أيام العمل.. ثماني ساعات هكذا بدأت وهكذا يمكن أن تنتهي!

وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء

رمز الخبر: ۳۲۵۹۳
تأريخ النشر:  ۱۴:۳۶  - الأربعاء  ۱۹  ‫دیسمبر‬  ۲۰۱۸ 
لماذا يُفرض على أغلب الموظفين العمل ثماني ساعات على الأقل يوميا؟ وما الذي ينجزونه حقا في تلك الساعات؟ وهل يمكن تقليص يوم العمل لأقل من ذلك؟ هذه بعض الأسئلة التي تخطر في البال حين يكون الحديث عن العدد الأمثل لساعات العمل والراحة؟

أيام العمل.. ثماني ساعات هكذا بدأت وهكذا يمكن أن تنتهي!طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء - وقد وضع العالم الغربي منذ عشرينيات القرن الماضي قواعد نظام العمل لثماني ساعات يوميا، ولا يزال هذا هو النظام القياسي عالميا حتى يومنا هذا.

لكن كثيرا من الموظفين وقليلا من أصحاب الأعمال أصبحوا يطالبون بإعادة النظر في هذا النظام، لأنهم يرونه عبئا على صحة الموظف وسلامته النفسية ومقيدا لإنتاجية المؤسسة في الوقت نفسه.

وتؤيد بعض الإحصاءات ما يذهب إليه المتمردون على نظام العمل التقليدي. فمن أصل ثماني ساعات يوميا لا يعتبر الموظف منتجا إلا لنحو ثلاث ساعات فقط، وفقا لدراسة مسحية أجريت على نحو ألفي موظف في بريطانيا عام 2016. فما الذي يشغل الموظفين في الساعات الباقية؟

إليكم الإجابة وفقا لما استخلصه موقع "إنك" من تلك الدراسة البريطانية:
1-مطالعة المواقع الإخبارية على الإنترنت (ساعة وخمس دقائق)
2-تصفح مواقع التواصل الاجتماعي (44 دقيقة)
3-مناقشة أمور غير متعلقة بالعمل مع الزملاء (40 دقيقة)
4-البحث عن وظيفة جديدة (26 دقيقة)
5-أخذ استراحة للتدخين (23 دقيقة)
6-إجراء اتصالات هاتفية بالعائلة أو الأصدقاء (18 دقيقة)
7-إعداد مشروبات ساخنة (17 دقيقة)
8-تبادل الرسائل عبر الهاتف أو تطبيقات المراسلة الفورية (14 دقيقة)
9-تناول الوجبات الخفيفة (ثماني دقائق)
10-تحضير الطعام في المكتب (سبع دقائق)

ربما يكون من المنطقي إذن إعادة النظر في نظام الساعات الثماني، لا سيما أنه لم ينشأ في عصر المعلومات والذكاء الاصطناعي والإمكانات التقنية الهائلة، بل نشأ في ظروف مختلفة.

كيف نشأ نظام الساعات الثماني؟
كانت المطالبة بثماني ساعات هي صرخة العمال الذين طحنتهم عقود من العمل الشاق في ظلال الثورة الصناعية، حيث كانوا يعملون في المتوسط مئة ساعة أسبوعيا، أي نحو 17 ساعة يوميا، إذا أخذنا في الحسبان أن أسبوع العمل كان ستة أيام وليس خمسة.

وفي بدايات القرن التاسع عشر، رفع قادة عماليون لواء التغيير، ومن بينهم الناشط الويلزي روبرت أوين الذي نادى في عام 1817 بـ "ثماني ساعات من العمل، ثماني ساعات من الترويح، ثماني ساعات من الراحة".

وفي بدايات القرن العشرين استجابت قلة من الشركات الغربية للنضال العمالي وبدأت تتحول إلى نظام الساعات الثماني. لكن هذا التحول لم ينل حظه من الاهتمام والصيت إلا عندما تبناه رجل الصناعة هنري فورد في الولايات المتحدة عام 1926.

فقد قرر فورد تغيير نظام العمل إلى أربعين ساعة أسبوعيا على مدى خمسة أيام، مع الإبقاء على رواتب العاملين كما هي.

