هـي الحـرب إذن.. لكن في الشرق الأوسط فقط - احمد الشرقاوي

وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء

رمز الخبر: ۳۹۴۲
تأريخ النشر:  ۲۳:۵۳  - الثلاثاء  ۲۵  ‫فبرایر‬  ۲۰۱۴ 
وكالة (نادي المراسلين) العالمية للأنباء :
انكشفت خيوط المؤامرة الأمريكية الصهيونية على روسيا والتي تجاوزت رفض القبول بها كلاعب دولي من خلال البوابة السورية، ليتم تفجير فوضى من النوع الخلاق في أوكرانيا، بدعوى تحريرها من الهيمنة الروسية وجرها إلى الحضن الأوروبي الدافىء، ومن ثم البدأ بتنفيذ مخطط إشعال روسيا الإتحادية من الداخل.
وفقا لما اوردته وكالة (نادي المراسلين) العالمية للأنباء ما يتجنبه الإعلام الغربي حتى الآن هو حقيقة ما يجري ويدور من مؤامرة خبيثة تقودها المخابرات الأمريكية والصهيونية والغربية في أوكرانيا، التي يعتبر 45% من سكانها من الروس، وأن من قام بإشعال الفوضى وإحتلال المؤسسات الحكومية وإحراقها، ونهب وسلب دور الآثار ومقدرات الشعب وأفستيلاء على السلطة بطريقة غير شرعية، هي ميليشيات من النازيين والفاشيين الجدد والمجرمين والمرتزقة الذين يشكلون أقلية، تم تجنيدها لقلب النظام في هذا البلد الذي يكتسي أهمية إستراتيجية خطيرة بالنسبة لروسيا، حيث يمر منه الغاز عماد الإقفتصاد الروسي إلى أوروبا، وحيث يوجد به أسطول البحر الأسود الروسي، كما وأن به العديد من المجمعات الصناعية المدنية والعسكرية الروسية، ما يجعل اللعب هذه المرة في البوابة الروسية يكتسي خطرا كبيرا، سوف لن يمر دون رد روسي قاسي، وقاسي جدا، خصوصا وأنهم هذه المرة استغلوا فرصة إنشغال ‘بوتين’ بإنجاح الألعاب الأولمبية الشتوية التي كلفت بلاده 50 مليار دولار، لينفذوا مؤامرتهم الدنيئة في الساحة الأكثر إلاما لموسكو.

ولعل ما أكد للمراقبين أن ما يجري في أكرانيا هي مؤامرة أمريكية – إسرائيلية – أوروبية، ولا علاقة لها بحرية ولا ديمقراطية، هو ظهور فيلسوف الناتو المتخصص في الثورات العربية، الصهيوني ‘برنار هنري ليفي’ وهو يلقي كلمة في حشد من "المعارضة” بكييف، حدثهم من خلالها عن روعة الحرية في الحضن الغربي، وعن لذة العيش ورغد الحياة في حضيرة الإتحاد الأوروبي، وأنه من دون أوكرانيا لن تكتمل الوحدة الأوروبية، وأنه آن الأوان للتخلص من الهيمنة الروسية التي تعيق تقدم وإزدهار الشعب الأوكراني، وإستبدال الإديولوجية الإشتراكية بالإديولوجية الليبرالية الجديدة، وهو ما قامت بتنفيذه الحكومة الإنقلابية بسرعة، حيث ألغت رسميا اللغة الروسية، وأصدرت مذكرة إعتقال بحق الرئيس الأوكراني المعزول، وطالبت الغرب بتقديم مساعدات إقتصادية لإكرانيا والقبول بإلحاقها بالإتحاد الأوروبي دون تأخير.

كما أن ظهور علم "المعارضة” السورية وسط ساحة التظاهر في كييف قبل يومين، كانت رسالة أمريكية واضحة فهمها الروسي بأنها تعني "أكرانيا مقابل سورية”، وكان الرئيس ‘بوتين’ قد تحدث عن نية الولايات المتحدة الضغط على روسيا في أوكرانيا الحساسة بالنسبة لأمنها القومي، لترغمها على تقديم تنازلات في سورية تشمل رأس الدولة ومؤسسة الجيش والحكومة.

