العلاقات السعودية الاسرائيلية.. قصةٌ لها شجونها

وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء

رمز الخبر: ۶۲۹۶
تأريخ النشر:  ۱۴:۲۵  - الخميس  ۰۵  ‫مارس‬  ۲۰۱۵ 
وكالة (نادي المراسلين) العالمية للأنباء :
"تخيلوا أن أستطيع أن أركب الطائرة من الرياض وأطير مباشرة إلى القدس، وأركب من هناك سيارة أجرة لأزور قبة الصخرة... وبعدها إلى متحف المحرقة اليهودية".
ربما يعتقد قارئ هذه الكلمات أنه يقرأ تصريحاً لأحد زعماء الكيان الاسرائيلي يحلم من خلاله بيوم من الأيام تربط الكيان الاسرائيلي علاقات ودية مع جميع جيرانه من الدول العربية. ولكننا قد نتفاجئ إن علمنا أن هذه الكلمات جاءت ضمن مقال أرسله الأمير السعودي تركي الفيصل رئيس الاستخبارات السعودية السابق وابن شقيق الملك السعودي إلى صحيفة هآرتس العبرية خلال مؤتمر «إسرائيل للسلام»  الذي  نظمته الصحيفة ، ولا يكتفي الأمير السعودي بكلماته هذه بل يدعو الاسرائيلين لزيارة بلده بقوله "يا لها من لذة ألا أدعو الفلسطينيين فقط ، بل الإسرائيليين الذين سألقاهم أيضاً، ليأتوا لزيارتي في الرياض، حيث يستطيعون التجول في بيت آبائي في الدرعية "

 وهنا يأتي السؤال الأهم هل تجمع الكيان الاسرائيلي بالسعودية علاقاتٌ ودية حقاً أما أنها مجرد أحلام يحلم بها الأمير المدلل؟

  للإجابة على هذا السؤال علينا تتبع وسائل الإعلام العبرية أولاً والقيام بمقارنة السياسة السعودية والاسرائيلية في المنطقة  وعندها سنعثر على التالي:

  أصداء العلاقات السعودية الاسرائيلية في وسائل الإعلام العبرية:

  -    الرئيس الاسرائيلي الحالي رؤوفين ريفلين ينعى الملك السعودي الراحل في مقالة نشرها موقع " ميجافون " العبري يقول ريفلين: "مع الأسف سمعت خبر وفاة العاهل السعودي الملك عبد الله الذي كان نموذجاً للقيادة المعتدلة صاحبة التقاليد الدينية العميقة". ويضيف ريفلين: "إن سياسة الملك عبد الله الحكيمة ساهمت إلى حدٍ كبير في التوازن والاستقرار في الشرق الأوسط، كما أنه احترم حساسية وقدسية القدس، وسعى إلى تعزيز رؤية إقليمية مزدهرة."

  -    ويشير الموقع العبري ذاته إلى أن الرئيس السابق "شيمون بيريز" نعى أيضًا وفاة الملك "عبد الله" قائلاً: "أقدم التعازي لوفاة الملك عبد الله، الذي كان زعيماً لديه الخبرة والحكمة، وقف بجرأة وقدم خطة للسلام في الشرق الأوسط".

 وأضاف بيريز "أرسل التعازي إلى أسرة الملك وشعب السعودية، ونأمل أن يظل إرثه في المستقبل، وأن يسهم في استمرار السلام في الشرق الأوسط."

 -    فيما نشرت صحيفة "يديعوت أحرنوت" الاسرائيلية خبراً مفاده ارتفاع حجم التبادلات الاقتصادية بين الكيان الاسرائيلي والسعودية في السنوات الأخيرة بنسبة تفوق٣٠%  بعشرات الملايين من الدولارات وبتشجيع من شارون نفسه ، و تؤكد الصحيفة في مقال آخر اجتماع رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق «إيهود أولمرت» مع شخصية رفيعة المستوى من العائلة السعودية.
 هذا ما يقوله الاسرئيليون أنفسهم عن علاقاتهم بالسعودي، ولكن ماذا عن السعودي ما رأيه بإقامة علاقة مع هذا الكيان؟
 تطل علينا فتوى مفتي السعودية الأسبق الشيخ عبد العزيز بن باز التي أصدرها عام ١٩٩٤ وهي فتوى تبيح إجراء الصلح مع الكيان الاسرئيلي وتسمح بتبادل السفراء معه إن كان ولي الأمر يرى أن ذلك يحقق مصلحة للمسلمين. هذه الفتوى تطلق العنان للدبلوماسي السعودي للتودد من الاسرائيلي والعمل على نيل ثقته وإذا ما أضفناها لأحلام الأمير "المحب للسلام" سنستطيع تخيل حجم هذه العلاقات.
  تطابق السياسة السعودية والاسرئيلية  في المنطقة:
  المراقب لأحداث المنطقة وتطوراتها سيلاحظ تشابهاً كبيراً يصل إلى حد التطابق بين السياسات السعودية والاسرئيلية وخصوصاً تجاه دول محور المقاومة التي تجمعها  بالكيان الاسرائيلي  علاقة عداء ليست بالخفية

