صاحب القميص الأحمر دخل التاريخ - د.مصطفى محمود

وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء

رمز الخبر: ۱۱۱۷
تأريخ النشر:  ۱۱:۰۲  - الأَحَد  ۱۷  ‫مارس‬  ۲۰۱۳ 
هوجو تشافيز صاحب القميص الأحمر الشهير... دخل التاريخ بقوة أفكاره ونجاحاته الداخلية وتأثيراته الدولية، والتزامه بتنمية بلاده ودول القارة.. إنه حقاً زعيم تاريخى وثورى استثنائي سيترك أثراً عميقاً في تاريخ بلاده.
والجميع سيذكرون العصامي الذي شق طريقه بمسيرة نضالية بدأت من صفوف الجيش، وأدت به الى المنفى والسجن والانقلاب والانقلاب المضاد، قبل أن يصبح شخصيّة استثنائية يبكيها المستضعفون في الأرض.. إنه المتمرد على الهيمنة الإمبريالية والرأسمالية على العالم ساعيًا إلى إيجاد بديل جذري.. ذو اللمسة الشعبية المغناطيسية والسيطرة الإدارية المثيرة.

تشافيز ليس مجرد ضابط نجح في الانقلاب على النظام السابق ليتولى زمام الأمور، ولا هو رجل سياسي أتى بأجندة خارجية على غرار العديد من زعماء دول العالم، وليس فقط أصغر رئيس في تاريخ فنزويلا حولها إلى جمهورية بوليفارية ثورية تحاكي كوبا، إنه شخصية فريدة عشقت القراءة، وتأثر بالأفكار الاشتراكية، وخلق نظريته الخاصة الجامعة بين الاشتراكية العلمية وانتمائه للمسيحية. تربى على حكايات أبطال التحرير، التي حكتها له جدته وشكل حركة عسكرية سرية أطلق عليها جيش تحرير الشعب الفنزويلي ثم أسس الحركة الثورية البوليفارية الناطقة باسم فقراء فنزويلا.

مسيرته حفلت بالنشاطات السياسية والطموحات الثورية في عالم تغلب عليه سيطرة القطب الواحد، وأثر فى انتخاب رؤساء مثله أمثال إيفا موراليس في بوليفيا، وخوسيه موخيكا في الأوروجواي.

إنه صاحب كاريزما تترك أثرا لن يمحى بسهولة.. إن تشافيز المولود في كوخ طيني، ظل وفيّاً للفقراء ومنذ تسلّمه السلطة حاول أن يكون سندهم الأول وعندما وقع الانقلاب الفاشل الذي رتبته طبقة رجال الأعمال وزعماء النقابات العمالية القدامى، الذين فقدوا امتيازاتهم بسقوط الأحزاب السياسية المرتبطة بالخارج، إلا أن هذا الانقلاب لم يدم أكثر من 48 ساعة، ليعود تشافيز زعيماً شعبياً بامتياز. وظهر الالتفاف الشعبي حوله عام 2004، حين حاولت المعارضة إحراجه بطرح استفتاء على رئاسته.


إلّا أن الضربة ارتدت سلباً على المعارضة نفسها، بعد أن صوّت 59 في المائة من الشعب لمصلحة بقاء تشافيز في السلطة. وفي الدورة الرئاسية الثالثة فاز بها على الرغم من انحياز معظم وسائل الإعلام المحلية ضده وبذله جهدا أقل فى الدعاية الانتخابية بسبب مرضه، ووضع خريطة انتخابية تحابى الطبقات الوسطى والعليا فى المجتمع عن طريق إقامة عوائق جغرافية لتقليص الكتلة التصويتية للطبقات العاملة التى ذهبت لتصوت له.

ونجاح تشافيز فى تقليص معدلات الفقر فى بلاده، يندرج ضمن العوامل الرئيسية التى ساعدت على تعزيز شعبيته ليبدأ بتطبيق نظام اجتماعي قائم على المساواة والعدالة الاجتماعية في إطار نظام اشتراكي يتناسب مع ظروف الفنزويليين وحياتهم وشجع على إنشاء التعاونيات والمؤسسات، التي تعتمد إدارة مشتركة بين رأس المال والعمل، والإنتاج الاجتماعي بأشكال جديدة مثل «الملكية التضامنية». وكان هدفه من خلال هذه السياسة التصدي للاحتكار واحتكار القلة والأملاك الزراعية الكبرى. أقصي الإمكانات الاقتصادية في اتجاه أسواق جديدة وبعدما كان إجمالي الناتج الداخلي الفنزويلي بمستوى 91 مليار دولار عام 1990، وصل إلى 328 مليار دولار في 2012، واستفاد نحو 20 مليون شخص من برامج مكافحة الفقر، حيث حصل 2.1 مليون شخص من كبار السن على معاشات مقابل 387 ألف شخص فقط حصلوا على معاشات قبل مجىء تشافيز للسلطة.. فمع ارتفاع أسعار النفط أطلق تشافيز سلسلة من الإصلاحات عام 2004 سمحت بزيادة العائدات النفطية بفضل النظام الضريبي وضبط المساهمين باستعادة أكثر من 5.2 مليون هكتار من الأراضي تملكها جهات خاصة وبعمليات تأميم في قطاعات استراتيجية مثل صناعة الاسمنت والتعدين والأغذية والكهرباء والاتصالات والمصارف.


وجرى فى عهد تشافيز تحقيق أكبر تنويع للنشاط الاقتصادى ولعل أكبر دليل على هذا هو أن الدولة أصبحت تحقق إيرادات ضريبية تعادل تلك التى يتم الحصول عليها جراء بيع البترول، وذلك بفضل حرصها على تعزيز قدرتها على جمع الضرائب وإعادة توزيع الثروة، فقد جمعت الدولة فى عقد واحد ضرائب بقيمة 251.694 مليون دولار، ليتم بذلك تجاوز دخلها السنوى من البترول. قد يكون الرئيس الفنزويلي هوجو تشافيز خسر معركته مع السرطان بعد صراع طويل، لكن الأكيد أنه ربح معركة أكبر ستحفر في التاريخ تاريخاً جديداً يمتد إلى سنوات وسنوات مقبلة. لقد شهد خلال حياته على إرهاصات هذه المرحلة التي لن تنتهي برحيله، فالحالة لم تعد فنزويلية، بعدما تخطى الراحل حدود وطنه إلى عموم القارة اللاتينية. ولعل الشخصيات المتربعة على رئاسة العديد من الدول في القارة تشهد على أن «الحالة التشافيزية»، التي حاولت الولايات المتحدة وحلفاؤها احتواءها، باتت ظاهرة عصيّة على التدمير.


رأیکم