نشرت مجلة "فورين بوليسي" مقالا لكل من هرش بانت وكبير تانيجا، يقولان فيه إن هجمات يوم الأحد في عيد الفصح في سريلانكا دفعا بهذه الجزيرة إلى مقدمة الخطاب العالمي حول الإرهاب.
طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء -ويشير الكاتبان في مقالهما، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن تنظيم الدولة أعلن عن مسؤوليته عن الهجوم من خلال وكالته الإخبارية شبه الرسمية "أعماق نيوز"، التي نشرت صورا وفيديوهات للمهاجمين، وأظهر الفيديو المهاجمين الانتحاريين يلبسون الأسود ويغطون وجوههم، ويقسمون بالولاء لتنظيم الدولة وزعيمه أبي بكر البغدادي.
ويجد الكاتبان أن "هجمات سريلانكا قوت فرضية أن الاستيلاء على الأراضي التي كان يسيطر عليها تنظيم الدولة لم تضعف انتشار ولا نهج التنظيم ولا العلامة التجارية، وبدلا من ذلك فإن جاذبيته لا تزال كبيرة، وهو يستخدم المجموعات المحلية ومظلوميتها، وهذا يشكل تحديا لجنوب آسيا بالذات، حيث تتجاوز التوترات السياسية الخطوط الدينية في وقت يقوم فيه التنظيم بإعادة إخراج نفسه على شكل تمرد عالمي".
ويلفت الكاتبان إلى أن "المتهم بقيادة الهجمات على الكنائس والفنادق الفاخرة في 21 نيسان/ ابريل، هو زهران هاشم، وهو من جماعة التوحيد الوطنية، وهي مجموعة سريلانكية إسلامية، وقد قتل هشام، بحسب التقارير، في إحدى الهجمات التي قام بها في فندق بنفسه".
وينوه الكاتبان إلى أن "هذه المجموعة جاءت من عائلات متعلمة وغنية، وبعضهم حصل على شهاداته من جامعات بريطانية وأسترالية، وجماعة التوحيد الوطنية التي يقودها هاشم يعتقد أنها منبثقة عن جماعة التوحيد السريلانكية، وهذا النوع من الانشقاق شوهد في انشقاق تنظيم الدولة عن تنظيم القاعدة في أوائل العقد الأول من الألفية الثالثة، بعد القول بأن أسامة بن لادن ليس ملتزما بما يكفي عندما منع مهاجمة أماكن العبادة".
ويفيد الكاتبان بأنه "عندما أقدم المهاجمون في 21 نيسان/ أبريل على هجماتهم والأهداف التي اختاروها، فإن هجماتهم حملت شبها لتلك التي وقعت في الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا، واستهداف الفنادق يعني التركيز على شيئين: الأجانب والاقتصاد، وهوجمت أهداف شبيهة في هجمات المؤيدين لتنظيم الدولة في مناطق أخرى من العالم، وخاصة خارج مسرحي العراق وسوريا".
ويذكر الكاتبان أنه "تقريبا في الوقت ذاته قبل عامين في أحد النخيل في نيسان/ أبريل 2017 تم وقوع تفجيرين في كل من طنطا والإسكندرية، مستهدفين كنيسة وكاثدرائية، وقتل أكثر من 45 شخصا في العمليتين وجرح أكثر من 120 شخصا آخر، وفي الجانب الآخر من الكرة الأرضية، وفي أيار/ مايو 2018، قامت ثلاث عائلات متأثرة بتنظيم الدولة بهجمات انتحارية على ثلاث كنائس في ثاني أكبر مدن أندونيسيا، سورابايا، حيث تم قتل 13 وجرح 40".
ويشير الكاتبان إلى أن "سريلانكا تمتاز بكونها جزيرة متعددة الإثنيات والأديان، ويشكل المسلمون فيها 9.7% من السكان البالغ عددهم 21 مليونا، التي كان لها نصيبها من التوترات الإثنية، خاصة بين البوذيين والمسلمين، وكان أمين عام جماعة التوحيد في سريلانكا، عبد الرازق قد اعتقل عام 2016، بتهم التحريض على الكراهية ضد البوذيين".
ويستدرك الكاتبان بأنه "لم تنشأ في سريلانكا أي جماعة مؤيدة لتنظيم الدولة على مدى السنوات القليلة الماضية، بالرغم من تقارير تعود لعام 2016، تشير إلى أن حوالي 32 مسلما من النخبة والعائلات المتعلمة انضموا إلى تنظيم الدولة في سوريا، وكان هذا الرقم قد قدمه وزير عدل سريلانكا، لكن المجتمع المسلم شجب هذا التقرير، وقالوا إنه يحرض ضدهم، وكان التوتر بين المسلمين والبوذيين في وقتها علنيا، قبل أن يهدأ الوضع، لكن ليشتعل ثانية".
