10 سنوات والهجمات تستهدف المسلمين بالغرب.. هل هو إرهاب موجّه؟

وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء

رمز الخبر: ۳۸۳۴۷
تأريخ النشر:  ۱۱:۴۶  - الأَحَد  ۱۷  ‫مارس‬  ۲۰۱۹ 
الجريمة الإرهابية التي هزّت العالم باستهداف مسجدين في نيوزيلندا، في صلاة الجمعة (15 مارس الجاري)، التي راح ضحيتها نحو 100 بين قتيل وجريح، ليست عملاً فردياً أو حادثةً عرضية؛ فكل الوقائع والقرائن تدل على أنها جريمة ارتُكبت مع سبق الإصرار والترصد وبتخطيط محكم.

10 سنوات والهجمات تستهدف المسلمين بالغرب.. هل هو إرهاب موجّه؟طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء - المجزرة وقعت في سياق سلسلة جرائم استهدفت المسلمين في الغرب؛ حيث شهد العقد الماضي ارتفاع وتيرة خطاب الكراهية الذي انعكس على شكل استهداف للمسلمين في مساجدهم وشعائرهم وحياتهم.

غير أن غياب تلك الهجمات المتتابعة عن الرأي العام العالمي مردّه إلى تركيز الإعلام الغربي على "الإرهاب" الذي تمارسه أقليات مسلّحة محسوبة على الإسلام؛ مثل تنظيمي "داعش" و"القاعدة" ومن على نهجهما، وتغاضيهم عن "الإرهاب" اليميني المتطرف الذي يتعزز في أوروبا وأمريكا وينمو يوماً بعد آخر.

المسلمون بمرمى نار التطرف
وبالعودة إلى ما نُشر في وسائل الإعلام الغربية، في السنوات العشر الماضية، وجد "الخليج أونلاين" أن حجم الجرائم الإرهابية وصل إلى مئات الحوادث، وهي عبارة عن جرائم كراهية موثّقة لدى الأجهزة الأمنية، وبعضها وصل إلى القضاء، في مقابل مئات الحوادث التي لم يبلَّغ عنها ولم تصل إلى أجهزة الشرطة.

ففي العام الماضي، انتشرت في بريطانيا دعوة من خلال رسائل وصلت إلى المواطنين تحثّهم على التخلص من المسلمين، في إطار حملة دعت لاتخاذ يوم 3 أبريل موعداً لانطلاقها بشكل متزامن، وتضمّنت توجيهاً بأن تكون هذه الأعمال على شكل ضرب مباشر أو رمي المسلم بالأحماض الحارقة، أو تفجير مسجد.

اللافت للانتباه أن الدعوة مجهولة المصدر انتشرت بسرعة، وانتقلت عبر وسائل التواصل الاجتماعي إلى أوروبا كلها، ووصلت إلى أمريكا، حيث تبنّتها الحركات العنصرية واعتبرتها نوعاً من التضامن العالمي ضد المسلمين، والغريب أن الدعوة مرّت دون أن تترك أثراً في الإعلام العالمي، وتم تناقلها كخبر من الأخبار اليومية.

وعند تتبّع الوقائع نجد أن هذه الدعوة أتت في إطار تتابعي لصعود خطاب الكراهية ضد الإسلام في الغرب.

إذ وثقت السلطات الألمانية نحو ألف هجوم على المسلمين والمساجد، عام 2017، وبحسب بيانات قدمتها وزارة الداخلية الألمانية للبرلمان فإن 33 شخصاً أصيبوا في تلك الهجمات.

وذكرت أن 60 هجوماً استهدفت المساجد ونُفّذ بعضها بدماء الخنازير، وأظهرت البيانات أيضاً أن كل مرتكبي تلك الهجمات من المتطرفين اليمينيين.

وفي إسبانيا وثّقت "منصة المواطنة الإسبانية حول الإسلاموفوبيا"، وهي منظمة حقوقية، أكثر من 500 اعتداء بحق المسلمين في العام نفسه.

ووُثق في تقرير حوادث حصلت بالشوارع والإعلام وحملات الإنترنت من قبل مجموعات يمينية متطرفة، وأشارت إلى أن 386 حادثة من مجموع 546 حادثة مرتبطة بالإسلاموفوبيا في 2017 وقعت عبر منصات إعلامية أو مواقع الإنترنت.

