أمريكا هي المسئول الأول عن كل الجرائم الكبرى التى ارتكبت في حق الشعب المصري

وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء

رمز الخبر: ۷۳
تأريخ النشر:  ۰۸:۲۷  - الخميس  ۳۱  ینایر‬  ۲۰۱۳ 
مجدي أحمد حسين:
لا يوجد أي دافع لديّ لمهاجمة المخلوع فأنا لا أهاجم مسئولا بعد خروجه من السلطة ولا أتقدم ضده ببلاغ للنائب العام، فهذه مهمة يقوم بها آخرون.
 ولكن نفتح فى "الشعب" أحيانا ملف المخلوع من زاوية تصويب السياسات الراهنة والمقبلة لمصر. ثورة 25 يناير الرائعة كانت –كما ذكرت– ضد طغيان عهد وحكم الفرد. كان المخلوع لصا وفاسدا ومستبدا وكارها للشعب، وظن أن مصر قد أصبحت فى قبضة يمينه هو وأسرته للأبد. وقد صرح وهو فى سدة الرئاسة لأحد أتباعه بيقين من لا يؤمن بالله بأنه –أى المخلوع– سيعيش حتى سن 110 فهو من عائلة معمرة، ويعتمد على معالجة أمراض الشيخوخة بحقن الخلايا الجزعية! وإذا صدقت أمنياته الآن فسيكون أشد تعذيبا له فى الدنيا.
حالة جنون السلطة وحكم الفرد المهووس بها قصة متكررة فى التاريخ. ولكن قصة مخلوعنا لها خاصية أساسية؛ فقد كانت خطته للبقاء فى الحكم قائمة على استرضاء أمريكا وإسرائيل. ومن ثم فإن الصفة الأساسية له ليست كونه لصا أو فاسدا فهذه انعكاسات لصفته الأصلية أنه عميل لهذه القوى الخارجية المعادية للوطن.
وكل ما جرى لمصر على مدار 30 عاما كان من تخطيط أمريكى صهيونى، وكان هو المنفذ، ومن ثم فإن هذا الحلف هو المسئول الأول عما أصاب شعب مصر من ويلات. وهذا الحلف الذى باض وفرخ فى مصر آلاف العملاء هو المسئول الأول عن حالة الاضطراب والفوضى لضمان استرجاع السيطرة على البلاد بصورة محكمة كما كان الأمر فى عهد المخلوع. وهذا لا يتعارض مع حقيقة أن أمريكا كانت متبرمة من مبارك خاصة فى الفترة الأخيرة بسبب أدائه السىء والذى أصبح يهدد وجودها ومصالحها. لذلك كانت تضغط بشدة من أجل الإسراع بتسليم الحكم إما إلى عمر سليمان أو جمال مبارك. ومسألة توريث الحكم ما كانت لتأخذ كل هذا الحجم لولا استعداد أمريكا لقبولها كأحد السيناريوهات الأساسية. بل لقد تم إجراء سلسلة من المقابلات لاختباره (إنترفيو!!) فى البيت الأبيض ولدى كافة المواقع الأساسية للسلطة الأمريكية وللوبى الصهيونى. والتقى جورج بوش الابن وتشينى ورايس.. إلخ، وكانت نتيجة هذه اللقاءات إيجابية بمعنى ترك هذا الخيار مفتوحا، بل انحسرت الخيارات الأمريكية كما ذكرنا فيه وعمر سليمان بعد استبعاد أسماء أخرى. وذلك رغم السجل الأسود المعروف لجمال فى عالم الفساد. فالحكام الفاسدون جزء لا يتجزأ من آلية التبعية لأن الحاكم الفاسد تكون عينه مكسورة، وعليه ممسكات كثيرة فى انحرافاته الجنسية أو المالية أو الدموية، وبعضها يكون موثقا ومسجلا بالصوت والصورة، ومن ثم يكون سهل القياد والتوجيه. أما الحاكم الشريف فلا يؤمن جانبه لأن جزءا من شرفه أنه لا يخون وطنه ولا يطعن شعبه.
