شيوخ الأزمة وفضائياتها... بقلم عاصم عبد الخالق

وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء

رمز الخبر: ۲۱۹
تأريخ النشر:  ۱۶:۵۶  - الأربعاء  ۱۳  ‫فبرایر‬  ۲۰۱۳ 
حسنا فعل الازهر والرئاسة والإخوان والسلفيون وحتي الجماعة الاسلامية بإدانة فتوي قتل قادة جبهة الانقاذ التي اطلقها في وجوهنا احد الشيوخ‏.‏
ما قالته هذه الجهات جميعا من رفض الفتوي وتفنيد الاسس الفقهية لها والتحذير من عواقبها يكفي ويزيد. اما من الناحية السياسية فما زال الباب مفتوحا, ويجب ان يبقي كذلك, لاجتهادات كل الاطراف لوقف كارثة الانجراف الجنوني نحو صدام مروع بين مكونات المجتمع. وإصرار نفر من التيارين الاسلامي والمدني علي دفع الدولة الي حافة الهاوية وهدم المعبد علي رؤؤس الجميع.
لا يلوم الاسلاميون إلا انفسهم عندما تصدر مثل تلك الدعوات الاستئصالية الشاذة من شخصيات محسوبة عليهم. وفي حالة الاستقطاب الحادة التي نعيشها وهوس الترصد فان علي الاسلاميين باعتبارهم اصحاب السلطة ان يعلموا ان انفاسهم وليس فقط تصرفاتهم وأقوالهم محسوبة عليهم. ما حدث بعد الفتوي المعيبة يؤكد ذلك. اذ تعامل معها الكثير من السياسيين المعارضين والإعلاميين المحسوبين عليهم باعتبارها صادرة عن الاسلاميين وليس اجتهادا شخصيا من استاذ ازهري لا يمثل إلا نفسه.
وعلي ذلك انطلقت مدفعياتهم الاعلامية الثقيلة تندد بتعطش الاسلاميين للدماء ورغبتهم بل تورطهم في قتل معارضيهم. الاتهامات التي كانت تتردد حتي قبل الفتوي تشير تلميحا او تصريحا الي ما يسمونه ميليشيا الاخوان ودورها المزعوم في قتل بعض المشاركين في المظاهرات. الاغرب والأسوأ ان تصدر اتهامات اخري تعبر عن عقليات موغلة في السفه تتهم الاخوان بحرق مقارهم الحزبية بأنفسهم لتبرير اعتدائهم علي المتظاهرين.
الفتوي التي تهدر دم المعارضين تهدر معها قيم التسامح والتعايش السلمي وتسوية الخلافات بالحكمة والموعظة الحسنة. وهي فضلا عن هذا تهين عقولنا عندما يتصور من يطلقها اننا سنقتنع بان القتل هو عقوبة الاختلاف في الرأي. كذلك فان اتهامات المعارضة للإخوان تهين عقولنا ايضا عندما يعتقد مروجوها اننا سنصدق ان من يحكم هو من يشعل النار في مقراته ويتعمد احراق البلد وإفشال تجربته في السلطة.
اذا كان الدم اصبح رخيصا هكذا فهل نتوقع ثمنا لعقولنا التي لم يحترموها, او عقولهم التي غشيتها ظلمات الكراهية والبغضاء والتنافر. يسيئنا ان يطالب داعية اسلامي برقاب المعارضين بنفس القدر الذي يؤلمنا ان يدعم المعارضون العنف والتخريب بالتحريض او الاستحسان او التبرير او الصمت.
ثمة ملاحظة اخري تفرضها ازمة الفتوي وهي مسئولية الاسلاميين المستنيرين نحو ضبط اداء الفضائيات الدينية لوضع حد لفوضي الفتاوي التي تسيء اليهم بأكثر مما تفعل الحملات الاعلامية المناهضة لهم. ما تقوم به الفضائيات الاخري من اثارة وتحريض وتهييج للرأي العام لا يقل خطرا, ولكنه لا يبرر بأي حال من الاحوال ترك ساحة الدعوة الاسلامية لمن يغرقوننا في معارك وهمية عن ملابس الممثلات ومشروعية تهنئة المسيحيين في اعيادهم وجواز الوقوف دقيقة حداد او الوقوف خلال السلام الوطني.
حروب الشيوخ تلك لا تبعد كثيرا عن معارك المستشيخين مثل ضباط وأمناء الشرطة الذين يخوضون معركة قضائية شرسة ضد الداخلية للسماح لهم بإطلاق اللحي باعتبارها سنة اسلامية. هم وجه آخر لمأساة الاسلمة الشكلية. شيوخ الداخلية هؤلاء يفترض انهم من رجال الشرطة المكلفين بحماية ارواح الناس وممتلكاتهم وهي بالمنظور الاسلامي فرض مقدم علي اطلاق اللحي.
اذا كانت قلوبهم عامرة بالإيمان الي هذا الحد, ونحسبهم كذلك, فلماذا لا يتفرغون اولا لصيانة النفس البشرية ومحاربة المفسدين في الارض وحفظ حقوق الآمنين وحماية الامة من الاخطار التي تحيق بها, والجهاد في وزارتهم نفسها لتطهيرها من القتلة وزبانية التعذيب ورجال العادلي والانتصار للشرفاء فيها وهي كلها واجبات اسلامية اصيلة. ثم بعد ذلك يتفرغون لمعركة ذقونهم. اليس هذا انفع لنا ولهم في الدنيا والدين!.
اللهم ارحمنا من فتنة الفضائيات المدنية والدينية, وخفف عنا ما نكابده من شطط مذيعيها وضيوفها وشيوخها واهدي شيوخ الداخلية ايضا. ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا.

رأیکم