بالصورة.. لواء اسكندرون يحتضن الانتفاضة ضد أردوغان

وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء

رمز الخبر: ۲۶۵۲
تأريخ النشر:  ۱۲:۲۸  - الاثنين  ۱۵  ‫یولیو‬  ۲۰۱۳ 
وكالة (نادي المراسلين) العالمية للأنباء :
لأعوام خلت عرفت مدينة أنطاكية باسم "مدينة السلام والتسامح"، وكثيراً ما شهدت تنظيم المؤتمرات الإعلامية المهتمة بمسائل "حوار الأديان" و"حوار الحضارات" وما شابه بسبب غناها الديمغرافي وطبيعتها الفسيفسائية.
وفقا لما اوردته وكالة (نادي المراسلين) العالمية للأنباء تبدو أنطاكية اليوم قد خلعت حلتها المألوفة لترتدي لباس الميدان.كان الإنطاكيون على موعد مع جنازة "علي اسماعيل كوركماز"، القتيل الثاني الذي قدمته المدينة منذ بدء الانتفاضة التركية ضد حكومة حزب العدالة والتنمية. وزاد في نقمة السكان ملابسات وفاة "كوركماز"، فبعد أن اجتمع عليه عدد من رجال الشرطة ورموه أرضاً وأشبعوه ركلاً وضرباً، في مدينة "أسكي شهير" التي يدرس في جامعتها، رأى طبيب المشفى الذي أسعف إليه أنه بحالة جيدة، وإذ به بعد ساعات يعاني من نزيف داخلي في الدماغ بسبب الضرب الذي تعرض له، ليسلم روحه بعد صراع استمر ٣٨ يوماً مع النزيف. وهو ما اعتبره مواطنو المدينة تواطؤاً من الطبيب لقتل الشاب.

وزاد في الطين بلة أيضاً مداهمة الشرطة لجنازته، مما أدى لتفجر المشاعر، لكن عائلته حقناً للدماء أجلت جنازة ابنها، وأما أمه المكلومة فقد استمرت منذ خبر وفاته بارتداء سترة له. ومما أثار المشاعر تزامن وفاته مع أربعينية القتيل اللوائي الثاني "عبد الله جومرد".

وشهدت الشوارع زلزالاً حقيقياً، ولا سيما في حي "أرموتلو"، المعروف منذ القديم باحتضانه لمختلف أنواع الحركات المعارضة للحكومات في تركيا.

وأقامت الشرطة حواجز محاولة عزل الأحياء والتجمعات عن بعضها البعض، وهو أسلوب كانت قد استخدمته سابقاً، في المظاهرات المعارضة للسياسة التركية في سورية، والتي كان مهدها حي "أرموتلو" نفسه. لكن المحتجين هذه المرة قاموا بمداهمة واحراق الحواجز، رافعين شعارات "هذه البداية فقط" إلى جانب شعارات تذكر بـ"علي اسماعيل كوركماز" و"عبد الله جومرد" الشابين اللوائيين الذين قتلا خلال الانتفاضة، ولم يلبثوا أن أقاموا حواجزهم لإعاقة مرور مصفحات الشرطة التي هاجموها، ورموا على إحداها خزان مياه من سطح مبنى كانت تمر بجانبه، مما أدى لضرر بالغ فيها. وقاوموا المياه المضغوطة بأكياس مملوءة بزيت الزيتون.

ومن جانبها أطلقت الشرطة القنابل الصوتية والغازية والمياه المضغوطة المعالجة بمواد كيميائية شبيهة من حيث أثرها بغاز الفلفل الحارق. كما أصابت بالرصاص المطاطي عدداً من المحتجين. وقامت بقطع التيار الكهربائي عن المدينة ايذاناً بحملة من المداهمات، وهو ما تكرر لأكثر من مرة كلما احتدت شدة المواجهات بين الطرفين.

وتحدثت مصادر صحفية عن إعلان حالة الطوارئ في الجيش وارسال وحدات من "الجندرمة" التركية تحسباً للتدخل في أي لحظة، لكن الوحدة العسكرية، التي كانت مرابطة في شارع "كوندوز" في الحي المذكور، اضطرت للانسحاب بسبب رد فعل الجمهور، الذي قذفها بالحجارة وجرح ضابط صف فيها، وتركت الشرطة وحيدة وجهاً لوجه مع المحتجين.

