جان كوم مؤسس الواتس آب كناس مهاجر أصبح مليارديرا

وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء

رمز الخبر: ۴۰۶۳
تأريخ النشر:  ۰۰:۰۳  - الأَحَد  ۱۶  ‫مارس‬  ۲۰۱۴ 
وكالة (نادي المراسلين) العالمية للأنباء :
حتى وقت قريب لم يكن جان كوم مؤسس شركة «واتس آب» وشريكه براين أكتون، معروفين على نطاق واسع. لكن بعد أن استحوذت «فيسبوك» على شركتهما تغيّر الوضع، أصبح كوم محل اهتمام العالم، كآخر أصحاب البلايين.
وفقا لما اوردته وكالة (نادي المراسلين) العالمية للأنباء بدأ جان كوم (أوكراني الأصل) الطفل الوحيد لمدير مشاريع البناء وربة منزل، في كتابة أول فصول الحكاية عندما هاجر إلى الولايات المتحدة مع والدته وعمره لم يتجاوز 16 عاماً، هرباً من البيئة السياسية المثيرة للقلق والمعادية للسّامية، إلى ماونتن فيو، وهناك حصلت أمه على شقة من غرفتين صغيرتين للنوم. وأخذت والدة كوم معها الكثير من الأقلام وكومة من 20 دفتر ملاحظات سوفياتي الإصدار، لتتجنب دفع ثمن اللوازم المدرسية في الولايات المتحدة. بدأت العمل كمربية أطفال، أمّا جان فبدأ بالعمل ككنّاس ينظف أرضية محل للبقالة للمساعدة في تغطية نفقات المعيشة. كان جان يتحدث الإنكليزية جيدا بما فيه الكفاية، ولكنه كان يكره الطبيعة الطائشة للصداقات في الثانويات الأميركية ؛ ففي أوكرانيا قد ترافق، لمدّة عشر سنوات، المجموعة الصغيرة نفسها من الأصدقاء في المدرسة.

قرصان النت

ومع بلوغه سنّ الثامنة عشرة، كانت أولى خطوات "كوم” نحو التّغيير الّذي لم يكن يعرف ملامحه بعد.. وبدأ الشاب يدخل عالم التقنية معتمداً على نفسه لنقص المال.. وشيئاً فشيئاً بدأ يقتحم دنيا الشبكات الكمبيوتر، فعلّم نفسه ربط تلك شبكات من خلال شراء كتيبات من متجر الكتب المستعملة وإعادتها عندما ينتهي منها. انضم إلى مجموعة قراصنة تدعى "w00w00″ على شبكة الدردشة "EFnet” على الإنترنت، واستطاع أن يحادث المؤسس المشارك لـ”نابستر”، شون فانينغ.

دخل كوم عالم التقنية معتمداً على نفسه نتيجة فقره، وشيئاً فشيئاً اقتحم دنيا شبكات الكمبيوتر، فعلم نفسه ربط تلك الشبكات من خلال شراء كتيبات من متجر الكتب المستعملة، وانضم إلى مجموعة قراصنة تدعى « ..w.. w»

أحلام المهاجر

ولم تأخذه اهتماماته بالتكنولوجيا بعيداً عن دراسته الجامعية، حيث التحق في العام 1996 بجامعة "سان خوسيه ستيت”، إلا أنه ظل يعمل حارساً للأمن في شركة "إرنست ويونيغ” مساءً، في عام 1997 ، ووجد نفسه جالسا إلى الجانب الآخر من مكتب برايان أكتون، موظف "ياهو”، حيث كان فريق عمل من "إرنست آند يونغ” يتفقد نظام الدعاية للشركة.

بعد ستة أشهر أجرى جان مقابلة عمل في "ياهو” وحصل على وظيفة كمهندس في البنية التحتية. وكان لا يزال في جامعة سان خوسيه. وبعد أسبوعين من استلامه لعمله في "ياهو”، تعطّل واحد من خوادم الشركة، فاتصل به الشريك المؤسس لـ”ياهو”، ديفيد فيلو، وذلك لأن فريق المهندسين الذي كان يعمل معه، كان صغيراً جدًا واحتاج من ثمّة إلى الجميع، فأجاب جان "أنا في الصف”، فطلب منه فيلو أن يأتي فوراً للعمل، ويقول جان "لقد كنت قد كرهت المدرسة على أية حال، فتركت الصف وذهبت” .

