السیاسة الخارجیة الأمریکیة فی أزمة

وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء

رمز الخبر: ۲۴۴۱۳
تأريخ النشر:  ۱۱:۴۷  - الخميس  ۲۱  ‫یونیه‬  ۲۰۱۸ 
بقلم محمد جواد ظريف؛
أصدرت وزير الخارجية الايراني مقالا بشأن السياسة الخارجية الأمريكية.

طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء- أصدرت وزير الخارجية الايراني  الدکتور محمد جواد ظريف مقالا بشأن السياسة الخارجية الامريكية.

و فیما یلی نص هذا المقال:

الاتفاق النووی ثالث إتفاقیة دولیة تنسحب الحکومة الأمریکیة منها بعد انسحابها من إتفاقیة شراکة المحیط الهادئ وإتفاقیة باریس للمناخ أمیرکا أصبحت معزولة بسبب تفردها ومحاولتها إضعاف مسار التعددیة استمرار امریکا بسیاساتها هذه یعرض استقرار المجتمع الدولی للخطر ویجعل الحکومة الأمریکیة فی موقع (متمرد دولی خارج علی القانون).

إن الإتفاق النووی الإیرانی مع (5+1) (برنامج العمل المشترک الشامل حول المشروع النووی الإیرانی) یعَدّ ثالث إتفاقیة دولیة انسحبت الحکومة الأمریکیة منها بعد انسحابها من إتفاقیة شراکة المحیط الهادئ وإتفاقیة باریس للمناخ. کما أنها من خلال سلوکها قد عرّضت للخطر عددا آخر من الإتفاقیات، کإتفاقیة نافتا ونظام التجارة الحرة وأجزاء من نظام الأمم المتحدة، وألحقت خسارة کبیرة بنظام التعددیة وآفاق حل الخلافات بالطرق الدبلوماسیة. وجاء القرار الأمریکی بالانسحاب من الإتفاق النووی الإیرانی وإعادة فرض العقوبات النوویة علی إیران فی 8 مایو 2018م بشکل أحادی الجانب وبطریقة غیر قانونیة، بل وعلی خلاف رأی الشعب الأمریکی، لیشکل ذروة حالات نکث العهد والانتهاک المتکرر لهذا الإتفاق من قبل الحکومة الأمریکیة. بینما الوکالة الدولیة للطاقة، بصفتها المؤسسة الوحیدة الدولیة التخصصیة المؤهلة، قد أکدت مرارا وتکرارا التزام الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة بتعهداتها وفق الإتفاق النووی. وقد واجه هذا القرار الأمیرکی إحتجاج المجتمع الدولی وحتی شرکاء أمریکا القریبین منها کالاتحاد الأوروبی وبریطانیا وفرنسا وألمانیا.

کما أن وزیر الخارجیة الأمریکی الجدید، أدلی فی 21مایو 2018م بتصریحات واهیة مسیئة ذات طابع تدخلی، أثار خلالها بعض المطالب ووجه تهدیدات ضد إیران، مما یتعارض تعارضا سافرا مع الأعراف الدولیة المعترف بها، کما یتعارض تماما مع أحکام القانون الدولی والسلوک الحضاری. إن هذه التصریحات، قبل أی شیء، تمثل رد فعل مرتبک من قبل الحکومة الأمریکیة تجاه الموقف الدولی الموحد والمعارض للجهود الأمریکیة الرامیة إلی القضاء علی الإتفاق النووی، وتجاه العزلة الناتجة عنها. والواقع أن السید بومبیو حاول خلال هذه التصریحات تبریر الانسحاب الأمریکی من الإتفاق النووی المتعدد الأطراف، وحرف الرأی العام الدولی عن هذا العمل غیرالقانونی وانتهاک قرار مجلس الأمن الدولی رقم 2231 الذی کانت الحکومة الأمریکیة قد اقترحت نصه وتم إقراره بالإجماع. فقد کانت الشروط الـ 12 المطروحة فی کلمة الوزیر الأمریکی مضحکة لأن أمیرکا نفسها هی التی قد أصبحت فی عزلة بسبب تفردها ومحاولتها لإضعاف مسار التعددیة. فلیس بلاسبب یلاحَظ أن هذه الکلمة وکلمة الرئیس الأمریکی قد واجهتا موقفا سلبیا وعدم اهتمام من المجتمع الدولی وحتی من قبل أصدقاء أمیرکا، ولم یدعمهما إلا عدد قلیل من السائرین فی الفلک الأمریکی فی منطقتنا.