وشهدت مدينة كيبيك الكندية، أواخر يناير 2017، هجوماً دموياً قُتل فيه 6 أشخاص وأُصيب 8، حين أطلق عليهم الرصاص وهم يؤدّون صلاة العشاء في المركز الثقافي الإسلامي بالمدينة.

وفي 28 يناير 2017، أحرق متطرفون مبنى مسجد في بلدة فيكتوريا التابعة لمدينة هيوستن بولاية تكساس الأمريكية، أتت على معظم البناية، في أعقاب قرارات أصدرها الرئيس دونالد ترامب، تستهدف المسلمين واللاجئين.

وفي 1 ديسمبر 2016، أعلن مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (كير) أن "المسجد الكريم" في ولايات رود آيلاند، وخمسة مساجد في ولاية كاليفورنيا، تلقّت خطابات تهديد وصفت المسلمين بأنهم "حقراء وقذرون".

وفي سبتمبر من نفس العام، أُحرق المركز الإسلامي بمنطقة فورت بيرس في مدينة أورلاندو الأمريكية، وفي 13 أغسطس، قُتل إمام مسجد الفرقان هو ومرافقه وهما خارجان من المسجد بعد صلاة الظهر، بإطلاق نار في منطقة كوينز بولاية نيويورك.

وفي ألمانيا فجّر متطرفون عبوة ناسفة، في 28 سبتمبر 2016، بمسجد مدينة دريسدن شرقي البلاد.

وشهدت فرنسا أعنف الهجمات ضد المسلمين عام 2015؛ حيث هاجمت مجموعة كبيرة من الأشخاص، في ديسمبر، مصلى للمسلمين داخل حي شعبي في أجاكسيو بجزيرة كورسيكا، وقاموا بتخريبه وإحراق المصاحف التي فيه، وكتبوا عبارات معادية للمسلمين.

بالإضافة إلى هذا تعرّضت ثلاثة مساجد لاعتداءات في يناير، في ثلاث مدن فرنسية؛ حيث ألقيت ثلاث قنابل يدوية صوتية على مسجد بمدينة لو مان غربي باريس، بينما أُطلقت رصاصتان على قاعة صلاة للمسلمين في بور لا نوفيل جنوبيها، ووقع اعتداء ثالث في فيل فرنش.

وفي هولندا احتلت مجموعة متطرفين تطلق على نفسها "حماة الهوية" مسجد الفتح في مدينة دوردريخت، ورفعت عليه أعلاماً ولافتات معادية للإسلام والمسلمين.

وفي السويد تعرض مسجد في مدينة أوبسالا شمال العاصمة استوكهولم لهجوم بعبوة مولوتوف أحرقته، وكتب المهاجمون المتطرفون عبارات عنصرية وصفتها الشرطة بالـ"قبيحة".

أيضاً تعرض مسجدان في بلدتي إسلوف جنوبي السويد، ومسجد بمدينة إسكلستونا (وسط) للإحراق، في 25 و29 ديسمبر 2014، ما أدى إلى اشتعال حريق كبير وإصابة 5 أشخاص.

الاعتداء على المساجد
وفي أغسطس 2013، رسم مجهولون الصليب المعقوف المرتبط بالنازية على جدران ونوافذ مسجد قيد الإنشاء في مدينة ريديتش بمقاطعة ورشسترشاير في بريطانيا، وكتبوا أيضاً عبارات عنصرية وأسماء جماعات يمينية متطرفة، من بينها "رابطة الدفاع الإنجليزية".

وأخلت الشرطة البريطانية 40 منزلاً من سكانها بعد العثور على عبوة ناسفة داخل مسجد في مدينة والسول، بمقاطعة ميدلاندز الغربية، وأُحرق مركز إسلامي يُستخدم مسجداً في ضاحية مازويل هيل شمال لندن.

في عام 2012، دمّر حريق هائل مسجداً بالكامل في مدينة جوبلين بولاية ميسوري الأمريكية، قبل ساعة من صلاة الفجر.

