نشرت مجلة "فام أكتويل" الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن المراحل التي تمر بها عملية تطوير الفكر النقدي لدى الطفل، وكيفية مساعدتهم على فرز الكم الهائل من المعلومات التي تعترضهم بصفة يومية سواء كان ذلك عن طريق الكتابة أو السمع.
طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء - وقالت المجلة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21" إن تطوير الطفل لفكره النقدي يستغرق بعض الوقت، وحيال هذا الشأن، تفيد الأخصائية النفسية التي تعنى بالشؤون العائلية، نيكول بريور بأنه "في عمر الرابعة، يدرك الطفل أن العالم لا يقدّم على طبق من ذهب، وأنه ليس جميلًا بالقدر الذي يتصوره، وهنا تبدأ الفترة التي يبدأ فيها الطفل في طرح السؤالات التي تبدأ بلماذا".
من جهة أخرى، يبقى من الضروري الانتظار حتى يبلغ الطفل سن السبع سنوات، وهو ما يسمّى "بسن العقل" إذ يباشر تطوير فكر مفاهيمي ودقيق آخذا بعين الاعتبار وجهة نظر الآخر، وتتمثل المرحلة التالية في التخلص التدريجي من الاعتماد على آراء الشخص البالغ، وفي هذه الحالة، تكمن مسؤولية الوالدين في مرافقة الطفل أثناء سعيه إلى التعلّم، بدلا من فرض وجهة نظرهما علما وأن الفكر النقدي ينشأ أولا وقبل كل شيء داخل الأسرة.
ونوّهت المجلة بأن طرح سؤال على الطفل ودعوته للإجابة عليه بطريقة منطقية وعقلانية تُلزمه بالذهاب بتفكيره إلى أبعد مما تعلّمه سابقا وعدم التقيد بتفضيلاته الشخصية، وفي هذا الصدد، تقول بريور إنه: "من المغري إجابته على أسئلته العديدة "بشيء من التجاهل المبالغ فيه والتظاهر بأنك متعب أو غير مهتم، إذ يعد من المحفز أكثر بالنسبة للطفل أن يحظى بمشاركة أحد الوالدين للتشكيك والتفكير في بعض المسائل سوية، بدلا من التعامل مع شخص دائما ما يملك إجابات على جميع الأسئلة".
من الناحية العملية، يجدر بأحد الوالدين توجيه سؤال بسيط للطفل على غرار "حسب رأيك، ماهو أفضل حيوان أليف؟". بعد ذلك، يُفضل التوقف لبرهة من أجل التفكير في الإجابة معا وإثراء معرفتكما، وفي سبيل مساعدته على الحصول على رأي يستند إلى أسس سليمة، قدم له بعض المؤشرات.
وأشارت المجلة إلى أهمية أن يقوم الوالدان بسؤال طفلهما عن مصدر معلوماته، والتحقق مما إذا كان يعتقد بأن "مصدره" موثوق حقا، ووفقا للأخصائية النفسية، عادة ما يشعر "العقل" بصفة عامة، ناهيك عن عقل الطفل، بالقلق من المعلومات المجهولة، ما يجعله يثق بشكل طبيعي في" شخص يحبه" أكثر من أي شخص آخر.
وأضافت المجلة أنه من الأفضل تعريض الطفل إلى آراء مختلفة وكم هائل من المعلومات. فعلى سبيل المثال، علّمه أنه بإمكاننا البحث والقراءة عن جميع المواضيع على شبكة الإنترنت. بشكل عام، توصي بريور بتشجيعه على السعي دائمًا إلى طلب رأي ثان، لاسيما عندما يتعلق الأمر بمعلومات" غير قابلة للتصديق" وعلى ألا يعتبر الأمور من المسلمات طالما لم يحصل على دليل ملموس".
بالنسبة إلى أوليفييه هودي، وهو رئيس مختبر علم النفس من أجل التنمية وتعليم الطفل التابع للمركز الوطني للبحث العلمي، تنقسم الأنظمة المعرفية لدى الشخص إلى ثلاثة أنواع بما في ذلك التفكير التلقائي والبديهي الذي يعتبر سريعا إلا أنه يفتقر إلى المصداقية، والتفكير الرياضي المدروس إذ يعد أبطأ ولكنه موثوق، فضلا عن نظام التثبيط الذي يقوم بمقاطعة النظام الأول لتنشيط النظام الثاني.
في الختام، يواصل هودي قائلا: "يضطلع الرضع والأطفال بمهمة اكتشاف الحقائق الدقيقة، فهم يتمتعون بانحياز معرفي يؤثر على طريقة تفكيرهم بشكل منهجي. ويلعب تعلم مقاومة "الصراعات الداخلية للدماغ" دورا في غاية الأهمية في بناء قدرة الطفل على التفكير العقلاني وتطوير ذكائه".
انتهی/