 ١-  الجمهورية الإسلامية الإيرانية مذ أعلنت ثورتها الإسلامية وتبديلها السفارة الإسرائيلية في طهران إلى سفارة فلسطين وتبنيها لقضايا الأمة، تحولت بالنسبة إلى دولة آل سعود إلى عدو العرب الأول الذي يجب أخذ الحذر منه والحؤول دون تقدمه، فايران النظام الملكي وايران شرطي الخليج لا تمثل أي تهديد لدول الجوار لكن ايران الإسلامية ايران الداعمة لتحرير الأرض والاستقلال عن الإرادة الغربية تمثل العدو الذي يجب مقاومته وتدميره في تطابق غريب مع أهداف الكيان الاسرائيلي وسياساته في المنطقة. وها هو موقع (Israel Defense )، الإسرائيليّ المُختّص بالشؤون الأمنيّة ينشر تصريحات لأراد، المسؤول السابق في جهاز الموساد الإسرائيليّ يشير خلالها إلى أن السعودية تمثل سدًا في وجه إيران ، ويقول: "لدينا تعاون أمنيّ بين إسرائيل والسعودية، وذلك من ضمن تعاون في مجالات أخرى، وعلينا أن ننتظر لنرى ما يمكن أن يصل إليه هذا التعاون"

 ٢-    أما في سوريا وبعد أربع سنوات من بداية الحرب في هذا البلد، وبينما نشاهد معظم قوى العالم قد أيقنت أن حل الملف السوري هو حل سياسي لا يتم إلا بالحوار بين السوريين أنفسهم ، نجد السعودي ما زال مصراً على إزالة النظام  بأي طريقة كانت، فيعمل على دعم الارهابيين بالمال والسلاح والتدريب ، في حين يقوم الكيان الاسرائيلي بمساعدة هؤلاء الارهابيين وتقديم يد العون لهم فيسعف جرحاهم ويزودهم بالسلاح والمعلومات ويتدخل أحياناً شخصياً ليقصف مواقع للجيش السوري تفريجاً عنهم وتحسيناً لوضعهم على الأرض. وإذا ما تأملنا دراسةً أجراها معهد أبحاث الأمن القومي الاسرائيلي تظهر أن الكيان الاسرائيلي هو المستفيد الأكبر من الأحداث الجارية في سوريا وأن من مصلحة هذا الكيان إطالة الأزمة في هذا البلد إلى أكبر وقت ممكن سنستطيع حينها استيعاب الاصرار السعودي على الإطاحة بالرئيس الأسد ورفض أي تعاون مع مبعوثي الأمم المتحدة من أجل حل هذه الأزمة سياسياً.

 ٣-    لم يكن الموقف السعودي تجاه حركات المقاومة اللبنانية والفلسطينية أقل حدة من موقفه تجاه ايران وسوريا ، فالسعودية تعتبر حزب الله جماعة ارهابية شأنها في ذلك شأن الكيان الاسرائيلي، وتحاول جاهدة إضعاف حزب الله والتضييق عليه وجميعنا يتذكر موقفها من حرب تموز فبدلاً من أن تقف في وجه المعتدي وتدين العدوان الإسرائيلي على لبنان ذهبت السعودية إلى تحميل حزب الله المسؤولية كاملة  واصفةً ما قامت به المقاومة بالتصرفات " غير المسؤولة" ودعتها إلى "إنهاء الأزمة التي أوجدتها" مطالبة بالتفرقة بين "المقاومة الشرعية وبين المغامرات غير المحسوبة" والسعودية تضيق على حركات المقاومة الفلسطينية وتطلب من حليفها المصري جعل غزة سجناً كبيراً للفلسطينين عقاباً لهم على اختيارهم مقاومة الحليف الاسرائيلي، وقد فاجأ وزير الدفاع الإسرائيلي السابق شاؤول موفاز المذيع في القناة العاشرة بقوله إن إسرائيل يجب أن تحدد دوراً للسعودية والإمارات في نزع سلاح حماس.

 كل هذا وأكثر يثبت بما ينافي كل شك وريب أن العلاقة السعودية الاسرائيلية وإن خفي معظمها إلا أنها حاضرةٌ في كل ملفات المنطقة بشكل قوي وظاهر، علاقة جعلت كل واحدة منهما تكمل الأخرى وتحمي مصالحها.
رأیکم