إننی أشک فی أن وزیر الخارجیة الأمیرکی کان یدلی بمثل هذه التصریحات لو کان لدیه قلیل من المعلومات عن تأریخ إیران وحضارتها وعن النضال التأریخی للشعب الإیرانی من أجل الاستقلال والحریة، أو علم أن النظام السیاسی القائم فی إیران، علی خلاف أنظمة بعض حلفاء أمیرکا فی المنطقة، هو نظام منبعث من ثورة شعبیة ویقوم علی إرادة الشعب، علیه أن یدرک بأن أحد التطلعات الکبری للشعب الإیرانی کان یتمثل فی وضع نهایة للتدخل الأجنبی فی إیران، هذا التدخّل الذی قد بلغ حده الأقصی خلال فترة الـ 25 سنة بعد الانقلاب العسکری الذی وقع عام 1963م. علیه أن یعلم أنه خلال العقود الأربعة المنصرمة قد وقف الشعب الإیرانی شامخا مرفوع الرأس بوجه مختلف أنواع الاعتداءات والضغوط الأمریکیة، بما فیها محاولاتها لتمریر الانقلاب والتدخل العسکری، ودعمها للمعتدی خلال الحرب المفروضة علی إیران، وفرضها عقوبات أحادیة الجانب وتعمیمها علی خارج حدودها، وحتی قیامها بإسقاط طائرة رکاب مدنیة إیرانیة وما إلیها... فلن ینسی الشعب الإیرانی هذه الوقائع أبدا.

إن أکبر سند للنظام السیاسی الإیرانی هو الشعب الإیرانی المتحرر المسالم، الذی یقبل التعامل البنّاء مع العالم علی أساس الاحترام المتبادل، وفی نفس الوقت مستعد فی صف واحد وبصوت واحد للمقاومة والتصدی للبلطجة والابتزاز، والدفاع عن استقلاله وعزّته. ویشهد التأریخ أن کل الغزاة الذین هاجموا هذه الأرض العریقة المتحضرة، کأمثال صدام وحماته، کان مصیرهم الذل والهوان، وبقیت إیران تواصل طریقها شامخة مرفوعة الرأس مستبشرة بمستقبلها المشرق.
المؤسف أن السیاسة الخارجیة الأمریکیة ـ إن کانت هناک سیاسة فعلا ـ بما فیها سیاستها تجاه الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة، بُنیت أسسها، خلال فترة السنة والنصف المنصرمة،علی تصورات واهیة وأوهام فارغة، وإننی إذ أرفض التهم الواهیة الموجّهة باستمرار من قبل کل من الرئیس الأمریکی ووزیر الخارجیة الأمریکی، والتی تعتبر تدخلا سافرا فی الشؤون الداخلیة الإیرانیة وتهدیدا بلاوجه قانونی ضد أحد أعضاء الأمم المتحدة، وتتعارض بوضوح مع تعهدات أمیرکا الدولیة بموجب میثاق الأمم المتحدة ومعاهدة عام 1955م وبیان الجزائر لعام 1980م، أود جلب انتباه قادة حکومة الولایات المتحدة إلی بعض جوانب السیاسة الخارجیة المتبعة من قبل هذه الحکومة والتی تلحق الخسارة بالمجتمع العالمی کافة:

1 - إن نمط سلوک الرئیس الأمریکی وقراراته الفجائیة البعیدة عن المنطق، ومحاولات حاشیته لإیجاد مبررات وأعذار لغرض إقناع المخاطبین فی الداخل والخارج، قد تحول مع الأسف إلی سمة بارزة لمسار اتخاذ القرارات فی واشنطن خلال الـ 17 شهراً الماضیة. إن اتخاذ مثل هذه القرارات وإطلاق التصریحات غیر المدروسة المرتبکة لتبریرها، یؤدی عادة إلی التناقض فی الأقوال والأفعال. فعلی سبیل المثال، نری أن السید بومبیو، مرة فی جلسة استماع الکونغرس بصفته رئیسا للسی آی أی، وفی معرض الإجابة علی سؤال النواب، یؤکد قائلا بأن: إیران لم تخرق بنود الإتفاق النووی، لکنه بعد قرار الرئیس الأمریکی بالانسحاب من الإتفاق المذکور، صرّح خلال کلمته فی 21مایو 2018م بأن إیران قد خرقت بنود الإتفاق النووی، وذلک خلافا لکلامه السابق وخلافا للآراء التخصصیة الصادرة بهذا الشأن من الوکالة الدولیة للطاقة النوویة!

