صفقات أسلحة ونقاط تقاطع سورية وإيرانية في ظل تراجع أميركي

وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء

رمز الخبر: ۳۵۷۳
تأريخ النشر:  ۱۸:۱۹  - الأَحَد  ۲۹  ‫دیسمبر‬  ۲۰۱۳ 
وكالة (نادي المراسلين) العالمية للأنباء :
ثلاثة ملفات على طاولة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند والملك السعودي عبدالله: لبنان وسوريا وإيران.
وفقا لما اوردته وكالة (نادي المراسلين) العالمية للأنباء أولوية الرئيس الفرنسي الزائر للسعودية، الأحد والاثنين المقبلين، تبقى قبل كل شيء، وبالترتيب إبرام صفقات سلاح غير مسبوقة مع الحليف السعودي، وانتهاز فرصة الفتور الأميركي ــ السعودي، للدخول إلى سوق اكبر مستهلكي الأسلحة في النادي النفطي، الذي انفق أكثر من ٧٠ مليار دولار خلال عقد واحد على تكديس أكبر ترسانات المنطقة.

ويراود الخاطر الرئاسي الفرنسي طموح الحلول تدريجياً محل الولايات المتحدة، في هذه السوق، إذا ما تطور الانكفاء الأميركي عن أزمات الشرق الأوسط وآسيا الوسطى وتأكد التفاهم النووي مع طهران.

وكان ينبغي الاستماع إلى أحد مستشاري الاليزيه يستعرض ما وصل إليه التقارب الفرنسي ــ السعودي، أو التحالف بينهما والدولة المفتاحية، لفهم طبيعة ما ينتظر الملفات الثلاثة، وكيف يعمل البلدان معاً لمعالجة الاستحقاقات اللبنانية المقبلة، وبأي «عين سعودية» باتت تنظر فرنسا، ليس إلى لبنان فحسب، ولكن إلى العلاقات العربية ــ الفرنسية، التي تتقاطع في نقاط كثيرة مع مواقف الرياض.

وقال مصدر فرنسي إن محور النقاش مع الملك عبدالله حول لبنان سيكون حماية الاستقرار، وصيانة المؤسسات الدستورية وعملها، وتفعيل عمل مجموعة «أصدقاء لبنان»، الذي كانت مبادرة فرنسية أطلقتها خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول الماضي.

فلبنانياً تبدو الترجمة العملية لهذا الإعلان التحضيري لزيارة هولاند، هي أن التمديد للرئيس ميشال سليمان أصبح نقطة تقاطع سعودية ــ فرنسية، وعنواناً للتعاطي مع الاستحقاق الرئاسي الذي يشكل عامل تهديد إضافي للاستقرار في لبنان، وهو بند أولي مطروح على جدول اللقاء الرئاسي الفرنسي والملكي السعودي.

ويستبق مسؤول في الاليزيه الكلام الرئاسي الفرنسي للملك السعودي في الرياض، في موضوع الحكومة والمعادلات المطروحة لحلها، بالقول إنه «لا نرى كيف يمكن للسعودية أن تضغط على مجموعة ١٤ آذار لتسهيل تشكيل الحكومة مثلاً، وحريّ بالضغوط أن تمارس قبل كل شيء على حزب الله».

ويحتاج الفرنسيون، الذين غادروا لحظة الانفجار السوري موقعهم الوسطي في لبنان، إلى حليف قويّ يعوّض عن خسارة القدرة الماضية في التحدث إلى الجميع. دخلت باريس طرفاً في المعركة ضد «حزب الله» وسوريا، سواء عبر وضع الجناح العسكري للحزب على لائحة «الإرهاب» الأوروبية، أو حشد ما أمكن في خندق المعارضة لإسقاط النظام السوري، فضلاً عن التشدد التقليدي في الملف الإيراني، والمزايدة على الموقف الأميركي «المهادن» إرضاء لإسرائيل والسعودية.

والأرجح أن الفرنسيين وجدوا في الهجوم السعودي في قلب العراق وسوريا ولبنان الطاقة اللازمة لتجديد حضورهم المتراجع، والاتكاء إليها للتدخل في ملفات لم تعد في متناولهم أصلاً، بسبب الأزمة الاقتصادية المستمرة، وضمور قدرة فرنسا على التدخل في النزاعات الإقليمية وضبطها، باستثناء الحديقة الأفريقية الخلفية، التي تنتشر فيها الفوضى.

إذ عمل إسقاط حلف شمال الأطلسي للنظام الليبي، على تحرير «القاعدة» وتمدّد «الجهاديين» فيها، وتحويل الجنوب الليبي ومنطقة سبها إلى قاعدة خلفية تزود بالسلاح والمقاتلين، القوس «الجهادي» الممتد من أفغانستان، عبر باكستان، فالعراق فسوريا ولبنان، وشمال أفريقيا انتهاء بالصحراء الكبرى ومالي وتشاد وأفريقيا الوسطى.

وسورياً، يستهل الرئيس الفرنسي لقاءاته السعودية، ببديهة ما قاله مصدر في الاليزيه، من أن «فرنسا والسعودية متفقتان على أن لا حل سياسياً في سوريا في ظل بقاء الرئيس بشار الأسد في منصبه»، لكن الواقعية وتوازن القوى على الأرض يقضيان بالاعتراف أن «الأمر لم يعد متاحاً في الوقت الحالي، والأرجح ألا يرحل قبل انفتاح المرحلة الانتقالية».

