ما سر توجه تركيا لتوثيق علاقاتها مع العراق؟

وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء

رمز الخبر: ۴۱۵۴۹
تأريخ النشر:  ۱۸:۲۴  - الخميس  ۰۹  ‫مایو‬  ۲۰۱۹ 
شهدت العلاقات التركية العراقية تطوراً لافتاً خلال الأشهر الماضية، حيث نشطت الدبلوماسية بين الجانبين، من خلال زيارات متبادلة على أعلى المستويات في حكومة البلدين.

ما سر توجه تركيا لتوثيق علاقاتها مع العراق؟طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء -توج الحراك الدبلوماسي بزيارة رأس الدبلوماسية التركية مولود تشاووش أوغلو إلى العراق على رأس وفد رفيع المستوى، يوم 28 أبريل 2019، استغرقت عدة أيام، ولم تقتصر الزيارة على البعد السياسي الحكومي في التواصل، بل تعدتها إلى لقاءات متعددة مع الطيف السياسي العراقي، وأخذت بعداً اجتماعياً من خلال التواصل الاجتماعي مع العشائر العراقية.

ويرى مراقبون أن توجه تركيا نحو ترقية العلاقة مع بغداد له علاقة بتشديد العقوبات الأمريكية على إيران، حيث سيتأثر اقتصادها سلباً بسبب ارتفاع أسعار النفط من ناحية، ولأنها ستفقد الامتيازات التفضيلية التي تحصل عليها من طهران.

المساهمة في إعمار العراق
قدمت تركيا في مؤتمر إعادة إعمار العراق، الذي عُقد في الكويت بشهر فبراير 2018، مساهمة بـ5 مليارات دولار، وأصبحت المساهم الأكبر بين أكثر من 70 دولة ومؤسسة دولية شاركت في المؤتمر.

وقد استغل وزير الخارجية العراقي زيارة نظيره التركي إلى بغداد، وطالبه بتفعيل مساهمة بلاده في مؤتمر إعادة الإعمار. وهو ما أكده رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي خلال لقائه تشاووش أوغلو.

وقال عبد المهدي في مؤتمر صحفي مشترك: "إننا ندعو رجال الأعمال والشركات التركية لتأسيس مصانع ومصالح وشراكات اقتصادية داخل العراق، في مجالات الصناعة والتجارة والإعمار واستثمار الأراضي الزراعية، بما يعمق جذور التعاون ويعود بالنفع على البلدين والشعبين، ويفتح أسواق البلدين أمام المنتجات العراقية والتركية المشتركة، وأن يكون هذا توجهاً استراتيجياً في العلاقات العراقية التركية".

من جهته أكد تشاووش أوغلو أن بلاده ستقدم دعماً كبيراً للعراق في المرحلة المقبلة، وستفعل مساهمتها في إعادة إعمار العراق. وأشار إلى أن ذلك سيشمل "رفع مستوى التبادل التجاري، وتطوير الطرق البرية والسكك الحديدية، والتعاون في مجالات النفط، وتزويد العراق بما يحتاجه لسد نقص إنتاج الطاقة الكهربائية، وتعزيز التواصل والشراكة بين الشركات ورجال الأعمال في البلدين".

النائب العراقي أحمد سليم الكناني، رئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار في مجلس النواب العراقي، قال لـ"الخليج أونلاين" إن قضية مساهمة تركيا في إعادة إعمار العراق كانت على رأس القضايا التي نوقشت مع وزير الخارجية التركي، خصوصاً خلال لقائه رئيس المجلس النيابي محمد الحلبوسي.

وأضاف الكناني: إن "تشاووش أوغلو أكد أن بلاده مستعدة للبدء في تفعيل عملية إعادة الإعمار، من خلال الشركات ورجال الأعمال الأتراك، وعبر تشكيل لجان مشتركة لهذا الغرض".

وكشف النائب العراقي عن مشاريع اقترحها الجانب التركي، وأهمها "تطوير مطار البصرة، وإعمار مطار الموصل وبناء منطقة صناعية فيها، وبناء طرق سريعة تربط جهات العراق كما هو الحال في تركيا، وبناء سكة حديدية تربط بين المعبر الجديد الذي سيقيمه البلدان والعاصمة بغداد، إلى جانب العديد من مشاريع البنى التحتية".

العراق بديل استراتيجي
وزير الخارجية التركي وعد برفع التبادل التجاري بين بِلاده والعراق إلى حدود 20 مليار دولار، أي بزيادة 25٪ خلال العامين القادمين. وفي إطار هذا المسعى أكد التوافق مع السلطات العراقية على فتح معبر حدودي ثالث بين الطرفين، الأمر الذي سيزيد من حيوية التبادل التجاري.

نزار المطلبي الباحث الاقتصادي في مركز بغداد للدراسات، أشار إلى أن تركيا ترى في العراق خياراً استراتيجياً لمواجهة المتغيرات الطارئة على المنطقة. وقال في حديثه لـ"الخليج أونلاين": إن "تركيا تولي أهمية كبيرة لملف التبادل التجاري وتصدير المواد المصنعة للعراق، وجعله بوابةً لتصدير بضائعها إلى الخليج العربي، لذلك أعلن وزير الخارجية التركي عن رغبة بلاده بإنشاء شبكة نقل آمنة عبر البلدين".

وأضاف: إن "توظيف المليارات الخمسة التي قدمتها تركيا للعراق في إنشاء شبكات نقل آمنة تشمل طرقاً سريعة وسككاً للحديد ينم عن دهاء سياسي لدى أنقرة، فهذه الطرق ستستخدم لاستيراد وتصدير البضائع إلى منطقة الخليج ودول الاتحاد الأوروبي، وفي الحالتين تركيا ستجني عائدات ضخمة".