هذا الأمر، رفضته روسيا بشدة، وأكدت للأمريكي أنها اليوم وأكثر من أي وقت مضى، تدعم الرئيس ‘بشار الأسد’ شخصيا، بإعتباره حليفا قويا و وفيا لروسيا، وأن مصداقية روسيا ودورها ومكانتها في العالم تصنع اليوم في أتون الجحيم السوري.. ما يقتضي تغيير قواعد اللعبة القديمة وخطوطها الحمراء، وإستبدالها بأوراق جديدة تصنعها موازين القوى في ساحات منطقة الشرق الأوسط التي تحولت كلها إلى منطقة صراع وتفجير، ولن تكون إسرائيل والأردن والسعودية في منأى عن النار التي أعدت للمتآمرين.

فجأة، خرجت مساعدة الرئيس الامريكي للامن القومي ‘سوزان رايس’ لإعطاء روسيا نصائح بشأن أوكرانيا، قائلة أن "إدخال القوات الروسية إلى أكرانيا لإفشال الثورة سيكون خطأ كبيرا”، وهو ما ردت عليه الخارجية الروسية بالقول: "على مستشارة الأمن القومي الأمريكي أن توفر نصائحها للقيادة الامريكية التي تصر دائما على استعمال القوة من خلال إدخال القوات الأمريكية إلى العديد من النقاط في العالم ولمرات عديدة، سواء لفرض الأنموذج الديموقراطي الأمريكي أو لتصويب المسار حتى لا تخرج بعض الأنظمة عن السيطرة”.

هذا التطور الخطير، يؤشر إلى أن موسكو تستعد بعد إنتهاء الأولمبيات الشتوية، لرد الصفعة صفعتين لأمريكا وحلفائها، سواء في أوكرانيا وفي سورية ومنطقة الشرق الأوسط، لأن ما حدث في أوكرانيا، يعتبر على المستوى المحلي مقدمة لحرب أهلية ستنتهي بتدخل عسكري روسي لإعادة الوضع إلى سابق عهده لا محالة، لأن روسيا في غير الوارد أن تساوم على أمنها القومي. أما على المستوى الدولي، فهو عنوان بارز لإنطلاق حرب باردة محمومة جديدة بين أمريكا وروسيا، قد تتطور إلى حروب عدة بالوكالة في مناطق مختلفة من العالم، أولها منطقة الشرق الأوسط المرشحة أكثر من غيرها إلى إنفجارات دامية تبدو حتمية في المدى المنظور.. مصداقا لمقولة: (حين تتصارع الفيلة، وحده العشب يدفع الثمن).

هذه ليست المرة الأولى التي تعمل فيها إسرائيل كرأس حربة لنحر روسيا، فقد سبق وأن شاركت قوات من المخابرات والجيش الصهيوني في تسعير الأزمة التي عرفتها جورجيا حين دخلت قواتها في نزاع مسلح مع روسيا سنة 2008، وتبين أن اليهود الصهاينة لعبوا دورا خبيثا ضد روسيا، سواء في الجانب الإستخباري من خلال التحريض بمعية المخابرات الأمريكية والأطلسية، أو الجانب العسكري من خلال مشاركة خبراء صهاينة في تدريب الجيش الجورجي، ومشاركة قوات جوية وصاروخية إسرائيلية بشكل مموه في الحرب على القوات الروسية.

مـــاذا يُطبـــخ لمنطقـــة "الشـــرق الأوســـط”؟
الصحافة الإسرائيلية والغربية الصادرة أمس الأحد، أكدت أن الرئيس الروسي ‘فلاديمير بوتين’، عاد إلى دعم النظام السوري بالأسلحة والضباط والمستشارين الروس من أجل منع سقوط سوريا. ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت” عن دبلوماسيين غربيين في موسكو قولهم إن عشرات الضباط والخبراء من الجيش الروسي وصلوا إلى سوريا في الأسابيع الأخيرة واندمجوا في القتال إلى جانب الجيش السوري ضد قوات المتمردين. وللإشارة، فهذه أول مرة يشارك فيها الجيش الروسي من خلال قوات النخبة بشكل مباشر في الحرب على الإرهاب في الساحة السورية، ما يؤشر إلى أن موسكو إتخذت قرارا بسحق الإرهاب في سورية في أقرب وقت ممكن.