ولا يبدي المصدر الفرنسي، على غرار السعوديين، تفاؤلاً كبيراً بما يمكن أن يفضي إليه مؤتمر «جنيف ٢»، مشككاً في انعقاده. ويقول المصدر إن «على المؤتمر أن يخرج بنتائج ذات مصداقية، هذا إذا عقد المؤتمر».

ويعتقد مستشارون في الرئاسة الفرنسية، من جديد، أن موسكو ستقبل صفقة حول الأسد، وتضحّي به، عندما تجد شخصيات علوية أو بعثية تحل محله، وتحفظ وحدة الدولة والجيش والمصالح الروسية.

ويعتقد الفرنسيون أنه عندها يمكن الحديث عن صفقة مع الروس للتخلص مع الأسد.

وكان وزير الخارجية السابق آلان جوبيه قد أمضى العام الأول من الأزمة السورية يكرر عبر مصادره أن الروس يبدون مرونة لعقد صفقة حول سوريا، قبل أن تبدأ موسكو، مع بكين، بمراكمة استخدام حق النقض (الفيتو) ثلاث مرات متتابعة، لمنع تقدم أي قرار في مجلس الأمن ضد سوريا والأسد.

وإيرانياً، يستهلّ الفرنسي لقاء السعودي، القلق من التفاهم النووي الأميركي – الإيراني، بالقول إن السعوديين طلبوا منا «إطلاعهم على سير المفاوضات حول الاتفاق النهائي مع إيران.

هم قلقون من الخطوات الإيرانية». ويبدو أن السعوديين باتوا يعولون على الفرنسيين لمتابعة ما يجري في قاعات الاجتماع بين مجموعة «5 +1» وطهران، أكثر مما يعولون على الولايات المتحدة.

وكان الأميركيون قد صدموا حلفاءهم التاريخيين على ضفة الخليج، بإجراء مفاوضات تحت نوافذهم في سلطنة عمان القريبة مع وفد إيراني طيلة ٨ أشهر، من دون إعلامهم بما يجري.

وتوّج تلك التفاهمات خصام بين الحليفين، واتفاق مرحلي في جنيف، عمل الفرنسيون بإخلاص على عرقلته في البداية، تفادياً لذهاب فرنسوا هولاند، في ذلك الوقت، إلى تل أبيب محملاً باتفاق موقع مع إيران.

ونقل السعوديون آمالهم بتأخير الاتفاق النهائي، وفرض المزيد من القيود على برنامج إيران النووي، من الأميركي، الذي خذلهم، إلى الفرنسي الطامح إلى التحول إلى شريك بديل عنه.

وقال المصدر الفرنسي إن السعوديين طلبوا ضمانات من الستة الذين يفاوضون الإيرانيين، تكفل عدم تحول إيران إلى قوة نووية عسكرية في الخليج، وان ينص الاتفاق النهائي مع إيران على تلك الضمانات التي ترضي الرياض.

أما هولاند فسيكون له أن يختبر في الزيارة، التي تدوم ٢٤ ساعة، القدرة على المساومة على كل ما قدّمته باريس حتى الآن للسعودية من دعم ديبلوماسي، في سوريا قبل كل شيء، وفي لبنان، وفي الملف النووي الإيراني. وينقل مستشار في الاليزيه ما نقله زوار من الرياض أن الملك عبدالله أعطى توجيهات بمنح فرنسا من الآن فصاعداً الأولوية في الصفقات.

وتقدر قيمة الصفقات في السوق السعودية عموماً، في النقل والمفاعلات النووية والأسلحة والدفاع والبنى التحتية، بأكثر من ٥٥٠ مليار دولار في السنوات العشر المقبلة.

ولكن ما يطمح إليه الرئيس الفرنسي قبل انقضاء العام الحالي هو الحصول على توقيع الملك على صفقة حيوية تنقذ شركة «تالس» من أزمة مؤكدة، وشراء صواريخها الجديدة من طراز «كروتال»، بقيمة 2.7 مليار يورو، وإبرام صفقة صيانة وتأهيل للصواريخ وحزمة دفاع جوي وحدودي، بقيمة 2.4 مليار يورو. وكان السعوديون قد وقعوا بالأحرف الأولى على هذه الصفقة، إلا أنهم لا يزالون يترددون بإبرامها نهائياً.

أما الصفقة الأهم، التي ستشكل اختباراً للمنعطف السعودي نحو فرنسا، فهو العقد الثالث من «صواري» الذي يحتوي على مجموعة حديثة من الفرقاطات الفرنسية والغواصات.

وتمنح الصفقة، التي تقدر بما بين ١٥ ملياراً إلى ٢٠ مليار يورو، الرهان الفرنسي على السعودية مصداقيته، وثمناً للتقارب والمواقف الديبلوماسية، كما تمنح السعودية قوة غواصة للمرة الأولى في تاريخها، وحليفاً موثوقاً في المواجهة مع إيران والنظام السوري.

رأیکم