2 - لیس من قبیل المبالغة إذا قیل أن بعض جوانب السیاسة الخارجیة الأمریکیة قد تم عرضها للمزاد العلنی خلال هذه الفترة، وذلک یعنی أن الأمر یتجاوز کثیرا حدود عملیات اللوبی المعتادة. علی سبیل المثال، لم یسبق لرئیس أمریکی حتی الیوم، أن یکرر خلال فترة حملته الانتخابیة وصف دولة بأنها (دولة متحجرة داعمة للإرهاب)، ثم یختار هذه الدولة مقصدا لأول رحلة خارجیة له، أو یجعل علنا بعض جوانب السیاسة الخارجیة الأمریکیة مشروطة ومتوقفة علی شراء الأسلحة أو سلع أخری من قبل هذه الدولة أو تلک. حتی إن هناک تقاریر تشیر إلی حالات أصبحت مصالح مادیة بحتة معظمها لاشرعیة تشکل منطلق العمل فی السیاسة الخارجیة الأمریکیة.

3 - إهمال القوانین والأنظمة الدولیة والعمل علی تدمیر أی شرعیة فی النظام الدولی، من الوجوه البارزة الأخری للسیاسة الخارجیة المتبعة من قبل الإدارة الأمریکیة الحالیة، إلی درجة أنه بموجب التقاریر الخبریة، کان مندوبو الولایات المتحدة قد عارضوا إدراج تعابیر تؤکد ضرورة رفع مستوی (النظام الدولی المبنی علی القانون) خلال مناقشة بیان اجتماع مجموعة الـ 7 فی کندا. وبدأت إدارة ترامب نهجها المدمر هذا من خلال رفضها لمبدأ (الوفاء بالعهد) الأساسی. إن انسحاب أمیرکا من عدد من الإتفاقیات الدولیة وتعریضها لعدد آخر منها للخطر، سیما الإجراءات التی هی بصدد تنفیذها ضد المنظمات الدولیة، کل ذلک نماذج عن الإجراءات التدمیریة التی قامت بها هذه الإدارة حتی الآن، مما جعل ـ للأسف آفاق النظام الدولی مظلمة، ومن البدیهی أن الاستمرار فی مثل هذه السیاسات من شأنه أن یعرض استقرار المجتمع الدولی للخطر ویجعل الحکومة الأمریکیة فی موقع (متمرد دولی خارج علی القانون).

4 - الاستغراق فی الأحلام والاعتماد علی الأوهام، یشکل وجها آخر من السیاسة الخارجیة للحکومة الأمریکیة، وهذا النمط من التعامل الأمریکی ظهر جلیا فی السیاسة الخارجیة بخاصة فیما یرتبط بمنطقة غرب آسیا. إن الإجراءات الأمریکیة اللاشرعیة الخطرة فیما یخص القدس الشریف، والدعم الأعمی للإجراءات الوحشیة التی یقوم بها الکیان الصهیونی فی غزة، والقیام بحملات جویة وصاروخیة علی بعض المناطق فی سوریا،... کلها من الوجوه البارزة لهذه السیاسة غیر المبدئیة.

