رسالة متبادلة بين الدكتورين فيصل القاسم ويحيى ابو زكريا

وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء

رمز الخبر: ۱۹۲۶
تأريخ النشر:  ۲۱:۲۱  - الأَحَد  ۲۸  ‫أبریل‬  ۲۰۱۳ 
وكالة (نادي المراسلين) العالمية للأنباء :
هكذا يكون الحوار اللذي تبنى به البلدان وهو عملة نادرة جدا في عالمنا العربي:

 "أحيي فيك روح العروبة والإسلام والمقاومة أخي يحيى، لكن أربأ بك أن تدافع عن واحد من أسوأ الطواغيت عبر التاريخ. لقد نسفت بذلك تاريخك المشرف في المقاومة ضد الطغيان الذي لطالما تناوله الملايين عبر يوتيوب بالمديح والإعجاب. اين ذلك الفارس الذي حرض الشاع العربي على الثورة بعبارته التاريخية من يحيى الذي يدافع الآن عن نظام يستخدم كل أنواع السلاح ضد شعبه للبقاء في السلطة. صديقك من صدقك أخي أبا علي”.
 
رد يحيى ابو زكريا
    أخي فيصل، والله العظيم ما زلت كما عهدتني وكما تعرفني شهم أنا لا أخاف في الله لومة لائم.

    لكن ماذا أفعل أمام الحجم الهائل من المعلومات بين يدي والتي إستقيتها من أوروبا وأمريكا، وما يدبر لهذه الأمة مهول.

    أنا مستعد أن أبعث لك الكثير منها، وبغض النظر عن المعلومات التي سأطلعك عليها بشكل شخصي أخي فيصل، فإن مشكلة الثوار والإخوان منهم على وجه التحديد وهم أصدقائي، بل إن الغنوشي قال لي قبل وقت قصير أنت أفضل من كتب عني كتابا بعنوان: تونس من الثعالبي إلى الغنوشي، أنهم أخترقوا بالكامل.

    صديقي فيصل: … الثورات سرقت، والمشهد مظلم في تونس ومصر ذاهبة إلى التقسيم كما ابلغني جنرال مصري وطني، واليمن ضاعت … لنفكر قليلا حبيبي..

    ثورات بدون قيادات، وأنت تعلم أن رموز المعارضة السورية أصدقاء وعبد الباسط سيدا كان ساكنا في نفس المدينة التي قطنتها عشر سنوات في أوبسالا السويد، وبرهان غليون جمعتنا منتديات الفكر وهيثم مناع أكثر من صديق…

    نترك سوريا ونحيّدها بالكامل … أقلها قي هذا لإستعجال …..

    أين أصبحت تونس وفيما يختلف النهضويون عن الدستوريين … أمروا بإطلاق النار على متظاهرين نددوا بالإعتداء الوحشي على كرامة رسول الله عليه الصلاة والسلام، والنهضويون الذين وصلوا إلى دوائر القرار التونسي بلافتة رسول الإسلام أمروا باطلاق النار على من تظاهر إنتصارا لرسول الله حفاظا على كرامة أمريكا، لو فعلها زين العابدين لكفروه وزندقوه،,,

    الإخوان في مصر تصافوا وتعاقدوا مع الأمرييكيين والنتيجة ثلاثة قواعد أمريكية في مصر، أولها تم الإنتهاء من خارطتها الهندسية في سيناء…

    والوثائق عندي …

    اليمن ضاعت وفي ليبيا ما فعله الثوار بسكان بني الوليد، لم يفعله هتلر في أعدائه والشواهد عندي كما الصور…

    أخي فيصل الثورة فعل جميل، لكن ما أقبح هذا الفعل عندما ينتهي سريعا ويتحول إلى عورة، ومعادلتي الأساس هي:

    الثورة عندما تفتقد القادة الإستراتيجيين والوضوح في الرؤية السياسية والأهداف والبديل المتكامل في صناعة الدولة ستصبح مدخلا لحروب أهلية والمصاديق في مدن الملح والإستبداد والثورة نحن شهود عليها الآن…

    نعود الآن إلى سوريا…….. أنا أعلم أن ثغرات عديدة لازمت الأداء السياسي الرسمي.. وأنا أتكلم من منطلق عربي وليس من منطلق سوري، وأنتم أدرى ببلادكم التي نحبها ونحترمها، ومهما كان… عندما نترك الإنفعال والإنتقام من الأجهزة الأمنية جانبا لا ننسى أن الدولة السورية قدمت الكثير للقضية الفلسطينية، وأنا كعربي متخوف من أن يصيب سوريا ما أصاب تونس ومصر وليبيا واليمن وبقية البلاد العربية المرشحة للتقسيم والتشرذم السياسي..

    نعم للسوريين كل الحق في أن يصنعوا قرارهم ويتداولوا على الحكم والجهر بنقد الفساد والإعتداء، لكن من حقي أيضا أن أقلق على الدور القومي لسوريا والدور الريادي في نشر ثقافة المقاومة..