ووفقا لمعلومات متقاطعة مع ما أوردته الصحيفة الإسرائيلية، فإن بين الضباط الروس الذين وصلوا إلى سوريا مؤخرا، ضباط من أعلى الرتب العسكرية الذين أصبحوا مستشارين مهنيين لرئيس أركان الجيش العربي السوري والضباط الأعضاء في هيئة الأركان العامة للجيش. ويعمل ضباط روس آخرون كمستشارين مهنيين لقادة الوحدات الميدانية السورية، وفي موازاة ذلك زاد الروس بشكل كبير من المساعدة التي يقدمونها لدمشق في المجالات اللوجيستية والاستخباراتية والسلاح.

وقد رصدت تقارير إستخباراتية غربية حركة نشطة للطيران الروسي الذي يحط صباح مساء في المطارات السورية محملا بشتى أنواع الأسلحة والذخائر بكميات وصفت بالضخمة، بالإضافة لسفن الشحن الروسية التي ترسي كل أسبوع في ميناء طرطوس محملة بالصواريخ والدبابات والأسلحة الثقيلة والمعدات العسكرية المختلفة، ما يوحي بأن روسيا تحصن حليفها ‘الأسد’ ضد عدوان أصبح أكثر من محتمل على دمشق، وتحضر لتوسيع شعاع الحرب ليشمل دولا بعينها في المنطقة، الأمر الذي جعل بعض االمراقبين لا يستبعدون أن تتطور الأمور بسرعة إلى حرب إقليمية تطال الأردن وإسرائيل والسعودية في مرحلتها الأولى.

خصوصا وأن روسيا قررت فجأة تقوية المجموعة العملياتية الدائمة في شرقي البحر الأبيض المتوسط، والتي تعمل اليوم بقوام 12 سفينة حربية وبوارج دعم من الأسطول الحربي الروسي بما في ذلك الطراد الصاروخي النووي الثقيل ‘بطرس الأكبر’ والطراد الثقيل الحامل للطائرات، بحيث سيتم تعزيزها بغواصات نووية من بينها غواصة حديثة مرعبة تو وضعها لأول مرة في الخدمة قبل شهر تقريبا، بالإضافة لطراد وسفن حربية أخرى. وهذا يعزز من إحتمال أن تكون روسيا بصدد التحضير لمواجهة كبرى بالوكالة سيكون مسرحها الشرق الأوسط، وليس سورية فقط لإفشال المخطط الأمريكي والصهيو – وهابي في المنطقة.

ولعل ما يدعم هذا المعطى، هو إعلان إسرائيل عن قارها لإقامة ما أسمته بـ "جدار طيب” في الجنوب السوري، يحمي عبره مسلحو المعارضة السورية "الجيش الحر” الكيان من الجبهة السورية. خصوصا بعد ما أوردته صحيفة "معاريف” العبرية اليوم الإثنين، نقلا عن موقع "Global research”، الذي كشف أن ‘عبد الله البشير’ القائد الجديد لـ”الجيش الحر” قد تم إعدادة وتدريبه عسكريا في دولة الاحتلال الإسرائيلي. وكانت إسرائيل قد أعلنت عن وفاته أثناء تلقيه العلاج بأحد مستشفياتها العام الماضي، وقالت أنه دفن بدرعا للتمويه على عملية وجوده وتدريبه في الكيان الصهيوني كل هذا الوقت.

كما أن إعلان القيادة العسكرية الصهيونية عن إنشاء فرقة جديدة كاملة تم وضعها في الجولان وإجراء تداريب عسكرية مكثفة في المنطقة، يعتبر مؤشرا جديا لإحتمال قيام مواجهة عسكرية سورية إسرائيلية من بوابة الجولان تحديدا، حيث يعتزم الرئيس ‘بشار الأسد’ إعلان بدأ مقاومة تحرير الجولان بالتزامن مع إنطلاق "غزوة إسقاط دمشق” وفق ما يعتقد. وترابط اليوم في المنطقة الجنوبية 5 فرق عسكرية سورية لم تشارك في الحرب على الإرهاب، مدربة ومسلحة بشكل جيد، وجاهزة للحرب ضد الكيان الصهيوني بجانب فصائل المقاومة التي يتوقع أنها ستدخل إلى عمق الجولان والجليل الأعلى كما وعد سيد المقاومة ذات خطاب.