إن تصریحات السید/ بومبیو فی یوم 21 مایو تمثل ذروة التوهم الذی یعتری المسؤولین فی الإدارة الأمریکیة الحالیة حول منطقتنا. ففی الوقت الذی أصبح المجتمع الدولی یتردد بشکل جدی فی إمکانیة إجراء الحوار والتفاهم مع الإدارة الأمریکیة الحالیة حول أی موضوع، یأتی وزیر خارجیة الولایات المتحدة لیضع شروطا لإجراء المباحثات والتفاهم مع الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة. إن الحکومة التی انتهکت الإتفاق النووی الذی جاء نتیجة لمئات الساعات من المباحثات الثنائیة ومتعددة الأطراف بحضور مسؤولین أمیرکیین علی أعلی المستویات، والذی تحول إلی تعهد دولی بموجب المادة 25 من میثاق الأمم المتحدة من خلال قرار تبنته الحکومة الأمریکیة نفسها فی مجلس الأمن الدولی وأقره کل أعضاء هذا المجلس الذی تکون أمریکا من أعضائه الدائمین، نعم، کیف یمکن لمثل هذه الحکومة أن تتوقع إجراء مباحثات جدیدة معها؟ حتی إن التبریر المضحک المتمثل فی جواز الانسحاب من الإتفاق النووی لکونه نتیجة مباحثات أجرته الإدارة الأمریکیة السابقة، یبقی تبریرا باطلا مرفوضا بعد الأعمال والتصریحات الأخیرة للرئیس الأمیرکی الذی أثبت أنه سینقض إتفاق شخص رئیس الجمهوریة فی غضون ساعات. فمبادرة الرئیس الأمریکی إلی الانسحاب من إعلان مجموعة الـ 7 یُعدّ نموذجا بارزا على هذا النهج السلوکی المناقض للقانون. کما أن تصریحات الرئیس الأمیرکی خلال مقابلة صحفیة أجراها بعد لقائه مع زعیم کوریا الشمالیة علی الفور، یشکل نموذجا آخر من تعامل حکومة خطرة وغیر عقلانیة. تری هل یتوقع وزیر الخارجیة الأمیرکی من الجمهوریة الإسلامیة أن تدخل فی مفاوضات مع حکومة یعلن رئیسها: إذا أدرکت بعد ستة أشهر أننی قدأخطأت، فإننی سأجد ذریعة ما؟ وهل لمثل هذه الحکومة أن تضع الشروط لإیران فی محاولة لوضع الشاکی مکان المتشاکی؟ لقد نسی هذا الوزیر أن الحکومة الأمیرکیة الحالیة هی التی یجب علیها إثبات مصداقیة کلامها وتوقیعها، لا ذلک الطرف الذی التزم بوعوده وتعهداته الدولیة. الواقع أن الإدارات الأمریکیة المتلاحقة عبر سبعة عقود منصرمة هی التی یجب علیها أن تخضع للمساءلة بسبب إهمالها للقوانین الدولیة ونقضها الصارخ للإتفاقیات الثنائیة ومتعددة الأطراف مع إیران. إن قائمة وجیزة بمطالبات الشعب الإیرانی والحکومة الإیرانیة لحکومة الولایات المتحدة، من شأنها أن تتضمن، علی أقل تقدیر ـ مایلی:

1 - علی الحکومة الأمیرکیة أن تحترم استقلال إیران وسیادتها الوطنیة، وتعطی ضمانا بأنها ستنهی تدخلاتها فی إیران بموجب ما تعهدت به عبر معاهدة الجزائر لعام 1980م.

2 - علی الحکومة الأمیرکیة أن تتخلی رسمیا عن أسلوب التهدید واستخدام القوة کأداة للسیاسة الخارجیة ضد الجمهوریة الأسلامیة الإیرانیة وغیرها من الدول، مما یتناقض مع المبادئ الآمرة فی القانون الدولی ومیثاق الأمم المتحدة، وقد ألحق خسائر جمة بشعوب العالم وشعوب منطقتنا والشعب الأمیرکی.

3 - علی الحکومة الأمیرکیة أن تحترم حصانة حکومة الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة الأمر الذی یُعتبر من المبادئ الأساسیة للقانون الدولی، وأن تلغی ما أصدرته من أحکام تعسفیة غیر قانونیة وتکفّ عن تطبیقها سواء داخل الولایات المتحدة أو فی سائر الدول.

