مرور 65 عاما علي مخطط الانقلاب البريطاني - الامريكي ضد مصدق

وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء

رمز الخبر: ۲۶۹۹۸
تأريخ النشر:  ۱۸:۴۳  - الأَحَد  ۱۹  ‫أغسطس‬  ۲۰۱۸ 
يصادف اليوم (19 اغسطس 2018) الذكري الخامسة والستين لعملية ' TPAJAX' الانقلابية التي خطط لها الاستعمار البريطاني العجوز ونفذت في 19 اغسطس 1953 بالتعاون مع امريكا للاطاحة برئيس الوزراء الايراني المنتخب ديمقراطيا 'الدكتور محمد مصدق'؛ العملية التي شبّهت بالقرصنة نظرا لما حملت في طياتها من مآرب شيطانية تركزت علي الهدف الرئيسي من استعمار الدول وهو نهب ثرواتهم الطبيعية والنفطية.

طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء - وتؤكد الوثائق التي افصحت بها الحكومة الامريكية مؤخرا، أن الانقلاب الذي اطاح بحكومة الدكتور مصدق كان قد نفذ بالتعاون المشترك بين وكالة الاستخبارات الأمريكية (CIA) ، ومنظمة الاستخبارات السرية البريطانية (MI6) .

وتشير هذه الوثائق ايضا الي ان بريطانيا وامريكا عمدت في هذا السياق الي مساندة القوي المعادية لمصدق، ودعمتها في تنظيم الاحتجاجات المناهضة ضد حكومته؛ لينظم بعد ذلك الجيش إلي الحركة الانقلابية ويقوم بتنفيذ المرحلة النهائية للمخطط المتمثل بعزل مصدق واعتقاله ومن ثم اعادة الشاه البهلوي الذي كان قد فرّ من إيران بعد الصراع مع الاخير.

ويري المحللون ان الوثائق التي نشرها امريكا رسميا، تؤكد بأن الانقلاب العسكري شكل جزء من السياسة الخارجية للولايات المتحدة فذ ذلك الوقت؛ وفي السياق نفسه سبق أن تحدثت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة 'مادلين أولبرايت' في عام 2000 عن الدور الأمريكي في هذا الانقلاب، كما تطرق الرئيس الامريكي السابق باراك أوباما إلي هذا الموضوع في خطابه بالقاهرة عام 2009.

تعود اسباب الواقعة الي قرار مصدق في 'تأميم صناعة النفط' وذلك في اولي خطواته عقب انتخابه من قبل الشعب الايراني عام 1951 رئيسا للوزراء؛ القرار الذي قطع ايدي البريطانيين و وضع حدا لاستحواذهم علي النفط الايراني.

بالإضافة إلي قرار التأميم، يعزو المراقبون ايضا اسباب الانقلاب البريطاني - الامريكي صد رئيس الوزراء الايراني المنتخب حديثا انذك، الي 'الحرب الباردة' والخشية التي غرستها الحكومة البريطانية في قلوب الساسة الامريكيين من 'التحالف المحتمل بين إيران والاتحاد السوفيتي'.

الاستعمار البريطاني الذي كانت قد بدت عليه بوادر الانهيار ولم يكن قادرا علي مواصلة تنفيذ مخططاته الشيطانية دون ندّ ضد بلدان المنطقة، استغل هاجس الولايات المتحدة من توسع نفوذ الفكر 'السوفيتي' في ايران، وعليه فقد توصل الي اتفاق مع الاخيرة يقضي بتنفيذ عملية 'اجاكس' للاطاحة بحكومة مصدق. وذلك عبر تحريض الشارع الايراني ضد رئيس الوزراء وارشاء قادة الشرطة والجيش وبعض الصحفيين وعدد من نواب البرلمان في هذا الاطار. 

وفي معرض تحديد مدي قيمة النفط الايراني لدي الاستعمار العجوز، تجدر الاشارة الي مقولة رئيس الوزراء البريطاني الشهير 'ونستون تشرشيل' قوله ان 'القدر جاء بثروة الي ارض الامال، لم نكن لنحلم بها حتي؛ ان الاحتفاظ بهذه الهدية تشكل راس مال لنا'.