ويبدو أن مثل هذا السيناريو لم يعد يثير قلق أمريكا وحلفائها، خصوصا السعودية وإسرائيل المتعطشين للتغيير في سورية ولبنان مهما كلف الأمر من دماء وخراب، ويعتبران أن الظرفية الحالية في المنطقة، وإنقسام الشارع العربي بسبب ما افرزه الربيع العربي من مفاهيم ونتائج كارثية، ودخول الإرهاب معادلة الصراع ضد محور الممانعة والمقاومة، تعتبر فرصة لا تعوض لحسم الحرب مع هذا المحور المعادي لإسرائيل والسعودية والمتمرد على الهيمنة الأمريكية في المنطقة. لهذا، تم التركيز في إجتماع واشنطن الأخير بشأن الإستراتيجيا الجديدة في سورية، على عدم تجاوز الحرب حدود الشرق الأوسط فقط، كي أن تتطور إلى حرب عالمية محتملة.

لكن، ما مصلحة أمريكا وإسرائيل ومعهم السعودية وتركيا وقطر في تنفيذ سيناريو لفوضى عارمة تشمل كل المنطقة، إن لم يكن لتنزيل خطة "الترنسفير” على الأرض لإسقاط حق العودة، والتأسيس لحل نهائي ينتج عنه تصفية القضية الفلسطينية.. هذه الفوضى هي التي يفترض أن تغير من موازين القوى على الأرض وتمهد في نفس الوقت لفرض حل القضية الفلسطينية الإسرائيلية بشكل جذري ووجعله على رأس أجندة المفاوضات المقبلة مع إيران وروسيا، قبل أي حل في سورية ولبنان.

هناك إذن رغبة قوية وإستعداد جدي من قبل الولايات المتحدة وشركائها الأوروبيين (فرنسا وبريطانيا)، وحيلفتها إسرائيل، وأدواتها السعودية والأردن وتركيا وقطر، للقبول بتداعيات حرب إقليمية بالوكالة على مستوى الشرق الأوسط برمته، هذا ما كشفته صحيفة الـ”واشنطن بوسط” أمس الأحد، عن بعض ما دار بين حلف المؤامرة الذي إجتمع على مستوى رجال المخابرات بمشاركة تركيا وقطر والسعودية وفرنسا وامريكا في واشنطن الأسبوع المنصرم، حيث تم الاتفاق على مخطط إسقاط دمشق الجديد، ومشروع زيادة شحنات السلاح، وتدريب المعارضين الذين يتم تحضيرهم في قواعد عسكرية بالأردن وتركيا، بل وفي باكستان أيضا، والاستفادة من انقسام الجماعات الإرهابية بتعزيز الدعم لمن أسموهم بـ”المعتدلين” كالجبهة الإسلامية والجيش الحر، وهو المخطط الذي قد يأخذ بعض الوقت في إنتظار الإنتهاء من الإعداد لما أسمته الرياض بـ”الغزوة الأخيرة على دمشق” أو ما قالت عنه مصادر أخرى، بأن إسم المخطط الجديد هو "السهـــم”، الذي سينطلق من الأردن مباشرة إلى دمشق ليخترق قلب العروبة النابض، فيصاب بذبحة قلبية تموت على إثرها العروبة كثقافة وحلم ورهان إلى الأبد.

وخلاصة ما تسرب عن إجتماع واشنطن حتى الآن، أن المعسكر الغربي والعربي والتركي أيضا، يرفضون التنازل لروسيا وإيران عن سورية دون أثمان، وأن الظرفية الحالية لا تسمح بعقد مؤتمر تسوية سياسية، ما دامت موازين القوى في الساحة السورية هي لصالح النظام، الذي من حقه أن يرفض أية تسوية لا تناسبه، وبالتالي، فالمطلوب هو تغيير معادلة القوة والسيطرة وفق إستراتيجية موحدة، بخلاف ما كان عليه الحال من قبل بسبب الصراع السعودي القطري، ثم السعودي التركي، الأمر الذي انعكس سلبا على وحدة القيادة والتنسيق، فأفشل الحرب على سورية.