4 - علی الحکومة الأمیرکیة أن تعترف بالأعمال غیر القانونیة التالیة التی قامت بها طوال العقود المنصرمة ضد الشعب الإیرانی، کما علیها أن تقوم بالتعویض عن الخسائر التی لحقت بالشعب الإیرانی من جراء ذلک وتقدم ضمانا یمکن اختبار مصداقیته بأنها ستکف عن الاستمرار فیها والعودة إلیها:
- دورها فی الانقلاب العسکری الذی أدی فی 19 آب 1953م إلی إسقاط الحکومة الوطنیة الشرعیة فی إیران، وألحقت خسائر وأضرار کبیرة بالشعب الإیرانی من جراء استمرار الحکومة الانقلابیة المستبدة فی إیران طوال مدة 25 سنة.
- قیامها بحجز ومصادرة عشرات الملیارات من الدولارات من أموال وممتلکات الشعب الإیرانی بلاوجه قانونی، سواء ما تم تجمیده منها فی أمیرکا بعد انتصار الثورة الإسلامیة عام 1979م، أو ما تمت مصادرته خلال الأعوام الماضیة تحت ذرائع واهیة وعلی غیر وجه قانونی.
- اعتداءها العسکری علی الأراضی الإیرانیة عام 1980م وانتهاکها الصارخ والسافر لسیادة إیران ووحدة أراضیها.
- مساعداتها العسکریة والتسلیحیة والاستخباراتیة السخیة للدکتاتور العراقی المقبور صدام حسین خلال فترة 8 سنوات من الحرب المفروضة علی الشعب الإیرانی.
- دورها المباشر فی معاناة جم غفیر من الإیرانیین المصابین بالأسلحة الکیمیاویة العراقیة التی تم تزوید صدام بأجزائها من قبل أمریکا وحلفائها الغربیین.
- إسقاط طائرة الرکاب المدنیة الإیرانیة بواسطة فرقاطة وینسنس الأمیرکیة فی 3 یولیو 1988م مما أودی بحیاة ما یزید علی 290 مدنیاً بریئاً من الرکاب والطاقم، ثم منح الوسام لقائد تلک الفرقاطة.
- قیامها بضرب المنصات النفطیة الأیرانیة عبر هجمات متکررة خلال ربیع عام 1988م.
- توجیه تهم وإساءات واهیة إلی الشعب الإیرانی الشریف باستمرار؛ کتسمیتها الشعب الإیرانی بـ (الشعب المتمرد المجرم) أو (الشعب الإرهابی) أو (محور الشر).
- إدراج المسلمین بمن فیهم المواطنون الإیرانیون فی قائمة الممنوعین من دخول الأراضی الأمیرکیة وذلک بأسلوب غیرقانونی وعنصری وغیرمبرر. إن الإیرانیین فی أمریکا هم من أکثر الجالیات نجاحا وثقافة والتزاما بالقانون، کما أنهم قدموا خدمات کبیرة لمجتمعهم. وهاهم الیوم محرومون من اللقاء بأقربائهم حتی الجدّ والجدة.
- قیامها بإیواء أشخاص من دعاة ممارسة العنف ضد إیران فی أمیرکا وحمایة الجماعات الشریرة من المیلیشیات والمنظمات الإرهابیة التی کانت بعضها طوال سنوات ضمن قائمة الجماعات الإرهابیة لدی الحکومة الأمیرکیة نفسها ثم تم شطبها من هذه القائمة قبل عدة سنوات بفعل محاولات لوبی مؤججی الحروب ومن یتقاضون الرواتب من هذه المنظمات ممن أصبح بعضهم الیوم فی عداد المسؤولین من الطراز الأول فی الإدارة الأمیرکیة الحالیة.
- دعمها للمنظمة الاستخباراتیة التابعة للکیان الصهیونی (موساد) لغرض القیام بأعمال إرهابیة أسفرت عن استشهاد علماء نوویین إیرانیین.
- قیامها بعملیات التخریب فی المشروع النووی الإیرانی من خلال الحروب السایبریة.
- العمل علی تزویر المستندات وخداع المجتمع الدولی والترویج للأزمة المفتعلة.

5 - علی الحکومة الأمیرکیة أن تتخلی عن سیاساتها العدوانیة وعدوانها الاقتصادی المستمر طوال أربعة عقود ماضیة ضد الشعب الإیرانی، وأن تلغی العقوبات الظالمة الواسعة النطاق والمباشرة والتی تتعدی حدود أمریکا، وتوقف فورا مئات من اللوائح والأوامر التنفیذیة الصادرة بهدف عرقلة المسار الطبیعی للتنمیة فی إیران، مما یشکل انتهاکا سافرا للقانون الدولی والمعاهدات النافذة، وتم إدانته من قبل الجمیع، وتقوم بالتعویض عن الخسائر الجسیمة التی لحقت بشعب إیران واقتصادها من جراء ذلک.

