نشرت مجلة فورين بوليسي تقريرا أعده جوناثان فيرزيغر، قال فيه إن الرحلة السرية من تل أبيب إلى السعودية تكشف عن شيء واحد وهي أن بنيامين نتنياهو ومحمد بن سلمان يحضّران للأخبار السيئة القادمة من البيت الأبيض، ومحاولة من رئيس الوزراء الإسرائيلي وولي عهد السعودية التعاون لمواجهة جوزيف بايدن.
طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء - وأضاف إن الزيارة الظاهرة يوم الأحد تكشف أيضا عن منظور انضمام السعودية لــ"التحالف العربي الجديد مع إسرائيل". ويحاول نتنياهو ومحمد بن سلمان اللذان يعتبران أكبر منتفعين من سياسة الرئيس دونالد ترامب الخارجية تحصين نفسيهما، في وقت تكشف فيه كل الإشارات عن تجاهل إدارة بايدن لهما باعتبارهما لاعبين منبوذين.
وكان نتنياهو قد ألغى يوم الأحد لقاء وزاريا، وركب طائرةً تجاريةً خاصة حلقت لساعة عبر البحر الأحمر إلى الشاطئ الغربي للسعودية. وقضى المسؤول الإسرائيلي في مدينة نيوم التي يجري إنشاؤها بكلفة 500 مليار دولار، خمس ساعات مع ولي العهد السعودي، بحضور وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، ومدير الموساد يوسي كوهين.
وما ناقشه الرجال الأربعة يظل محلا للتكهنات، حيث رأى البعض أن اللقاء بحث عدوانا قريبا على إيران قبل أن تتاح الفرصة للرئيس المنتخب جوزيف بايدن أن يعود للاتفاقية النووية الموقعة عام 2015 وخرج منها ترامب في 2018.
وعبّر آخرون عن أمله من انضمام السعودية لقطار التطبيع الذي بدأته الإمارات ثم البحرين والسودان مع الكيان اليهودي. وبحلول 20 كانون الثاني/ يناير، ستتبع واشنطن سياسة خارجية مختلفة في الشرق الأوسط.
وتحدث بايدن بشكل مفتوح عن إعادة النظر بعلاقات الولايات المتحدة مع السعودية، في ضوء جريمة قتل الصحافي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية باسطنبول في 2018.
ولا يزال خطاب نتنياهو أمام الكونغرس عام 2015 والذي تحدث فيه ضد المحادثات مع إيران حاضرا، ونُظر إليه على أنه ضربة وقحة للرئيس باراك أوباما الذي كان نائبه بايدن.
ويرى جوشوا تتيلباوم، الباحث في العلوم السياسية بجامعة بار إيلان، والذي يعد كتابا عن الجيش السعودي، أن اللقاء كان”محاولة لتثبيت شيء ما“ قبل مغادرة ترامب البيت الأبيض، و”إرسال إشارة لإدارة بايدن“. والرسالة كما يقول: ”هناك حليفان قويان بالمنطقة يتقاربان معا“.
ويبدو أن الرسالة لم تكن موجهة للرأي العام، فبعد انتشار الأخبار عن رحلة الأحد في الصحافة الإسرائيلية، ونشرت يوم الإثنين وأكدها مسؤولون إسرائيليون وسعوديون، نفاها وزير الخارجية فيصل بن فرحان.
وفي الوقت نفسه تجنب نتنياهو النفي أو التأكيد، لكنه طوّر فناً في رمي التلميحات حول اتصالاته مع القادة العرب بدون تأكيد اللقاءات. وهناك تقارير عن لقاءات بين نتنياهو ومحمد بن سلمان على متن يخت الأخير في البحر الأحمر، في الأردن أو في العواصم الأوروبية، لكن الزيارة المؤكدة الوحيدة هي تلك التي قام بها نتنياهو إلى مسقط في 2018 ولقائه مع السلطان قابوس الذي توفي في كانون الثاني/ يناير 2020.
وكل هذه التلميحات تعبّر عن علاقات عميقة، مع أنها ليست دبلوماسية قام بها ننتنياهو مع الدول العربية، في وقت تم شجبه في الرأي العام بسبب سياساته ضد الفلسطينيين وخططه لضم 30% من أراضي الضفة الغربية. وجاءت ثمرة اتصالاته عندما وقف في الحديقة الجنوبية للبيت الأبيض إلى جانب ترامب، ووقّع اتفاقيات ”أبراهام“ بحضور وزيريْ الخارجية البحريني والإماراتي، مما فتح الباب أمام علاقات تجارية وملاحة جوية وسياحة وغير ذلك.
وكانت الكعكة المزيّنة هي موافقة ترامب على بيع صفقة أسلحة بـ23 مليار دولار إلى الإمارات، بما فيها طائرات”إف-35“ المقاتلة. وكان الشيء الغائب في عملية التقارب بالشرق الأوسط هي مشاركة السعودية أكبر عضو في مجلس التعاون ، والبلد الذي اختاره ترامب في أول زيارة أجنبية له، وقام بأول رحلة مباشرة من الرياض إلى تل أبيب.
ومنذ إعلانه معاهدات التطبيع، توقّع ترامب ومساعدوه أن تصعد السعودية السلم. وحتى هذا الوقت، تمسّك السعوديون بالمبادرة العربية أو السعودية 2002، والتي ربطت التطبيع الشامل مع إسرائيل بتسوية سلمية مع الفلسطينيين ودولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية.
ومع اقتراب نهاية عهد ترامب، بدأت إسرائيل ودول الخليج الفارسي القلقة مما سيظهر من إدارة بايدن، بإعادة تموضع للعودة إلى السياسة الخارجية التي تبناها أوباما، بما في ذلك نزع فتيل التوتر مع إيران والتعاطف مع الفلسطينيين والتأكيد على حقوق الإنسان.
انتهی/