سوريا: مناورات حول الحلول السياسية - قسطنطين أورولوف

وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء

رمز الخبر: ۲۹۶
تأريخ النشر:  ۲۳:۵۹  - الخميس  ۱۴  ‫فبرایر‬  ۲۰۱۳ 
تحولت سوريا في الآونة الأخيرة إلى بؤرة الأحداث وليس فقط بفعل العمليات العسكرية الجارية هناك بقدر كثرة المناورات السياسية التي تدور حول الوضع المعقد هناك.
ولا يمر يوم دون أن يقوم عدد من الساسة الدوليين بتقديم وجهة نظرهم للأوضاع القائمة في سوريا وخطط حلها سواء كانت عسكرية أم سياسية.
ويلفت النظر بالدرجة الأولى تصاعد نشاط المعارضة السورية في الخارج والتي تخضع لرقابة الغرب وعدد من بلدان الخليج العربية. فبعد فشلهم بتحقيق نصر عسكري على الأرض بدأ قادتها بالتحرك على الجبهة "السلمية" مقدمين المبادرة تلو الأخرى. فقد أعلن رئيس الإئتلاف السوري المعارض معاذ الخطيب فجأة إستعداده لبدء المفاوضات مع السلطات السورية. وفي مقابلة مع قناة العربية صرح الخطيب أن هذه المفاوضات يمكن إجراءها فقط مع فاروق الشرع نائب الرئيس السوري موضحاً أن إختيارة جاء لأنه من المسؤولين السوريين القلائل الذين لم تتلطخ أياديهم بدماء السوريين.
ولكن كما هو معروف فإن جميع الأطراف في سوريا متورطين بإراقة الدماء في الحرب الأهلية الدائرة هناك، ولكن من غير المفهوم لماذا تجاهل الخطيب تورط المسلحين القادمين من الخارج، كعناصر تنظيم القاعدة، بإراقة دماء السوريين. وبعد ذلك بدأ الخطيب بتحريض من "أصدقائه" في الغرب بوضع الشرط تلو الأخر، ومن أبرزها التنحي غير المشروط للرئيس بشار الأسد عن السلطة وإطلاق سراح 160 ألف معتقل وقيام السفارات السورية بمنح جوازات سفر جديدة وتمديد مدة سريانها لعامين للسوريين الذين غادروا البلاد. وبعد ذلك أضاف الخطيب شروطاً جديدة تمثلت في أن المفاوضات مع الحكومة السورية ستبداً فقط في حال أطلقت السلطات السورية سراح النساء المعتقلات قبل حلول العاشر من شباط/فبراير. وهدد الخطيب بأنه سيعتبر عدم قيام السلطات السورية بتنفيذ هذا الشرط كرفض أحادي الطرف من قبلها لإجراء المفاوضات.
أما فيصل المقداد نائب وزير الخارجية السوري فصب الماء الباردة على الرؤوس الحامية لقادة المعارضة وأعلن في تصريح لقناة الجزيرة رفض سوريا القاطع لشروط الخطيب موضحاً أن مبادرة الأخير لا تتجاوز كونها محاولة للرد على مبادرة الرئيس الأسد التي طرحها في كانون ثاني/يناير. وأكد المقداد أنه لبدء المفاوضات يجب على المعارضة المسلحة التوقف عن محاولاتها تحقيق نصر عبر الوسائل العسكرية، مؤكداً أن بلاده ترحب بكل من يتخلى عن السلاح ويؤمن بفكرة الحوار.
وبالمناسبة فقد أجرى المقداد في العاصمة الصينية بكين محادثات مع وزير الخارجية هناك يان تزي تشي بحث خلالها الأوضاع في الشرق الأوسط وسبل تسوية الأزمة في سوريا، ونقلت وسائل إعلام عالمية أن مواقف الطرفين كانت متطابقة.
