حرب اوكرانيا .. منعطف تاريخي وموازين عالمية جديدة

وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء

رمز الخبر: ۶۳۷۲۸
تأريخ النشر:  ۱۰:۲۷  - الأَحَد  ۰۳  ‫أبریل‬  ۲۰۲۲ 
بعد مضي اكثر من شهر على بدء الحرب الاوكرانية يبدو ان العالم يشهد "منعطفا تاريخيا هاما" أكثر من مجرد مواجهة بين روسيا واحد جيرانها.

طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء- لقد توهمت اميركا والناتو ومن يدير السياسة الغربية من خلف الكواليس، بأن روسيا ستظل صامتة على التوسع الغربي باتجاه حدودها وصولا الى تجزئة وتقسيم روسيا الكبرى الى دويلات وانهاء هذا العدو التاريخي الشرقي اللدود للتوسع الغربي ، ومتابعة مخططاتهم لتدمير روسيا حتى تصبح دولة مجزأة ومحاصرة في سيبيريا ومن دون حول ولا قوة.

قرر الروس وضع حد للعبة "الضفدعة المغلي" أي التسليم أمام التوسع التدريجي الغربي، وارادوا رفع لواء الدفاع عن أمنهم القومي في كييف غير آبهين بالتهديد والوعيد الغربي وقد هز الروس العصا النووية أيضا.

واذا كان البعض يقول بان روسيا غرقت في المستنقع الغربي في اوكرانيا وانطلت عليها الخديعة الاميركية الرامية الى حذف احدى القوتين العالميتين "روسيا أو الصين" قبل الموعد المقرر لذلك فانه واهم بشكل كبير، بل يمكن القول بأن هذا التحليل نابع من افتنانه وغرامه بالغرب وكل ما يصدر عنه.

الخبراء الذين يراقبون مجريات الاحداث على الساحة الدولية لا يستغربون من الموقف الصيني او الباكستاني او الهندي أو المواقف المشابهة لزعماء الدول الكبيرة الاخرى حيال القرار الروسي فنراهم لايدينون روسيا بل يقبلون بمنطقها في الدفاع عن أمنها ومصالحها وهذا يكفي ليكتشف المرء ان نظاما دوليا جديدا يتبلور حاليا ولايمكن لمأجوري الناتو ان يطمسوا هذه الحقيقة الجارية تحت ستار الضجيج الاعلامي والعقوبات الاقتصادية الغربية على روسيا.

العالم بعد حرب اوكرانيا لن يكون كما قبلها، لقد قلب الروس موازين القوى في اوروبا بشكل خاص وفي العالم بشكل عام ويمكننا ان نسمع بوضوح جعجعة الحرب النووية، وان هذه المجريات بالاضافة الى الهزيمة والتراجع الاميركي الغربي ابتداءا من العراق ومرورا بافغانستان وباقي مناطق الشرق الأوسط، وصولا الى شرق آسيا واميركا الجنوبية، تشير الى بداية انهيار نظام السلطة والهيمنية الاميركية الغربية.

لقد راقب اصحاب القرار في الجمهورية الاسلامية الايرانية هذه المجريات أيضا، بل حقيقة يجب القول بأن الايرانيين كانوا أول من قرأ سير الاحداث المستقبلية في الساحة الدولية حينما ارسل الامام الخميني الراحل رسالته الشهيرة في عام 1988 الى زعماء الاتحاد السوفيتي وأنبأهم بقرب انهيار الاتحاد السوفيتي وحذرهم من الارتماء في الحضن الغربي بعد ذلك، والآن نجد بأن الايرانيين لا يأبهون بالضجيج الغربي المثار حول المفاوضات الدائرة معهم في فيينا ولا يقبلون الا بانتزاع حقوقهم النووية وغير النووية من الغرب ورفع الحصار، علما بأن الايرانيين لم يخضعوا في الاساس لأية شروط واملاءات منذ بداية الثورة الاسلامية حتى الان وباعتراف الجميع.

من يراقب التحرك الروسي في المواجهة مع الغرب والتصريحات والخطابات الصادرة عن الرئيس الروسي بعد اندلاع الحرب الاوكرانية يكتشف بأن هذا التحرك مدروس منذ 20 عاما على الأقل و من الممكن ان تحذو الصين حذو روسيا ايضا في النزاع مع تايوان وبحر الصين، وهنا يجب القول ان التهديد بفرض عقوبات اقتصادية ربما يكون نافعا على اعتاب حرب محدودة لكن حربا يتم التلويح اثنائها باستخدام قنابل ذرية وصواريخ نووية استراتيجية تتخطى حسابات الحظر والعقوبات المالية كافة.

ان اوروبا واميركا و آسيا تشهد في هذا الزمن بلورة جديدة لمعادلات القوة وهذا المنعطف ستستغله معظم الدول في العالم لنفض غبار الهيمنة والغطرسة الاميركية التي نخرت حتى العظم وما نشاهده من عدم التناغم العالمي مع الحملة الاميركية الغربية يؤيد وجود هذا المنعطف في الوقت الراهن، فهل تقرر الدول العربية ايضا ان يكون لها رأي وكلام وقرار كباقي الدول والشعوب أم ان هؤلاء انطلت عليهم خديعة القمم والمؤتمرات والصور التذكارية مع الزعماء الصهاينة والاميركان في زمن بات العالم يدرك فيه ضعف هؤلاء وهشاشتهم؟

بقلم : فريد عبدالله

الكلمات الرئيسة
رأیکم