تشككت مصادر عديدة في مصداقية تصريحات بابا الفاتيكان والأسباب التي برر بها استقالته التي أعلنها مؤخرًا، واعتبرتها غير مقنعة.
فقد قال أستاذ التاريخ في جامعة الدراسات العليا في مدينة بيزا الإيطالية دانييلي مينوتسي : "مشاكل كثيرة هي التي قد تكون تسببت باستقالة البابا".
وأضاف مينوتسي: "هناك فضائح فساد واعتداءات جنسية وصراع على السلطة والخلافات حول عقيدة الإيمان، وكل هذه المشاكل ألقت بثقلها على البابا بحيث لم يعد قادرًا على إدارة الحكم بنفس النهج السياسي الذي اتبعه حتى الآن".
وأردف: "المشكلة الحقيقية هي عدم مواكبة الكنيسة للعصر الحديث، فمنذ تسلم البابا منصبه عام 2005 أصبحت الكنيسة أكثر تزمتًا، وخاصة فيما يتعلق بفرضية الحقيقة الحصرية الصالحة لكل زمان ومكان كمعيار عالمي".
وأوضح مينوتسي : "هذه الفرضية خلفت اعتراضات كثيرة في كنيسة روما؛ لأنها تصر على أن المبادئ والقيم الكاثوليكية غير قابلة للنقاش وتنطبق على كافة المجتمعات والسياسات بالتساوي، وهذا يدل على انغلاق الكنيسة تجاه العالم الآخر والحوار مع الديانات الأخرى".
من ناحيته، قال أستاذ القانون والدين بجامعة ليوفان ببلجيكا ماركو فينتورا: "البابا برر استقالته بمشكلة صحية، لكن المشكلة الحقيقية هي الصراع من أجل الدين في عالم علماني سريع التغيرات، فالبابا ضحية مثله مثل باقي القيادات الدينية للتغيرات السريعة، ولفكرة أن العلمانية تتناقض مع الدين".
وأضاف فينتورا: "البابا ركز على السلطة واللاهوت منذ المجمع الفاتيكاني الثاني ولم يترك حيزًا لإبداعات جديدة لإدخال تغييرات على الكنيسة، وركز على شخص الكاهن، واستثنى المرأة من الكهنوت ووطد السلطة الذكورية والهرمية للكنيسة، لكن استقالته أثبتت أنه لم يكن بمقدوره الاستمرار في هذه السياسة المتناقضة مع العصر الحديث".
وتوقع فينتورا أن يكون البابا القادم من الولايات المتحدة؛ لأنها أصبحت المكان الذي يشهد تزايدًا في أتباع الديانة الكاثوليكية المتشددة، لكنه أبدى تخوفه من تأثير البابا المستقيل على البابا المنتخب؛ لأنه سيكون هناك اثنان وليس واحدًا، بما أن بنديكت السادس عشر تنحى عن منصبه ولم توافه المنية مثلما يحصل عادة في تاريخ الكنيسة.
وجاءت الاستقالة كخطوة غير مسبوقة في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية منذ 600 عام، حيث قام البابا شيليستينو الخامس بالاستقالة، وإن كانت الأسباب والظروف مختلفة عن اليوم.
وجاء قرار البابا المفاجئ خلال جلسة استثنائية للكرادلة على هامش اجتماع للمجلس البابوي، مرجعًا ذلك إلى أن صحته وسنه لم يعودا ملائمين لقيادة الكنيسة.
وقال البابا: "بعد أن فحصت ضميري أمام الله تيقنت بأن قوتي وتقدمي في السن أصبحا غير ملائمين لممارسة منصب الوزارة البطرسية، كما أن عالم اليوم يخضع لتغيرات سريعة، وتحركه مسائل لها أهمية كبيرة لحياة الإيمان، لهذا أُعلن تنازلي عن منصب أسقف روما".