وتمر السنوات، وفي الوقت الذي كان يحلم فيه بحياة أفضل، كانت المفاجأة؛ وهي إصابة أمّه بالسرطان، لتزاد الأمور سوءًا من ثمّة.. ودون تفكير اتّجه إلى علاجها من خلال الإعانات التي تقدّمها الحكومة إلى الفقراء، ثمّ واصل "جان كوم” حياته بفضل مساندة صديقه في "ياهو” بريان أكتون، لتزداد صداقتهما، ليصبح حلمهما واحداً، وهو الالتحاق بالشركة العملاقة "فيسبوك”، ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، حيث تم رفض طلبيهما عام 2007، ويبدو أنهما قررا إجبار "زوكربيرغ” على البحث عنهما بعد سنوات، ولكن ليس للعمل لديه بل لشراء "واتس آب” أو "ما الجديد؟”.. برنامج الدردشة الشهير الذي رأى النور عام 2009، واستطاع أن يصل خلال 5 سنوات إلى 450 مليون مشارك، وهو الأمر الذي جعل مؤسس فيسبوك يدفع لهما 19 مليار دولار في صفقة هي الأكبر في عالم التقنية، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار أنّ الطرف الثاني أي "البائع، مازال "مُبتدئًا”.

ابتكار واتس آ ب

لعبت فترة طفولته التي قضّاها في أوكرانيا دوراً مهماً في ابتكار «واتس آب»، فالخصوصية كانت مفقودة في ذاك البلد الشيوعي حيث البوليس السري، لذا كان البحث حثيثا عن خدمة توفّر تلك الخصوصية في تبادل الرسائل.

فاتّجه لإنشاء شركته الخاصة بعد فشله في الحصول على عمل في "فيسبوك”. وكتب كوم حينها «تغريدة» قال فيها: "فيسبوك رفضتني، كانت فرصة عظيمة للاتصال بأناس رائعين، أتطلّع إلى المغامرة القادمة في حياتي”.

في كانون الثاني 2009، اشترى كوم "آيفون”، وأدرك أن الـ”آب ستور”، الذي كان عمره 9 أشهر حينها، سيتحوّل لصناعة كاملة من التطبيقات. فزار منزل أليكس فيشمان، وهو صديق روسي دأب على دعوة أفراد من المجتمع الروسي المحلي إلى منزله في غرب سان خوسيه، ويحضر هذه السهرات حوالي 40 شخصاً أحيانا. وفي السّهرة وقف كوم وأكتون لساعات يشرحان فكرة جان عن تطبيق يتضمن حالة المستخدم "Status”، كفكرة "البطارية على وشك الموت”، إلاّ أن كوم كان بحاجة إلى مطوّر "آيفون”، فقدّمه فيشمان إلى صديقه إيغور سولومينيكوف مطور ” RentACoder.com”كوم اختار على الفور اسم "واتس آب” لمعناه الّذي يبدو وكأنه ” ما الأمر؟”، وبعد ذلك بأسبوع في عيد ميلاده ، 24 فبراير 2009 ، أنشأ جان شركة "واتس آب” في ولاية كاليفورنيا.

حقائق جعلت قيمة تطبيق الواتس آب 19 مليار دولار
◄ لدى واتس آب أكثر من 450 مليون مستخدم، 70 في المئة منهم ناشطون.

◄ يتم تداول أكثر من 10 مليارات رسالة وحوالي 400 مليون صورة على الواتس آب بشكل يومي.

◄ أكثر من مليون مسجل جديد في الواتس آب بشكل يومي . وفاق نمو الواتس آب مؤخرا معدلات النمو في كل من؛ الفيسبوك، وسكايب، وتويتر.

◄ يعمل لدى الواتس آب 50 موظفا فقط، معظمهم من المهندسين.

◄ في 31 ديسمبر 2013 ، وصل عدد الرسائل عبر الواتس آب إلى 18 مليار رسالة في يوم واحد.


خلق الرمز الذي يوافق جميع الهواتف

ويقول فيشمان أنّ كوم دقيق جداً، حيث قضّى أياماً ليخلق الرمز الذي يجعل من التطبيق يعمل مع جميع أرقام الهواتف في العالم، وكان على استعداد بأن يمضي عدّة أشهر في تحديث التّطبيق لمئات الفروق الإقليمية .

في الفترة الأولى عانى "واتس آب” من عدّة مشاكل تقنية كالتّحطم، وعندما قام فيشمان بتنزيله على هاتفه، لم يقم بتنزيل سوى حفنة من مئات الأرقام على هاتفه، معظمها كانت من الأرقام المحليّة. هنا أخذ كوم الملاحظات واحتفظ بها للمشاريع المستقبلية، وقرر البدء في البحث عن عمل، إلاّ أنّ أكتون لم يكن يؤيده في ذلك، ونصحه بإعطاء التطبيق بضعة أشهر.

جاءت المساعدة من قبل "آبل”، عندما أطلقت إعلامات الدّفع أو الـ”Notifications” في يونيو 2009 ، الّتي تسمح بإرسال "Bing” للمستخدمين الذين لا يستخدمون التطبيق . كتغيير الحالة مثلاً من "لا يمكن التحدث” إلى "أنا في الصالة الرياضية”، التي ترسل "Bing” لجميع من في شبكتك، ما يسمح بتعريف الجميع على هذا التطبيق.

