منذ اندلاعها عام 2015 سببت الحرب الأهلية في اليمن معاناة بشرية لا توصف من قتل عشرات الآلاف وتشريد الملايين وانتشار المجاعة وتفشي وباء الكوليرا المميت. وفي المقابل تكبد اليمن أيضا خسارة فادحة في تراثه الثقافي والحضاري الذي يعد من بين الأغنى في الشرق الأوسط.
طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء - وذكر تقرير وول ستريت جورنال أن اليمن على مر التاريخ وقف على مفترق طرق في شبه الجزيرة العربية وشرق أفريقيا والمحيط الهندي. ونظرا لما يحظى به من أمطار موسمية فقد ظل موطنا لحضارات عظيمة قبل الإسلام بفترة طويلة وأصبح مقرا للعديد من الأسر الحاكمة بعد ذلك.
وساهمت كل هذه العوامل في تنوع الثقافات التي لا تزال موجودة حتى اليوم، حيث تضم البلاد أربعة مواقع للتراث العالمي لليونسكو، بما فيها مدينة صنعاء القديمة، ذاك المكان الساحر الذي قال عنه المستعرب والكاتب الرحالة المقيم باليمن تيم ماكينتوش-سميث إنه ليبدو وكأنه "صُنع، ولم يٌبن، من كعكة الزنجبيل المثلجة".
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا التراث وقع تحت تهديد خطير نتيجة للحرب الأهلية وأنه خلال السنوات الثلاث الماضية مُحيت السدود القديمة والمساجد التي تعود إلى العصور الوسطى، ومقتنيات المتاحف وآثار العصر الاستعماري، مشيرة إلى أن هذا التدمير لم يحظ باهتمام كبير في كبريات وسائل الإعلام.
ولفتت إلى أن التهديد الخطير للمكتبات اليمنية هو إحدى القصص المنسية من مأساة اليمن، ولا يختلف عن النهب والدمار الذي شهدته مدينة تمبكتو في مالي عام 2013.
فالمخطوطات الإسلامية -حسب الصحيفة- تعد من بين أكبر الكنوز التاريخية لليمن، ولعل أشهرها جزء من مصحف صنعاء الذي اكتشف بالمنطقة الأعلى بالمسجد الكبير في المدينة عام 1972 ولا يزال محفوظا في مكانه. ويعتقد أنه واحد من أقدم المصاحف في العالم التي تعود للقرن السابع لأن كتابته تختلف عن التي يقرأها المسلمون اليوم.
وهناك أيضا مجموعة المخطوطات الزيدية لليمن، وتشمل كذلك أعمال مؤلفين سُنة واثنى عشريين وإسماعيليين.
وحثت الصحيفة على الاهتمام بهذا الطيف الواسع من التاريخ الفكري الإسلامي الفريد من نوعه، مشيرة إلى أن الزيديين هم المجتمع المسلم الوحيد اليوم الذي يحافظ على التعاليم العقلانية للمعتزلة. كما أن المكتبات الزيدية تفتح نافذة فريدة على تاريخ إنتاج الكتاب.
انتهی/