سوريا : السعودية تعلم دروز إدلب الوهابية !

وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء

رمز الخبر: ۳۵۵۰
تأريخ النشر:  ۰۷:۰۷  - الجُمُعَة  ۲۷  ‫دیسمبر‬  ۲۰۱۳ 
وكالة (نادي المراسلين) العالمية للأنباء :
نشر أحد الدعاة السعوديين صوراً له بين مشايخ وأهالي قرى جبل السماق الدرزية في ريف إدلب، ويظهر فيها يؤم الصلاة فيهم ويعلمهم الإسلام، بنسخته الوهابية طبعاً.
وفقا لما اوردته وكالة (نادي المراسلين) العالمية للأنباء أخبار إدلب، تشعل يوماً بعد يوم، ناراً تحت الرماد في قرى الدروز، من جبل العرب، إلى وادي التيم وجبل لبنان.

من حسن حظ جرمانا أو السويداء في سوريا، أو حتى عاليه وبعقلين وراشيا وحاصبيا في لبنان، أنه ليس في وسع الجماعات التكفيرية التي تعيث خراباً فوق أرض الشام والعراق أن تبسط سيطرتها المطلقة عليها.

هذا لا يعني أن جرمانا والسويداء وقرى السوريين الأخرى، سنة وشيعة وعلويين ومسيحيين ودروزاً، لا تشرب كأس الموت والسيارات المفخخة وقذائف الهاون والخطف العشوائي، الذي تذيقه عصابات التكفير للشعب السوري منذ سنوات «الثورة » العجاف. لكن حظّ قرى الدروز الواقعة في محافظة إدلب السورية، وتحديداً في «جبل السماق»، هو الأسوأ حتماً.

لم تعد قصة «إشهار 18 قرية درزية في إدلب إسلامها» تسريباً صحافياً فحسب. قطع الـ«د. سعيد سعد الدين الغامدي» شكّ المشككين، الذين لا يزالون يرددون شعارات غير واقعية عن «الثورة السورية»، ونشر على حسابيه الشخصيين على «تويتر» و«فايسبوك»، صوراً من رحلة قام بها إلى بعض قرى الموحدين الدروز في إدلب، منها قريتا بنابل وقلب لوزة.

ويظهر فيها «الدكتور» كأحد مبشري الإسلام، السعودي طبعاً، وهو يؤم مصلين في خلوة للدروز. وبالمناسبة، الغامدي حائز على شهادة «دكتوراه في الشرع الإسلامي» من مدارس المملكة العربية السعودية الدينية، وهو من مواليد مدينة الدمام.

وهو لا يختلف كثيراً عن أغلب المشايخ السعوديين: يكفّر المذاهب الإسلامية وكل من لا يوافق على شرع شيخ الوهابية محمد بن عبد الوهاب، ويرى المسيحيين أهل ذمّة، والدروز مغلوباً على أمرهم، وكذلك يحرّم قيادة المرأة للسيارة في المملكة. والغامدي أيضاً أحد أهم ممولي الجماعات التكفيرية في سوريا، إذ يجمع المال من السعودية لشراء السلاح، وقد كتب في إحدى تغريداته أنه «قدم المال لأحد الفصائل بغية شراء صواريخ ودكّ النصيرية في اللاذقية». وبكثيرٍ من الوضوح، نشر تفاصيل رحلته إلى سوريا عبر مدينة أنطاكية، ويظهر على صفحته تنقّله بين سوريا، تركيا، تونس والسعودية بشكل قانوني، وعبر المطارات الرسمية في هذه الدول.

ولا تقف صور الغامدي عند هذا الحد، إذ نشر الشيخ الآتي من الصحراء إلى إدلب الخضراء، صوراً لأهالي بعض القرى الدرزية وهم يستقبلونه مع مرافقيه في الخلوات والبيوت، بعد أن أشهروا إسلامهم، وصورة لأرض قدمها أحد المشايخ الدروز من أجل بناء مسجد بعد طلب الغامدي شراء أرض لبناء مسجد عليها، وكذلك صوراً لمساعديه يدونون أسماء المستفيدين من مساعدات غذائية. وبشّر الغامدي متابعيه و«أرض الشام» بأن «18 قرية درزية أعلنت إسلامها»، وأن «الشيخ المجاهد أبو عماد نذر نفسه لتعليم الدروز الإسلام، رغم قلة الإمكانات وصعوبة الطريق».

هذه هي القوانين الجديدة في المناطق «المحررة» إذاً. منذ بداية الأزمة السورية، لم يحمل الدروز في إدلب السلاح إلى جانب الجيش السوري، أو حتى شكلوا لجاناً محلية مسلحة. بل على العكس، وقف هؤلاء على الحياد «الإيجابي» إلى جانب الحراك المناهض لحكم الرئيس السوري بشار الأسد. وبشهادة «التنسيقيات» وما تبقى من كتائب «الجيش الحر» في إدلب، فإن الدروز ساهموا إلى حد كبير في حماية النازحين السوريين من القرى المجاورة لقراهم، وأغلبهم من عائلات المسلحين الذين انخرطوا منذ بداية الأزمة في إدلب بمهاجمة مواقع الجيش والأمن السوري.

وقصتهم، تبدو مشابهة إلى حدّ بعيد قصة بضعة مقاتلين من السويداء انشقوا مع الملازم الفار من الجيش السوري خلدون زين الدين، وقاتلوا إلى جانب المعارضة المسلحة في درعا لأكثر من عامين. وحين اشتد عصب «النصرة» في درعا، اعتقلتهم وقتلت بعضهم.

هذا لا يعني أن دروز إدلب يوافقون على «الثورة»، أو حتى «يعارضونها». كيف يمكن لهؤلاء الإدلاء برأيهم أصلاً؟ وهم قرى صغيرة متباعدة في مساحة جغرافية شاسعة، سقطت سريعاً في قبضة مسلحي «الجيش الحر»، واليوم، سقطت مناطق «الجيش الحر» نفسه في قبضة «الدولة الإسلامية في العراق والشام» و «جبهة النصرة»؟

هذا ليس النقاش في الأصل. لا شكّ بأن صوراً وأخباراً كهذه تترك عميق الأثر في نفس كل سوري ولبناني وفلسطيني، منحازاً كان إلى جانب القوى التي تحارب التكفيريين، أم رمادياً يتأرجح بين وهم «ثورة العدالة والحرية»، الذي أسقطته الرؤوس المقطوعة والقلوب المأكولة، وبين إعادة حساب خياراته بما يتناسب مع وضع بلاده في المرحلة الحالية، وفي المستقبل.

لا تريد أغلب القيادات الدرزية الدينية والسياسية التعليق على خبر صور الغامدي، ويرى هؤلاء في موقف شبه موحّد بأن «التعليق لا يفيد، بل يمكن أن يضرّ» على الرغم من حالة الغليان الشعبي التي تستعر في المناطق الدرزية في المجالس الخاصة والعامة على خلفية شعور الدروز بالقلق العارم. على أن مصادر لبنانية مطّلعة على المسألة، تشير إلى أن «كل الوساطات فشلت مع تركيا من أجل تحييد القرى الدرزية»، فيما تقول مصادر سورية أخرى إن «تركيا على رغم قلقها الكبير من موضوع اقتراب التكفيريين واشتدادهم على حدودها، إلا أنها تطمع في تحويل الشمال السوري إلى منطقة صافية مذهبياً، ما يسمح لها بفصل الإسكندرون ومناطق سورية أخرى سيطرت عليها في الربع الأول من القرن الحالي، عن الساحل السوري».



رأیکم