المطران والشيخ يلتقيان تحت «صبغة الله»

وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء

رمز الخبر: ۶۲۳
تأريخ النشر:  ۱۵:۵۸  - الخميس  ۲۸  ‫فبرایر‬  ۲۰۱۳ 
العازف نداء أبو مراد والمطران جورج خضر والشيخ شفيق جرادي خلال الندوة أول من أمس«الصبغة والمعمودية»هو عنوان الندوة التي استضافتها «الجامعة الأميركية في بيروت» .
 أول من أمس ضمن أنشطة «برنامج أنيس مقدسي للآداب» بالتعاون مع «معهد المعارف الحكمية». العنوان يحتمل قدراً لا بأس به من الجدل اللاهوتي من منظورين مختلفين (اسلامي/ مسيحي) يسعيان الى تعميق مساحات الائتلاف وردم الفجوات الأصلية بين هذين المنطقين في النظرة الى مكانة الخالق والمخلوق داخل المنظومة اللاهوتية/ العقائدية للطرفين، بما تحيل عليه النظرتان مباشرة نحو جدل في العلاقة بين الخالق والمخلوق أو ثنائية الله/ الانسان.


القراءتان الموجزتان للضيفين المطران جورج خضر والشيخ شفيق جرادي، اتسمتا بحذر لجهة تجنّب زحزحة النقاش الى مناطق إشكالية قد يجرّ اليها العنوان، مثل فكرة التجسيد أو نقاش الطبيعة الالهية أو البشرية للمخلص أو التوحيد في العقيدتين. مساران مختلفان في الشرح يأتلفان أحياناً عند الخوض في «الصبغة/ المعمودية» بما هي طقس يتخذ فيه الانسان ــ كما أوضح المطران خضر ــ شكل المسيح فيشارك في موت الرب، ودفنه وقيامته، أو بما هي صبغة الله الدائمة التي تتجلى في الروح القدس أحد الأقانيم الثلاثة في المسيحية.


 دخول المطران الى موضوع الندوة الرئيس من بوابة النص الاسلامي المؤسس مستشهداً بآية سورة البقرة «صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة» الآتية في سياق الخيط الابراهيمي التوحيدي، يحيل بالضرورة على مساحة مشتركة مغمورة بحاجة الى الاضاءة في واقع تمظهُر الديانتين على أرض الواقع. واقع البشر/ الناس (يا أيها الناس) كجماعات متعددة تحكمها علاقات ثنائية في كنف الله من جهة، وعلاقات بين الخالق والفرد من جهة أخرى (يهم الخالقيّة صورتها في المخلوق). يأتي هذا في سياق فكرة اتحاد المحسوس بغير المحسوس والأرضي بالالهي ضمن رحلة الخلاص من الخطيئة الاصلية والانتماء الى الكنيسة... جسد المسيح.


 من جهته، بعد تقديم شرح لغوي لمعاني تعبير «صبغة الله» كما ورد عند بعض مفسري التراث الاسلامي مثل «اضفاء اللون على الشيء، على حقيقة من الحقائق شكلاً ومضموناً»، بدا الشيخ جرادي مهجوساً بفكرة خصوصية الأديان. الشيخ المتبحر في العقائد يرى أنّ لكل دين هويّة وخصوصية. في رأيه، فإنّ شعائر أو طقوساً كالشهادتين في الاسلام، والمعمودية في المسيحية تحمل في طياتها ما هو أعمق من الظاهر. إنّها تحمل رؤيا خاصة تجاه الوجود ككل. حاول الشيخ هنا توسيع دائرة النظرة الالهية بما هي حب ورحمة وحرية اختيار في الأساس. واستطراداً، يجدر التذكير بما أسّست له بشكل من الاشكال الكنيسة الكاثوليكية في منتصف القرن العشرين خلال مجمعها الأخير حول امكان تعدد مصدرية الحقيقة، ما أخرجها ضمناً من ثنائية كفر/ إيمان نحو فضاءات تسامحية أوسع مع آخر مختلف عقائديّاً.


 ومن منظور اسلامي أيضاً، رأى جرادي أنّ مصطلح «فطرة» كمفهوم يعدّ أكثر شيوعاً واستخداماً من مصطلح «الصبغة» داخل الذهنية الاسلامية العامة. إسلامياً، يمكن فهم الصبغة بكونها فطرة، توحيداً، تسليماً ميثاقياً لله، هوية تأسيسية يُخلق بموجبها الانسان (مطلق انسان) طاهراً بالقوة، بصبغة الله حيث «لا تبديل» الى أن يخرّب الانسان هذه الفطرة بالمعصية المتكررة التي بدورها تستلزم التوبة الى الله في حركة العودة الى الاصل. على أهمية النقاش وغناه، إلا أنّه تجنّب ملامسة جوانب نقدية جذرية لجهة واقع الدين الطقوسي والعبادي وتأثيراته في متلقٍّ يعيش تعقيدات الفلسفة المعاصرة ضمن واقع جدلي يأخذ في الاعتبار الذات الانسانية من منظور تاريخاني، سوسيولوجي. هذا ما لم تفتح بابه الأسئلة القليلة التي أتاحها وقت الندوة لنقاش مفتوح بين الحضور الخجول والضيفين.
رأیکم