جاك سترو: الايرانيون محقون في اساءة الظن بنا

وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء

رمز الخبر: ۶۴۹
تأريخ النشر:  ۱۱:۱۵  - الجُمُعَة  ۰۱  ‫مارس‬  ۲۰۱۳ 
قال وزير الخارجية البريطاني السابق جاك سترو في مقال نشرته صحيفة " الديلي تلغراف " ان على الغرب ان يبادر الى تطبيع علاقاته مع ايران ، لان هذا البلد يتمتع بطاقات هائلة لتغيير اوضاع المنطقة فضلا عن الاعتراف بحقه في الاستفادة السلمية من الطاقة النووية .

وانتقد سترو في مقاله عبارة "كل الخيارات مازالت مطروحة" والتي تشير الى ان الغرب مازال يحتفظ بخيار استخدام القوة العسكرية لمنع ايران من امتلاك الاسلحة النووية وقال ، سنسمع هذه العبارة كثيرا خلال هذا الاسبوع ونحن على اعتاب المفاوضات النووية بين ايران و 5+1 في كازاخستان .

واشار سترو الى انه ردد هذه العبارة كثيرا ولكنه يرى انها اصبحت عقبة امام التوصل الى حل في هذه المفاوضات بدلا من ان تساعد على حل الازمة.

وقال وزير الخارجية البريطاني السابق في جانب آخر من مقاله ان فكرت ايران بمهاجمة "اسرائيل" او احد جيرانها العرب، فإن القانون الدولي واضح تماما في هذا المجال ( من حق البلد المهاجم ان يرد ) ، ولكن حدوث مثل هذا الهجوم مستبعد جدا.

وبناء على المادة 42 من ميثاق الامم المتحدة ، فان مجلس الامن يستطيع ان يتخذ الاجراءات الضرورية لصون " الامن والسلام العالميين " ومنها التصريح بشن هجوم عسكري . وهذه القرارات هي التي سمحت لشن هجوم عسكري على العراق خلال اعوام 1991 و 2003 و كذلك على ليبيا عام 2011 .

ويضيف سترو : لكن مثل هذا القرار الذي يتطابق مع المادة 42 غير موجود في خصوص ايران ، ولن يوجد لان الصين وروسيا ستستخدمان الفيتو لنقضه . طبعا اصدر مجلس الأمن قرارات ضد ايران بموجب المادة 41 وهي تستبعد صراحة خيار استخدام القوة ، وتشدد على العقوبات الدولية التدريجية ضد إيران (بذريعة عدم التعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية ) .

ولا شك ان العقوبات الامريكية والاوروبية ادت الى تقويض التجارة الدولية الايرانية وانخفاض قيمة عملتها وارتفاع معدلات التضخم في هذا البلد .

ويشير سترو الى ان المفاوضات النووية المقررة بين ايران ومجموعة 5+1 هي احدث خطوة يقوم بها المجتمع الدولي لاقناع نفسه بان طهران لا تسعى الى حيازة السلاح النووي وينوه الى انه و" دومينيك دوفيلبان " و " يوشكا فيشر " وزيري خارجية فرنسا والمانيا هم الذين اسسوا لهذا التوجه عام 2003 بعدما تبين ان ايران اخفت جانبا من نشاطاتها النووية ما يعد انتهاكا لاتفاقية حظر الانتشار النووي التي هي عضو فيها ( حسب تعبيره ) . ويشير الى زيارته لطهران 5 مرات عندما كان وزيرا للخارجية واصفا المفاوضات مع الايرانيين بانها صعبة للغاية .

ويرى وزير الخارجية البريطاني السابق ان الخروج من هذا المأزق يتطلب حنكة عالية من كلا الطرفين . فعلى الغرب فهم نفسية الإيرانيين . لان جميع الايرانيين وبمنأى عن انتماءاتهم السياسية لديهم انتماء شديد لهويتهم الوطنية . انهم يشعرون وهو شعور صحيح بانهم تعرضوا لاذلال ممنهج من قبل بريطانيا ، والان يريدون ان يجري التعامل معهم باحترام .

ان عبارة " هذا العمل هو من عمل الانجليز " بات مثلا رائجا بين الايرانيين . قليلون هم الذين يعرفون الدور الذي اضطلعت به بريطانيا في التطورات السياسية الايرانية في القرن التاسع عشر ، ولكن الايرانيين يستطيعون تقديم التفاصيل لكم بهذا الشان ، انطلاقا من ثورة التبغ واستخراج النفط من قبل شركة "د آرکي بتروليوم" (التي تحولت فيما بعد الى بريتيش بتروليوم )، وحتى تنصيب رضا شاه، واحتلال الارضي الايرانية مع روسيا من 1941 وحتى 1946، وتدبير الانقلاب ضد رئيس الوزراء محمد مصدق وعزله عام 1953 (بمساعدة الاستخبارات الامريكية ) ، و مؤازرة ودعم نظام الشاه الجائر حتى سقوطه عام 1979، جميع هذه الامرو تؤكد بانه لم يكن لنا دور ايجابي ابدا . وعلينا ان نضع انفسنا بدلا مهم ونفكر ان فعلوا بنا ما فعلنا بهم فماذا سيكون شعورنا .

