باب الشمس وكنعان لا توقفان الاستيطان

وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء

رمز الخبر: ۳۲۴
تأريخ النشر:  ۱۲:۱۹  - الجُمُعَة  ۱۵  ‫فبرایر‬  ۲۰۱۳ 
بعد أن دخل الكفاح الجمعي لجمهور الشعب الفلسطيني في حالة تراخى وسبات بفعل عوامل ذاتية أكثر منها موضوعية على رأسها الانقسام، بدأ يبرز أكثر فأكثر نضال النخب الفلسطينية.
 بداية في النضال ضد جدار الضم والفصل العنصري، وحالياً عبر ظاهرة إقامة القرى الفلسطينية (باب الشمس والكرامة والمناطير وكنعان) على الأراضي التي يهددها الاستيطان، عبر ما يعرف بالمقاومة السلمية بمشاركة متضامين أجانب واسرائيليين، وعلى المستوى الرسمي انحصر كفاحنا بما تقوم به القيادة الرسمية من تصريحات وجولات ومؤتمرات بعد أن غيبت م. ت. ف ومؤسساتها، وتحولت سفاراتها الكثيرة إلى عبء مالي ومكاتب للبزنس، الأمر الذى خلق فراغ نضالي ساعد على التنافس على توظيف القضية بطرق حزبية وجغرافية، فرفع الحصار عن غزة غيب شعار دحر الاستيطان والمقاومة السلمية المرضى عنها أوروبياً بديلاً لانتفاضة شعبية تشرك الكل الفلسطيني في معركة تحرر، وليس في معركة مناكفة وإحراج الاحتلال.
إن النضال عبر إنشاء القرى والتصدي للاستيطان هو إبداع بلا شك لوسائل جديدة تتحدى الاستيطان والسيطرة الأمنية الاسرائيلية على الجزء الأكبر من أراضي الضفة، وتتحدى الغطرسة السياسية الاسرائيلية المتنكرة لكل الشرعيات والمواثيق الدولية التي تدين الاستيطان وترى فيه جريمة حرب، وهو يحرج الاحتلال وينجح في استقطاع وقت للتغطية الاعلامية في شبكات الأخبار، وقد نجح المنظمين في الوصول لأهدافهم هذه إن كانت هذه هي أهدافهم، كما نجحوا في السابق في مقاومة الجدار عبر جمع بلعين ونعلين والنبي صالح.. الخ، ولكن إن كانت أهدافهم تتعدى الاحراج والاعلام فان الوسائل (المقاومة السلمية النخبوية) متواضعة كتواضع الأكامول في علاج السرطان، ومحكومة بنفس نتائج معركة الجدار والجسر الجوي، وغيرها، مما كان لها ضجيج وزمن بث جعلها بمثابة مقاومة إعلامية إعلانية أكثر منها فعل حقيقي على الأرض يراكم منجزات.
يقول الاسرائيليون عادة، لو كانت السويد جارتنا لاستطعنا أن نسوى الصراع على طاولة حوار هادئ دون الحاجة لاستخدام العنف، والعكس هو الصحيح، فلو كان صراعنا مع دولة تراعى المواثيق الدولية وتحترم الرأي فأن المقاومة السلمية ستكون كافية لتحقيق أهدافنا.
بيد أننا نواجه وحش استيطان مصاب بسعار نهب الأرض مسلح بكل وسائل الفتك مسكون بمزاعم أسطورية تناخية عن تاريخ ووعد الهى مزعوم، مدعوم بتحيز غربي ولوبي صهيوني قاطع للقارات، والأرض هي جوهر الصراع وهى مستقبل وجودنا، وهي لنا ولهم صراع بقاء ووجود.
فكل الحكومات الاسرائيلية على أنواعها عمل أم ليكود ترى في الاستيطان مهمة وجودية وأمنية من الدرجة الأولى، وتطلق على المستوطنين اسم الطلائع الذين لا زالوا يؤمنون بأفكار الحركة الصهيونية ويعملون بلا كلل على ترجمتها وتطبيقها، وقد نجحوا كثيراً فتحول جزء كبير من الضفة إلى مدن وبلدات مزدهرة باتت تشكل عنصر جذب للإسرائيلي الليبرالي، وباتت هذه الحقائق الاستيطانية جزء من وعى دولي رسمي بدأ يقبل بتسوية أوضاعها (أي بقائها جزءاً من إسرائيل) في التسوية النهائية – ضمانات بوش لشارون- وتصريحات أوروبية خجولة تكتفى بإدانات مخففة وتبقى على واقع دعمها للاستيطان عبر حماية بضائع المستوطنين من أية عقوبات اقتصادية وتهرب الدول الأوروبية من فرض هذه العقوبات بواسطة ذرائع وثغرات قانونية.
إن المشروع الاستيطاني في القدس والغور وباقي أراضي الضفة ينمو ويتكاثر كالفطر، ورويداً رويداً يشد حبله حول عنق مستقبل الدولة الفلسطينية لخنق ما تبقى من قدرتها على التنفس وقدرتها على الحياة، ولا تزعجه كثيراً هذه الخيام التي يرى فيها محاولة للتشبه به، وترى الحكومة والأمن الإسرائيلي فيها محاولات لتنفيس الغضب الفلسطيني الذى يؤجل الانفجار أو يخففه، والاحراج الذى تهدف اليه إقامة هذه القرى لا يؤثر في من لم يحرجه ارتكاب مجازر قتل الأطفال بوحشية في بث حي ومباشر، ومن استطاع أن يطوي تقرير غولدستون، ويرتكب مجزرة أسطول الحرية ويشكل لها لجنة تحقيق تخرج بنتائج  تعفى اسرائيل من أية مسؤولية وتفرضها على لجنة (بالمر) الدولية  المشكلة للتحقيق في نفس القضية.
إن النضال السلمي الذى يعتمد على دعم منظمات الانجى أوز، وعلى دعم وتمويل مؤسسات أوروبية صديقة لم ينجح حتى الآن في أن يشكل رافعة للنضال الوطني الفلسطيني، ولم يستطع أن يجر الجماهير خلفه، ولم ينجح في تأطيرها ولا يبدو أنه سينجح لأنه محكوم بسقف وآليات وأهداف محدودة، فضلاً عن أنه لم ينجح في تفكيك بؤرة استيطانية واحدة أو حتى في جباية ثمن من المحتل.
الكفاح الفلسطيني دخل في مرحلة أزمة وتشتت في ظل ذروة التغول الاستيطاني، وهو بحاجة عن مدخلات جديدة مبنية على الوحدة والثوابت الوطنية تستثمر كل طاقات وامكانات الشعب في الداخل والخارج شعبياً ورسمياً تحت قياده واحدة، وتفعيل العمق العربي والإسلامي تحت شعار دحر الاحتلال وإقامة الدولة.
 
مركز أطلس للدراسات الاسرائيلية
رأیکم