اليوم عاد التحالف الأميركي – السعودي الى سابق عهده بعد خلافات جدية حول الملف الإيراني والسوري، والتزمت واشنطن بضمان أمن حلفائها، كما و وقعت السعودية إتفاقا أمنيا إستراتيجيا مع فرنسا قبل أيام، لتضاعف من حجم حماية نظام آل سعود من السقوط، وتم إستبدال بندر بالأمير نايف، الذي تكفل بمعية ولي العهد ‘متعب’ بتنفيذ إستراتيجية وقائية للحد من تداعيات عودة الإرهابيين إلى الداخل السعودي، والتنسيق العسكري في الحرب على سورية من البوابة الأردنية، بالإعتماد على "الجبهة الإسلامية” كقوة معارضة "معتدلة” وموحدة من جهة، و”الجيش الحر” الذي يتم إعادة إحيائه وتنظيمه من جديد من قبل أمريكا وإسرائيل، مع إستبعاد الإخوان المسلمين بالكامل من معادلة الصراع مثلهم في ذلك مثل "داعش” وأخواتها، باستثناء جبهة "النصرة” التي سيكون لها دور المعركة الجنوبية المقبلة بالإضافة لبعض العشائر الأردنية والسورية، في استنساخ لتجربة العشائر في العراق.

لأن أمريكا وفق ما يقول مراقبون، تريد هذه المرة أن تصوب بوصلة "الثورة” من خلال إسقاط معادلة الحرب على الإرهاب التي كسبها الرئيس ‘بشار’، بمعادلة جديدة تحت مسمى "المعارضة السورية المعتدلة”، والمتمردة بالسلاح على النظام، في محاولة لأعطائها شرعية مستحيلة، لأن المعارضة لا تبقى كذلك حين تتحول إلى حركة إرهابية ضد شعبها وجيشها ومؤسساتها المنتخبة ديموقراطيا، وتعمل بتعاون وتنسيق مع إسرائيل ضد وطنها.

الملك الأردني عاد من إجتماعه الحميمي المميز مع الرئيس ‘أوباما’ بمنتزعه بكاليفورنيا أكثر حماسة وثقة، حيث قال للإعلام الأردني، إن الزيارة كانت ناجحة جدا، خصوصا ما يتصل بالوضع الاقتصادي والتحديات التي "تواجهنا حكومة وشعبا”، مضيفا أنه لمس "تقديرا كبيرا خلال زيارة الولايات المتحدة لدور الأردن المهم إقليميا” وفق إعتقاده، مقدرا "دعم الإدارة الأمريكية للأردن ومساندتها له في مواجهة مختلف التحديات”. ما يعني أن الملك قرر المضي قدما في المخطط الأمريكي بعد أن تلقى ضمانات أمريكية بحماية عرشه من تداعيات الحرب المقبلة على سورية. لكن الحكومة الأردنية، لا تزال تنفي صحة ما يتحدث عنه الإعلام من مخطط لإسقاط دمشق إنطلاقا من الأردن، وتقول أنها "ملتزمة بحماية أمن الحدود الأردنية والسورية معا”.. لكن من يصدق الحكومة الأردنية التي تنفي بشكل رسمي نشاط تقوم به مخابرات النظام بشكل غير رسمي؟.

من المؤكد أن روسيا لن تسمح قطعا لهكذا مؤامرة أن تمر، لذلك قررت وضع تحت تصرف سورية "قدرات استخباراتية بحجم دولة عظمى”، في سابقة لم تحدث أثناء الحرب الباردة، وذلك لمحاربة الإرهابيين وإفشال أي مغامرة عسكرية تستهدف سورية التي يؤكد خبراء روس أنها أضحت بالنسبة للرئيس ‘بوتين’ على رأس أولويات الأمن القومي لبلاده، وأن موسكو مستعدة هذه المرة للذهاب بعيدا في الدفاع عنها، وفي هذا ‘بوتين’ لا يمزح.

لكن السؤال الذي يطرحه الجميع اليوم، هو: – ماذا أعد حلف المقاومة لمواجهة العدوان الجديد؟…

هل يؤدي الإنفجار إلى تغيير خارطة المنطقة؟
لا أحد يعلم سوى الله الذي يعلم السر وأخفى، ما الذي أعدته روسيا وإيران وسورية وحزب الله للمواجهة القادمة.. لا شيىء رشح عن هذا المحور حتى الآن، باستثناء معلومات شحيحة عن الإستعدادات الجارية للمواجهة الكبرى، ومعلومات عن عمليات عسكرية إستباقية في الحدود مع الأردن والجولان المحتل لتطهير المنطقة من عملاء إسرائيل، وأنباء عن تحرك أعداد كبيرة من مقاتلي "داعش” من الشمال حيث سيطروا بشكل كبير، في إتجاه الجنوب للمنافسة على النفوذ، ما يبشر بربيع ساخن بين الإرهابيين قد يخلط الأوراق في الجنوب وداخل الأردن نفسها معقل "جبهة النصرة” التي يشكل الأردنيون عمودها الفقري، خصوصا وأن هناك نشاطا كبيرا لتمرير السلاح من سورية إلى الداخل الأردني على الحدود، ما يؤشر لوجود خلايا أردنية نائمة مستعدة لقلب الطاولة في الداخل، فيما رأس الخيانة في عمان، يراهن على إقحام العشائر في منطقة الحدود في الحرب ضد سورية، كما راهن دائما على العشائر في الأنبار لإحراق العراق لحساب السعودية.

