السعودية : ثورة المنطقة الشرقية علی الجدران

وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء

رمز الخبر: ۴۳۳۰
تأريخ النشر:  ۰۷:۰۶  - الثلاثاء  ۲۲  ‫أبریل‬  ۲۰۱۴ 
وكالة (نادي المراسلين) العالمية للأنباء :
مارست الجدران دوراً فاعلاً في ثورة المنطقة الشرقية وشكلت متنفساً حراً للجماهير المنتفضة لتعبّر عن آرائها ومطالبها بعد عقود من الصمت والكتمان الاضطراري خشية بطش وقمع النظام السعودي الطاغي، وعكست جدران الميادين والساحات والأبنية وما عليها من شعارات ورسومات صور الظلم والجور الذي كان ولا يزال يقبع تحته شعبنا في الجزيرة العربية.
وفقا لما اوردته وكالة (نادي المراسلين) العالمية للأنباء شكلت الرسوم والشعارات التي خطّتها ورسمتها على الجدران أنامل المناضلين شهادة راسخة على مسيرة تاريخ شعبنا صانعة بذلك صحفاً مشرعة تتجاوز سلطة الرقابة والمنع.

 
لم تغب القطيف تلك المحافظة المطّلة على ساحل الخليج شرق الجزيرة العربية عن موجات حراك وثورات الشارع العربي الغاضب حيث شهدت انتفاضة جماهيرية عارمة مطالبة بالتغيير بعد عقود من طغيان الحكم الملكي السعودي، وكما ان القطيف لم تغب.. كذلك لم تغب جدرانها التي كانت شاهدة على ملحمة أهالي القطيف ونضالهم البطولي ضد الدكتاتورية والاستبداد الدموي.
 

تلك الصحف التي احتضنت الشعارات والرسوم بألوانها الثورية المبدعة, والتي قاومت ببسالة ضد البطش والفتك الدموي وتحدت رصاص العساكر المبثوثين في كل زاوية ومنعطف من أزقة القرى وشوارع البلدات.. أقلقت السلطات السعودية ودفعتها لاستنفار فرق الطمس والمحو..

 
هذه لم تكن الشهادة الاولى التي تقدمها حيطان المنازل والأبنية القطيفية الساخطة على الظلم والجور السعودي.. فقد شهدت تلك الجدران الشامخة خطوط عبارات الثورة والجهاد أبّان انتفاضة القطيف الأولى عام 1979 ميلادية حين خرجت مجاميع المواطنين الى الميادين والساحات قبل أن تقمع بعشرات الآلاف من جنود الحرس الوطني السعودي مخلفة عشرات الشهداء ومئات الجرحى وآلاف المعتقلين.
 

صحيفة الأحرار

 

"صحيفة الأحرار" التسمية التي أطلقها الثوار على تلك الخطوط والرسومات التي ملأت جدران القطيف من قبل المحتجين الذين نزلوا صارخين بحناجرهم ضد الظلم والتهميش والحرمان وخطّوا صحيفتهم بسواعدهم السمراء معبرين عن آمالهم وتطلعاتهم ومطالبين بحقوقهم منذ فجر السابع عشر من فبراير عام 2011.

 

منذ ذلك التاريخ امتلأت جدران صفوى، العوامية، القديح، الشويكة، تاروت، سيهات، وباقي مدن وقرى القطيف بالكتابات والرسوم المناوئة للسلطة والتي نادت بالحرية والاستقلال بعد 100 عام من الظلم والحكم الملكي الجائر من قبل عائلة آل سعود.

 
الجدران تنطق و تشهد

 

حين تقترب من الجدران في القطيف ستجدها تتحدث بصوت حزين يروي حكايات سنوات الحرمان وقصص الشهداء الذين سُفكت دمائهم في الطرقات وفي المعتقلات طوال سنوات الحكم السعودي، وفجأة ستنتفض تلك الجدران أمامك وتعلن تمردها، سخطها، وستعبّر عن غضبها المحتقن منذ قرن من الزمان، ستسمع نداءاتها المدوية تعلن بداية عصر الانعتاق والتحرر والثورة على كل الماضي البغيض المملوء بألم التسلط الدكتاتوري..

 

جدران القطيف تشارك الثوار وتنطق بلسانهم وتسجل شهادتها التاريخية وتحتضن قضايا الثورة وتختزل تطلعات الجماهير وحلمهم بالحياة الحرة الكريمة..

