مدينة شيآن؛ أول مدينة دخلها الإسلام في الصين

وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء

رمز الخبر: ۲۵۴۹
تأريخ النشر:  ۰۶:۱۷  - الثلاثاء  ۰۲  ‫یولیو‬  ۲۰۱۳ 
وكالة (نادي المراسلين) العالمية للأنباء :
شيآن لا أروع منها مدينة تاريخية يرتبط اسمها بدخول الإسلام إلى الصين! ولا أشهر منها كونها بداية طريق الحرير البري الذي ربط الصين بالعالم، خاصة العالم العربي والإسلامي، وهو أحد طريقين هامين، إلى جانب البحري، لدخول الإسلام إلى الصين قبل أكثر من 1350 سنة. هذه المدينة تتميز بموقع جغرافي هام وبيئة ممتازة، أهلتها لتكون عاصمة لثلاث عشرة إمبراطورية في تاريخ الصين.
وفقا لما اوردته وكالة (نادي المراسلين) العالمية للأنباء شيآن هي المدينة التي تحتضن عشرات المساجد المبنية بالطوب والخشب، وبالأسلوب الكلاسيكي الصيني، والمحتوية على المزايا الإسلامية الواضحة، والمحفوظة جيدا حتى الآن رغم بناء بعضها قبل أكثر من 1300 سنة. هناك المسجد الكبير للمدينة، ويا سبحان الله! رائع بكل معنى الكلمة! ومسجد شياو بييوان، الذي شهد ولادة التعليم المسجدي في الصين على يد الشيخ الجليل هو دنغ تشو رحمه الله(1522-1597)، علما أن للتعليم المسجدي دورا كبيرا في الحفاظ على الهوية الإسلامية وتطور الإسلام بخصائصه الصينية واستمراره، إلى جانب التعليم الإسلامي بالمدارس والمعاهد الحديثة باللغتين العربية والصينية. وجامع زقاق داشيويه شي- الاسم يعني الزقاق الكبير لطلبُ العلمِ، الذي يقال إنه بُني في نفس العام الذي وصل فيه مبعوث الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه، إلى الصين. وإمامُه الشيخ حسن ما، كان مترجما للبحار المسلم الصيني الشهير تشنغ خه الذي أبحر بسفنه 7مرات، بأمر من الإمبراطور تشنغ تسو لأسرة مينغ(1368-1644) للتعرف على مناطق غربي آسيا، ووصل إلى مكة المكرمة، ورسم خريطة لها.

هي مساجد أي ما يُقال عنها إنها تحفٌ معمارية عريقة ما زالت مآذنها تردد اسم الله تعالى، وتقام الصلاة في جنباتها، وعلى جدرانها آيات مباركة من الذكر الحكيم كتبت بيد علماء مسلمين صينيين جليلين قبل مئات السنين. وفي قلب المدينة النابض بالحياة، تتجلى الخصائص الإسلامية بأروع وأوضح صورة على وجوه المسلمين الصينيين، وفي أزياء رجالهم النظيفة الأنيقة المتوجة بطاقية الرأس البيضاء، وملابس نسائهم المحتشمة المزينة بغطاء الرأس الساتر لمعظم الجزء العلوي من الجسم. أما تحية الإسلام "السلام عليكم" فتسمع ويتردد صداها في أركان تلك الشوارع الحيوية المميزة بطابع العديد من أسواق مدننا العربية. مسلمو شيآن يتميزون بحيوية واضحة في الأعمال التجارية، وفي ظل سياسة الانفتاح الحالية للصين، يبدعون في أعمالهم ويتشاطرون ثمار التنمية مع إخوانهم من أبناء البلاد.

وبين العراقة التاريخية والرائحة العبقة المباركة لهذه المدينة ومساجدها التاريخية المتميزة بتراث معماري يجمع بين الطرازين الصيني والعربي الإسلامي، تأخذك الخطوات الوئيدة الحذرة لتمرّ بين أسواق وأزقة تاريخية وملامح طيبة، ثم تدلف لمساجد تتميز بمساحات واسعة تمتد لآلاف الأمتار، فيها أشجار وارفة الخضرة والظلال، وتضم قاعات التعليم المسجدي وأبراج مآذن وجواسق ومكتبات ومرافق وضوء، وبعدها تأخذك الخطى إلى حرم الصلاة الآمن الهادئ المميّز بقدسية خصّها الله سبحانه لبيوته! ويا لها من قدسية رائعة تجعل المصلي خاشعا في حضرة الخالق البديع وقدسية المكان المضمخ برائحة التاريخ وقدسية الآيات القرآنية التي تحيط بكل ركن من أركان الحرم، وأسماء الله الحسنى تنتشر في كل مكان!

في كل ركن من هذه المساجد المباركة، بصمات لرجال أفذاذ صدقوا في دينهم ودنياهم، فتركوا أثرا خالدا مباركا إلى يوم الدين!

أتمنى مخلصا أن تتاح الفرصة للجميع لزيارة هذه المدينة التاريخية العريقة المميزة بطابع إسلامي رائع! لا بد من زيارة المسجد الكبير للمدينة الذي بُني عام 742 ميلادي في عهد أسرة تانغ(618-907)، أي أنه يتمتع بتاريخ يعود لأكثر من 1270 سنة، ولكنه محفوظ بشكل ممتاز حتى الآن! يمتد هذا المجمع الديني الرائع على مساحة 13 ألف متر مربع، ومساحة المباني تصل إلى 6000 متر مربع، ومازال يحظى برعاية متميزة تجعله تحفة معمارية متجددة. ولكونه من بيوت الله، وبفضل هذه المزايا، فهو موضوع تحت الرعاية والحماية الوطنية والإقليمية. ويزوره الكثير من الناس، من كل أرجاء الأرض، مسلمون وغير مسلمين، الأمر الذي يدفعني بقوة لأن أتمنى أن يكون العرب والمسلمون أول وأكثر زوّاره! وفي المدينة أيضا المسجد الجامع في زقاق داشيويه(الزقاق الكبير لطلب العلم)، ويُسمى أيضا مسجد الزقاق الغربي. تشير السجلات التاريخية إلى أنه بني عام 705 للميلاد، ولكن هناك من يشير إلى أن الحجر الأساس لبنائه يعود لعام 651، العام الذي زار فيه مبعوثو الخليفة الراشد عثمان بن عفان، الصين. إنه الثاني بعد المسجد الكبير، من حيث التاريخ والمكانة والمساحة. هناك العديد من الروائع المعمارية والهالات القدسية البديعة في هذا المسجد، ولكن أبرزها حرمُ الصلاة الذي تبلغ مساحته 500 متر مربع، والمفروش بالسجاد الجميل، والمُزيّنة كافة جدرانه بآيات القرآن الكريم كاملا، مكتوبة بخط رائع بيد مسلمين صينيين قبل مئات السنين. وعلى جانب المحراب، هناك آيات قرآنية مكتوبة بشكل تحف فنية بارزة، يعود تاريخها للسنوات الأولى لبناء هذا المسجد.
رأیکم