وكل ما تطلبه أمريكا من حكامها العملاء أن يقتصدوا فى فسادهم قدر الإمكان، وأن يستتروا قدر الإمكان حفاظا على النظام العميل وعلى سمعة أمريكا التى تحميهم. ولكن عادة ما تفشل هذه الخطة لأن الفساد يجلب المزيد من الفساد، وحب الدنيا يجلب المزيد من حب الدنيا كشرب ماء البحر المالح الذى لا يروى العطش أبدا.
إذن أمريكا والتبعية لها وحليفتها إسرائيل هى أصل داء مصر، ولذلك فإن إسقاط عائلة مبارك وبطانته لا تكفى وحدها لاستعادة مصر لعافيتها. وقد كان مفزعا أن يتحدث رئيس الاتحاد الأوروبى فى مؤتمر صحفى مشترك مع الرئيس مرسى فيقول إن أوروبا ستقدم 5 مليارات يورو بين منح وقروض لدعم الديمقراطية، أى أن أوروبا ستمول النظام السياسى وستكون شريكة فيه بالمال ومن ثم سيكون لها كلمة فى كل التطورات. نحن نعلم أن الديمقراطية لا تكلف أى أموال، وتمويل الديمقراطية معناه التدخل السافر فى شئوننا الداخلية مقابل هذه الأموال الطائلة التى تتجاوز 7 مليارات دولار، وهذا منطقى؛ فلا أحد يدفع فى العلاقات الدولية لوجه الله تعالى، خاصة من هؤلاء الغربيين. بل لقد أوضح رئيس الاتحاد أنه ناقش مع مرسى أحداث الشهور الماضية، وأنه نصح بكذا وكذا. وأكد على ضرورة حماية حقوق المرأة والطفل وفقا للمعايير الغربية، وأكد على ضرورة قبول قرض صندوق النقد الدولى!!! لم أقرأ أو أسمع فى حياتى كلمة دبلوماسية تحتوى على كل هذا القدر من التدخل فى شئون الدولة المضيفة!
ومغزى ذلك أن الضغوط التى مارسها الغرب من خلال ما يسمى جبهة الإنقاذ ومن خلال دول الخليج هى المطرقة، أما مثل هذه الزيارات الناعمة فهى السندان. (يضرب ويلاقى كما نقول). ولتقريب الصورة نذكر بهذا المشهد: عندما يتم اعتقال المناضل فى النظم البوليسية يتعرض للتعذيب والإهانة ثم فى لحظة ما يظهر ضابط آخر ويستنكر هذا الأسلوب ويأخذ المناضل إلى غرفة أخرى ليعتذر له ويحتسى معه القهوة. والمعنى واضح؛ تعاون معنا بالذوق أو تعود مرة أخرى لغرفة التعذيب. وقد تعرض حكم الرئيس مرسى إلى مؤامرة حقيقية وصلت إلى حد اقتحام قصر الرئاسة؛ حيث دخل 6 أشخاص على الأقل وألقيت زجاجات المولوتوف داخل القصر، وكانت إمكانية اقتحام الرئاسة ممكنة وسهلة جدا فى أحد أيام الأسبوع الأول من شهر ديسمبر 2012، ولكن ذلك لم يحدث بسبب عدم إعطاء الضوء الأخضر النهائى من الولايات المتحدة. وفى اليوم التالى احتشد شباب الإخوان للدفاع عن القصر. المهم لقد وصلت الرسالة لمرسى والإخوان. أنكم مهددون ولستم مستقرين فى الحكم بالضرورة ولا بد من التعامل معنا بجدية لضمان نفس المسارات القديمة فى العلاقات المصرية الغربية. والإخوان يراهنون على المدى الطويل لكى يخرجوا من هذه المصيدة، ولكن ذلك لن يحدث إذا استمرت نفس آليات وسياسات العهد البائد فى التبعية والاعتماد المالى على الغرب. فكيف سترفض طلبا لمن يعطيك قوت يومك؟
وكما أوضح الخبير إبراهيم نصر فى العدد الماضى فنحن الذين نمول أمريكا بالجزية السنوية وليست هى التى تمولنا. فهذه سياسات خادعة؛ الإعلان عن منح وقروض ولكن المحصلة النهائية أن أمريكا تحصل من مصر وغيرها من بلاد العرب والمسلمين على أكثر مما تعطيها. فعلى سبيل المثال تبيع أمريكا للعرب سلاحا بـ100 مليار فى السنة (2010 مثلا) ولكن قيمته الحقيقية 15 مليار دولار. فكأن أمريكا تحصل سنويا 85 مليار دولار من العرب فى هذا الباب وحده.