جاويش أوغلو: بعد عملية عفرين سنحارب مع بغداد "بي كا كا" في العراق
اقرأ أيضاً
تركيا والعراق تشتركان بمعركة مرتقبة ضد المتمردين الأكراد

وتابع المطلبي: "ملف النفط والطاقة لايقل أهمية من الناحية الاستراتيجية عن ملف التبادل التجاري وتصدير المواد المصنعة للعراق، فتركيا تعتمد في 75٪ من حاجاتها للطاقة على إيران، ومن المتوقع أن ترتفع تلك الحاجة إلى أكثر من 80٪ خلال عامين، وفي ظل العقوبات الأمريكية على طهران سيكون العراق بديلاً استراتيجياً أمثل لطهران، بغرض توفير حاجاتها من الطاقة، فهي وإن كانت تقاوم العقوبات الأمريكية على إيران لكنها في النهاية ستخضع للأمر الواقع، ولن تدخل في مواجهة مع أمريكا".

واستدرك المطلبي بالقول: إن "أنقرة قادرة على أن تقنع العراق بزيادة صادراته عبر خطوط نفط جيهان التي تمر عبر أراضيها، وتؤمن عائدات مالية من خلال أرباح الترانزيت".

وأشار إلى أن "العراق هو الآخر سيكون في موقف محرج في تعامله مع ملف العقوبات الأمريكية تجاه طهران، لأنه يعتمد بنسبة 70٪ على الغاز الإيراني في تأمين احتياجاته خصوصاً في توليد الكهرباء، وهنا تدخل تركيا لتكون المنقذ حيث ستعوض النقص عبر خط الغاز الروسي الذي يمر عبر أراضيها، لتأخذ عمولة ترانزيت وتربط مصير هذا الملف بإرادتها السياسية".

سياسة تصفير المشاكل
من جهته يرى المحلل السياسي ضياء الزبيدي، أن تركيا عادت إلى سياسة تصفير المشاكل مع جيرانها، بعد أن أثرت المتغيرات في المنطقة على اقتصادها الهش الذي تعرض للعديد من الأزمات خلال السنوات الخمس الماضية.

وقال في حديثه لـ"الخليج أونلاين": إن "ملفين أساسيين أثرا على العلاقات العراقية التركية هما ملف المياه بالنسبة للعراق، وملف حزب العمال الكردستاني بالنسبة لتركيا، وبغداد وأنقرة توصلتا إلى قناعة راسخة أن الدبلوماسية هي الوسيلة الفضلى في معالجة هاتين القضيتين الحساستين لهما".

وتابع: أن "سياسة تصفير المشاكل دفعت تركيا إلى الأخذ بنظر الاعتبار القلق العراقي من قضية تسبب ملء أنقرة لسدودها في أزمة مياه في العراق، لذلك عين الرئيس التركي رجب طيب أروغان مبعوثاً خاصاً إلى العراق بخصوص هذا الملف، كما أعلن تشاووش أوغلو عن تشكيل لجان مشتركة بهذا الخصوص خلال لقاء مع رئيس مجلس النواب العراقي، وأشار إلى أن بلاده مستعدة لتقديم الخبرة في إدارة ملف المياه للعراق".

وأكد المحلل السياسي العراقي أن "العديد من المؤشرات تؤكد أن أنقرة استطاعت إقناع الحكومة العراقية بالتعاون معها في القضاء على حزب العمال الكردستاني على طول الحدود التركية، وما يدل على هذا الأمر هو تغاضي العراق عن العمليات التركية عبر الحدود، وآخر ذلك عبور قوات خاصة تركية إلى سنجار واعتقال أربعة أشخاص ونقلهم إلى الأراضي التركية".

وأكد أن "صمت المسؤولين في بغداد يؤكد أن العملية تمت وفق توافق ضمني بهذا الملف، وستشهد الأيام القادمة تطورات ميدانية ستؤدي إلى تضييق الخناق على حزب العمال".

يشار إلى أن زيارة وزير الخارجية التركي شملت كل مناطق العراق، وكانت زيارته للبصرة لافتة، خصوصاً أنه توافق مع محافظها ومجلس إداراتها على إعادة فتح القنصلية التركية في المدينة المغلقة منذ خمسة أعوام، مع وعود بفتح قنصليات تركية جديدة في مدينتي كربلاء والنجف.

كذلك أبرزت زيارة تشاووش أوغلو الروابط التي تجمع تركيا بالعرب الشيعة، فقد أشار إلى معركة الكوت الشهيرة التي جرت أثناء الحرب العالمية الأولى، التي قاتل فيها الجيش العثماني وقوى العشائر المحلية في جنوب العراق في مواجهة الجيش الإنجليزي، وهزماه في تلك الواقعة الشهيرة، وقال في وليمة عشائرية أقيمت على شرفه، إن تركيا تسعى إلى استعادة تلك العلاقة التاريخية الحميمة بين الجانبين.

ومن المنتظر أن يجري الرئيس التركي رجب طيب أردوغان زيارة رسمية إلى العاصمة العراقية بغداد نهاية عام 2019، بحسب ما أعلن تشاووش أوغلو في ختام زيارته للعراق، وأوضح في تصريح للصحفيين أن زيارة الرئيس أردوغان تأتي بهدف المشاركة في الاجتماع الرابع لمجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى بين البلدين.

رأیکم