الموفد الخاص لصحيفة "لوفيغارو" الفرنسية إلى الجزائر : اتفاق بين الرئاسة والمخابرات على مرحلة ما بعد بوتفليقة

وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء

رمز الخبر: ۴۳۰۱
تأريخ النشر:  ۱۱:۴۷  - الجُمُعَة  ۱۸  ‫أبریل‬  ۲۰۱۴ 
وكالة (نادي المراسلين) العالمية للأنباء :
لفترة طويلة، أدارت المخابرات الجزائرية، جهاز الاستعلامات والأمن (DRS)، السياسة الجزائرية، ولعبت دورا رئيسا في المواعيد الانتخابية.
وفقا لما اوردته وكالة (نادي المراسلين) العالمية للأنباء الموفد الخاص لصحيفة "لوفيغارو" الفرنسية إلى الجزائر یقول : أمام فناء مطعم في حي الأبيار (في أعالي العاصمة الجزائرية)، حيث ملتقى السياسة والأعمال في الجزائر. صادفت مسؤولا سابقا كان مشرفا على الصحافة الدولية في الفنادق الكبرى خلال السنوات المظلمة من تاريخ الجزائر (التسعينيات). فبادرني بالقول: "أستطيع أن أقول لك اليوم، أني لم أكن ضابطا في الشرطة، وإنما كنت عقيدا في جهاز الاستعلامات والأمن (المخابرات).

وأصبح هذا "الشرطي السابق" اليوم يقدم المشورة للشركات. وهذا الكشف عن الهوية والثقة بالنفس تدل على تغيرات جارية: دائرة الاستخبارات والأمن (DRS)، التي هيمنت لفترة طويلة على الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية للبلد، تخرج تدريجيا من عالم الظل، ذلك أن دورها وموقعها في المجتمع ما عاد من المحرمات.

دولة داخل الدولة، حيث تغلغل جهاز الاستعلام والأمن (المخابرات) مثل الأخطبوط في الإدارة والمؤسسات العامة والنقابات والشركات، كما هو حاضر ومؤثر في وسائل الإعلام والأوساط الأكاديمية والدبلوماسية والشؤون الدينية. وعمله قائم على الاستماع والتجسس، والأهم من ذلك التوجيه. والتكتم هو طريقته المفضلة.

إنه يسهل إنشاء الأحزاب والجمعيات والصحف، ويمكن أن يكون له رأي في تعيين أي موظف في أسفل الهرم أو في أعلاه.

أسطورة السلطة المطلقة هو في الأصل شكل من أشكال البارانويا الجماعية، والتي تختلف من فرد إلى آخر والآثار، وغالبا ما يطغى عليها، مهما كان الوضع الاجتماعي، الخوف والوهم ووجود مؤامرة. ومن المفارقات أن هذا الجهاز للتجسس لا يمنع الجزائريين من التعبير بحرية.

* ضعيف لكنه لا يزال مؤثرا:

تأسس جهاز الاستعلامات والأمن، وريث الأمن العسكري، أشبه بجهاز "كا جي بي" محلي، في عام 1990 دائرة الاستعلام والأمن من الجنرالات للتنسيق بين مختلف أنشطة التجسس والشرطة السياسية. وقد لعب دورا رئيسا في كل موعد انتخابي لديمقراطية الواجهة.

في الجزائر، كل مترشح يبحث عن الدعم في الأوساط العسكرية، وفي القلب منها دائرة الاستعلام والأمن (المخابرات)، قبل خوض المعركة الانتخابية.

وقد أدخل انطلاقا من منصبه الذي يشغله منذ ربع قرن، رئيس دائرة الاستعلام والأمن، الجنرال محمد مدين المدعو "توفيق" إلى الرئاسة، بمعية زمرة صغيرة من كبار الضباط، الجنرال زروال في عام 1995 وعبد العزيز بوتفليقة في 1999.

كما إن نظام الغش والتزوير في الانتخابات منع ظهور أي مفاجأة. ففي العام 1999 دفع جميع معارضي عبد العزيز بوتفليقة إلى الانسحاب من السباق عشية الانتخابات. في عام 2004، لم تتخذ دائرة الاستعلام والأمن (المخابرات) موقفا في المنافسة الأولى بين بوتفليقة وبن فليس، خلافا لرئيس أركان الجيش آنذاك (الفريق محمد العماري)، الذي مال إلى رئيس الوزراء سابق علي بن فليس.

وكان هذا "الحياد" لأجهزة الاستخبارات قد رجح فوز عبد العزيز بوتفليقة بنتيجة ساحقة، وهذه المرة ، بدت الانتخابات الرئاسية غريبة بسبب غياب الرئيس المريض.

* "قص أجنحة توفيق"

خلال أكثر من خمسة عشر عاما في السلطة، وطد بوتفليقة سلطته عن طريق خفض صلاحيات الأجهزة الاستخبارية دون أن يكون قادرا على فرض السيطرة تماما عليها. في العام الماضي، أبعد جناح الرئيس بتعديل وزاري الوزراء المقربين من الاستخبارات وأعاد تنظيم دائرة الاستعلام والأمن.

"توفيق بلا سروال"، كما كشف أحد كبار قادة الاستخبارات السابقين. في شهر فبراير، وذلك قبل وقت قصير من الإعلان عن ترشيح عبد العزيز بوتفليقة، أثار عمار سعداني، الأمين العام لجبهة التحرير الوطني، بمطالبته للجنرال توفيق (قائد جهاز المخابرات) بعدم التدخل في السياسة والاستقالة، وهذا ما لم يحدث من قبل مطلقا، ومنذ ذلك الوقت خاضت الألسن والأقلام في هذه الزوبعة دفاعا عن الجهاز الغامض أو فضحه.

وهل يمكن القول، مع هذا، إن لعبة التوازنات اضطربت بين عبد العزيز بوتفليقة (ووراءه قيادة الأركان) ومحمد مدين (توفيق، قائد المخابرات)، أي داخل الجيش نفسه بين قيادة الأركان والمخابرات؟ لا يمكن إثبات هذا أو نفيه.

يمكن أن يكون الاتفاق غير المكتوب بين الرئاسة وأجهزة الاستخبارات بعد بوتفليقة مصونا، وهناك وقت ممنوح للاتفاق، وفقا للتقاليد، على خليفة بوتفليقة، أو على توزيع التركة في نهاية عملية الانتقال كما تطالب المعارضة وبعض ممثلي النظام. ولكن حتى وإن ضعف جهاز المخابرات، فإن رهانات المخابرات لم تقل كلمتها الأخيرة بعد.

رأیکم