ولا يعرف إن كانت إستعدادات محور المقاومة تدخل في إطار خطة الدفاع عن دمشق أم المرور لخطة الهجوم ليذوق محور المؤامرة ما يذوقه محور المقاومة من معاناة شارفت على إستكمال عامها الثالث.. لكن، هناك شبه قناعة لدى المراقبين لتحركات روسيا ومحور المقاومة، أن هذه المرة لن تسلم الجرة، وأن ما بعد سقوط ‘كييف’ ليس كما قبلها، وأن وعد الرئيس ‘بوتين’ بتغيير خارطة الشرق الأوسط قد يكون أقرب للتنفيذ منه إلى الوعيد.

كما أن إنخراط تل أبيب في الحرب على روسيا، في جورجيا بالأمس وأوكرانيا اليوم، هو تهديد للأمنها القومي لا يمكن أن يمر مرور الكرام، وروسيا بحاجة اليوم أكثر من عام 2006 لتقول لسيد المقاومة حسن نصر الله ورجاله "شكرا.. لقد حولتم السلاح الروسي إلى مفخرة ورمز للجودة العالمية”، وليس أحسن من الجولان والساحة الفلسطينية هذه المرة، لتجريب السلاح الروسي الجديد في صدور الجنود الصهاينة، لأن إجهاض مخطط الفوضى الخلاقة لتمرير مشروع تصفية القضية الفلسطينية، يتطلب حكما إسقاط أوهام العدو الصهيوني على أسوار القدس الشريف.

أما السعودية راعية الإرهاب الدولي الذي مزق المنطقة وضرب روسيا ويستهدف أمن مواطنيها، فقد يكون الأوان قد حان لتذوق الرياض وبال شرها وتطاولها على الأمن القومي الروسي في آسيا والمنطقة.. لأن سورية تحولت اليوم إلى مسألة أمن قومي روسي، وسقوط دمشق يعني سقوط موسكو، وهذا لن يكون مهما كلف الأمر من أثمان و وقت.. والحقيقة أن لا أحد يعلم إن كان الرئيس ‘الأسد’ سيعلن بداية الجهاد لفتح مكة والمدينة وتحرير الحرمين الشريفية من قبضة الوهابية البغيضة، أم أنه سيكتفي بإرسال صواريخ تشرين لأداء العمرة أولا، قبل الإستعداد لموسم الحج القادم، للوقوف بعرفة في اليوم الأكبر للإنتصار والتحرير.

من الطبيعي أن يتكتم محور المقاومة عن خططه العسكرية المقبلة، هذا معلوم ومفهوم أيضا، وبالتالي، فكل من يدعي معرفة بما يخبأه محور المقاومة من مفاجآت قادمة إنما يزعم ما ليس له به علم. وعليه، فوحدها التقديرات المبنية على بعض المعلومات ونتائج تحليل الأوضاع السياسية والعسكرية الميدانية هي من تتصدر مانشيتات وسائل الإعلام هذه الأيام، وهناك من شكك بإمكانية حدوث الهجوم على دمشق من الأردن، وإعتبر الأمر مجرد تهويل وحرب نفسية، لكن صاحب هذا الطرح لم يقدم تعليلا موضوعيا يفسر الغاية من وراء هذا التهويل في غياب أي بديل لإسقاط النظام في دمشق. لأنه حتى في حال كان تهويلا، فإيران قد ردت عليه بتهويلات أكبر منه، وأعلنت إستعداد جيشها للمنازلة الكبرى مع أمريكا في الشرق الأوسط، وهي المنازلة التي يتحرق الشعب الإيراني لخوضها، لكسر كبرياء وجبروت الأمريكي في المنطقة.

