هل يُغيّر روحاني نهج إيران إزاء الغرب وسوريا و«حزب الله»؟

وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء

رمز الخبر: ۲۴۱۹
تأريخ النشر:  ۱۴:۵۴  - الأربعاء  ۱۹  ‫یونیه‬  ۲۰۱۳ 
وكالة (نادي المراسلين) العالمية للأنباء :
منذ أسبوع كانت المعلومات الواردة من إيران تتوقّع حلول المرشّح محمد باقر قاليباف في طليعة المرشّحين المحافظين في الدورة الأولى، لينافس في الدورة الثانية المرشّح الإصلاحي حسن روحاني الذي كان من المتوقّع أن يحصد بدوره كل أصوات المعتدلين، كونه المرشّح الإصلاحي الوحيد الذي بقي في المنافسة، على أن يفوز عليه قاليباف بعد تجمّع كل أصوات المحافظين التي كانت قد تشّتت على عدد كبير من المرشّحين في الدورة الأولى.
لكن هذا الأمر لم يحصل، على الرغم من حلول قاليباف أوّلاً بين المحافظين وثانياً في الترتيب العام، والسبب أنّ روحاني تمكّن من تجاوز عتبة الخمسين بالمئة المطلوبة للفوز من الدورة الأولى، ولو بنسبة طفيفة تقل عن نقطة واحدة. وحصل هذا الأمر بعد أن تجاوزت نسبة الناخبين الإيرانيّين 72 % ممّن يحق لهم التصويت، علماً أنّ أصوات أغلبيّة هؤلاء المصوّتين غير المتوقّعين، صبّت لصالح روحاني الذي أحدث المفاجأة، وصار هو الرئيس الإيراني بدلاً من قاليباف بسبب تشتّت أصوات المحافظين! ومع طيّ صفحة الإنتخابات، ما هي السياسة التي سينتهجها الرئيس الجديد إزاء ملفّات إيران الشائكة، وأبرزها الملفّ النووي، والعلاقات مع الغرب والدول الخليجية، والأزمة في سوريا، ومسألة دعم "حزب الله"؟
بالنسبة إلى الغرب، تعهّد روحاني خلال حملته الإنتخابيّة بالعمل على إعادة العلاقات الدبلوماسيّة مع الولايات المتحدة الأميركية المقطوعة منذ العام 1979، إثر الهجوم على السفارة الأميركية في طهران. لكنّه أقرّ بأنّ هذا الأمر سيكون صعباً. ومن بين المواقف المميّزة التي أطلقها: "حكومتي لن تكون حكومة تسوية وإستسلام، لكننا لن نكون كذلك مغامرين". وبالنسبة إلى الدول الأوروبيّة، يعتبر روحاني أنّها قابلة للتحسّن بمجرّد وقف الحملة "ذات الدوافع السياسيّة والتي تهدف إلى التضليل والتشكيك في الطابع السلمي للبرنامج النووي الإيراني"، مشيراً إلى أنّ حل الملف النووي لا يتم إلا بالتفاوض وخطوة بعد خطوة. وهو أعرب بشكل مباشر عن نيّته بالتحاور والتفاوض عندما قال: "على من يتغنّون بالديمقراطية والتفاهم والحوار الحرّ بأن يتحدّثوا بإحترام إلى الشعب الإيراني ويعترفوا بحقوق الجمهوريّة الإسلاميّة، حتى يتلقّوا ردّاً ملائماً". وروحاني الذي أدار في السابق جزءاً من مفاوضات إيران بشأن برنامجها النووي، دعا خلال حملاته الإنتخابيّة إلى إعتماد سياسة أكثر مرونة مع دول الغرب لتسوية الملف النووي الإيراني. ومن شأن حيازة روحاني على دكتوراه في القانون القضائي من جامعة "غلاسكو كاليدونيان" في إسكتلندا، وتكلّمه اللغات الإنكليزية والفرنسية والروسية والألمانية إضافة طبعاً إلى العربيّة، ومرونته التفاوضية حيث سبق أن لقّب بإسم "الشيخ الدبلوماسي"، أن تساهم كلّها في تخفيف التشنّج بين إيران والدول الغربيّة.
