انتشار فتاوى القتل... بقلم أحمد منصور

وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء

رمز الخبر: ۲۲۳
تأريخ النشر:  ۱۷:۰۳  - الأربعاء  ۱۳  ‫فبرایر‬  ۲۰۱۳ 
هل هى مصادفة أن تنتشر الدعوات والفتاوى بالقتل بهذه الطريقة وفى عدة دول من دول خريف الطغاة، كما سماها أكمل الدين إحسان أوغلو، الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامى.
 فى حوار أجريته معه الأسبوع الماضى، حيث قال إن الربيع العربى لم يأت بعد، لكن ما حدث هو خريف سقوط الطغاة، هل هى مصادفة أن تنتشر هذه الفتاوى فى تلك الدول فى وقت واحد وبهذه الطريقة الفجة والسطحية، لتصب فى صالح فصيل سياسى ضد فصيل آخر، وتربك المشهد السياسى بعدما فشلت التظاهرات والاعتصامات والإضرابات ومحاولات اقتحام مؤسسات الدولة فى تحقيق أهدافها، لا سيما أن الفصائل المقصود تشويهها بهذه الفتاوى لا تمارس العنف وتدينه لكن مشكلتها أنها أصبحت فى سدة الحكم وصدارة المشهد؟
أذكر قبل ما يقرب من خمسة عشر عاماً حينما استأجر أحد رجال الأعمال المصريين بعض الصحفيين المرتزقة ورتبوا له رسائل للتهديد بالقتل هو وآخرين وتم نشرها على نطاق واسع حيث تصدرت صفحات الصحف والمجلات فانتفضت وقتها الحكومة المصرية وخصصت حراسات له ولأصدقائه، لكنه قال لرئيس الوزراء إن ذلك لا يكفى، وإذا كانت الحكومة جادة فى أمر حمايتها لهم فلتمنحهم حق امتلاك إحدى الشركات الكبرى التى كانت تملكها الدولة آنذاك، وحصل رجل الأعمال على تلك الشركة بثمن بخس، حيث كان ثمن السهم تسعة جنيهات مصرية فقط تضاعف بعد ذلك فى البورصة حتى وصل إلى أربعمائة جنيه، أى تضاعف أكثر من خمس وأربعين مرة خلال أشهر معدودة، فأُثرى رجل الأعمال هذا بتلك الحيلة ثراء فاحشاً وزادت ثروته فى سنوات معدودة على ستين ملياراً بعدما كان لا يملك إلا عدة ملايين، وقد دفعه الثراء الفاحش إلى أن يصبح أحد الذين يلعبون دوراً أساسياً فى السياسة المصرية بعد خريف مبارك، حيث قرر امتلاك قنوات تليفزيونية وصحف ولم يكن يخفى عداءه للإسلاميين، بل وحتى للمسلمين عموماً، هذا الثراء الفاحش وهذا التأثير الكبير فى السياسة المصرية كان مصدره صناعة أكذوبة، وأود أن أؤكد هنا أن هذه القصة قد رواها لى بتفاصيلها بدءاً من صناعة الأكذوبة والحيلة وحتى مرحلة الثراء الفاحش أحد شركائه الذين اختلفوا معه بعد ذلك؛ لأن اللصوص حينما يختلفون يفتش كل منهم سر الآخر، والشاهد هنا أن صناعة الأكاذيب أو الحيل أو الدسائس أو الفتاوى كما يحدث الآن باستخدام ضعاف النفوس سواء من أصحاب الفتاوى أو من الإعلاميين لتكبيرها أصبح حرفة يُصنع بها أبطال وهميون ويُدنس بها شرفاء وطنيون، وأعتقد أن الفتاوى التى ظهرت فى مصر ودول أخرى عديدة خلال الأيام القليلة الماضية مصدرها واحد وطريقة تفعيلها وتكبيرها هى طريقة قديمة لكنها تستحدث من آن لآخر، حيث يتم صناعة أبطال فى مراحل الانهزام لدى بعض الأطراف، ثم يتم السعى للحصول على مكاسب لم تتحقق بالطرق الشرعية ثم يكبر هؤلاء، لأنهم عادة ما يكونون صغاراً، ثم تنتشر المقالات التى تمهد لعمليات الاغتيال السياسى حيث ازدادت الأعمدة الصحفية والكتابات التى تتحدث عن شىء بعيد عن الطبيعة المصرية على سبيل المثال حتى تهىء الرأى العام له، ثم يتم وضع الإسلاميين كلهم أصحاب الفتاوى فى بوتقة واحدة أنهم إرهابيون مجرمون متهمون وأنهم هم الذين سيرتكبون هذه الجرائم إذا وقعت، ولا مانع من أن تقوم الجهات، التى صنعت هذه الفتاوى وروجت لها، حتى تربك المشهد وعادة ما تكون جهات استخباراتية، بارتكاب جريمة تصفية أو عدة جرائم، كما حدث فى تونس الأسبوع الماضى، سواء ترتكبها بشكل مباشر أو عبر اختراق تقوم به لبعض التجمعات المتطرفة، ليزداد المشهد تعقيداً ثم يتحول الإسلاميون من معتدى عليهم إلى متهمين يدافعون عن أنفسهم أمام آلة إعلامية واستخباراتية ضخمة ومنظمة.
إن القتل هو من أكبر الجرائم التى لا يعفو الله عن مرتكبها لذلك قال الله تعالى: «مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِى الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً» لذا فإن استخدام هذا السلاح فى الخصومة السياسية يعنى إفلاس الطرف الذى استخدمه وأنه تحول من ممارس للسياسة إلى ممارس للإجرام، أما استخدامه لتحقيق المآرب وخداع الشعوب فهو جريمة أكبر لكنها سوف تنكشف وسوف ينقلب السحر فى النهاية على السحرة.
رأیکم