 

لذا قررنا أن نمنحها الفرصة لتعبّر عن ذاتها وتعكس أحداث الانتفاضة المباركة لتحكي شيئاً عن مظلومية وكفاح هذه المنطقة الصامدة، التي لا تزال تطمح الى غد مشرق تستشرف بزوغه مع ولادة كل فجر جديد.

 
الأقمار التسعة ينيرون الطريق..

 

"16 سنة كفاية" أول الشعارات التي نادت بها حناجر الجماهير والتقطتها جدران المدينة المناضلة وراحت ترددها في كل حين، تذكر العابرين بأن لهم تسعة أخوة/ أبناء أمضوا زهرة شبابهم خلف القضبان، يتلوون تحت سياط التعذيب، تمضي بهم السنون بلا شمس دافئة ولا قمر منير، حرموا من حياتهم وهم لا يزالوا يتنفسون الهواء العطن لأقبية السجون، وقد وخط الشيب لحاهم ورؤوسهم بعيداً عن أهليهم وأسرهم، أعزبهم تزوّج بين العنابر والزنازين، وشبّ أطفالهم بلا أحضان تحميهم وتلاعبهم فوق عشب الأيام الخضراء للطفولة المحرومة من حق الأبوة ودفئها..

 

"16 سنة كفاية" رمز قضية "السجناء المنسيون" وهم تسعة شبان من مختلف مناطق القطيف, اعتقلوا صيف العام 1996 وحتى الساعة, بدون محاكمات, بتهمة تفجير ابراج الخبر, العملية التي تبنتها القاعدة على لسان زعيمها أسامة بن لادن، هذه القضية هي التي أشعلت شرارة الانتفاضة وتسببت في انفجار غضب الجماهير.
 
الشعب يريد..

          

نجح شباب الانتفاضة في تحميل الجدران مسؤولية ايصال رسالتهم ومطالبهم الى السلطات الجائرة, فحولوا الجدران الى صحيفة ناطقة عناوينها المطالب العريضة التي نادى بها ثوار الميادين فكانت الرسالة واضحة للسلطة لو أرادت أن ترى وتعي ماذا يريد المواطنون!.

 

فما عجزت أفواه الشعب عن النطق به طوال سنوات بفعل ساسة النظام في كتم الألسن واغتيال الكلمة الحرة وسجن الراي الصادق، صدحت به وأعلنته جهارا جدران القطيف وشهدت عليه خطوط ورسوم الثائرين التي امتزجت بدمائهم..

 
الشهداء يتحدون الطغيان

 
امسى شهداء الانتفاضة رموزا خالدة في قلب كل حر، فبيوتهم و مساكنهم معالم تشهد للتاريخ ان حرا عاش هنا وقد ضحى ليهب الحرية لأهله وأبناء مجتمعه، فالشهداء لا يغادرون ميدان الثورة بعد عروج أرواحهم الى السماء، نهجهم حاضر، صورهم حاضرة، صرخاتهم المدوية مستمرة عبر حناجر رفاقهم في درب الثورة، ودماءهم الطاهرة تتحدى الطغيان السعودي وتقاومه الى حين سقوطه..
 

كل الأزقة والشوارع في القطيف تحمل صور الشهداء، تردد كلماتهم، وتقدس التراب الذي روته دماءهم الطاهرة.. والشعب كل الشعب الذي نزل الى ساحات التشييع بعشرات الآلاف لا يزال يجدد العهد مع الشهداء وأسرهم على أن يواصل مسيرة الثورة حتى انهاء حكم الاحتلال السعودي وتطهير أرض الجزيرة العربية من رجسه وأوثانه!.

 

الفقيه النمر الرمز القائد
 
 
الفقيه الشيخ نمر باقر النمر الأب الروحي للانتفاضة, والعالم الديني الشجاع الذي سطر أروع المواقف في زمن الصمت والتخاذل والخنوع كان وسيبقى رمزا للأحرار, الذين لن يخذلوه وضحوا لأجله بالدماء والأرواح.. هذا ما تصرخ به جدران مدن القطيف وقراها!.

 

صنع الشيخ النمر بمواقفه، وبأطروحاته الثورية المطالبة بالعدالة والحقوق والكرامة الانسانية، علامة فارقة بين رموز وعلماء الطائفة الشيعية في الجزيرة العربية، وسرعان ما التف حوله الثوار المنتفضون في وجه السلطة السعودية المستبدة، وراحوا يتخذون من خطبه وكلماته نهجاً في مقاومتهم للظلم والطغيان.