ومهما يكن من أمر، فما تسرب من معلومات تتسم بنسبة معقولة من المصداقية، هو أن مخطط الهجوم على دمشق قائم على قدم وساق، وأن إجتماع كبار رجال المخابرات في واشنطن قبل أسبوع، وإجتماعات أخرى تمت على مستوى سياسي رفيع بين دول المؤامرة، تدارست مجموعة من السيناريوهات، بما في ذلك عودة الخيار العسكري الذي إقترحته فرنسا، من خلال شن هجمات بصواريخ كروز ضد المنشآت السورية. كما أن السعودية وحكومات خليجية أخرى أصروا طويلا على أن الضربات الجوية الأمريكية ليست بحاجة إلى ذريعة أكثر من استمرار الأسد في السلطة، هذا في الوقت الذي إقترحت فرنسا أن يتم ذلك من مدخل تماطل الرئيس في تسليم سلاحه الكيماوي (سلم حتى الآن 11% ويتوقع أن يصل هذا الرقم في متم الشهر الجاري إلى 20%). ويأتي هذا الطرح بعد أن سقطت ذريعة القرار الأممي تحت الفصل السابع من بوابة المساعدات الإنسانية.

هذا يعني، أن هناك تغيرا في السياسة الأمريكية للإنقلاب على الإتفاق المبدئي مع روسيا بشأن التسوية السياسية في سورية، وإستبداله بخيار عسكرة "الثورة” السورية، مع عدم إستبعاد الخيار العسكري في أي مرحلة مقبلة، وفقا لتطور الصراع في المنطقة.

هذا يعني أيضا، أنه ولأول مرة، حصل توافق بين أطراف المؤامرة (أمريكا، السعودية، إسرائيل، الأردن، تركيا، قطر)، على أن لا تتصرف كل دولة على حدة لدعم الفصائل المقاتلة على الأرض، وتشكيل قيادة جماعية لإدارة الحرب في سورية يكون مركزها بالأردن، إلى جانب معسكرات تدريب المقاتلين "المعتدلين”، ومخازن السلاح الذي يصل من أمريكا والغرب وباكستان والسعودية وغيرها، وحيث يوجد سرب من الطائرات من دون طيار التي ستعمل فوق سماء سورية بالإضافة لـ”الباتريوت” و "إف 16″ الأمريكية وآلاف الدبابات والعربات والمعدات العسكرية التي وضعتها السعودية رهن إشارة "الجيش الجديد” الذي سيخترق كالسهم دمشق قلب سورية، فيسقط النظام وتنهار الدولة ومؤسسة الجيش، وتنفجر في البلاد حرب أهلية على شاكلة ليبيا، فيتم تقسيمها بعد أن يذبح المتقاتلون بعضهم بعضا.. وبهذا المعنى، تحول الأردن إلى قاعدة عسكرية "أمريكية – إسرائيلية” لإدارة الخراب في سورية ولبنان والمنطقة.

معلومات أخرى، تحدثت عن رسالة بعث بها الرئيس ‘الأسد’ إلى عمان، ومؤداها، أنه في حال أصر الأردن على تنفيذ مخطط العدوان الجديد ضد سورية إنطلاقا من أراضيه، فإن سورية ستتخذ ما يلزم من إجراءات للدفاع عن نفسها، والدفاع هنا فهم منه أنه قد يشمل الأراضي الأردنية، وهي الشرارة التي قد تفجر المنطقة لا محالة. لذلك هناك نوع من التريث قبل إنطلاق العملية حتى لا يكون الفشل نصيبها، ما ينعكس فشلا ذريعا على أمريكا فينتقص من هيبتها ومكانتها.

فلنراقب ما الذي سيفعله الدب الروسي في أوكرانيا، لأنها تعتبر المرآة لمعرفة ما الذي يعتزم فعله ‘بوتين’ في سورية والشرق الأوسط، بعد أن سقطت الحدود، والشرعية الأممية والأخلاقية، وسقطت الخطوط الحمر، وكل قواعد لعبة الأمم القديمة، ولن توضع قواعد أخرى جديدة إلا من خلال موازين القوى في الساحات، تؤدي لعقد مؤتمر "يالطا 2″ جديد، ولا عودة لجنيف السوري بعد اليوم، لأن الظروف وموازين القوى تبدلت بالكامل في سورية، ولم تعد مشابهة للتي كانت قائمة زمن "حنيف 1″ سنة 2012.
رأیکم