الجزائر والتعامل مع ’التكفيريين’ في ظل التحولات في المغرب العربي

وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء

رمز الخبر: ۱۸۹۴
تأريخ النشر:  ۱۵:۰۶  - الثلاثاء  ۲۳  ‫أبریل‬  ۲۰۱۳ 
تعتبر الجزائر أكثر بلدان المغرب العربي اكتواءً بنار الجماعات التي تتبنى فكر "القاعدة"، حيث شهدت البلاد عشريّة سوداء في عقد تسعينيات القرن الماضي ذاقت خلالها الأمرّين من هذه التنظيمات التي تتشكل في أغلبها من عناصر احترفت القتال في أفغانستان خلال الغزو السوفياتي وعادت لبلد المليون شهيد لتطبيق أجنداتها، المتمثلة أساسا في إقامة إمارة إسلامية تطبق فيها الشريعة، بقوة السلاح!.
وقد نجحت الدولة الجزائرية في فرض هيبتها في التعامل مع هذه الجماعات، وتمكنت من دحرها إلى الصحاري الشاسعة. وأصبح الجيش الجزائري ذا باع في مواجهتها ومرجعا لجيوش المنطقة في هذا المجال. لكن التغيرات الجديدة في بلاد المغرب الكبير، التي طالها ما أطلق عليه البعض تسمية "الربيع العربي" تجعل الجزائريين أمام تحديات جديدة، وقد تم الشروع في وضع استراتيجيات جديدة لمواجهة خطر الجماعات التابعة لتنظيم "القاعدة".

التحرك بحرية

لقد أدى السقوط المدوي لنظامي بن علي في تونس والقذافي في ليبيا إلى ضعف في الدولتين المغاربيتين المجاورتين للجزائر ما جعل الحدود غير مضبوطة بالشكل الكافي، وهو ما شجع الجماعات التكفيرية على التحرك بحرية بين البلدان الثلاثة وتهديد الأمن والاستقرار فيها. وقد زاد الطين بلة حصول هذه الجماعات على الأسلحة الثقيلة من مخازن السلاح الليبية التي باتت عرضة للنهب بعد انهيار نظام القذافي، وهي منتشرة في أكثر من مدينة ليبية ويصعب على السلطة الجديدة السيطرة عليها في بلد صحراوي مترامي الأطراف.



وساهمت الحرب التي تشنها فرنسا على إقليم الأزواد الطوارقي في شمال مالي على إقبال الجماعات التكفيرية على السلاح الليبي، ما جعل الحدود بين البلدان الثلاثة ليبيا وتونس والجزائر تتحول إلى مراتع لهذه الجماعات تُمِرُّ عبرها السلاح للمقاتلين في شمال مالي رغم المحاولات التي تقوم بها جهات تونسية وليبية لضبط هذه الحدود. وقد جعلت هذه التحولات الجديدة البلدان الثلاثة تهب للتنسيق مع بعضها البعض وتسعى كل من تونس وليبيا للاستفادة من الخبرات الجزائرية في هذا المجال.

استراتيجية جديدة

كما فرض هذا الواقع الجديد على الدولة الجزائرية تغييراً في الإستراتيجية. حيث لم يعد الأمر يقتصر على ملاحقة هذه الجماعات في الجبال وفي الصحاري فحسب للقضاء عليها أو لضرب بنيتها التحتية للحد من خطورتها، بل بات الجزائريون يزرعون رجال استخباراتهم في صفوفها لاختراقها من الداخل، ويشن الجيش الجزائري أيضا عمليات استباقية تجهض مخططات هذه الجماعات وتحبط ما ينوون القيام به من عمليات تهدف في أغلبها للتخريب وزعزعة الاستقرار في هذه البلدان.

كما أصبح الجيش الجزائري وبعد ما يسمى الربيع العربي ينتشر بكثافة على الحدود مع كل من تونس ليبيا وزاد من تحصيناته في هذه المناطق الحدودية التي كانت آمنة في وقت سابق ولم تكن حمايتها عبئاً على الدولة الجزائرية كما هو الحال في الوقت الراهن. كما شمل هذا الأمر الحدود مع مالي مع اندلاع المعارك بين الجماعات الأصولية التكفيرية والجيوش الفرنسية والإفريقية، وذلك لصد أي تسلل للفارين من القتال في مالي من المنتمين لهذه الجماعات.

نجاح

ويشهد القاصي والداني بنجاح الإستراتيجية الجزائرية الجديدة في التعامل مع هذه الجماعات. وقد أحبط هذا الجيش، الذي يعتبر أكبر جيوش المنطقة من حيث العدد والعتاد الحربي، عدداً كبيراً من العمليات ونجح في القبض على كثير من المتسللين في الآونة الأخيرة سواء كان الأمر بصورة فردية أو بالتنسيق مع الجانب التونسي على وجه الخصوص. ويقر التونسيون سواء كانوا سياسيين أو عسكريين، بخبرة الجزائريين في هذا المجال ويسعون للاستفادة منهم في هذا الشأن، وخاصة مع تنامي خطر هذه الجماعات في تونس بعد الثورة مستغلين إطلاق الحريات في البلاد الذي شمل جميع المجالات.



ويشار إلى أنه تم مؤخراً وفي إطار عملية ضخمة إيقاف مسلحين جزائريين وتونسيين من قبل السلطات الجزائرية كانوا بصدد تهريب كميّات ضخمة من الأسلحة بين البلدين، واعترف من تم إيقافهم بأنهم على علاقة بأطراف سلفية تونسيّة، وأنهم كانوا بصدد القيام بمهمة يرجح أنها تدخل في إطار إيصال السلاح للمقاتلين في مالي، الذين يبدو أنهم بصدد استرداد الأنفاس للانقضاض مجددا على الجيش الفرنسي والجيوش الإفريقية الهشة التي تسانده. ويبدو أنها بصدد طلب المعونة ممن يقاسمونها ذات التوجه الإيديولوجي في كل من ليبيا وتونس والجزائر.
رأیکم