 

لقد أمسى اسم النمر لونا تصطبغ به جدران المنطقة لتشهد على رمزية ومكانة هذا الشيخ المجاهد.. باتت خطبه تحفر في العقول قبل ان تخطها قبضات الثوار على الجدران..

 

وحدة المصير...

 

اقتحمت الثورة البحرينية وجدان القطيفيين واستوطنت قلوبهم.. الشعب هو الشعب والأرض هي الأرض تربطهما علاقة تاريخية عميقة، وتمتدّ بينهما أواصر القربى والنسب..

 

شكلت صور القمع الدموي والفظائع الوحشية التي ارتكبها  نظام آل خليفة, المدعوم بقوات الاحتلال السعودي, ردة فعل جماهيرية واسعة دعماً لنضال الشعب البحراني ومطالبه المحقة في التخلص من نير الاستبداد والدكتاتورية، وانهاء سنين الذل والفقر والحرمان..

 

في البدء ضجت الشعارات في فضاء شوارع القطيف ووسط أزقتها تلبية لاستغاثة اهلها في البحرين، وتأكيداً لتطلعها لمعانقة الحرية والخلاص، ثم تناقلت أكفّ الشبان وأناملهم الطرية عبارات التضامن والنصرة وراحت تحفرها عند كل منعطف وزاوية، فوق جدران تحكي سنوات طويلة من المعاناة، وتكاثرت شعارات التحدي لتملأ الطرقات..

 
ومن تلك الشعارات: يسقط آل سعود يسقط آل خليفة / القطيف والبحرين مصير واحد / يسقط حمد / مطلب واحد لأحرار ضفتي البحرين والمنطقة الشرقية / ترسلون جيوشا الى البحرين أمر من امريكا وتدعون الاسلام! / اطلقوا سراح الخواجة / البحرين حرّة حرّة / القطيف والبحرين شعب واحد.
 

لا للطائفية لا للمناطقية

 

رغم الضخ الاعلامي الطائفي والهجوم الممنهج ضد الشيعة أبت الجماهير في القطيف الانجرار للفتنة والتفرقة, وأصرّت على التمسك بالوحدة بين أطياف المسلمين ومذاهبهم كافة..

 
واستطاع شعبنا الثائر بوعيه وحكمته أن يفشل مخطط النظام السعودي وسعيه المجنون لإشعال نار الفتنة واشغال الشعب بصراعات وهمية مفتعلة لإبعاده عن قضاياه الجوهرية والمصيرية..

 

 
ورغم ما صدر عن بعض أبناء الجزيرة العربية من شعارات مناوئة للشيعة وتدعو النظام للنيل منهم والبطش بثوار المنطقة الشرقية، رفضت جماهيرنا مقابلة الاساءة بمثلها، وأصروا على مواجهة تلك الدعوات بمزيد من التلاحم والتواصل ودعم القضايا والمطالب العادلة لإخوانهم السنة في المناطق المختلفة من الجزيرة العربية.

 

 
وخلدت الجدران هذه المواقف لتؤكد صدق تعاطف ومساندة الموقف الشيعي للقضايا الانسانية والوطنية دون اعتبار للهويات المذهبية والمناطقية التي يثيرها ويروجها النظام وعملائه ومرتزقته في أجهزة الاعلام والمباحث..
 

 
شعارات الانتفاضة ورسوم الثوار تتحدث..والسلطة ترتجف

 

جرافيك الانتفاضة بكلماته البسيطة ورسومه المعبرة على الجدران أرعبت أمراء آل سعود فاستنفروا قواتهم وجلاوزتهم ليطمسوا تلك العبرات ويمزقوا الصور والبنرات، فكل ما يمكن أن يُعبّر المواطن من خلاله عن صوته مطالباً بحقوقه يخيفهم ويؤرقهم ويجعلهم يرتجفون هلعاً ورعباً..

 

خاضت السلطات معركة عنيفة ضد جماهير الانتفاضة أثناء كتابتهم للجرافيك وتنفيذهم لصحف الثورة، فاعتقل من اعتقل وجرح من جرح، وأصر الثوار على مواصلة التحدي، فراحت السلطة تطارد الجدران والأبنية لإزالة وطمس وشطب وتشويه كلّ عبارة أو شعار أو رسم أعلن رفض الظلم والاستبداد السعودي..

 

رأیکم