    سوريا التي أعرفها يوجد فيها تجاوزات وعدت القيادة السورية بالإنفتاح على المواطنين والمعارضين الشرفاء..

    وسوريا الجديدة التي تنادون بها صديقي العزيز فيصل، هي سوريا الطائفية وتفجير الطوائف والقتل بدم بارد والتكفير، عنصران كبيران في المشهد السوري المعارض الإخوان والإرهابيون التكفيريون الطائفيون..

    فهل هؤلاء سيشكلون ضمانة لمستقبل سوريا، والله لحد الآن لم أقرأ لهؤلاء مشروعا لإدارة الدولة السورية وآليات البناء الجديد.

    صديقي فيصل تتهمون عناصر النظام السوري بالفساد، والفساد نخر المعارضة السورية إلى العظم، أحدهم صديق معارض حكم عليه بالإعدام في سوريا في أحداث حماه سرق 25 مليون يورو وحولها إلى حساب خاص به ولم تصرف على اللاجئين السوريين في مخميات تل الزعتري في الأردن.. والتكفيريون أهدوا سوريا تكفيرا وزواجاً من الفتيات السوريات أسأل الله أن يحمي عرضهن وعرض السوريات.

    وقد إتصل بي أحد الإسلاميين من أوروبا وقال أنه قادم إلى المنطقة لإصطحاب بعض الفتيات السوريات..

    حبيبي فيصل، صحيح أنك مثقف ثقافة واسعة عربية وغربية، وأنت واحد من أبناء جبل العرب، جبل الرجال والأشاوس، لكن أخي وحبيبي أبا أصيل..

    هل دورنا يكمن في أن ندمر الدول ببدائل هشة لم تتكامل، وبعناوين الإسلام هو الحل ثم يترحم الناس على زمن مبارك ويلعنون الشريعة الإسلامية، ولا يبقي في الخارطة العربية غير التلمود والنموذج الغربي، ونكون بذلك قد خدمنا مجاناً الإرادات الغربية ونؤكد بمسلكيتنا ما ذهب إليه فرانسيس فوكوياما من أن الليبرالية الغربية إنتصرت على كل الأفكار والإيديولوجيات، وبالتالي تهزمنا أمريكا فكريا وعسكريا..

    أخي فيصل أنت خير من يعرفني وخير من يقرأني، وتعرف تاريخي بالكامل، والله العظيم كلما مات مواطن عربي سوري من المعارضة والشعب والجيش العربي السوري والأجهزة الأمنية أبكي بصدق، يخنقني الألم يا فيصل …

    أعترف لك أن الموضوع السوري أرقني عذبني وأنا أرى الدماء تسيل… لماذا نحصن الأمن القومي الصهيوني ولا نحصن الأمن القومي السوري والعربي؟

    قرآنيا، الله يقول الصلح خير، وأصلحوا بينهما، فكريا، كل القضايا الكبرى والمعقدة في التاريخ إنتهت بالحل السياسي…

    تأمل يا فيصل واقرأ مفردات خطاب المعارضة السورية، خطباء ومحللو الإخوان المسلمين وضيوف برنامجك الذي كان برنامجا عربيا متربعا على قمة البرامج الحوارية وان شرف المثقف العربي أن يجلس بحضرتك ليحصل على تأشيرة مرور إلى الدائرة الثقافية العربية، اليوم إفرنقعوا و فروا من برنامجك لسبب واحد هو تحول البرنامج إلى سوري خالص، وكان بإمكانك حتى لما تحول برنامجك إلى برنامج سوري بأمر من القيادة القطرية، كان بإمكانك أن تتحول إلى واحد من عمالقة العرب، لو وجهت البرنامج إلى منبر للصلح والحوار والمحبة وتحصين الأمن السوري وعصمة دماء شعبك، أليس من العار أن يحصن حمد بن خليفة آل ثاني أمنه بالقواعد العسكرية والمخابرات الإسرائيلية ويكلفك بتدمير الأمن القومي السوري؟

    يا حبيبي فيصل سوريا فيها مشروع نووي و قطر فيها مشروع منوي، أربأ بك أن تقف مع المشروع المنوي وليس مع المشروع النووي، آل ثاني صهاينة وأبناء يهودية بولونية، وأصدقاؤهم شمعون بيريز الذي زاركم في قناة الجزيرة وأطعمتموه تمر العرب وشرف العرب… وهذا البرنامج الذي تخرس فيه من يدعم سوريا وترخي العنان لمن يتهجم على وطنها، وكان يفترض أن تبصق في وجهه لأنه يستهدف أرضك وبالتالي عرضك،,,, هؤلاء الذين يرددون دوماً في برنامجك الجدلي:

    كلب، حمار، خنزير إبن زنا، حقير، أدوس عليه، إبن اليهودية، آلاف المفردات جمعتها رصدا وإستقراءا وإطلاعا. مبدئيا كيف سيدير عقل كهذا ولسان كهذا دولة سورية فيها عشرات الطوائف…

    ذات يوم قال الدكتور عباسي مدني - زعيم الجبهة الإسلامية المنحلة في الجزائر -… أنت من أوصل الإسلاميين إلى السلطة في الجزائر بقلمك ولسانك..