تقوم آليات السيطرة على أساس ضمان استمرار التبعية ولا بد من كسر هذه الحلقة الجهنمية بالخروج من هذه الدائرة. ولنستمع لخلاصة تجربة مهاتير محمد زعيم تجربة النهضة الماليزية والتى صرح بها أخيرا لصحيفة اليوم السابع ناصحا حكام مصر:
* هناك جدل كبير فى مصر حول قرض صندوق النقد الدولى.. هل الطريق إلى الصندوق أو البنك الدولى هو المسار الأسلم للبناء الاقتصادى؟
 - رأيى معروف فى هذا الأمر، فأنا أنصح دائما بعدم الاقتراض، وأن يتم اللجوء إلى البدائل الداخلية.. أنا لا أحب سياسة الاقتراض، خاصة أن المقترض يخضع للمقرض، فصندوق النقد الدولى والبنك الدولى ليسا مؤسستين عالميتين بمعنى الكلمة، ولكنهما يخضعان لسيطرة وهيمنة عدة دول فقط، ومن ثم فإن توجههما يصب لخدمة مصالح تلك البلدان.
 هاتان المؤسستان تسمحان بالاتجار فى العملة رغم أن العملة ليست سلعة فى الواقع، وهذا يتسبب فى إفقار الدول، ومن ثم تذهب للاقتراض من هاتين المؤسستين، وماليزيا رفضت الإملاءات التى حاول صندوق النقد أن يفرضها عليها، وكنت أتمنى أن تكونا مؤسستين ديمقراطيتين بالفعل، وأنا لا أؤمن بالاقتراض على الإطلاق.. وأنصح مصر بعدم الاقتراض واللجوء إلى البدائل الداخلية لتوفير السيولة اللازمة لها، وإذا كانت هناك حاجة ملحة للاقتراض فيجب أن يكون فى أضيق الحدود.
 * هل لهذه الأسباب كانت سياستك فى ماليزيا عدم اللجوء إلى الاقتراض؟
 - عندما أصبحت رئيسا للوزراء قررت ألا نعتمد فى ماليزيا على المعونات، وأن نعتمد على أنفسنا.. كنا نريد أن نكون مستقلين وألا نكون تحت أى ضغوط من أى طرف، ومن ثم إذا لم يكن هناك أموال كنا سنعيش وفقا لظروفنا، لأننا إذا حصلنا على المال بهذه الطريقة الأخرى يمكن أن نخسر استقلالنا.