فأخذ أصدقاء فيشمان باستخدام هذه الطريقة للقيام بـ”ping” لبعضهم البعض.

وما ميّز "واتس آب”، هو أنّ المستخدم يحتاج إلى رقم الهاتف الخاصّ به لكي يتمكّن من تسجيل دخوله.

أصدر كوم "واتس آب 2.0″ مع مكون الرسائل، وشاهد عدد مستخدمي تطبيقه النّشطين يرتفعون فجأة إلى 250 ألف مستخدم . ذهب لرؤية أكتون، الذي كان لا يزال عاطلا عن العمل ومتعمّقا في تجريب فكرة أخرى بدأ في تشغيلها، لكنها كانت لا تصل إلى أيّ مكان حينها.

وبدأ الصديقان في اختبار "واتس آب” فيما بينهما، فأدرك أكتون أنه يستخدم تجربة "SMS ” ثرية وأكثر فعالية ممّا يسمّى رسائل "MMS”، لإرسال الصور والفيديو، التي غالبا ما لا تعمل.

لعبت فترة طفولة جان كوم في أوكرانيا دوراً مهماً في ابتكار «واتس آب»، فالخصوصية كانت مفقودة في البلد الشيوعي حيث البوليس السري، لذلك كان هناك بحث دائم عن خدمة توفّر تلك الخصوصية في تبادل الرسائل

بدء الاستثمار

جذب أكتون خمسة أصدقاء سابقين من "Yahoo” إلى استثمار 250 ألف دولار للتمويل الأولي، ونتيجة لذلك مُنح حصة من الشركة، وصفة الشريك المؤسس، والتحق بوظيفته رسمياً في 1 نوفمبر (المؤسسين الإثنين لا تزال لديهما حصة مجتمعة تزيد عن 60% ) .

عمل كوم وأكتون مجاناً للسنوات القليلة الأولى، أكبر تكلفة لهما في ذلك الوقت كانت إرسال رسائل التحقق للمستخدمين. كوم و أكتون كانا يستخدمان الـ”SMS من مصدر مجهول، وكانت تكلفته 2 سنت عندما يُرسل إلى الولايات المتحدة و65 إلى الشرق الأوسط. أما اليوم فتبلغ تكلفة الـ”SMS ” للشركة حوالي 500،000 دولار في الشهر .

لم تكن التكاليف حادة في ذلك الوقت، ولكنّها كانت مرتفعة بما يكفي لاستنزاف حساب كوم المصرفي، ولحسن الحظ بدأت "واتس آب” تدريجياً في جلب إيرادات بلغت 5،000 دولار في أوائل عام 2010، وهو ما كان كافيا لتغطية التكاليف في ذلك الوقت، ثم حوّل المؤسسون التطبيق من "مجاني” إلى "مدفوع″، حتى لا ينمو بسرعة كبيرة، وفي كانون الأول 2009 قاموا بتحديث التطبيق على "آيفون”، ليصبح بإمكان مستخدميه إرسال الصور، وصُدموا لرؤية النمو المتزايد للمستخدمين حتى عندما بلغ سعر التطبيق دولارًا واحدًا . في أوائل عام 2011، تصدّر "واتس آب” المراتب الـ20 الأولى للتّطبيقات في الـ”آب ستور” الأميركي.

ضد الإعلانات

وخلال مأدبة غداء مع الموظفين، سأل شخصٌ كوم؛ لماذا لم يكن يتعامل مع الصّحافة حول هذا الموضوع؟ فأجابه جان بأن "التسويق والصحافة ركلات غبار، كانا سيستحوذان على التركيز، فلن تعود معهما مهتماً بتطوير المنتج”.

ومن المفارقات أن صفقة المليارات الـ19 تمت في ذات المكان الذي وقف أمامه "جان كوم” يوماً ما، عندما كان طفلاً ينتظر كوبون الإعانة الحكوميّة من مكتب الخدمات الاجتماعية المهجور في منطقة نورث كاونتي بمقاطعة سان دييغو بولاية كاليفورنيا، حيث كان كوم، البالغ من العمر عندما عقد الصفقة الـ37 عامًا، يقف في طابور للحصول على بطاقات الغذاء المجانيّ، لم يكن هنالك ماء ساخن في منزله، وعلى الرغم من سوء الوضع، إلاّ أنّه لا يزال يشتاق إلى تلك الحياة الريفية التي عاشها، الّتي تعدّ سببا من الأسباب الرئيسية التي تجعله يرفض هرج ومرج الإعلانات بقوة.

رأیکم