وكان ذلك قرارا ثوريا، ينسجم مع طبيعة الرجل الذي أنشأ شركة فورد للسيارات، وتمكن من تحويل السيارة من اختراع عجيب تحتكره النخبة إلى سلعة مصنعة على نطاق واسع في متناول أفراد الطبقة الوسطى.

ربما كان فورد رحيما بالعاملين وحريصا على صحتهم، لكن عاملا آخر هو الذي جعله يتخذ هذا القرار، إنها الأرباح. فقد أدرك فورد أنه من أجل تحقيق الأرباح لا بد أن يشتري المستهلكون السلع، ولكي يذهب المستهلكون للتسوق يجب أن تكون لديهم فرصة للاسترخاء، وهذا يتطلب مزيدا من الوقت خارج نطاق العمل.

وقد أفصح فورد بنفسه عن دوافعه هذه في مقابلة مع مجلة "ورلدز ورك" عام 1926 حيث قال إن "وقت الفراغ عنصر لا غنى عنه لكي تنمو السوق الاستهلاكية، لأن الأشخاص العاملين يحتاجون وقتا حرا كافيا ليستخدموا فيه السلع الاستهلاكية بما فيها السيارات".

وفي عام 1940 أقر الكونغرس الأميركي تشريعا يحدد ساعات العمل بأربعين ساعة أسبوعيا على مدى خمسة أيام، ليصير هذا معيارا عالميا منذ ذلك الحين.

هل تندلع ثورة أخرى؟
والآن وبعد مرور نحو مئة عام على ثورة فورد، يرى موظفون وناشطون وأصحاب شركات أن الوقت قد حان لثورة جديدة، فقد تطورت التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي بدرجة يفترض أن تسهل حياة البشر، الذين باتوا يعانون صحيا ونفسيا من الساعات الثماني، وفقا لبعض الدراسات.

وتدعو إلى هذه الثورة الجديدة اتحادات عمالية وقوى يسارية وشركات جريئة في بعض الدول الغربية. فقد خفضت بعض الشركات عدد أيام العمل الأسبوعي من خمسة إلى أربعة مع الإبقاء على الأجور نفسها، بعدما رأت أن ذلك يزيد الإنتاجية والحافز لدى الموظفين ويقلل الإجهاد.
وفي بريطانيا، يحاول اتحاد نقابات العمال الرئيسي دفع البلاد بأسرها لتبني أسبوع عمل من أربعة أيام بنهاية القرن، وهو مسعى يؤيده حزب العمال المعارض.

وفي السويد، طبقت بلدية غوتنبرغ نظاما تجريبيا للعمل ست ساعات يوميا في دار لرعاية المسنين، ووصفت التجربة بالناجحة من قبل المشرفين عليها، لكن اعتبارات سياسية حالت دون تعميم هذا النظام.

وفي واقع الأمر، تختلف ساعات العمل بين الشعوب المتقدمة وبين الأمم التي لا تزال تشق طريقها نحو التنمية والعيش الكريم.

ولذلك فإن الحديث عن تقليل ساعات العمل عن أربعين ساعة أسبوعيا، قد يكون مستهجنا لدى ملايين من البشر في الدول غير المتقدمة، حيث تغيب المعايير القانونية الواضحة لتنظيم ساعات العمل، وحيث لا يزال بعض العاملين يكدحون لأكثر من ستين ساعة أسبوعيا.

وحتى في الدول المتقدمة، ليست ثقافة العمل واحدة، إذ يوجد الفرنسيون الذين يعملون حوالي 35 ساعة في الأسبوع ويقدرون قيمة الراحة والاستمتاع بالحياة، وفي المقابل هناك اليابانيون، الذين ربما يعمل أغلبهم لعدد مماثل من الساعات وفق الإحصاءات، لكن بعضهم "يعمل حتى الموت"، وقد نحتوا كلمة تدل على ذلك وهي "كاروشي" أي الوفاة بسبب العمل.

المصدر : الجزيرة
انتهی/

رأیکم