كيف يقرأ “حزب الله” احتمالات الحرب علی سوريا؟

وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء

رمز الخبر: ۲۹۱۵
تأريخ النشر:  ۱۸:۵۶  - الأَحَد  ۰۱  ‫ستمبر‬  ۲۰۱۳ 
وكالة (نادي المراسلين) العالمية للأنباء :
الذين هم على تواصل مع دوائر القرار في “حزب الله” يلفتون الى أن هذه الدوائر، ولا سيما تلك المتخصصة بـالشأن السوري وتطورات الاوضاع هناك، أدرجت منذ زمن في حساباتها احتمال أن يبادر الغرب الى القيام بعمل عسكري مباشر، خصوصاً بعدما تهافتت واحدة تلو أخرى رهانات العواصم الغربية وبعض العواصم الخليجية على امكان أن تنجح المعارضة السورية وحدها في إسقاط نظام الرئيس بشار الاسد. وعليه قابل الحزب تهديد الغرب بتوجيه هذه الضربة، ببرودة من دون أن يبدي أي عنصر مفاجأة بالحدث المرتقب.
وفقا لما اوردته وكالة (نادي المراسلين) العالمية للأنباء في كل الحالات لا يمكن الحزب أن يتعامل مع "الدوي” الذي يقض مضاجع المنطقة والعالم، إلا من منطلق أنه معني به مباشرة وأن له علاقة وثقى بالمحور الذي يشكل الحزب إحدى حلقاته الأساسية وتشكل كل من دمشق وطهران ركنية الأساسيين، وأكثر من ذلك أن ينظر الحزب الى الحدث السوري – الغربي المرتقب على أساس أنه معركة تكاد تكون مصيرية بالنسبة اليه.

يعي الحزب أنه منذ أن أوحت واشنطن وبعض العواصم الأوروبية لمن يعنيهم الأمر بأنها في صدد عمل عسكري ضد سوريا، توجهت الأنظار إليه لمعرفة حدود ردود فعله، وما يمكن أن يلجأ اليه. خيارات عسكرية خصوصاً وهو الموغل بعيداً في عمق المواجهات في الداخل السوري. هذا السؤال وجه اليه مباشرة وبالواسطة، ومن خلال عملية استقراء وتحليل وربط لمواقف رموز الحزب وادائه حيال العنصر المستجد والمتمثل بتهديدات الغرب، كان الحزب مميزاً في رد فعله، ففي حين بادر حليفه الايراني الى ردود معلنة بدأت من المرشد الأعلى علي خامنئي مروراً برئيس الجمهورية حسن روحاني، الى وزارة الخارجية فالقيادات العسكرية بما فيها قائد فيلق القدس، وكلها صبت في خانة واحدة فحواها التحذير الشديد اللهجة من تداعيات الضربة وارتداداتها على أمن كل المنطقة واستقرارها وفي المقدمة إسرائيل، وأن الأمر بمثابة إلقاء فتيل مشتعل على برميل بارود، فإن حليفه السوري سلك سلوكاً أكثر هدوءاً وثباتاً حيال الخطر المحدق به، إذ تعمد إظهاره رئيس الديبلوماسية السورية وليد المعلم، وبهدوئه المعتاد وبحذقه في انتقاء كلماته ومصطلحاته، قال قولاً فصلاً فحواه مستعدون للضربة وسندافع عن أنفسنا ولسنا خائفين، ولكن لا تمارسوا علينا سياسة الابتزاز والتهويل”.

أما الحزب نفسه فكان له مسلك آخر إذ اعتصم بالصمت التام، والأمر بالنسبة اليه كان نهجاً أكثر مما هو تعبير عن هلع أو جزع أو شيء آخر. فمنذ البداية كان الحزب يدرك أن أي موقف يدلي به حيال هذا الحدث المستجد سيبني الآخرون عليه ولا سيما أعداءه في الخارج وخصومه في الداخل منظومة حسابات وخيارات، وعليه ترك للأميركيين والأوروبيين وخصوصاً الإسرائيليين فرصة التكهن والتحليل مع علمهم أنه هو دون سواه واسطة العقد في محوره وأنه يمتلك مروحة خيارات ومنظومة قدرات فاعلة لا يستهان بها ولا يمكن أحداً أن يسقطها من حسابات أي "مغامرة” عسكرية كبرى في المنطقة بحجم الهجوم المحتمل على سوريا.