 وأستطيع أن أؤكد لك أن الاعتماد على الموارد الداخلية والذاتية وعدم الاقتراض من الخارج كان أحد أسباب النمو الاقتصادى السريع، الذى حققناه فى ظل الأزمة التى كنا نعانى منها، مع أن البنك الدولى عرض على ماليزيا الاقتراض بفوائد ميسرة، لكننا رفضنا الاعتماد على الغير. (انتهى الاقتباس)

خراب الخصخصة
الخصخصة التى تمت بشكل إجرامى ودمرت القطاع العام خربت الاقتصاد المصرى قبل أن تشرد العمال. وهذه كانت سياسة أصيلة لصندوق النقد وكانت من شروط كثير من القروض الغربية. فتدمير القلعة الصناعية المصرية هدف فى حد ذاته. وتقدر خسائر مصر من فساد عملية الخصخصة بـ150 مليار جنيه على الأقل، ولكن تظل المشكلة الكبرى أن النظام البائد قام بتفكيك القاعدة الصناعية للبلاد وقد كتبت فى ذلك دراسات عديدة لا يتسع المقام لعرضها الآن. ولكن ما يهمنا الآن أن الكارثة لا تزال متواصلة؛ فاستمرار بيع وتدمير القطاع العام من الشروط الدائمة لصندوق النقد. وتدمير القاعدة الصناعية الوطنية يكون لصالح المراكز الصناعية الغربية حتى تظل هى المسيطرة على أسواقنا. وما حدث لصناعة الأسمنت كان من الأمثلة التى كادت تصيب حسب الله الكفراوى بالشلل (على حد تعبيره) لأنها كانت صناعة تحقق أرباحا وتم بيعها للأجانب بتراب الفلوس، وهم يحققون الآن أرباحا طائلة ويرفعون أسعار الأسمنت بصورة تفاقم من أزمة البناء و التشييد.

عميل بالمعنى الحرفى للكلمة
وأذكر بالمقال الذى كان غالبا هو سبب حبسى عامين وهو (مبارك صهيونى بالمعنى الحرفى للكلمة وليس على سبيل الهجاء) فهذا هو المعنى الذى نركز عليه لتشخيص الحالة الراهنة. فسياسات المخلوع الاقتصادية والخارجية لم تكن من صنعه بل كانت صناعة أمريكية صهيونية بنسبة 100% ومن ثم فإن استمرارها الآن يعنى أننا لم نخرج من أسْر الماضى. وهل كان يصعب على مبارك أن يأتى بـ 5 مليارات يورو من أوروبا؟!
وقد اختلفنا خلال عهد المخلوع مع أقسام من النخبة ومن الشعب كانوا يرون أننا نعادى أمريكا وإسرائيل أكثر من اللازم. وأن أمريكا ليست عدوا، وإسرائيل لا بد من تحييدها وضمان توقى شرها. وعندما وصل الإجماع إلى ذروته، والإجماع هنا قد يعنى 80 أو 90% من الشعب والنخبة، فى ثورة 25 يناير على ضرورة الخلاص من المخلوع، نسى أو ينسى أو يتناسى البعض هذه الحقيقة: أن سياسات المخلوع كانت العصير المركز للساسات الأمريكية الصهيونية تجاه مصر. وقد لعب الإعلام فى معظمه -ولا يزال- الدور الأكبر فى هذه الجريمة، والإعلام هنا موجه من بقايا النظام فى ماسبيرو وفى المحطات الخاصة. وذلك بالتركيز على المساوئ الداخلية للأسرة الحاكمة المعزولة دون ربط ذلك بسلطة الاحتلال الحاكمة فعلا.
وفى معرض التذكرة والتأكيد أعيد نشر الحقائق التى نشرت عرضا ودون تركيز كاف عن عمالة المخلوع:
قالت وكالة "يونايتدبرس" الأمريكية -وهى من أكبر وأعرق وكالات الأنباء-: إن الإطاحة برئيسى مصر وتونس اللذين كان موالين للغرب قد جعل وكالات المخابرات الغربية التى اعتمدت على مساعدتهما فى محاربة الإرهاب فى حالة قلق وتأهب، خاصة فى ظل احتمالات سقوط أنظمة استبدادية أخرى فى المنطقة
وأشارت الوكالة فى تقريرها إلى أن أبرز الدول التى تثير مخاوف الغرب فى هذا الأمر هى مصر واليمن، فبالنسبة لمصر، أسفر سقوط الرئيس حسنى مبارك الذى كان محوريًا فى التنسيق الاستخبارتى بين الدول العربية والغرب، خاصة السى آى إيه، عن تغييرات مهمة.
