المؤتمرات العربية والاسلاميه: تقليد ليس فيه جديد... بقلم طلال قديح

وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء

رمز الخبر: ۱۸۹
تأريخ النشر:  ۰۶:۱۲  - الثلاثاء  ۱۲  ‫فبرایر‬  ۲۰۱۳ 
غدت المؤتمرات العربية والإسلامية على تعدد مستوياتها وتباين اسباب انعقادها ظاهرة تقليدية وأسلوباً متبعاً وروتيناً مملّاً لا يتغيّر ونمطاً لا يتبدّل مهما كانت الأسباب والمستجدات..!!

ألفنا ما يصدر عنها من قرارات و توصيات حتى إننا أصبحنا ندّعي معرفتها من ألفها إلى يائها وكيف تبدأ؟ وكيف تنتهي؟ قبل أن ينفضّ المؤتمر ويختتم جلساته..!!
يبدأ البيان الختامي عادة بالتنويه بأسباب الانعقاد وبيان بأسماء الدول المشاركة ومستوى تمثيلها ومن تغيّب عن الحضور وعلله .؟ وفيه إشادة بالدولة المضيفة تدور حول كرم الضيافة وحسن الاستقبال وحرارة اللقاء الأخوي الذي ينم عن صدق العاطفة وحسن النوايا.. ثم يبدأ في اتخاذ القرارات وفيها: نشجب ونستنكر وندين بأقوى العبارات تهديداً وأقسى الكلمات وأكثرها جلبة وضجيجاً.. ويتبارى المراسلون والصحفيون في الظفر بلقاء هذا الزعيم أو ذاك لتحقيق سبق صحفي يحقق مزيدًا من العائد المادي لوسائل الإعلام، ويلفت انتباه العدد الأكبر من المشاهدين المتابعين ليقال: إن المحطة الفلانية قد فازت بنصيب الأسد وتجاوزت ما عداها!
ولا ينسى المشاركون أن يوزعوا ابتساماتهم مع الإدلاء بتصريحات تدغدغ عواطف المشاهدين وتتبنى اهتماماتهم وتعدهم بالمن والسلوى وأن الحال سيتغير إلى الافضل والأمور ستقود إلى المصالحة ونبذ الاختلافات إلى الأبد..!! ومن سيحاسب على إدارة الظهر لها ونسياتها؟! لا أحد بالطبع، لأننا سريعوالنسيان طيبو القلوب..  وهذا ديدنا في كل الأحوال والأوقات لا نحيد عنه أبداً.
إن الشعوب العربية والإسلامية تكاد كلها تصدر عن اسلوب واحد..ومن هنا كان التعامل معها تقليداً واحداً لا يتغير مهما كانت المستجدات..!!
إن العالم كله قد خبر نفسياتنا وسبر أغوارها ولم يترك لنا شاردة أوواردة إلا ودرسها من كل جوانبها خدمة لأهدافه ومخططاته.. مدركا أن هذه الأمة عظيمة متى عرفت نفسها ووظفت كل ثرواتها خدمة للبناء والإعمار لتعود سيدة قوية كما كانت غبر قرون طويلة.. يدرك الغرب أن هذه الأمة لديها من الثروات والإمكانات ما يؤهلها لأن تتصدر العالم وتقوده إلى الأمن والسلام.. ومن هنا كثرت المؤامرات ضد العرب والمسلمين لتجعل من بلادهم ساحة للقلاقل والحروب فلا يهدأ لهم بال ولا يقرّ لهم قرار..
إن المتابع للوضع العربي والإسلامي يشعر بغصة وألم شديدين بل يصاب بإحباط كبير..فلا تكاد تخلو دولة من انقسامات واقتتال طائفي أو مذهبي أو عرقي يدفع الجميع ثمنه غالياً من دمائهم واستقرارهم وحرياتهم وتطورهم..كل العالم ماعدا العرب والمسلمين ينعم بحياة هادئة مستقرة وعيش رغيد وبناء وتقدم علمي باهر يخدم مصالح البلاد والعباد.
لا ندري كم من قرارات المؤتمرات وتوصياتها قد بلغ مرحلة التنفيذ ؟ بل ربما جرى التنصل منها قبل أن يجف حبرها  و” كأنك يابو زيد ما غزيت”.. ويبدأ مسلسل الشتائم والتهديدات..ويضيع الناس بين هذا وذاك ويبدأ الدوران في حلقة مفرغة من جديد!!
خذ قضية "فلسطين” مثلاً، فهي كانت وما زالت قضية العرب والمسلمين الأولى منذ قرابة قرن من الزمان..لم نحقق فيها شيئاً لأن العدو يدرك أن ما نرفضه اليوم نقبل به غداً ولكن بعد فوات الأوان فيقلب لنا ظهر المجن ويتنصل من كل وعوده والتزاماته ضارباً عرض الحائط بكل الاتفاقيات والمواثيق الدولية.. لم لا؟ وهو يعرف ردة الفعل التي عرفها مسبقا وهي التهديد والوعيد و” تسمع جعجعة ولا ترى طحناً” و” من أمن العقاب أساء الأدب”.
هاهو عالمنا الإسلامي يرى رأي العين ما تفعله إسرائيل بالقدس والمسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين  الشريفين..يقتحمه المستوطنون صباح مساء يؤدون طقوسهم ويمنعون المسلمين من الصلاة فيه بل ذهبوا إلى ابعد من ذلك فحفروا تحته حفريات تهدد بهدمه وسقوطه لإقامة الهيكل المزعوم..ومع هذا تنعقد المؤتمرات وتنفض كالعادة بلا نتائج على الأرض ووعود بنصرة الأقصى ودعم أهله الصامدين بكل أسباب العون وإمدادهم بما يعزّز صمودهم ومقاومتهم..؟!
إننا نتطلع إلى مضاعفة الجهود وترجمة القرارات والتوصيات إلى أفعال تخدم قضايا المسلمين وتدفع في الاتجاه الصحيح الذي يأخذ بأيدينا ويوصلنا إلى بر الأمان ويحقق الأماني والغايات.. كفى..كفى!! مللنا البيانات بكل أنواعها وشبعنا شجبا وتنديدا وآن الأوان للعودة إلى النهج الإسلامي القويم. لنكون جديرين بقوله تعالى:”كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر”. و”إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم”..والله من وراء القصد والهادي إلى سواء السبيل.
رأیکم