وعلم مراسل وكالة أنباء آسيا عن وجود عدد كبير من المصابين، أصيب أحدهم في رأسه بسبب تعرضه لقذيفة غازية أطلقت من مسافة لا تتجاوز بضعة أمتار. كما أصيب آخر بسبب سقوط القذيفة في منزله دون أن يكون مشاركاً في الأحداث. كما اندلعت النيران في أحد المنازل بسبب قذائف الشرطة، على حد قول أحد المتظاهرين.

ومع سقوط الإصابات، وهي أغلبها من المحتجين إضافة إلى عسكري واحد وشرطيين اثنين، أصيب أحدهما بطلق ناري، تضاءلت الأحداث بعد منتصف الليل لينفض الحشد تماماً بعد الثالثة صباحاً.

وفي "أسكي شهير"، المدينة التي قتل فيها "كوركماز"، غلت المشاعر تعاطفاً معه، ونزل لتوديع جنازته المنطلقة إلى مسقط رأسه في أنطاكية حوالي عشرين ألف متظاهر هتفوا "كوركماز حي بيننا"، ونددوا بالسلطة الحاكمة. وأقام طلبة اعتصامات ليلية لتخليد ذكراه في البقعة التي تعرض فيها للضرب المبرح على يد قوى الشرطة.

وفي "اسطنبول" هاجمت الشرطة حشداً كان يحاول الوصول إلى ميدان "تقسيم"، مهد الانتفاضة الحالية، وداهمته بالغاز المسيل للدموع في شارع "الاستقلال" الذي تجمع فيه. وأفادت مصادر عن وجود عدد كبير من المعتقلين، ولا سيما بعد قرار الحكومة اعتبار "ملتقى تضامن تقسيم"، وهو الهيئة التي تجتمع فيها أغلب الهيئات والمنظمات والأحزاب والنقابات المعارضة لتنسيق الاحتجاجات، منظمة ارهابية.

وشهد المساء انقسام الإسطنبوليين بين فعاليتي إفطار رمضاني، إحداها نظمها حزب العدالة والتنمية الحاكم والأخرى نظمتها جماعة "المسلمين المناهضين للرأسمالية"، وهي من أهم التنظيمات الإسلامية الناشطة في الاحتجاجات ضد "أردوغان"، حيث افترشوا الأراضي، وتناولوا الوجبات التي حضرتها لهم ربات البيوت المؤيدات لهم.
ومن جهة أخرى فقد طبعت المشهد السياسي لنهار يوم السبت الكلمة، التي ألقاها رئيس الوزراء "رجب طيب أردوغان"، والتي تناول فيها مسألة "البلطجية"، الذين التقطت صورهم عدسات الكاميرات في عدة زوايا من تركيا، حيث قام شخص مسلح بساطور بمهاجمة المحتجين بالقرب من ميدان "تقسيم"، وأصاب فتاة متظاهرة، إضافة لمشاهد مماثلة في عدة أماكن.

غير أن "أردوغان" اتهم طلبة الجامعات المعارضين بممارسة البلطجة وحمل السواطير، رغم ثبوت استخدام مؤيديه للسواطير، منذراً إياهم بأن "العنف يستولد عنفاً" على حد تعبيره.

تركز الاحتجاجات في اليومين الماضيين في لواء اسكندرون دفع العديد من اللوائيين لاستدراك موقفهم من الدولة التركية، ومن العقد الاجتماعي الناظم لعلاقتهم بها؛ ويمكن اعتبار هذه الجملة التي قالها والد أحد المعتقلين السياسيين، الذين أفرج عنهم حديثاً بعد اعتقاله بتهمة الانتماء لمنظمة إرهابية، مثالاً جيداً، إذ قال : "تاريخ انضمام هاتاي (لواء اسكندرون) إلى تركيا هو عام ١٩٣٩، وتاريخ انفصالها هو عام ٢٠١٣. لقد أثبتت الأحداث أنهم (يقصد النظام السياسي) لا يعتبروننا مواطنين في دولتهم"

رأیکم