وتمضى الوكالة فى القول، إنه لم يتضح بعد مدى تأثير التغييرات فى المخابرات المصرية التى كانت تمثل الصلة الأساسية مع واشنطن فى عمليات مكافحة الإرهاب الأمريكية، غير أن المجلس العسكرى الذى تولى زمام الأمور فى مصر بعد الإطاحة بمبارك قد نأى بنفسه عن إسرائيل وجهازها الاستخباراتى "الموساد" الذى عمل معه مبارك بشكل وثيق منذ عام 1979، على حد وصف التقرير.

عمولات السلاح
ربما لن يصدق كثيرون أننى كتبت فى أواسط الثمانينيات بجريدة الشعب موضوعا مترجما عن صحيفة أمريكية يتضمن اتهام مبارك وأبى غزالة وحسين سالم بالحصول على عمولات من صفقات السلاح مع أمريكا، وقد عاتب المخلوع الأستاذ إبراهيم شكرى على نشر هذا الموضوع وقال له: لماذا تنشرون هذه الموضوعات التى يروجها اليهود ضدى؟!
ومؤخرا نشر موقع أمريكى مزيدا من التفاصيل المثيرة حول هذه القصة:
ضابطان سابقان بوكالة المخابرات المركزية وهما "توماس كلينس" و«أدوين ويلسون» وقد دفع الضابطان رشاوى لمبارك مقابل حصولهما على عقود شحن حصرية للشركة المصرية الأمريكية للنقل والخدمات والمعروفة باسم «إيتسكو" وكانت مخصصة لنقل وشحن صفقات السلاح لمصر، وفى مقال بموقع "كونسرتم نيوز" وهو موقع صحفى مستقل وكاتب المقال هو «مورجان سترونج» الأستاذ المتخصص فى شئون الشرق الأوسط والمستشار السابق لشبكة سى بى إس الإخبارية حيث أجرى لقاءات مع توماس كلينس وادوين ويلسون وكلاهما كانا من الشخصيات البارزة فى إيتسكو، حيث أكد الرجلان أن مبارك حصل على ملايين الدولارات ووصفاه "برجل الحقيبة" للرئيس الراحل أنور السادات.
 قال كلينس فى اللقاء: اعتدت مقابلة مبارك فى منزله بالقاهرة وكان مبارك حينها هو قائد الهليكوبتر الخاصة بالسادات، وعلى مدار فترة من الزمن أحضرت له ملايين الدولارات مكدسة فى حقائب، وكنت أسلمه الأموال وكان يأخذ نصيبه منها ثم يمرر البقية إلى السادات وبتلك الطريقة حصلنا على عقد إيتسكو.
 إما ويلسون وهو عميل سابق لوكالة المخابرات المركزية تمت إدانته فى وقت لاحق لإمداد نظام القذافى فى ليبيا بالأسلحة بشكل غير قانونى، يؤكد عن لقاءات بمنزل الرئيس المخلوع فى القاهرة حضرها مبارك وزوجته وكلينس وصديقته شيرلى بريل، حيث يقول كنا نلتقى بمبارك فى منزله بالقاهرة وكانت الأمور تسير بشكل متحضر، بل ويقول ويلسون إن إدارة الرئيس الأمريكى السابق رونالد ريجان والبيت الأبيض كانت على علم بالرشوة وبما حصل عليه كل من مبارك والسادات، وكانت تلك الأموال التى دفعتها شركة إيتسكو فضلاً عن كونها قد ساعدت مبارك والسادات على تكوين ثروات شخصية ضخمة فقد أسهم عقد إيتسكو فى تقوية علاقات الرئيس ونائبه بالولايات المتحدة.
ويفجر يلسون مفاجأة أخرى بالحديث عن أموال دفعت لمبارك ولم يعلن عنها ولم تسجل فى أى سجلات إلا فى البيت الأبيض، ومن المرجح أنها مرتبطة بعمليات سرية تحتاج لتمويل بعيدا عن السجلات الرسمية!!
يا خسارة.. رئيس مصر مخبر من الدرجة العاشرة ويكلف بمهام سرية.
نفس المعلومة أكدها جوزيف ترنتو الخبير المتخصص فى الشئون المخابراتية، حيث قال إن مبارك كان يتلقى مبالغ منتظمة من المخابرات الأمريكية.