كما أن مواقف الدبلوماسي السوري عززها الجيش الذي يدعم النظام القائم. وفي مقابلة مع التلفزيون السوري أكد نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة السورية ووزير الدفاع جاسم فهد الفريج أن "الجيش كان وسيبقى قوياً وعصرياً وعلى درجة عالية من الإحتراف وأنه جاهز لصد العدو الإسرائيلي ولن يستطيع الإرهابيون أو العدو الخارجي الإنتصار عليه". واشار إلى أن "فشل خطة التدخل الخارجي في سوريا دفع بالأعداء إلى القيام بحاولات للإضرار بالبلاد من الداخل". وأشار إلى أن "الولايات المتحدة والناتو والصهاينة وعملاءهم في المنطقة يسلحون ويمولون المعارضة ويرسلون المرتزقة إلى داخل البلاد ولا سيما من من منظمة "جبهة النصرة" التي لا يربطها شيء بالإسلام وتربطها صلات وثيقة بالمخابرات الأمريكية".
من جانبه وتعليقاً على تصريحات الخطيب قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن لدى الخطيب إهتمام بفهم الموقف الروسي بشكل افضل.و اضاف أنه إلتقى به على هامش مؤتمر ميونيخ وتحدث معه وشعر بأنه مهنم بالإستماع إلى تقيم موسكو للأوضاع في سوريا. واضاف أن روسا رحبت بإستعداد الخطيب وفق شروط معينة بدء الحوار مع السلطات السورية.
أما المتحدث بإسم الخارجية الروسية ألكسندر لوكاشيفيتش فتحدث بمزيد من التفصيل عن التطورات السورية الأخيرة، واشار إلى أهمية اللقاءات التي أجراها لافروف في ميونيخ مستشهداً على ذلك بإستعداد الخطيب للحوار مع السلطات في دمشق. وأوضح لوكاشيفيتش أن لربما قد تكون وسائل الإعلام لم تنقل بدقة تصريح الخطيب بخصوص شروط بدء المفاوضات إلا أن أكد أن الخارجية الروسية ترحب ب"إستعداد عدد من قادة المعارضة السورية" بدء الحوار مع الحكومة السورية" وأن موسكو "مستعدة لإجراء محادثات مع إئتلاف قوى المعارضة السورية".
في نفس الوقت لفت الدبلوماسي الروسي إلى أن موسكو لا توافق على جميع الافكار التي تقدم بها الأخضر الإبراهيمي بخصوص التسوية في سوريا. وفي حين أكد أن موسكو تدعم وستواصل دعمها لجهود المبعوث الأممي والعربي الخاص إلا أن هذا الدعم هو ليس بلا شروط بالنطر إلى أنه ليست جميع الأفكار المطروحة تملك أرضية توافقية. بهذا الشكل علق لوكاشيفيتش على تصريح نظيرته الأمريكية فكتوريا نولاند التي قالت أن وزير الخارجية الأمريكية وعد في حديث هاتفي مع نظيره الروسي بأن بلاده "ستواصل دعمها للإبراهيمي والإستفادة من قناة الإبراهيمي-بوغدانوف- بيرنس لدفع إستراتيجية الإنتقال السياسي في سوريا إلى الأمام".
وكما اعلن غينادي غاتيلوف نائب وزير الخارجية الروسي فإن أحد اسباب غياب آفاق التسوية السلمية للأزمة في سوريا يكمن في أن "شركائنا الغربيين لا يقومون بما يجب فعله مع المعارضة". وذكر الدبلوماسي الروسي بموقف روسيا بضرورة حل جميع المسائل من قبل السوريين أنفسهم دون أن يفرض عليهم حل من الخارج، وأن على المجتمع الدولي إقناع أطراف النزاع بالجلوس وراء طاولة المفاوضات.
ومن الواضح أن المطلوب الآن الإنتقال إلى التسوية السياسية للأزمة السورية وإقناع كافة الأطراف ببدء البحث عن طرق لحل المشاكل التي تراكمت في هذا البلد وفي المحصلة بدء تحديد مستقبله.

رأیکم