واقتحم اليميني المتطرف راندولف لين مسجداً في مدينة توليدو بولاية أوهايو، وأطلق النار من مسدسه وأحرق المسجد.

وبالتزامن أُحرق مسجد بحي أندرلخت في العاصمة البلجيكية بروكسل بإلقاء زجاجات مولوتوف داخله، ما أسفر عن مقتل إمام المسجد مختنقاً بدخان الحريق.

عام 2011 لم يخلُ من حوادث الكراهية؛ حيث أحرقت مجموعة فرنسية تحمل اسم "لي زيشابي بيل"، في نوفمبر، مسجداً في منطقة مونبليار شرقي فرنسا.

وأحرق متطرفون، في أغسطس 2010، موقعاً لبناء مركز إسلامي بمدينة ميرفيسبورو، بمقاطعة روثرفورد بولاية تينيسي جنوب شرقي أمريكا، وأطلق مسلحون النار على مسجد أيا صوفيا في العاصمة الهولندية أمستردام.

صعود اليمين يغذي الإرهاب
تنامي العداء للمسلمين في الغرب جاء متزامناً مع صعود التيارات اليمينية المتطرفة التي تعادي كل ما هو أجنبي وغير مسيحي، هذا ما أكده سمير فالح، رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا.

فالح دعا في تصريح خصّ به "الخليج أونلاين"، في وقت سابق تعليقاً على هجمات نيوزيلندا، أصحاب القرار والتأثير في بلدان العالم وأوروبا إلى الاعتبار من هذا الحادث، الذي ما هو إلا "ثمرة ونتيجة لتصاعد حملات التحريض والإسلاموفوبيا ضد المسلمين، التي يتزعمها اليمين المتطرف".

وأشار إلى أنه لطالما كان هناك تحذير من صعود هذا التيار (اليمين المتطرف)، على أثر حملاته وترويج الكراهية التي يطلقها عبر منابره الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي، مبيناً أن "هناك أناساً تتكلم (شخصيات سياسية) وأخرى في الميدان تطبّق، ويخرج هذا التطبيق بكل هذه البشاعة وهذه الدموية".

من جهته يرى محمد ناصر الحسني، الناشط الحقوقي في مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (كير)، أن هناك طفرة في انتشار المنظمات المتطرفة في الولايات المتحدة وأوروبا، حيث باتت أكثر عدداً وحضوراً وفاعلية وتأثيراً من التنظيمات المتطرفة الموجودة في العالم الإسلامي.

وأضاف الحسني في حديثه لـ"الخليج أونلاين": إن "الاتجاهات اليمينية المسيحية الاستئصالية المتطرفة أصبحت تجاهر بمعاداة المسلمين وتدعو لحرق القرآن الكريم جهاراً نهاراً، كما فعل القس الأمريكي المتطرف تيري جونز".

وتابع: "في أمريكا اليوم أصبحت هذه الجماعات ذات نفوذ، وتأثيراتها أصبحت واضحة في قرارات المحافظين الجدد الذين يمثلهم ترامب، ففي عهده أصبحت هذه المجموعات جزءاً من مطبخ القرار السياسي الاستراتيجي للولايات المتحدة".

واسترسل المحامي الأمريكي من أصل مغربي في حديثه قائلاً: إن "الأمر ذاته نجده في أوروبا، فهنالك العشرات من تلك المنظمات والتجمعات اليمينية المسيحية التي تعادي المهاجرين، والمسلمين منهم على وجه الخصوص؛ فهم يعتبرون أن الأجانب المهاجرين من أسباب تفاقم أزمات المجتمعات الأوروبية، كالبطالة وتدنّي مستويات الرخاء".

وأكد أن "الأحزاب اليمينية المتطرفة المتشددة عكست الكراهية في برامجها السياسية، وفي شعاراتها الانتخابية التي رفعتها لكسب أصوات الناخبين، وقد تسبّب ذلك في إنشاء جو تحريضي عنصري زرع بذور التطرف في المجتمع وفي قطاعات الشباب على وجه الخصوص، وما أعمال الإرهاب التي تتوالى ضد المسلمين إلا ثمرة من ثمار هذا الخطاب".

انتهی/

الكلمات الرئيسة
رأیکم