نفط إيران يُثير شهيّة شركات النفط العالمية - جاسم عجاقة

وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء

رمز الخبر: ۳۸۲۳
تأريخ النشر:  ۱۸:۱۰  - الأَحَد  ۰۹  ‫فبرایر‬  ۲۰۱۴ 
وكالة (نادي المراسلين) العالمية للأنباء :
وفود إقتصادية أشبه بوفود الحج إلى الأماكن المُقدسة، من إيطاليا، ألمانيا، النمسا، البرتغال، فرنسا وحتى كوريا الجنوبية، بدأت بالتوافد الى إيران، وكأنّ إيران اليوم لم تعد إيران البارحة. فلماذا هذا الإهتمام الغربي بإيران؟ وما هي التداعيات على الساحة اللبنانية؟
وفقا لما اوردته وكالة (نادي المراسلين) العالمية للأنباء تمتلك ايران رابع أكبر احتياطيات النفط وثاني أكبر احتياطيات الغاز الطبيعي المؤكدة في العالم. لكنّ العقوبات الدولية منعت الإستثمارات في هذا القطاع وحرمته التكنولوجيا الأجنبية التي كانت لتدفع به إلى المراتب الأولى في العالم.

وشهدت إيران، وهي عضو في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، في العام 2012 و2013 أكبر انخفاض لصادراتها النفطية نتيجة لتشديد العقوبات الإقتصادية عليها من قبل الولايات المتحدة الأميركية والدول الأوروبية، حيث احتلت إيران المرتبة الخامسة من حيث صادرات النفط الخام مقابل المرتبة الثالثة في العام 2010.

تأثير العقوبات

على رغم احتلال إيران المرتبة الثانية في العالم من ناحية أكبر احتياطات الغاز الطبيعي، إلّا أنّ القطاع هو قطاع شبه بدائي ويُلبّي بالدرجة الأولى الطلب الداخلي. لكن هذا الواقع لم يمنعه من النمو الملحوظ في السنين العشرة الأخيرة بسبب ارتقاع الإستهلاك المحلي (59% من الإستهلاك الحراري في إيران مقابل 39% للنفط).

وكان للعقوبات الدولية الأثر الكبير في تحديد هيكلية الإستهلاك الداخلي الإيراني، حيث أنّ منع إيران من التصدير ومنعها من استيراد المواد النفطية المكررة، أدّى إلى الإكتفاء الذاتي الإيراني، ولكن في الوقت نفسه أوقف الكثير من المشاريع التي افتقدت إلى التمويل.

تتمتّع إيران بموقع جغرافي مهم جعلها من أكثر المؤثرين في تجارة النفط، إذ إنّ مضيق هرمز والذي تمر عبره 35% من تجارة النفط المنقولة، 20% من تجارة النفط العالمية، 17 مليون برميل نفط في اليوم، يتواجد في حضن البعد الإيراني، ما جَعله، وعلى مدى طول الأزمة الإيرانية مع الغرب، محط أنظار الأسواق المالية. وأصبح معه سعر النفط مرتبطاً بشكل رئيسي بالوضع الأمني في منطقة الخليج العربي. هذا الارتباط منبثق بشكل رئيسي من اعتماد الدول الخليجية على هذا المضيق لتصدير النفط والغاز.

على سبيل المثال، تُصدّر قطر 2 تريليون قدم مكعب من الغاز سنوياً عبر هذا المضيق، أي ما يُضاهي 20% من التجارة العالمية للغاز الطبيعي المُسال. كما أنّ الكويت تستورد كميات من الغاز الطبيعي المُسال التي تسافر شمالاً عبر مضيق هرمز (حوالى 100 مليار قدم مكعب في عام 2010).

الإحتياطي الإيراني

يبلغ الإحتياطي الإيراني المؤكد من النفط 154 مليار برميل (9% من الإحتياطي العالمي)، ويتواجد أكثر من نصف هذا الإحتياطي في خمسة حقول كبيرة، أهمها حقل مارون الذي يحتوي على 22 مليار برميل من النفط، أهواز 18 مليار برميل، وآغاجاري 17 مليار برميل. و80% من هذا الإحتياط يقع جنوب غرب البلاد قرب الحدود العراقية، ما يُفسّر إلى حد كبير الدوافع للحرب العراقية الإيرانية في ثمانينات القرن الماضي.

ويقع قسم من هذا الإحتياطي في بحر قزوين، أي ما يوازي 100 مليون برميل. لكن ضعف الإستثمارات في هذا القطاع أدّت إلى استنزاف الطاقة الإنتاجية بسبب معدلات التراجع العالية لآبارها (12%) وانخفاض معدلات الإسترداد الفعلي التقني (27%).