6 - علی الحکومة الأمیرکیة أن توقف فورا أسلوبها فی الغدر ونقض للعهد ونقضها السافر للإتفاق النووی مما ألحق بإیران خسائر مباشرة وغیر مباشرة تبلغ مئات الملیارات من الدولارات بسبب فرض الحظر علی التجارة مع إیران والاستثمار فیها، وأن تعوّض عن الخسائر التی ألحقت بالشعب الإیرانی، وتتعهد بطریقة یمکن اختبار مصداقیتها بأنها تنفذ دون قید أو شرط کل ما تعهدت به فی الإتفاق النووی، وأنها بموجب ما نص علیه الإتفاق النووی ستمتنع عن أی عمل یعرقل طریق تطبیع العلاقات الاقتصادیة الإیرانیة.

7 - علی الحکومة الأمیرکیة أن تبادر فورا إلی إطلاق سراح جمیع المواطنین الإیرانیین وغیر الإیرانیین ممن وُجّهت إلیهم تهم مفتعلة بخرق العقوبات المفروضة علی إیران فأودعوا السجون الأمیرکیة أو تم اعتقالهم فی سائر الدول بفعل الضغوط اللاقانونیة من قبل الحکومة الأمیرکیة لغرض تسلیمهم إلی أمیرکا وهم یعانون أقسی الظروف تحت الاعتقال اللاقانونی، کما یجب أن تقوم بالتعویض عن الخسائر التی لحقت بهؤلاء وذویهم، حیث یوجد بینهم نساء حوامل وشیوخ طاعنین فی السن ومرضی، وقد لقی البعض منهم حتفه فی السجن.

8 - علی الحکومة الأمیرکیة أن تعترف بتداعیات غزوها العدوانی التدخلی لهذه المنطقة، بما فیها العراق وأفغانستان وکذلک الخلیج الفارسی، وتسحب قواتها من المنطقة وتضع نهایة لتدخلها فی شؤون المنطقة.

9 - علی الحکومة الأمیرکیة أن تضع نهایة للسیاسات والإجراءات التی أدت إلی إیجاد جماعة داعش الإرهابیة اللاإنسانیة وغیرها من الجماعات المتطرفة، وترغم حلفاءها فی المنطقة علی إیقاف الدعم المالی والتسلیحی والسیاسی للجماعات المتطرفة فی هذه المنطقة وفی العالم وذلک بطریقة یمکن اختبار مدی مصداقیتها.

10 - علی الحکومة الأمیرکیة أن تتخلی عن توفیر السلاح للطرف المعتدی فی الیمن والمشارکة فی الهجمات المتکررة علی الشعب الیمنی المظلوم وقتل الآلاف من أبنائه وتدمیر بلده، وأن ترغم حلفاءها علی إنهاء العدوان علی الشعب الیمنی والتعویض عن الخسائر الناجمة عنه.

11 - علی الحکومة الأمیرکیة أن تحترم القوانین والأنظمة الدولیة وتبادر إلی وقف دعمها اللامحدود للکیان الصهیونی وتدین سیاسة الأبارتهاید والانتهاک المستمر لحقوق الإنسان من قبل هذا الکیان، وتدعم بشکل فعلی حقوق الشعب الفلسطینی وبوجه خاص حقه فی تقریر المصیر وإقامة دولة فلسطینیة مستقلة عاصمتها القدس الشریف.

12 - علی الحکومة الأمیرکیة أن تبادر إلی وقف بیع الأسلحة الفتاکة ـ ولیس الجمیلة ـ بقیمة مئات الملیارات من الدولارات إلی المناطق المتأزمة فی العالم وبخاصة منطقة غرب آسیا. فبدلا من أن تحول المناطق المتأزمة إلی مخزن بارود، یجب أن تدع هذه المبالغ الباهظة توظّف لتنمیة الدول ومکافحة الفقر فی العالم. حیث أن جزءاً من نفقات شراء الأسلحة من قبل زبائن أمیرکا من شأنه أن یکون عاملا لإزالة الجوع والفقر المدقع، وتوفیر المیاه الصالحة للشرب، ومکافحة الأمراض و... فی کل أرجاء العالم.