    ولكني أقول الحمد لله مليون حمدا أن الإسلاميين لم يحكموا الجزائر وأن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة أفضل للجزائر من كل الإسلاميين الذين أصبحوا أفظع من "ألكابون” في جمع المال…

    ثم يا فيصل، تأمل معي مشهد اعتقال الشاعر القطري الذي هجا حمد بن خليفة آل ثاني، أيعقل أن يحكم بالسجن المؤبد على إبن الذيب…

    لماذا موقف حمد بن خليفة آل ثاني سليم - وأنت أتمنى أن يكون عنوان حلقة برنامج الإتجاه المعاكس المقبل قص الألسن في قطر واضطهاد المثقفين القطريين -، وموقف بشار في ملاحقة بعض المثقفين غير سليم، وأنا ضد اضطهاد المثقفين في سوريا وقطر.

    أنا معكم في ضرورة تكريس الحرية، والعدل والمساواة، لكن لا شك أن الصدقية تقتضي أن تتحدثوا في الجزيرة عن اضطهاد المثقف في قطر وسوريا على السواء.. هكذا تكون الحيادية، والمهنية والحرية…

    أنا الدكتور يحيى أبو زكريا بملء شدقي أقولها بملء فيّ وفمي:

    لا للمساس بالمثقف السوري ولا للمساس بالمثقف القطري أو أي مثقف عربي…

    أخي أبا أصيل، هل أكون بعدها شبيحا، وتكونون في الجزيرة أصحاب صدقية…

    إنتهاء أخي فيصل، لا أريد لإبنتك بردى التي سميتها تيمناً بنهر بردى السوري، أن تضيع في المنافي والمجهول، وهي تنتمي إلى أقدم الحضارات الإنسانية، ولأن النفط القطري الذي سينضب بعد ثلاثين سنة لا أريد لبردى أن تكون في دولة النعاج وهي تملك دولة الرجال وأبطال جبل العرب. بعد نضوب النفط، وموت حمد بن خليفة آل ثاني الذي سيغادر الدنيا في سنة 2013 سيتغير كل شيء في قطر، وحرب تميم وحمد بن حمد سوف تعيد قطر بالفعل إلى عصر النعاج….

    أبا أصيل ”المضيّع وطن فين الوطن يلقاه” كما تقول الأغنية العربية التي تعبر عن الوجدان العربي….

    أخي فيصل رغم تباين الآراء والأفكار بيننا، والتي بالتأكيد ستتقارب لو قررنا أن يكون الأساس هو عصمة دماء السوريين.

    ثم أخي فيصل أنت بالتحديد كنت زعيماً مقرباً في سوريا، كان الدكتور بشار الأسد يحترمك، وأنت تعلم صفاء نفسه وفكره، كان يجب عليكم كمثقفين أن تنصحوه أو تقدموا له مشاريع وأطروحات لسوريا قوية لا أن تطعنوه في الظهر كما فعل القطري خالد مشعل أبو الوليد……

    … سأظل أحبك وستظل صديقي إلى الأبد، أتعرف لم يا أبا أصيل أحبك… لأنني عربي، والعربي الشريف لا ينسى الملح والطعام الذي كان بيننا…

    وأستميحك عذراً، حبيبي فيصل، والخلاف لا يفسد للود قضية، سأنشر رسالتك لي وردي حتى تكون ربما شهادة للتاريخ تفهم الأجيال المقبلة لماذا انهار عالمنا العربي.

    وأتمنى أن نتعلم من الجزائر وسوريا معنى الوطنية ودعني أهديك فتوى العملاق الشيخ البشير الإبراهيمي أحد مؤسسي جمعية العلماء المسلمين الجزائريين..

    "لا توالُوا الاستعمارَ فإنَّ موالاته عداوةٌ لله وخروجٌ عن دينه. ولا تتولّوه في سِلم ولا حرب فإنَّ مصلحته في السِّلم قبل مصالحكم، وغنيمَته في الحرب هي أوطانُكم. ولا تعاهِدوه فإنّه لا عهدَ له. ولا تأمَنوه فإنّه لا أمانَ له ولا إيمان (…). وقد دلّت التجاربُ أنهم إنما يحالفوننا ليتخذوا من أبنائنا وقوداً للحرب، ومن أرضِنا ميداناً لها، ومن خيراتِ أرضنا أزواداً للقائمين بها، ثم تنتهي الحربُ ونحن المغلوبون الخاسرون على كلِّ حال، وقد تكرّرت النذُر فهل من مُدَّكِر؟”

    (الإمام محمد البشير الإبراهيمي في فتواه عن موالاة الاستعمار)
 
أخوك. د. يحيى أبو زكريا
رأیکم