كما تجدر الاشارة الي اهم النتائج التي تمخضت عن قرار مصدق في تاميم النفط؛ المتمثلة في الاستشراف علي صناعة النفط و وضع حدّ لسطوة بريطانيا عليها وتوظيف عائداتها في معالجة المعضلات التي كانت تعصف بايران انذك بما فيها الفقر والامراض والتخلف؛ وهو ما جاء في تصريح ينسب الي مصدق، مؤكدا فيها ان 'المفاوضات التي استغرقت اعواما طويلة مع البلدان الاجنبية لم تثمر عنها اي نتائج لمصلحتنا... نحن سنتمكن بواسطة العائدات النفطية من اكمال الميزانية ومكافحة الفقر والمرض والتخلف'.

لكن في مقابل هذه الجهود كان جشع الشاه البهلوي الذي لطالما عرقل بسياساته الخانعة للاستعمار البريطاني والولايات المتحدة الامريكية، مسار رئيس وزرائه المنتخب حديثا؛ ليصل الامر بين الجانبين الي حد التوتر والنزاعات الشديدة، وبما وضع البلاد امام تحديات كبيرة اهما تمثلت في اتاحة المزيد من فرص التدخل الي القوي الاجنبية في شؤون ايران الداخلية.

الاستعمار البريطاني الذي كان يري في حكومة مصدق خطرا كبيرا علي مصالحة داخل ايران وايضا باقي دول المنطقة التي كانت علي وشك التاسي بخطوة الاخير في تاميم ثرواتها الطبيعية ومواردها النفطية، عمد الي التخطيط للاطاحة بحكومة رئيس وزراء ايران ودعم خصمه اي الشاه البهلوي.

لقد بدأت محاولة الانقلاب في 15 أغسطس 1953، قبل ان يتم احباطها في بادئ الامر بسبب الاعتقالات والمداهمات التي أمر بها مصدق؛ وهنا جاء دورالمخابرات الأمريكية في دعم المحاولة الانقلابية ومنع فشلها.

وبحسب الوثائق المعلنة عنها رسميا في امريكا، كرست وكالتا الاستخبارات الأمريكية والبريطانية جهودهما في دعم القوي المعادية لمصدق داخل البلاد وحثها علي تنظيم الاحتجاجات المناهضة له؛ لينضم الجيش بعد ذلك إلي مخطط الانقلاب ضده وبالتالي الاطاحة به.
الوثائق الامريكية هذه، اكدت صحة ما جاء في تحليلات وتقارير نشرت في وقت سابق، فضلا عن اعترافات الرئيس الامريكي السابق باراك أوباما، والأسبق بيل كلينتون؛ وتفيد هذه المصادر أن وكالة المخابرات الأمريكية قامت بـ 'تنفيذ خطة الانقلاب للإطاحة بمحمد مصدق'.

وحول اسباب الكشف عن هذه المعلومات من قبل وكالة الاستخبارات الامريكية (CIA)، تؤكد مصادر مقربة من الوكالة ان واشنطن عمدت الي اعلان مسؤوليتها عن الانقلاب دون الالتفات إلي المضار الديبلوماسية التي قد تلحق بأمريكا لتجنب خروج هذه المعلومات من خلال تسريبات قد تضع الإدارة الأمريكية في موقف حرج تماما أمام حلفائها و الرأي العام الأمريكي والدولي.

وبذلك يبقي السؤال مطروحا، هل هذا الاعتراف يضع نهاية لمؤامرات امريكا والغرب ضد الشرق الاوسط ولاسيما الجمهورية الاسلامية الايرانية التي رفعت منذ انتصار الثورة حتي اليوم راية التصدي والمقاومة في وجهة القوي المتغطرسة العالمية، وهي تنادي بنصرة المستضعفين في انحاء العالم؟ وهل يمكن الوثوق بامريكا التي تقر علنا بضلوعها في تدبير انقلاب عسكري داخل بلد ما؟ وهل هناك ما يمنع تكرر واستمرار واشنطن وحلفائها الغربيين من تنفيذ مخططات شيطانية اخري ضد بلدان المنطقة؟

ربما التطورات والاحداث الاقليمية والدولية الاخيرة وما يجري اليوم في كل من سوريا واليمن والعراق؛ وايضا ما يروج لها الامريكيون من مزاعم في سياق مخطط 'ايران فوبيا'، وقرار الرئيس الامريكي الاحادي بالانسحاب من الاتفاق النووي واستئناف الحظر ضد الجمهورية الاسلامية الايرانية، تشكل جميعا ردودا مناسبة علي تلك التساؤلات.

المصدر : الوقت

انتهي 

رأیکم