قانون النفط الإيراني

يُشرف على قطاع الطاقة المجلس الأعلى للطاقة، والذي تأسس في العام 2001 ويرأسه الرئيس الإيراني شخصياً، ويضم المجلس وزراء البترول والاقتصاد والتجارة والزراعة والمناجم والصناعة وغيرهم. والشركة الوطنية الايرانية للنفط، المملوكة من الدولة، هي المسؤولة عن جميع المشاريع النفطية التي تشمل البنية التحتية للإنتاج والتصدير، كما تسيطر هذه الشركة على صناعة التكرير والتوزيع المحلي. ويُحظّر الدستور الإيراني الملكية الأجنبية أو الخاصة للموارد الطبيعية، كما يُحظّر جميع اتفاقات تقاسم الانتاج بموجب القانون الإيراني.

في المقابل، يسمح القانون للحكومة أن توقّع عقوداً مع الشركات النفطية العالمية الكبرى للتنقيب والتطوير من خلال إحدى الشركات الإيرانية التابعة للشركات العالمية. ويتم دفع المستحقات للشركات عبر الخصم من عائدات مبيعات النفط والغاز، والتي وبحسب الطاقة العالمية، تتراوح بين 12 و17 في المئة مع فترة استرداد خمس إلى سبع سنوات.

حاجة متبادلة للإستثمارات

تغطي خطة ايران الإنمائية الخماسية الفترة ما بين 2010-2015، وهي تنصّ على زيادة قدرة الإنتاج للنفط الخام الى 5 ملايين برميل في النهار في عام 2015. وتحدّد هذه الخطة إضافة إلى ذلك، حاجة استثمارية تُقدّر بـ 35 مليار دولار سنوياً في كل من قطاع النفط والغاز الطبيعي. وتوقعت الخطة أن تأتي هذه الأموال في معظمها من المستثمرين الأجانب بموجب عقود إعادة الشراء. لكن العقوبات المفروضة على إيران لم تسمح حتى الساعة إلّا باستثمار نحو 10 مليار دولار.

ومع نجاح المحادثات الإيرانية مع مجموعة 5+1 والإتفاق الأخير على النووي الإيراني، ودخول هذا الإتفاق حيّز التنفيذ في نهاية الخمسة أشهر القادمة، ترى الشركات النفطية العالمية أن من مصلحتها بدء المحادثات مع المسؤولين في طهران بغية التحضير لعقود استثمارية في قطاعي النفط والغاز الطبيعي.

ومن هذا المنطلق قامت بلدان غربية عديدة بإرسال وفود اقتصادية إلى طهران بُغية التشاور على حاجات إيران الإستثمارية. ومن بين هذه الوفود رجال أعمال من فرنسا (107 أشخاص!) وإيطاليا والنمسا الولايات المتحدة الأميركية وغيرها. وهذا إذا ما دلّ على شيء، انما يدلّ على أهمية السوق الإيراني بالنسبة للشركات النفطية العالمية، كشركات كونوكو، شيفرون، إكسون موبيل واناداركو، من ناحية حجمه ومن ناحية الربحية المنتظرة.

من هنا، يُطرح السؤال حول إذا ما كان الإهتمام الغربي بإيران هو اقتصادي بحت أو ناتج عن السياسة الإصلاحية والإنفتاحية للرئيس الإيراني حسن روحاني؟ الجواب ليس بالسهل، لكن يُمكن القول إنّ السياسية الإيرانية الجديدة المبنية على الانفتاح، قيّمت وبشكل دقيق الفوائد الناتجة عن الخضوع للضغوطات العالمية مع حفظ حقها بالطاقة النووية السلمية. هذا الخضوع ليس بانكسار بل هو نتيجة "التحييك" المشهورة به إيران ونتيجة جهود الرئيس روحاني، والذي عمد إلى تغيير كل الطاقم القديم الذي كان يدير قطاع النفط في إيران.

تداعيات إقتصادية على لبنان

نرى أن الإنفتاح الغربي-الإيراني المُتبادَل هو انفتاح مصالح قبل كل شيء وسيطال الساحة اللبنانية من دون أدنى شك. وسيتمثّل هذا الإنفتاح مع لبنان بزيادة التبادلات التجارية، وخصوصاً المصرفية، حيث سيشهد لبنان توافد رؤوس أموال إيرانية إلى المصارف والشركات المالية اللبنانية بهدف الإستثمار في الأسواق العالمية.

كما نعتقد أن من المهم الإستفادة من الفرصة الحالية لتوقيع عقد مع إيران لبناء محطات كهربائية وزيادة التعاون في مجال الطاقة، خصوصاً أنّ استخراج الغاز في لبنان لن يكون قبل 10 أعوام.

رأیکم