13 - علی الحکومة الأمیرکیة أن تتخلی عن معارضتها لموقف المجتمع الدولی المطالب منذ خمسة عقود بإیجاد منطقة خالیة من أسلحة الدمار الشامل فی الشرق الأوسط، وأن ترغم الکیان الصهیونی المحتل المعتدی علی نزع سلاحه النووی، وتعمل علی إزالة أکبر خطر یهدد فعلا السلام والأمن الإقلیمیین والعالمیین أی وجود أفتک انواع الأسلحة بید کیان هو أکبر معتد ومؤجج للحروب علی مر التأریخ المعاصر.

14 - علی الحکومة الأمیرکیة التخلی عن اعتمادها المتزاید علی الأسلحة النوویة ومنهج التهدید باستخدام هذه الأسلحة اللاإنسانیة أمام الأخطار غیرالنوویة، مما یعتبر انتهاکا سافرا لما تعهدت به تلک الحکومة بموجب المادة 6 من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النوویة، والقرار الاستشاری الصادر عن محکمة العدل الدولیة، والبیان الصادر عن اجتماع مراجعة وتجدید معاهدة حظر الأسلحة النوویة عام 1995م، وقرار مجلس الأمن رقم 984؛ وأن تعمل بواجبها الأخلاقی والقانونی والأمنی فی نزع السلاح النووی بشکل کامل، الأمر الذی یشکل مطلب الأغلبیة الساحقة من أعضاء الأمم المتحدة وحتی وزراء خارجیة أمیرکا السابقین، کما أنه مطلب کل أبناء البشر الموجودین علی وجه الأرض بالتأکید. فإن الحکومة الأمیرکیة ـ باعتبارها الدولة الوحیدة التی سجلت فی التأریخ باسمها عار استخدام السلاح النووی، علیها أن تخلـّص البشریة من کابوس المحرقة النوویة العالمیة المشؤوم والأمن الوهمی الذی أرسی بنیانه علی أساس الزوال الحتمی للطرفین.

