زيارة بايدن للمنطقة ... خداع السعودية والمخطط المريب

وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء

رمز الخبر: ۶۴۹۱۸
تأريخ النشر:  ۱۲:۲۷  - الخميس  ۱۴  ‫یولیو‬  ۲۰۲۲ 
لا يكشف الساسة والدبلوماسيون عادة عن اهداف لقاءاتهم وجولاتهم الخارجية، فالهدف الرئيسي يتم التداول به خلف الابواب المغلقة، والحال ليس مختلفا في زيارة الرئيس الاميركي جوبايدن الى الشرق الاوسط، لكن هذه الزيارة من الزيارات النادرة التي يتحضر لها الاميركيون منذ شهرين وبشكل علني وهذا يكشف أهميتها.

طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء- ربما يقول البعض بأن بايدن ومواقفه اصبح غير هاما، نظرا لتاكد سقوطه في الانتخابات الرئاسية القادمة ولذلك فان زيارته للمنطقة استعراضية، لكن الدول عادة لا تفكر بمثل هذه الطريقة فهناك استراتيجيات كبرى للدول لا تتغير برحيل رئيس او حزب عن السلطة، ومن هذه الاستراتيجيات المواجهة المصيرية بين اميركا وروسيا التي لا تعتبر مصيريا لاميركا وروسيا فقط بل لا نبالغ اذا اعتبرناها مصيرية للاوضاع العالمية برمتها.

العقوبات المفروضة على روسيا والاجراءات الروسية المضادة باتت تضيق الآن الخناق على الغربيين أنفسهم فاوروبا تفتقر للطاقة، والتضخم يطيح برؤوس الساسة الكبار هناك مثل بوريس جونسون البريطاني، وبرد الشتاء بات يقض مضاجع الاوروبيين ويشعرهم بالرجفة منذ منتصف الصيف الساخن، لكن الحال في اميركا ليس افضل فارتفاع اسعار الوقود هناك لها آثار سلبية جدا رغم التكتم الاعلامي الاميركي، وما حالة الضجر الاجتماعي والشرخ العرقي ومسلسل القتل الجماعي في شوارع اميركا سوى مشهد واحد من المشاهد التي يراد التستر عليها، فالوضع في الداخل الاميركي بات خطرا على الديمقراطي والجمهوري على حد سواء.

لم يخطر على بال واشنطن وحلفائها في حلف الهيمنة الغربية الثرية، ان هناك ابوابا في جنوب وشرق روسيا ستفتح عليها بهذا الشكل وستمسك موسكو هكذا بحنجرة الاتحاد الاطلسي وستكون قادرة على هزّهم من البرد وتركيعهم من الجوع، ومن لا يصدق ذلك فليقرأ التقارير عن رفوف المتاجر في دول الاتحاد الاوروبي.

اما الذي يملك مفتاح الحل للغربيين هم حلفائهم من الدول العربية في الخليج الفارسي الذين ليس المطلوب منهم زيادة انتاج النفط لأن الطاقة الانتاجية وصلت الى حدودها القصوى، بل المطلوب هو النفط الرخيص دون الاعلان في وسائل الاعلام لانقاذ اقتصاديات اميركا والدول الغربية، ففي يوم من الايام ذهبت تريليونات الدولارات لترامب واليوم يجب ان يذهب النفط الرخيص ايضا الى اميركا فالحالة متشابهة وربما اكثر ضرورة الان، والميدالية نفسها ستمنح للحلفاء العرب "البقر الحلوب".

ان محاولة الاختفاء والتمويه خلف الاصبع والقول بأن الزيارة هي من اجل منظومة دفاع جوي مشترك بين الكيان الصهيوني المؤقت ودول عربية، لا تنطلي على أحد، فأي منظومة منشورة في السعودية او مصر والامارات والبحرين تستطيع اعتراض الصواريخ والطائرات المسيرة التي ستتحلق بالمئات والآلاف من ايران ( وربما مناطق اخرى) نحو الكيان الصهيوني ؟ ان الذي يفهم ابسط مفاهيم الجغرافيا يعرف بأن وحدهما العراق والاردن الواقعين بين ايران وفلسطين المحتلة هما يستطيعان (اذا استطاعا) احتواء منظومات لاعتراض هذه الصواريخ والطائرات، فالعراق محتل من قبل الاميركيين، والاردن محسوب منذ القدم على الجيش الصهيوني ومن يقول غير هذا يخدع نفسه، ولكل من الحالة العراقية والاردنية حل خاص بها عند اتخاذ قرار توجيه الضربة للصهاينة.

ان مجيء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى ايران خلال الايام القادمة، ورغم وجود تحضيرات سابقة لقمة ثلاثية ايرانية روسية تركية، يستشف منه ايضا ان مفتاح الصراع المحتدم عالميا الان موجود هنا، فروسيا لا يمكن خنقها لارتباطها الوثيق مع ايران ومن يريد ان يسلم من المجاعة التي جلبتها اميركا والغرب للعالم ، فليحسن علاقاته مع موسكو ويبتعد عن اميركا لكي ترسل له روسيا بعض القمح عبر الممرات الايرانية ايضا، وهناك تحضير روسي على لسان ديميتري بيسكوف للدول العربية في الخليج الفارسي بأن تحتاط في اتخاذ مواقف معادية لروسيا اثناء زيارة بايدن.

لا يعير المطلع على المفاهيم السياسة اهمية لما كتبه جو بايدن في مقاله التبريري والتضليلي لجولته بالمنطقة في صحيفة واشنطن بوست ، فمهما عزف بايدن على المعزوفة النووية تجاه العلاقات مع ايران , واراد استخدام البعبع الايراني للحصول على ما يريده من السعودية والامارات وغيرهما ، فلا يعتقد احد بأن ضغط تل ابيب أو شأن عربان التطبيع سيكون له تأثير على قرارات ايران في الملف النووي، وعلى هذه الدول المطبعة المطبلة ان تتعظ من الدرس الاوروبي ولا تنجر وراء المخططات الاميركية فاميركا سوف لم ولن تعير اهمية لمعاناة الشعوب الاوروبية، كما لم ولن تعير اهمية لمصير الحكام المطبعين العرب اذا اشتعلت المواجهة في منطقتهم.

بقلم : فريد عبدالله

رأیکم