء الشروط الايرانية !’


وعلى العسكريين ان تكون ايديهم على الزناد للرد فورا على اي عدوان او كما يقال في المصطلح العسكري الايراني ‘ آتش به اختيار ‘ اي صلاحية اطلاق النار من دون العودة الى القيادة، طبعا في حال التعرض لاي هجوم او اعتداء!


هذه الحالة ‘التحفزية’ الجديدة من نوعها في تاريخ سيرورة صناعة القرار الايراني المعاصر هي بالضبط ما يقلق الامريكيين كما يردد الكاتب المصري الكبير محمد حسنين هيكل خلال لقائنا معه عندما وصفها: ‘ بالتحول الجيواستراتيجي الاهم في تاريخ الدولة الايرانية وعلاقاتها الدولية منذ قرون بعد ان تمكنت من الحضور الفعال في المتوسط، وعليه اوصيكم بالتمسك بمستقبل سوريا ومحور المقاومة بالنواجذ’، على حد تعبير الكاتب والصحفي المصري الكبير.


انها المعادلة التي من شأنها المساهمة في اعادة رسم خريطة الصراعات في المنطقة لغير صالح الاحادية الامريكية بالتأكيد وهي القادرة حتما بمنح ايران القدرة على المناورة بين فرض ‘التفاوض المتكافئ’ او اضفاء اجواء منازلة ‘توازن الرعب’ الكبرى ما يجعل صانع القرار الامريكي بين امرين احلاهما مر !

رأیکم