تحصين المخابرات الأمريكية
كشف المؤرخ الأمريكى الشهير "بوب وودوورد" الذى كان يعمل فى المخابرات المركزية الأمريكية عن معلومات جديدة بكتابه "الحرب السرية للمخابرات الأمريكية" موثقة بمستندات رسمية تؤكد توقيع حسنى مبارك على بروتوكول برقم 166 لسنة 1981 فى أول أيام له بالرئاسة يمنح رجال CIA فى مصر الحصانة خلال عملهم فى مصر، وأنه لا يمكن إلقاء القبض على أى عميل للمخابرات المركزية الأمريكية.
 ويؤكد ودوورد فى كتابه الذى يتحدث عن فترة بداية حكم حسنى مبارك أن الدليل على صحة هذه المعلومة أنه لم يعلن فى عهد مبارك القبض على أى عميل للمخابرات الأمريكية طوال 30 سنة، وهو ما يثبت صحة أن هناك حصانة خاصة للمخابرات الأمريكية دون غيرها للعمل فى مصر.
 ويشير ودوورد فى بداية كتابه أن ما ذكر فى الكتاب معتمدا على آلاف المستندات الأرشيفية حصل عليها من الأرشيف الرسمى الأمريكى، ومعها العديد من القضايا التى صورها من المحاكم الأمريكية المختلفة وملفات العمليات الخاصة، وأنه وضع صورة من تلك المستندات فى الكتاب.
 ويذكر الكتاب مفاجأة أخرى وهى أن المخابرات الأمريكية نافذة بكل مكان فى مصر وأنها أنشأت فى بداية عهد مبارك، وخصوصا فى عهده أكبر شبكة عملاء داخل الحكومة المصرية فى تاريخ السى آى إيه بالشرق الأوسط على حد تعبير الكاتب.
 وفى صفحة 87 يكشف المؤلف لأول مرة أن المخابرات المركزية الأمريكية تجسست على مصر دائما بعدة طرق منها الدخول على مناطق معينة فى الكابلات البحرية الأرضية بين مصر والعالم وعن طريق فلاتر تجسس خاصة نقلوا كل المحادثات الهاتفية بين مصر والعالم إلى سنترال خاص فى السى آى إيه حتى الشفرات والأكواد كلها كان يمكن كسرها لأن أمريكا هى من تمد مصر بها أصلا، والكابلات منتج أمريكى، أما ما يتبقى من أحاديث تتم عبر الأقمار الصناعية.
نكتفى بهذا القدر، ليس هدفى التشويق والإثارة بل التذكرة مرة أخرى بأنه لم يكن هناك أى فجوة بين المخلوع وبين أمريكا وإسرائيل. وأن أمريكا هى التى كانت تحكم مصر، وهى تسعى لتظل كذلك فى عهد مرسى، ولا يوجد خيار أمام مرسى والإخوان: الرفض لاستمرار الهيمنة يعنى المواجهة. استمرار الكويز، والتسهيلات والقواعد العسكرية الأمريكية، واستمرار الخضوع للصندوق الدولى، وهذا الخطاب الاستفزازى لرئيس الاتحاد الأوروبى دون تعقيب من مرسى، كلها علامات لا تبشر بالخير. موقف مرسى أثناء العدوان على غزة كان الاستثناء الواضح من هذا السياق. ولا نزال لم نفقد الأمل ولا نزال لا نتصور أن يخضع إخوان مصر للغرب نهائيا. ولكن الأمر المتيقن منه أن عدم إشراك الجماهير فى هذا الخلاف المكتوم، سيزيد من عزلة مرسى عن الجماهير، ولن يجعله قادرا على شرح الموقف الحقيقى. وفى لحظة المواجهة الحاسمة لن يجد الجماهير معه. فالجماهير لا يمكن تسريحها وإهمالها ثم استدعاؤها بقرارات تنظيمية. لا بد أن تكون العلاقة مع الجماهير متصلة وحية ومتجددة.
(إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ)

رأیکم