مؤتمر طهران لدعم الانتفاضة الفلسطينية ضمن الاستراتيجية إلايرانية

وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء

رمز الخبر: ۹۵۷۵
تأريخ النشر:  ۰۸:۲۸  - الأَحَد  ۱۹  ‫فبرایر‬  ۲۰۱۷ 
"مؤتمر دعم الانتفاضة الفلسطينية" في طهران في الحقيقة مؤتمر "أبعد من الانتفاضة"، إذ تثبت الدولة الإيرانية، بهذه الخطوة للشعوب العربية التي ما تزال ترى بإسرائيل عدواً رقم واحد، أن إيران هي الحليف الحقيقي لهذه الشعوب وليست عدواً لها كما يُراد لها أن تكون.
 طهران-وكالة نادي المراسلين الشباب للانباءكنت أتوقع أن يكون اللقاء بين ترامب ونتانياهو تاريخياً، ولكنه لم يكن كذلك، مع هذا لا يمكن تجاهل ما حصل فيه من مضامين جديدة، تشير إلى محاولة أميركية - إسرائيلية لوضع استراتيجية جديدة لسياستهما في الشرق الأوسط، تعتمد على ثلاث ركائز أساسية. الركيزة الأولى، تتمثّل بتبنّي نهج جديد لحل الأزمات، هو نهج الصفقات، ذلك لأنه لا يمكن فهم مضمون المواقف والتصريحات التي أطلقها كل من ترامب ونتانياهو، إلّا ضرباً بعرض الحائط بالقوانين الدولية وبالأمم المتحدة ومؤسساتها، بما في ذلك مجلس الأمن، فبدلاً من أن يكون القانون الدولي هو الأساس لحل النزاعات الدولية، أشار الطرفان إلى إمكانية عقد "صفقة" بين دول عربية كثيرة وإسرائيل لحل قضية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
أما الركيزة الثانية فهي تحديد العدو المشترك الذي يتمثل بإيران واعتبارها "مصدر الإرهاب الإسلامي"، ووضعها في سلّة واحدة مع "داعش"، مع أن ايران هي العدو اللدود لداعش، وأن السعودية وقطر وتركيا هم الداعمون الأساسيون لكل العصابات الإرهابية التي تعيث بأرض العراق وسوريا وليبيا خراباً، ولا ننسى جرائم العدوان السعودي على الشعب اليمني أيضاً.
أما الركيزة الثالثة وهي الأخطر، بل هي الجوهر في نظري، فتتمثل بالتصريح عن محادثات جارية مع عدد من الأنظمة العربية الموالية لأميركا لتشكيل محور سنّي إسرائيلي لمواجهة إيران ولكل القوى المقاومة للبلطجية الأميركية الإسرائيلية في المنطقة، هذا التحالف لا يبتلع الحقوق الفلسطينية فقط، وإنما قد يصل، بتحريض إسرائيلي وأميركي، إلى تفجير الساحة الخليجية ليتحوّل إلى صراع حربي يدمّر المنطقة الخليجية بأكملها.
تهدف الاستراتيجية الأميركية الإسرائيلية إلى أبعد من تحالف سياسي، أي إلى إقامة تحالف عسكري، "سُنّي" - إسرائيلي، برعاية أميركية، مع دول خليجية وغير خليجية بقيادة السعودية، بحجّة مواجهة "المدّ الشيعي" الإيراني، واستمراراً للعدوان المستمر على سوريا والعراق واليمن، تكون نتيجته تدمير دول الخليج (الفارسي) العربية لإعادة بنائها من قِبَل شركات أميركية بأموال عربية. إضافة إلى تدمير إمكانية استفادة إيران من المردود الاقتصادي للاتفاق النووي الذي وقّعته مع الدول الكبرى.
إضافة إلى كل ذلك، تطمح إسرائيل من خلال كل هذا إلى توثيق علاقاتها العسكرية مع "الدول السنّية" وتغييب الحقوق الفلسطينية بضغوط من حلفائها العرب مباشرة، وتكريس الصراع السنّي الشيعي لأجيال قادمة، وهو في صلب استراتيجية إسرائيل في الشرق الأوسط. 
في مثل هذه الظروف تطمح إسرائيل إلى إغراق الجيش الإيراني بالحروب، فيسحب قواته من سوريا، ويتم القضاء على إمكانية تشكّل جبهة مقاومة في الجولان. 
يبقى السؤال الذي يفرض نفسه على كل القوى السياسية في المنطقة، ما العمل مقابل هذه الاستراتيجية الجديدة؟ هل ننساق معها أم نواجِهُها؟ في حين أن السلطة الفلسطينية أصدرت بياناً تُبدي فيه استعدادها "للتعامل بإيجابية مع الإدارة الأميركية لصنع السلام"، ولا أدري كيف يمكن التعامل بإيجابية مع تصريحات ترامب واستراتيجيته؟.
تقوم إيران باستباق الأحداث من خلال وضع استراتيجية استباقية لمواجهة الاستراتيجية الأميركية - الإسرائيلية الجديدة. وتتمثّل هذه الاستراتيجية بثلاث حلقات على المستوى الاقليمي، عدا عن حلقات المستوى الدولي، الأولى تتمثّل بانعقاد مؤتمر دعم الانتفاضة الفلسطينية في طهران بهدف تحشيد الشعب الفلسطيني وقواه السياسية لمواجهة أية محاولة أميركية إسرائيلية عربية لتغييب الحقوق الفلسطينية، وهو في الحقيقة مؤتمر "أبعد من الانتفاضة"، إذ تثبت الدولة الإيرانية، بهذه الخطوة للشعوب العربية التي ما تزال ترى بإسرائيل عدواً رقم واحد، أن إيران هي الحليف الحقيقي لهذه الشعوب وليست عدواً لها كما يُراد لها أن تكون.
أما الحلقة الثانية فتتمثل بالجهود التي يبذلها الرئيس الإيراني للتقارُب من دول الخليج( الفارسي) ، وما زيارته إلى الكويت وعُمان هذا الأسبوع، وتصريحاته باستعداد إيران لتوثيق العلاقات مع دول مجلس التعاون رغم معارضة السعودية وقطر لذلك، إلا محاولة لمنع أي توتّر عسكري في الخليج ( الفارسي) قد يؤدّي إلى دمار لدى جميع الأطراف.
أما الحلقة الثالثة فتتمثل بتعزيز قوة المقاومة اللبنانية بما في ذلك على حدود الجولان السوري المحتل، ولا يمكن فهم "نصائح" السيّد حسن نصرالله لإسرائيل بضرورة تفكيك مفاعل ديمونة النووي، لأنه سيكون مستهدفاً إذا ما فكّرت إسرائيل بشنّ حرب في المنطقة وعلى حزب الله بالذات، إلّا ضمن هذه الاستراتيجية الإيرانية الجديدة أيضاً.

أليف صباغ: محلل سياسي مختصّ بالشأن الإسرائيلي
(العالم)

 
 
الكلمات الرئيسة
رأیکم