15 - علی الحکومة الأمریکیة أن تتعهد لجمیع الأطراف المتعاقدة معها وللمجتمع الدولی بأنها تحترم مبدأ الوفاء بالعهد الذی یعدّ أهم قاعدة فی القانون الدولی ویمثل أساسا للعلاقات الإنسانیة المتحضرة، وأن تتخلی رسمیا، بل وأهم من ذلک عملیا، عن المنهج الخطر المتمثل فی استغلال القانون الدولی والمنظمات الدولیة کـ إحدى الأدوات المتواجدة فی جعبة أدوات الولایات المتحدة.
أن ما سبقت الإشارة إلیه من سیاسات حکومة الولایات المتحدة، تعدّ نموذجا من أسباب عدم ثقة الشعب الإیرانی فی حکومة الولایات المتحدة، لیس هذا فحسب، وإنما هی أحد الأسباب المهمة الرئیسیة لانعدام العدالة وانتشار العنف والإرهاب والحرب وانعدام الأمن فی العالم وعلی وجه الخصوص فی منطقة غرب آسیا. ولم تؤت هذه السیاسات ثمارا للشعب الأمریکی الشریف المتحضر سوی العبء الثقیل المالی والروحی وعزلة حقیقیة لدی الرأی العام فی الأغلبیة الساحقة لدول العالم. فلم یجنِ ثمارها إلا عدد محدود من منتجی الأسلحة الفتاکة. وإذا امتلکت حکومة الولایات المتحدة شجاعة تمکنها من التخلی عن هذه السیاسات رسمیا وفعلیا من أجل أمن ورفاهیة شعبها، فإن عزلة أمیرکا الدولیة فی هذه الحالة تنتهی وتبرز صورة جدیدة عن أمیرکا فی إیران والعالم، وتتهیأ الظروف الملائمة لحرکة مشترکة باتجاه الأمن والاستقرار والتنمیة الشاملة والمستدامة.
ویجب أن نعترف بأن التطلع إلی تغییر سلوک الولایات المتحدة، مع الأسف، لا یبدو واقعیا علی ضوء الظروف الراهنة، ولذلک بذلت الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة جهودها دوما علی المستوی العالمی فی سبیل الترویج للشمولیة والتعددیة والحوار واحترام سیادة القانون ونزع السلاح النووی، وذلک من خلال تقدیم مبادرات من قبیل (حوار الحضارات) و(العالم ضد العنف والتطرف) والمشارکة الفعالة فی المساعی العالمیة الرامیة إلی تحقیق نزع سلاح نووی ونظام دولی مبنی علی القانون. کما أننا قدمنا حلولا عملیة لحل الأزمة فی کل من سوریا والیمن سلمیا؛ وذلک منذ أوائل أیام هاتین الأزمتین، وشارکنا بفعالیة فی المبادرات السیاسیة الجادة، إلا أنه فی کل هذه الأزمات قامت الولایات المتحدة، ومع الأسف، بحمایة المعتدین والإرهابیین. کما أننا علی أثر انسحاب أمیرکا من الإتفاق النووی بذلنا جهودا صادقة مع سائر أعضاء الإتفاقیة المتبقین من أجل الحفاظ علی هذا الإنجاز الدبلوماسی العالمی المهم ولانزال نواصل هذا المسار.
و علی الصعید الوطنی، عکفنا خلال العقود الأربعة الماضیة علی توفیر الضمان لأمننا واستقرارنا من خلال الاستعانة بقدراتنا الذاتیة الداخلیة، وبالاعتماد علی الشعب الإیرانی الباسل العظیم، ولیس بالإتکال علی حمایة الدول الأجنبیة أو التبعیة لها، فأصبحت إیران تزداد قوة وثباتا وتقدما یوما بعد یوم رغم کل الضغوط الخارجیة ومع أقل قدر ممکن من النفقات التسلیحیة علی مستوی المنطقة.
أما علی الصعید الإقلیمی، فإن إیران خلافا لأمیرکا وسیاستها الخارجیة، تعارض ـ بموجب أحکام دستورها ـ أی نوع من فرض الهیمنة أو الخصوع لها. وهی علی قناعة بأن عهد الهیمنة العالمیة والإقلیمیة قد ولّی. وأن السعی للسیر فی هذا الاتجاه یبقی بلا جدوی. إننا کدول هذه المنطقة یجب أن نحاول إیجاد منطقة أقوی وأکثر تقدما واستقرارا، بدلا من الرضوخ للهیمنة الأجنبیة أو محاولة فرض الهیمنة علی الجیران. إننا فی إیران نری أمننا وتقدمنا فی أمن واستقرار جیراننا ومنطقتنا. إننا وجیراننا یجمعنا تأریخ مشترک وثقافة مشترکة وتحدیات وفرص متلازمة لاتنفصل عن بعضها البعض. ولا یمکننا أن نذیق حلاوة الأمن والاستقرار والتنمیة لمواطنینا إلا فی ظل تحقیق الأمن والاستقرار داخلیا ودولیا لبعضنا البعض. ونأمل من سائر دول المنطقة أن یکون لدیها توجه مماثل، وأن ترکز علی الحوار والفهم المشترک وبناء الثقة وتضافر الجهود والتعاون مع الجیران، بدلا من تبنّی المنهج الذی سبق اختباره وفشله والمتمثل فی شراء الأمن وإناطته بالخارج.

إن الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة تری أن أفضل طریق لحلحلة الأزمات الإقلیمیة وتحقیق منطقة أقوی یتمثل فی تشکیل (مجمع الحوار الإقلیمی فی الخلیج الفارسی)، لکی یبدأ فی اتخاذ الإجراءات التی تبنی الثقة بهدف التقریب بین دول المنطقة علی أساس مبادئ مشترکة مثل تکافؤ حق السیادة الوطنیة بین الدول، وتجنّب التهدید واللجوء إلی القوة، وحل النزاعات بالطرق السلمیة، واحترام وحدة أراضی الدول، وحظر المساس بالحدود الدولیة، وعدم التدخل فی الشؤون الداخلیة للدول، واحترام حق الدول فی تقریر المصیر؛ وأن یتوصل إلی معاهدة لعدم التعرض وإیجاد الآلیات المشترکة للتعاون الإقلیمی من خلال إیجاد فهم مشترک حول التهدیدات والفرص الإقلیمیة والعالمیة. إننا نؤمن بجد أن منطقتنا ـ باعتبارها وریثة أثری حضارة شهدها العالم، یجب أن تعالج مسائلها بنفسها بشکل مقتدر ودون تدخل من الأجانب أو تبعیة لهم. لأن ذلک لا یؤدی إلا إلی فرض تکالیف باهظة علی عزتنا المشترکة وتنمیتنا المستقبلیة. عسی أن نرسم مستقبلا أفضل لأولادنا.


وزیر خارجیة الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة

انتهی/

رأیکم