بالنسبة إلى الدول العربيّة، وبالتحديد الخليجيّة، يعطي روحاني أهمّية كبرى لإعادة التواصل، من خلال التعهّد بعدم التدخل في الشؤون الداخلية لهذه الدول، في مقابل عدم مساهمة هذه الأخيرة بالحصار الإقتصادي والسياسي على إيران. وكان روحاني أعلن خلال حملته الإنتخابيّة إلى أنّه سيولي أولويّة قصوى في حال إنتخابه رئيساً لتحسين العلاقات مع دول الجوار على مختلف المستويات. وقال: "أعتزم تحويل الخصومة التي تفاقمت للأسف في الفترة الأخيرة بين إيران والمملكة العربيّة السعوديّة إلى إحترام متبادل وتدابير تصبّ في مصلحة الطرفين...". ويتمّ التداول بمعلومات إعلاميّة عن نيّة روحاني القيام بجولة عربية خليجية، تقوده بداية إلى السعوديّة التي سارعت إلى توجيه التحيّة لروحاني على خطاباته بشأنها.
بالنسبة إلى سوريا بعض أقوال روحاني تدلّ على السياسة التي سينتهجها حيث قال حرفياً: "... الجماعات المتطرّفة في سوريا والتي لديها أجندات مخيفة وتاريخ بغيض من الوحشيّة، هيمنت للأسف على المعارضة المسلّحة في سوريا". وإذ أبدى إستعداد إيران للعب دور الوسيط، رأى أنّ موعد الإنتخابات الرئاسية في سوريا في العام 2014 يشكّل تاريخاً مفصلياً، معتبراً أنّ "إجراء إنتخابات حقيقية بعيدة عن التدخّل الأجنبي والتخريب وتشكيل حكومة منتخبة، يمكن أن يعيد الإستقرار والأمن إلى سوريا".
بالنسبة إلى علاقات إيران مع "حزب الله" الذي كان تأسّس بموازاة حكم الرئيس السابق هاشمي رفسنجاني، الذي إستُبعد من الإنتخابات الأخيرة، فهي ليست بيد الرئيس الإيراني، لا تمويلاً ولا دعماً عسكرياً. وفي كل الأحوال، عندما سُئل روحاني خلال حملته الإنتخابية عن موضوع تدخّل الحزب في سوريا، رأى أنه يندرج ضمن صراع شامل، مكرراً التنديد بالدعم الذي تلقاه المعارضة السورية من جهات معادية ومشبوهة.
في الختام، وبغض النظر عن هامش المناورة المسموح للرئيس الإيراني، أيّا تكن هويّته وأيّا يكن تصنيفه، فالخطوط العريضة لسياسة إيران الخارجية هي بيد المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران السيد علي خامنئي، ومعاونيه، وبالطبع "مجلس الشورى الإيراني". وأيّ حديث عن تغيير جذري مرتقب في هذه السياسة في أيّ ملفّ مهم، هو توقّعات في غير مكانها، خاصة وأنّ روحاني شغل منصب "ممثّل المرشد في المجلس الأعلى للأمن القومي" الإيراني. وأكثر ما يمكن للرئيس الإيراني القيام به هو إعتماد سياسة ليّنة أكثر مع الغرب، وتقديم بعض التنازلات في الملف النووي، لكن ليس في الملف السوري، حيث تعتبر طهران أنّ سقوط النظام وداعميه، يعني ضرباً لمشروعها الإقليمي ككل. حتى أنّ بعض المحلّلين، يعتبر أنّ نفوذ إيران في المنطقّة مرشّح للتصاعد في عهد روحاني، وليس للتراجع! والسبب أنّه في الوقت الذي سيعمل فيه الرئيس روحاني على إظهار صورة معتدلة عن إيران، وسيعتمد خطاباً متزناً وغير متطرّف إزاء العرب والدول الغربيّة، بعكس ما كانت الحال عليها في ظلّ عهد الرئيس أحمدي نجّاد، فإنّ المسؤولين الفعليّين عن سياسة إيران الخارجية سيعملون ميدانياً بفعالية أكبر على توسيع نفوذ إيران، مستفيدين من التغطية التي يؤمّنها لهم روحاني، المفاوض الدبلوماسي اللبق! أما هامش حركة الرئيس الروحاني فهو سيتمحور – وكما تضمّنت حملته الإنتخابيّة من شعارات، حول ثلاثة أهداف: "ميثاق الحقوق المدنيّة، وترميم الإقتصاد، وتحسين العلاقات مع الغرب"، ولوّ أنّه كان لافتاً إعلان روحاني في تصريح إثر فوزه "إنّ هذا الإنتصار هو إنتصار الذكاء والإعتدال والتقدّم (...) على التطرّف".
رأیکم