إن الراصدين لسلوك الحزب وحليفيه دمشق وطهران مدى نحو أسبوع أي منذ إثارة الغرب لمسألة استخدام السلاح الكيميائي في غوطة دمشق يخرجون باستنتاج فحواه أن ثمة تنسيقاً بين هذه الحلقات الثلاث، فالحزب ذهب الى فضيلة الصمت والترصد الدقيق، رافضاً الإفصاح عن أي خيار سيلجأ اليه، في حين أن القيادة السورية لم تلجأ إلى أسلوب العراقيين ولسانهم الناطق إبان الغزو الأميركي عام 2003 وهو محمد سعيد الصحاف، فلا هي هددت ولا توعدت واكتفت بأنها ستستعمل حق الدفاع عن بلادها. أما الإيراني فاكتفى بدور المحذر من التداعيات والمخاطر ومن وقائع ومعطيات "اليوم التالي” للعدوان المحتمل.

هل هو "استسلام” للآتي العظيم كما يفسر خصوم هذا المحور أم أنه شيء آخر ومفاجآت وحسابات غير مرئية؟ الجواب بطبيعة الحال متروك للأيام والساعات المقبلة، لكن الثابت بالنسبة الى الحزب، وفق المقربين منه، أنه صار يقيم على جملة قراءات واستنتاجات تتصل بالحدث المرتقب على المستوى السوري أبرزها:
- أن احتمالات حدوث الضربة التي يلوح بها الغرب تكاد تعادل عدم حدوثها.

- أن اتخاذ واشنطن ومعها حليفاها البريطاني والفرنسي لقرار توجيه الضربة ليس أمراً يسيراً وسهلاً، فالانقسام واضح حيال الضربة لدى الدول الاوروبية نفسها وفي داخل كل دولة، بما فيها الولايات المتحدة، وهو واقع يوحي بأن أخذ القرار سيكون عبارة عن مخاض عسير، وربما للمرة الاولى في تاريخها المعاصر ستذهب واشنطن الى حرب وليس معها الدعم والحشد اللذان وجدتهما ابان حربها على العراق ثم حرب الاوروبيين على ليبيا، وبالتالي فإن ذلك سيؤثر على النتائج والوقائع.

- أن الحزب ينظر باستهزاء الى كل المعلومات التي راجت عن أن موسكو نأت بنفسها عن سوريا وتركت هذا الحليف يواجه قدره وحده على غرار ما فعلت موسكو السابقة، ابان الحربين على العراق وليبيا، ففي رأيه ان روسيا ما برحت تمارس ضغطاً كبيراً لمنع حصول الضربة الغربية، وان حصلت فسيكون للقيادة الروسية كلمة أخرى واداء آخر فحواه ان موسكو لن تعود الى الوراء في سعيها لاثبات حضورها في المنطقة وعلى خريطة المعادلات الدولية. وباختصار فإن "حزب الله” ينظر بارتياح الى اداء موسكو حيال المسألة السورية.

- لا ريب ان "حزب الله” يعقد مقارنة بين الحرب الغربية المحتملة على سوريا والحرب الاسرائيلية على الحزب ولبنان في تموز 2006، وإذ يجد ان ثمة اختلافات في الوقائع الميدانية وغير الميدانية فإنه يدرك تماماً ان ثمة وقائع متشابهة أبرزها ان ارادة المواجهة موجودة لدى الطرف السوري الذي أثبت مدى العامين الماضيين انه خلافاً لكل الحسابات التي استهانت به ليس كمّاً مهملاً فهو يملك قدرات وطاقات على الصمود أثبتت فاعليتها وصدت كل هجمات المعارضين له.

- ثمة من يرى أن الحزب بات يقترب أكثر من قناعة انه يتعين ألاّ يظل الحليف السوري وحيداً في المواجهة، كما كان دوره ابان حرب تموز.

- ان الحزب يتصرف على أساس ان مواجهة سوريا للهجمة المحتملة عليها تختلف كثيراً عن الهجمة على النظام العراقي في 2003، فثمة فروق واختلافات كبيرة في الظروف الذاتية والموضوعية، فالنظام السوري يمتلك على الأقل حلفاء حقيقيين ويمتلك امتداداً وليس معزولاً ومنبوذاً كما كان نظام صدام حسين.

- أخيراً إن الكثير من الحسابات الميدانية وردود الفعل تبقى معقودة لطبيعة الهجمة المرتقبة أو تبنى على اساس نوع الهجمة وحجمها وحجم القوى المشاركة فيها، وساعتئذ يكون لكل حادث حديث وتكون كل الاحتمالات والخيارات مفتوحة.

ففي النهاية ثمة ضربة وثمة يوم ثانٍ للضربة، واستطراداً ثمة طلقة أولى وهناك ما سيعقبها بطبيعة الحال.
رأیکم