ويذكر الكاتبان أنه "قبل هذا الهجوم، كان تعرض جنوب آسيا لمجموعات مرتبطة بتنظيم الدولة محدودا، وكان الهجوم على مطعم (هولي أرتيزان بيكري) في عاصمة بنغلاديش دكا يشبه الهجمات في سريلانكا، فهناك أيضا قام شباب من عائلات غنية ومتعلمة جيدا بهجوم خلف 29 قتيلا، بينهم المنفذون، وكما هو الحال في الهجمات على الفنادق في سريلانكا استهدف المهاجمون في دكا أجانب، وكل بلد في جنوب آسيا ترتبط بعلاقات وثيقة بالشرق الأوسط، خاصة منطقة الخليج؛ وذلك بسبب العمال المهاجرين، فمن الهند وحدها هناك 7 ملايين شخص يعملون في الخليج، وشهدت ولاية كيرالا الهندية، التي توفر عددا كبيرا من العمال للخارج، عددا من حالات التأييد لتنظيم الدولة".
ويستدرك الكاتبان بأنه "بالرغم من الهجمات المحلية التي تم ادعاؤها باسم تنظيم الدولة، فإنه لا يعرف إن كان للتنظيم فرع رسمي في المنطقة، هذا عدا عن أفغانستان، حيث بنى تنظيم الدولة في ولاية خراسان سمعة كبيرة، وتشكلت ولاية خراسان من مقاتلين سابقين في حركة طالبان باكستان ومن الأوزبكيين والطاجيكيين وغيرهم ممن اختلفوا مع حركة طالبان أفغانستان، وانضم إلى هذا التنظيم عدد من المسلمين من ولاية كيرالا، وكذلك زعيم المجاهدين الهندي شافي أرمار".
ويبين الكاتبان أنه "في نهاية الطيف هناك جزر المالديف على بعد 400 ميل من شواطئ كيرالا في المحيط الهندي، التي أصبحت نقطة ساخنة للنشاطات الموالية لتنظيم الدولة، ومقارنة بعدد سكانها قدمت جزر المالديف لتنظيم الدولة مجندين أكثر من أي بلد آخر، حيث انضم 450 من سكانها للتنظيم، وفي الوقت ذاته تعرضت باكستان لهجمات مثل تلك التي وقعت في كويتا وبلوخستان، التي أعلن تنظيم الدولة مسؤوليته عنها، مع أنه لا دليل على امتداد تنظيم ولاية خراسان أو قيام تنظيم آخر موال لتنظيم الدولة هناك، لكن المسرح الباكستاني للإرهاب مكتظ أصلا، وهو ما يجعل الأمر صعبا وربما سهلا لبعض المجموعات المحلية أن تعطي ولاءها لتنظيم الدولة كطريقة سريعة لتشكيل سمعة".
ويقول الكاتبان: "أما نيبال، فمع أنها لم تشهد أي أعمال مؤيدة لتنظيم الدولة، فإن انفتاح حدودها مع الهند إضافة إلى عدد المهاجرين المتزايد منها للشرق الأوسط يزيد من المخاوف".
ويجد الكاتبان أنه "بشكل ما فإن الهند ستكون هدفا واضحا لهجوم مدعوم من تنظيم الدولة، لكن إلى الآن، بالرغم من تعرضها لهجمات إرهابية من مجموعات آخرى، إلا أن البلاد لم تستهدف بشكل كبير من التنظيمات المرتبطة بتنظيم الدولة، لكن مع انتقال التنظيم لاستخدام المجموعات المحلية المرتبطة به للقيام بهجمات إرهابية باسمه تدخل مجموعة جديدة من التحديات حيز المحتمل في المنطقة كلها، وهو ما يتطلب تعاونا بين المناطق المختلفة لمقاومته".
ويستدرك الكاتبان بأنه "بالرغم من وجود موطئ قدم للتنظيم في سريلانكا، فإن الهجمات التي قامت بها جماعة التوحيد نيابة عن أو ولاء لتنظيم الدولة، تبرز صنفا من الإرهاب المستورد الذي يطرح تحديات جديدة لسياسات مكافحة الإرهاب، فاليوم أصبح تنظيم الدولة يعمل بصفته ماركة تجارية، ومن يتبنى هذه الماركة يحظى بالانتباه سريعا، وتصل أخباره إلى الصفحة الأولى عالميا".
ويختم الكاتبان مقالهما بالقول إنه "لذلك لم تعد المقاربة المسترخية بعد هزيمة التنظيم في سوريا والعراق على الأرض خيارا، وبدلا من ذلك فإن على الدول في أنحاء العالم التأقلم لمحاربة تمرد متعدد الرؤوس".
انتهی/