«دويتشه فيله»: اعتقال الأمراء خطة «بن سلمان» للتحول للمملكة «السلمانية»

وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء

رمز الخبر: ۱۷۸۶۴
تأريخ النشر:  ۰۹:۵۵  - الخميس  ۱۱  ینایر‬  ۲۰۱۸ 
وصف موقع دويتشه فيله أن الوضع الجديد في السعودية تحول نحو «المملكة السلمانية».

طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للانباء- اليوم تشهد السعودية مرحلة تشكل للسلطة في اتجاه التحول من الأفقية إلى العمودية: حصر السلطة بيد الملك وولي عهده وعلى النموذجين الأردني والمغربي. وباقي الأمراء سيكونون أشبه بالموظفين في الدولة، وليسوا شركاء في الحكم». هكذا وصفت «دويتشه فيله» الألمانية، مجريات الأحداث في السعودية، حاليا، واصفة الوضع الجديد بأنه تحول نحو «المملكة السلمانية»، تزامنا مع التأسيس الرابع للدولة السعودية.

وبحسب تقرير الإذاعة الألمانية، فإن العاهل السعودي «سلمان بن عبدالعزيز» وولي عهده والمتحكم في مقاليد الحكم الأمير «محمد بن سلمان»، يقصي كل الأمراء غير الموالين لهم، ويعتقلهم، تارة بسبب ما عرف باسم «حملة مكافحة الفساد»، وتارة بدعوى «الاحتجاج».

ويتحدث التقرير أن «بن سلمان» (33 عاماً)، يمتلك مشروعاً لحصر الحكم والسلطة بيد جزء من أحفاد مؤسس الدولة السعودية الثالثة «عبدالعزيز بن سعود»، دون غيرهم من الأمراء المختلف حول عددهم.

وتختلف التقديرات في عدد الأمراء السعوديين، غير أنها اتفقت أنه يتراوح بين 5 آلاف و7 آلاف. بيّد أنه وبحسب تقرير لصحيفة «النهار» اللبنانية، نُشر في 2015، يبلغ عدد أفراد العائلة الحاكمة حوالي 25 ألفاً، ويقتصر عدد المؤثرين في السياسة على مئتي شخص.

وجاء في تقرير لصحيفة «انديبندنت» البريطانية، في 2012، نقلا عن الأميرة «بسمة بنت سعود بن عبدالعزيز»، أن عدد أفراد الأسرة الحاكمة هو 15 ألفاً، وأن ألفين منهم هم المسيطرون على السلطة والثروة.

وعلى مدى العقود القليلة الماضية، كان إلى جوار كل ملك سعودي واحد أو اثنان من إخوته أو أبنائه أو أبناء إخوته يقدمون المشورة ويشاركون في الحكم، لكن «سلمان» لم يعين أيا من إخوته أو أقارب آخرين من الدرجة الأولى في مناصب كبيرة.
وعين «بن سلمان» وزيرا للدفاع في 2015، ثم نائبا لرئيس مجلس الوزراء، ثم تولي المحافظ الدفاعية والاقتصادية والسياسية خاصة الخارجية، قبل أن يتم تعيينه في يونيو/حزيران 2017، وليا للعهد، بعد انقلاب على ابن عمه الأكبر «محمد بن نايف»، القائد المخضرم لجهاز الأمن.

و«سلمان» ونجله يعتمدان بدلا من الأمراء، على فريق من المستشارين، وهم بالأساس سعوديون، رغم أن بعضهم تدرب في الولايات المتحدة أو بريطانيا.

حملة الفساد

لم يقف الأمر عند ذلك الحد، بل وعلى وقع سيطرة «بن سلمان» على السلطة، اندلعت الخلافات والاحتجاجات بين الأمراء، الذين رأوا أن ما يجري سلب لحقهم، ومخالف لما جرى سلفا بالعرف السعودي في تداول السلطة بالمملكة.

وإثر هذه الخلافات، جاء الرد حازما من «بن سلمان»، عبر رسالة فندق «ريتز كارلتون الرياض»، حين اعتقل عشرات الأمراء ورجال الأعمال المؤثرين ومسؤولين حاليين وسابقين، بدعوى «مكافحة الفساد»، في الوقت الذي قال مراقبون إنها خطوة تستهدف سيطرة «بن سلمان» على السلطة، والحصول على أموالهم.

وأمر «بن سلمان» بتنفيذ الحملة، ورغم أنه رسميا لا يزال وليا لعهد، فهو يحكم فعليا البلاد في الوقت الراهن، وقال إنه «يعتزم تحويل المملكة إلى دولة حديثة».

ومن أجل تحقيق هذا الهدف، وفي محاولة لتعزيز سلطاته، قرر تطهير مجتمع الصفوة في البلاد، وبينهم أفراد من الأسرة الملكية، وسط اتهامات بتلقي رشى والمبالغة في تكلفة المشروعات.

وبحسب المراقبين، فإن «بن سلمان» قرر اتخاذ إجراءات ضد أفراد من الأسرة، عندما أدرك أن من أقاربه من يعارض تنصيبه ملكا أكثر مما كان يظن.

ويضيف المراقبون: «كان مضمون الرسالة أن على المترددين في تأييدهم أن يحذروا. الفكرة كلها وراء حملة مكافحة الفساد كانت تستهدف العائلة، أما الباقون فكانوا لتزيين الموقف».

وتستهدف عمليات الاحتجاز الأخيرة، مساعدة «بن سلمان» في دفع الإصلاحات التي تؤذن بأكبر تحول منذ عهد الملك «عبدالعزيز»، مؤسس الدولة السعودية الحالية، في الثلاثينيات من القرن الماضي.