ويلمح المقال الى الوعد الذي قدمه الرئيس الايراني محمد خاتمي مباشرة بعد احداث 11 سبتمبر والقاضي بانه سيشارك بفاعلية في الاجراءات الامريكية على صعيد مكافحة القاعدة وطالبان ، وقد كان عند وعده خلال الاشهر الاولى ويضيف : لكن الذي حصل عليه في مقابل هذه الخطوة هو ان الرئيس الامريكي انذاك جورج بوش وبعد عدة اشهر فقط اي في يناير 2002 وضع ايران الى جانب العراق وكوريا الشمالية في محور الشر .

ويرى سترو ان ايران تتطلع من خلال المفاوضات النووية الى تحقيق هدفين اولهما الاعتراف الكامل بحقها في الاستفادة من التقنية النووية لاغراض سلمية وفقا لمعاهدة حظر الانتشار النووي ( ان بي تي ) . هذا في حين ان "اسرائيل " والهند وباكستان التي تمتلك جميعها السلاح النووي لم تكن عضوا ابدا في معاهدة حظر الانتشار النووي وكوريا الشمالية التي تحاول تعزيز قدراتها النووية في الوقت الراهن انسحبت من هذه المعاهدة عام 2003 . ثانيا ان ايران تسعى الى الخروج من عزلتها الدولية والاعتراف بمكانتها الاقليمية لاسيما من قبل امريكا .

واكد وزير الخارجية البريطاني السابق ان تطبيع العلاقات مع ايران يشكل فرصة سانحة للمجتمع الدولي ، وذلك لان ايران لديها طاقات كبيرة لتغيير الظروف في دول الجوار التي تفقتد للاستقرار مثل سور?ا ، لبنان، الاردن، العراق، الاراضي المحتلة ، الدول العربية في الخليج "الفارسي " وافغانستان . وينصح سترو بريطانيا بان تجعل موضوع فتح سفارتي الجانبين في لندن وطهران على صدر اولوياتها .

ويشير المقال الى ان قائد الثورة هو الذي لديه كلمة الفصل في الموضوع النووي وانه يتطلع فقط الى ان تحصل ايران على التقنية النووية السلمية ومن المستبعد ان يتخذ قرارا بانتاج السلاح النووي ويتساءل من باب المثال هل ان حصول ايران على السلاح النووية سيؤدي الى سباق تسلح نووي في منطقة الشرق الاوسط ؟ ويستبعد سترو ان يحصل مثل هذا الامر مستندا الى تقرير اصدرته مركز الدراسات الحربية في الجامعة الملكية بلندن جاء فيه ان تركيا ومصر والسعودية لن تحصل على منافع كبيرة اذا دخلت في مثل هذا السباق ولكنها في المقابل ستفقد الكثير الكثير . وفي كل الاحوال لا يستحق ان نخوض حربا وان كانت هناك ايران نووية .

ويتابع سترو مقاله بالتنويه الى انه لا يوجد من يرغب بشن حرب على ايران اكثر من رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو ، وكان من المتوقع ان يعزز موقفه ومكانته خلال الانتخابات الاخيرة ، ولكنه بعكس ذلك فقد ثلث المقاعد التي كان يتوقع ان يحصل عليها . نتائج الانتخابات تشير الى ان الاسرائيليين اخذوا بنظر الاعتبار اقوال الخبراء الذين يتسمون بالواقعية في تصريحاتهم مثل "مئير داغان " رئيس الموساد السابق و " يوال ديسكين " الرئءيس السابق لجهاز ال"شين بيت " وكان داغان قد وصف عام 2011 فكرة ضرب ايران بانها " فكرة غبية " . كما اثار كل من داغان و ديسكين شكوكا كثيرة حول جدوى ضرب ايران ل "اسرائيل" . ويقول ديسكين في هذا الخصوص ان تصريحات نتانياهو القاضية " بان ايران لن تحصل على القنبلة اذا تدخلت اسرائيل " هي غير صحيح ابدا .

 كما ان داغان يعارض فكرة نتانياهو القاضية بان الهجوم على ايران سيؤدي الى اسقاط وهي معارضة صائبة . ويقول داغان في هذا الخصوص " ان هاجمنا ايران فان النظام سيخرج من الضغوط التي يتعرض لها ، ليبس لدى ادنى شك بان الهجوم على ايران سيؤدي بهذا البلد الى تسريع وتيرة حصوله على السلاح النووية" . كما يضيف داغان ان الهجوم على ايران سيؤدي احباط الحظر وحصول ايران بكل سهولة على ما تحتاجه لتخطي العتبة النووية .

ويقول سترو في ختام مقاله ان المجتمع الدولي قد يرغم على تحمل ايران مثل كوريا الشمالية كتهديد والرضوخ لهذه الحقيقة ، ولكن في النهاية رؤية رؤساء الاجهزة الامنية الاسرائيلية هي الصحيحة ، اي ان الحرب مع ايران ليست خيارا جيدا .
رأیکم