توقيف جديد

وقبل يومين، أثير في السعودية حملة جديدة ضد أمراء، تم اعتقالهم ونقلهم إلى سجن الحائر.

وبحسب الرواية الرسمية، فإن اعتقال هؤلاء الأمراء جاء بعد اعتصامهم ورفضهم مغادرة قصر الحكم في الرياض؛ احتجاجا على مرسوم أمر الدولة بوقف دفع فواتير الكهرباء والمياه، كما طالب الأمراء بتعويض عن حكم صدر بالإعدام ضد أحد أبناء عمومتهم، كان أدين بقتل رجل آخر وأعدم في عام 2016.

لكن أحد أفراد العائلة المالكة نشر رسالة صوتية على «واتس آب»، يصف فيها الاتهامات الموجهة إلى الأمراء بأنها «كاذبة تماما ولا يمكن تصديقها»، وتساءل الأمير «عبدالله بن سعود بن محمد» في التسجيل: «كيف كان يمكن أن يعاني الأمراء مشاكل في فواتير المياه والكهرباء؟»، وقال إن جميع الأمراء المحتجزين «لديهم قدرات مالية كبيرة، تغنيهم عن المخاوف والمشاكل المالية، وأن آباءهم ربوهم على أن يكونوا مطيعين للملك».

بيد أن مصادر سعودية قالت إن «بن سلمان» اعتقل الأمراء للضغط على الأمير «سلطان بن محمد» صاحب شركة «المراعي» و«ماريوت» والحصول على الشركتين، وهي الرواية التي نقلتها بعد ذلك وكالة «بلومبيرغ».

فيما قال المغرد السعودي الشهير «مجتهد»، إن هؤلاء الأمراء، اعترضوا على حملة الاعتقالات لأقاربهم من الأمراء وتغييب ولي العهد السابق «محمد بن نايف»، وليس بسبب الفواتير.

المحصلة، أنها حملة جديدة على الأمراء، المعترضين، أصحاب النفوذ.

منع المنافسة

«دويتشه فيله»، نقلت عن المؤرخ وعضو مجلس الشورى (البرلمان) السعودي سابقا «محمد آل زلفة»، قوله إنه «من الضروري وضع الأمور بيد قلة من الأمراء للمحافظة على الوحدة الوطنية والحكم وسلامته ومنع المنافسة والتناحر».

وأضاف: «كمؤرخ لتطور الحكم في السعودية، أعتقد أن الأمر ليس بجديد على المملكة؛ إذ أن مؤسس الدولة السعودية الثالثة، هو من كان بيده وحده كل السلطة وفرض ابنه ولياً للعهد دون أن يعترض أحد من إخوته».

يشار إلى أن الملك الأول «عبدالعزيز آل سعود» توفي في 1953، ومنذ ذلك الحين يحكم السعودية ملك من أبنائه، ومن خلفه مجموعة من الأمراء لا يملك أيا منهم القوة الكافية لفرض إرادته على غيره من الأمراء.

وتتخذ القرارات في أغلبها بالتوافق، ويعني هذا الترتيب أن أي تغيير سياسي أو اجتماعي يكون بطيئا، لكنه حافظ في نفس الوقت على استقرار المملكة.

لكن بالإجراءات التي تضعه في مكانة الملك المؤسس فإن «بن سلمان» ينسف أركان نظام كانت تتآكل تحت وطأة نمو عدد السكان وتراجع إيرادات النفط.

وتغير التوافق ليحل محله ما يصفه نقاد بحكم الفرد الواحد الذي يعارضه بعض الأمراء رغم عجزهم عن إعلان ذلك صراحة.

وبحسب الكاتب السعودي «جمال خاشقجي»، الذي يعيش في الولايات المتحدة، فإن «الأمير بن سلمان رجل وطني يحب بلده ويريدها أن تكون الأقوى، لكن مشكلته هي أنه يريد أن يحكم بمفرده».

وثمة تكهنات منذ شهور بأن العاهل السعودي سيتنازل قريبا عن العرش لابنه، وهو ما نفاه مسؤولون من الديوان الملكي.

وحتى عمر ولي العهد لافت للنظر أيضا. فآخر ثلاثة ملوك للبلاد اعتلوا العرش في سن 61 و80 و79 عاما.

ويتولى «بن سلمان» المسؤولية فعليا وعمره 32 عاما، حيث وضع مخططا لإنهاء اعتماد المملكة على النفط، ووقف اعتماد رعاياها على الدعم والوظائف الحكومية. ويأتي في قلب تلك الخطط الإدراج العام لشركة النفط الوطنية «أرامكو» والمزمع العام الجاري.

ولا توجد ضمانات بنجاح الطموح السياسي «بن سلمان».

فحتى بعض المعجبين به يتساءلون، عما إذا كان نفوذه يتجاوز حدود قبضته؟ ونهجه القائم على التغيير من القمة، وعدم تساهله مع أي معارضة يمكن أن ينفر المستثمرين الذين يريدون ضمانات بشأن سيادة القانون والأمن؟، وبدون دعم قوي من المستثمرين، سيجد الأمير صعوبة لتلبية طموح الشباب السعودي.

وينتاب المستثمرين القلق أيضا بسبب الحرب في اليمن، والنزاع مع قطر، فضلا عن تنامي التوتر مع إيران.

بيد أن ما يمكن أن يساعد الأمير أنه، سيرا على نهج الملك المؤسس، يرى أهمية إقامة روابط خاصة مع الولايات المتحدة.

المصدر: الخليج الجديد

انتهي/

رأیکم